منشط المعارضة في اللاوعي
الأخ الفاضل شريف هادي .. لقد استخدمت سيادتكم هذه الجملة في أحد تعليقاتكم .. وكنت محقا تماما ..
لقد أبديت رأيي في قرار اللجنة بهدوء وقلت في نفس الوقت أنني سألتزم به بعد تعديل الشروط التي لم نراها بعد ...
ولكن حدة الرد علي بعض المعارضين وومقالكم الأخير خير شاهد مهما حاولت أن تنفي ذلك ... هو ما نشط موقف المعارضة عندي ورغم ذلك لم أستخدم أسلوبا حادا مثل أسلوب البعض .. مع العلم أن حدة الرد لم تطالني أنا شخصيا في أول الأمر .. ولكنني انبريت دفاعا عن من أعتقد أنه ظلم .. رغم معرفتي أنه سينالني ما نالهم .. لم أستخدم حدة في القول إلا قولي أننا نقول مالا نفعل ونفعل مالا نقول .. وكما تلاحظ أنني وضعت الجملة بصيغة الجمع ليشمل نفسي .. ولكل سريع بديهة مثل سيادتكم كان لا بد أن تستنتج مغذي ذلك ..
مفهوم التواتر لغويا وعقليا ومنطقيا .. يتناقض تماما .. مع المغزي الأساسي لكل الرسالات السماوية ونصوص كثيرة في القرآن وهذا لا يخفي علي عالم مثل سيادتكم .. لأن كل الرسالات السماوية نزلت لتهدي أقواما لهم عباداتهم وعاداتهم وأوثانهم التي انتقلت اليهم تواترا أبا عن جد والقرآن الكريم يؤكد علي ذلك وأن اتباع الحق أوجب من اتباع ما وجدنا عليه أباءنا ..
ورسالة أهل القرآن وعلي رأسهم الدكتور احمد منصور وسيادتكم هي في حد ذاتها ..تتناقض مع مفهوم التواتر ... فأنتم في مفهومكم وفهمكم للإسلام بصفة عامة والقرآن بصفة خاصة تخالفون ماتواترت عليه الأمة أبا عن جد .. وتقولون مالم يقله الأولون ولا ألآخرين .. ورغم ذلك أوافقكم في الكثير مما تدعون اليه وأختلف في القليل ..
والدليل علي انعدام أهمية التواتر في هذا الموقع منذ نشأته .. ليس فقط في معارضة الحديث الذي يدعي أهل الحديث أنه انتقل ألينا تواترا .بل هو وجود اختلاف حتي بينك وبين أي من الجبهة التي تؤيدك في بعض مفاهيم القرآن بل وتغيير مفهوم الواحد منكم ورأيه في نفس الموضوع .. وهو شيء صحي جدا ولكنه أيضا يتناقض مع مفهوم التواتر ..
التواتر قد ينطبق عقلا ومنطقا ولغويا علي مشاهدة حدث معين أو قول إنسان لقول معين ..
كأن يقول عدة أشخاص وبعدهم عدة أشخاص أن الاستاذ شريف هادي قال كذا أو فعل كذا في وقت ما .. ولكنه لا ينفع في العلم ..لا الدنيوي ولا الديني .. فكون الاستاذ شريف فعل أو قال شيئا معينا في وقت معين وأكد علي ذلك جمع غفير وانتقل بعدهم الي جمع غفير .. لا يعني إطلاقا أن الاستاذ شريف كان محقا فيما قاله أو فعله ..
للتبسيط مرة أخري .. التواتر هو تأكيد خبر أو حدث أو قول معين .. ولكن لا يعني إطلاقا أن هذا الخبر او الحدث أو القول هو صحيح أو يدل علي إعجازه ..
نحن ننفي كثيرا من الأحداث والأقوال التي انتقلت الينا تواترا عن ما قاله رسول الله أو فعله .. ومنها أحداث لم يختلف عليها أحد ممن نقلوها حتي الغرماء .. لسبب واحد وهي أننها تتعارض مع أكده القرآن عن أخلاق الرسول .. ونحن نؤمن بكلمات الله .. لسبب واحد فقط .. هو أن الله أكد أنه لها حافظ ..
ولو اعتمدنا علي التواتر فقط لنقلت لك من الأقوال والأحداث التي انتقلت لنا تواترا عن جمع غفير مما قد يشكك في القرآن وكلام الله وأخلاق الرسول ..
أنا عن نفسي شخصيا .. لا يهمني كل هذا الكلام .. لإيماني التام .ان الإيمان هو قبل كل شيء إيمان قلبي قبل أن يكون عقليا .. الذي يجعلني أدافع عن حق الآخرين قبل حقي شخصيا في الاختلاف .. هو إيماني التام ..أنه لا تقدم بدون اختلاف .. كل ماهو مطلوب هو استخدام اللغة المهذبة أثناء عرض وجهات النظر .. أما حكاية المدرسة والمدرسين .. والعلماء والأساتذة .. وصغار الباحثين .. فهي لا تنطبق علي شكل موقع أهل القرآن احالي أو السابق ..ولا علي شروط النشر الحالية ..
إن كنتم تريدونها مدرسة واساتذة وتلاميذ سيدي الفاضل .. إذا في هذه الحالة .. يمكن وضع مقالات الدكتور احمد ومن يتفق مع اتجاهة فقط .. ثم وضع أسئلة من التلاميذ ليجيب عليها الدكتور احمد او من ينيبه .. ومنع التعليقات نهائيا .. هذه هي المدرسة ..
وعندها سيذهب من لا يعتبرون أنفسهم تلاميذ .. ولا يعتبرون أنفسهم أساتذة أو علماء في نفس الوقت .. بل يعتبرون أنفسهم مفكرين أحرار وصلوا الي درجة معينة من النضج الذي يتيح لهم قدرا كبيرا من التفكير ليس بالضرورة أن يكون صحيحا أو لا يحتمل الخطأ ...
حدة الردود علي بعض هؤلاء المفكرين .بحجة الثوابت . رغم أنني قد لا أوافق علي كل أرائهم ... جعلتهم يذهبون بحجة أو أخري .. فخسرهم موقعكم الكريم وقراءه وكل اتجاه القرآنيين ... وعلي رأس هؤلاء حديثا الاستاذ نيازي .. قد لا أوافق علي كل أراءه ولكنه بلا شك مفكر عميق .. وغيره وغيره ..
لقد تدهور حال المسلمين بعد انهيار المعتزلة ونقاشهم الحر الخلاق علي يد المتوكل الذي انتصر لثقافة النقل .. وهي لا تختلف في الحقيقة مع ثقافة التواتر ... فالنقل والتواتر هما كلمتان مترادفتان ... وجهان لعملة واحدة .. ويتعارضان في العلم والفكر مع العقل والابداع ..
وأخيرا أنا أشكر كل من خالفني واختلف معي واستعمل في هذا الاختلاف لغة مهذبه ... وأعتذر لكل من دفعتني لغته الحادة القاسية الي استعمال نفس اللغة ... فهذا ليس من عادتي وليس من أخلاقي أو فلسفتي ... وأتمني من الله أن يسامحني في ذلك .. واشكر الاستاذ عابر سبيل والذي نعرف جميعا من هو هو علي رسالته الرقيقة وتحيته الكريمة ..أما من دافع عني فله الشكر من قلبي ..
كل ما أدعو الله اليه ... بعد تغيير شروط النشر ألا يتحول موقع أهل القرآن واتجاه أهل القرآن الي نسخة أخري من الكتاتيب التي تعتمد علي التلقين والحفظ وقول آمين لبشر وليس الله .. تلك الكتاتيب التي أصبحت متغلغلة تواترا في ثقافتنا ومدراسنا وجامعاتنا وأوصلتنا الي مانحن فيه والتي تمرد عليها الدكتور احمد نفسه !
وأخيرا لي قول أخير أتمني ألا يساء فهمه ... لقد كان من أهم أخلاق الرسول الكريم في القرآن الكريم التواضع . فمن تواضع الي الله رفعه ..
نحن جميعا لسنا خيرا من صحابة رسول الله نقول عنهم هنا أنهم بشرا يؤخذ منهم ويرد .. وكل منا هنا هو كذلك ... مجرد بشر يخطيء ويصيب ويؤخذ منه ويرد مهما وصل علمه .. ومهما حمل من شهادات في علوم الدنيا أو الدين ..
وأرجو أن تعود الي مقالي عن قدسية النص وليس قدسية تفسيره .. لا يملك أحدنا مهما اعتبر نفسه عالما أو أستاذا الحق في اعتبار تفسيره للنص الإلهي هو الحق ولا حق غيره .. وهذا ينطبق علي كل آيات القرآن وتشريعاتها من عبادات كالصلاة الي ممنوعات الي عقوبات ..
القرآن كنص حفظ كلماته الله ... أما تفسيراته الكثيرة البشرية التي انتقلت الينا تدوينا أو تواترا .. فيؤخذ منها ويرد وهي عمل بشري قابل للصواب والخطأ ..
اجمالي القراءات
8425
فوجئت بتعليق الدكتور احمد هنا .. قائلا :
فليس من المصلحة أن يقف باحث شاب يجادل استاذه فى موضوع تخصص فيه الاستاذ مدة ثلاثين عام ..
وهنا بالذات زادت نسبة منشط المعارضة في عقلي .. فالدكتور احمد بالذات كان يفعل ذلك عندما كان باحثا شابا وكان يجادل استاتذته في مواضيع تخصصوا فيها أكثر من ثلاثين عاما .. وهو ما أوصل الجميع وعلي رأسهم الدكتور احمد الي هذا الموقع ..إن كنت مخطئا فليصصح لي أحد ذلك .. وبعد أن كنت مستعدا أن أتوقف .. قررت الاستمرار ..