حكاية قرية تتكرر في كل زمان ومكان

عمرو اسماعيل Ýí 2007-10-11



هذه حكاية قرية ليس لها اسم و توجد في كل زمان ومكان .. يتمتع فيها مترفيها بكل شيء ... ولا يجد البؤساء فيها الا الفتات مما تبقي من مائدة سادتها ..
العدل فيها هو العدل بين السادة .. والمنافسة بينهم كانت من يملك أكثر .. يقسمون بينهم المناصب في القرية .. فهذا العمدة وذاك شيخ البلد .. وهذا مسئولا عن مسجد القرية وما يأتيه من نذور وصدقات ..


بينما الغلابة ما عليهم الا العمل ليأخذ السادة نتيجة كدهم وعرقهم .. يقيمون به الولائم ويتزوجون النساء ..ويورثون أولادهم و أحفادهم الارض وما عليها وايضا ما بداخلها ..
في هذه القرية ظهر شخص ليس مهما اسمه لأنه يتكرر في كل قرية من هذا النوع .. وفي كل زمان ومكان
يحمل في قلبه الحب لأخيه الانسان .. وكره كل ما هو ظلم .. أحب الانسان الضعيف فأحبه هذا الضعيف ..
انتصر للعدل فعاداه الظلم ..
وتحمل في سبيل ذلك الكثير .. ولكنه لم يياس ولم يضعف .. فزاد اتباعه ومناصريه من الضعفاء ومن يعتبرهم السادة من الدهماء ..
وفي ليلة لم يكن يتوقعها السادة وجدوا أن السيد الجديد في القرية أصبح هو ذلك الانسان الضعيف المؤمن بالعدل والكاره للظلم ..
فلم يجدوا أمامهم سبيلا الا الاعتراف يه زعيما وقائدا لأنهم لم يجدوا لصده سبيلا .. وجدوه قويا بمن كانوا عبيدهم .. وجدوه قويا لأيمانه بالعدل .. ووجدوا أنفسهم ضعفاء لتكالبهم علي ملذات الدنيا ومتاعها ..
فاقترح عليهم كبيرهم لما يتمتع به من دهاء والذي هو دائما موجود في هذه القرية التي توجد في كل مكان وزمان .. فلنستسلم الي حين .. ولنتمسك بما نستطيع .. فأن دوام الحال من المحال .. والنفس أمارة بالسوء ..
اعلن استسلامه للقائد .. وطلب الامن والامان لمن معه .. ولأن قائدنا هو رجل عدل وليس ظلم .. تسامح وليس انتقام ..أعطاه الامان ومن معه .. ليتفرغ هو لتكريس العدل في قريته .. والتأليف بين القلوب ..
انتشر العدل في القرية ,, وتساوي من كان عبدا ومن كان سيدا بين أهلها .. ولكن هيهات أن ينسي السادة ما حل بهم .. تغلغلوا في صفوف النظام الجيد في القرية مظهرين الولاء ومبطنين العداء ..
انطلق الزعيم فيما اعتبره رسالته في الحياة .. فتحولت القرية الي مدينة .. وانضمت لها القري المحيطة .. والكل اقسم ولاء الطاعة للزعيم العادل
.. احب الغلابة من الناس فأحبه هؤلاء .. انطلق يبني ويقيم العدل ولكنه في خضم عمله ولطبيعته المتسامحة الخيرة .. نسي من كانوا أعداء الامس .. وهم كعادة السادة في كل زمان ومكان .. عرفوا كيف يتلونون .. ويرفعون من بينهم من يعرف كيف يصل الي قلب الزعيم ..
نسي الزعيم في خضم عمله ونتيجة حب من حوله .. أن يضع قواعدا صارمة لمن يأتي من بعده .. حتي تذكر ذلك وهو علي فراش المرض الاخير نتيجة الارهاق الذي اصابه وهو يحاول التأليف بين القلوب القاسية .. ولكن هيهات لقد سبقه اليوم المحتوم ..الذي لا مفر منه ..
وجاء من أتي بعده تتصارع في داخله مشاعر الحب والولاء للزعيم .. والرغبة في أن يكون هو الزعيم ولا تنافسه حتي ذكراه
.. أجاد في عمله لبعض الوقت واسترد بعض ما ضاع أثناء فترة مرض ووفاة الزعيم ..
ولكن دائما لأنه أنسان فكل من يخلف اي بطل يحب ان يكون هو الزعيم ويغار من سيرة الزعيم الحقيقي وحكايات غلابة القرية عنه وحبهم له ..
واستغل السادة هذا الضعف الانساني في من خلف الزعيم وكل من أتوا بعده ورسموا خطتهم بدهاء ... حتي عادوا مرة أحري الي الواجهة .. يتحكمون في كل شيء .. في الارض ومن عليها .. ويكنزون الثروات ويقلبون الدهماء ويحشرون في عقولهم قصصا عن الزعيم الخالد يخلطون فيها الحقيقة بالخيال ..
حتي ثارت الدهماء تطلب العدل وبدلا من أن يعرفوا عدوهم الحقيقي .. قتلوا القائد الذي لم يكن بيده شيء .. لأنه كان محاطا بأعداء الامس ومنقادا لهم .. الاعداء الذين شارك في الثورة عليهم .. ولكن ضعفه الانساني جعله ضحيتهم ..
وعاد كل شيء الي ماكان .. يملك السادة ويعمل الغلابة .. وبعيشون علي ذكري الزعيم وحكاياته ..ما هي حقيقية وما وضع في ثناياها دهاة السادة من أكاذيب ليتسني لهم الحفاظ علي مكاسبهم التي فقدوها في يوم من الايام علي يد البطل الزعيم...
والغلابة في هذه القرية التي تتكرر حكايتها في كل زمان ومكان لا يستطيعون الاقتراب ممن سرقوا منهم المستقبل والامل .. خوفا ورهبة ورغبة ..
لقد عاد كل شيء الي ماكان .. وعاد السادة يتحكمون في رقاب البسطاء .. ويقسمون المناصب فيما بينهم ويورثونها للأولاد والاحفاد ..
انها قصة قرية تتكرر في كل زمان و مكان ... وستتكرر في كل مكان وزمان .. ألا اذا أفاق اهل القرية من غفوتهم .. ووضعوا قواعدا لا يستطيع أن يصل فيها اي زعيم مهما قال لهم ومهما حكي من حكايات عن زعيمهم الحقيقي .. ألا اذا اختاروه هم .. ووضعوه موضع الاختبار .. فأن أجاد بقي الي حين .. و,ان أخفق فهناك غيره اكثر من زعيم ..

انها قصة قرية تتكرر في كل زمان ومكان

اجمالي القراءات 8228

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   عابد اسير     في   الأربعاء ١٧ - أكتوبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[12036]

قصة رائعة


الاستاذ عمرو اسماعيل

قصة رائعة هادفة عبرت بجلاء عما يعانيه البسطاء من ظلم المفسدون فى كل زمان ومكان وفيها كذلك الوسيلة لمواجهة هؤلاء المفسدون.

وفى انتظار المزيد من تلك الابداعات

مع خالص حبى وتقديرى
-----------------------

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-09-30
مقالات منشورة : 131
اجمالي القراءات : 1,408,941
تعليقات له : 1,140
تعليقات عليه : 798
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt