إيتاءالمُلك للبشر ونزعه منهم .

عثمان محمد علي Ýí 2024-12-24


 

إيتاء المُلك للبشرونزعه منهم .

هل الحاكم قدرمن الله مكتوب على الشعب ؟؟

سؤال مهم جدا ،ومحورى في قضية الإيمان بالأقدار،وفى إعمار وإصلاح الأرض ونظام الحُكم فيها.

السلام عليكم ورحمة الله أكرمك الله دكتورنا الغالي و حفظك . اذا كان انتخاب الحاكم أو الملك هو بيد الشعب فكيف نفهم قوله تعالى : (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)؟؟

==

التعقيب :

شكرا جزيلا دكتورنا الغالى على فتح باب التدبر بشكل أعمق حول (إيتاء ونزع المُلك إلى ومن البشر) .

بداية يتبادرللزهن أن (المُلك) في قوله تعالى (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) هو الحُكم مثل حُكم الملك فاروق،ثم عبدالناصرلمصر سابقا ،أوحكم (آل سعود للجزيرة العربية )أو (الهاشميين للمغرب والأردن )أو(أمراء الخليج لدول الخليج)وهكذا وهكذا، فهل هذا المعنى صحيحا وهو المقصود به المُلك الحقيقى الدائم ؟؟

الإجابة :::

لا . فهذا حُكم ومُلك مجازى مؤقتا وغير حقيقيا،ومُرتبطا بإختيارالناس ومواقفهم المُتغيرة طبقا لظروفهم ومصالحهم.

فهل معنى هذا أنه ليس حُكما وقدرا مكتوبا على الناس؟

الإجابة ::

لا فليس هُناك منشورا أو مكتوبا أورسالة مُنزلة من الخالق جل جلاله بأن يكون فلان وفلان وفلان وفلان حُكاماعلى الناس في دولة كذا أو بلدة كذا أو في زمن كذا. المولى جل جلاله يختار الأنبياء والمرسلين المُصطفين ليكونواأنبياءه ورُسله ليُبلغوا رسالاته إلى الناس.اما الحُكم ونظامه وسياسته وإختيارالحُكام ،أوأصحاب المسئوليات والمناصب العليا فهو راجع لإختيارالناس وقراراتهم ومشاوراتهم فيما بينهم ،سواء أحسنوا أو أساءوا في إختيارهم لحاكمهم .ثم موقفهم منه بعد ذلك ،فى إستمراه على كرسى الحُكم أوعزله ومساءلته ومحاكمته ومُعاقبته لو تطلب الأمر هذا .

 (اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)) الحج 75.

( الله أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ) الأنعام 124.

كيف ذلك ؟؟

 الأجابة ::

لأن الحُكم ورئاسة الدولة والمُلك المجازى وتولى المناصب العُليا في الدولة الإسلاميةالحقيقية يكون نتيجة لتطبيق فريضة الشورى بين النس،سواء كانوا مُسلمين أو مسلمين وغير مُسلمين ومُلحدين (وَٱلَّذِينَ ٱسۡتَجَابُواْ لِرَبِّهِمۡ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَمۡرُهُمۡ شُورَىٰ بَيۡنَهُمۡ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ )38الشورى. وأن إستمرارحُكم الحاكم مرهونا ومشروطا ومُرتبطا بتعاملاته مع الناس ،منها ما ذكره القرءان الكريم في قوله تعالى .(فَبِمَا رَحۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمۡۖ وَلَوۡ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ ٱلۡقَلۡبِ لَٱنفَضُّواْ مِنۡ حَوۡلِكَۖ فَٱعۡفُ عَنۡهُمۡ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ وَشَاوِرۡهُمۡ فِي ٱلۡأَمۡرِۖ فَإِذَا عَزَمۡتَ فَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُتَوَكِّلِينَ )-أل عمران159.

فالشعب هناهوالذي يختارحاكمه بناء على محددات ومواصفات ومعاييرعامة منها العلم والكفاءة والخبرة والأمانة والرشد والقدرة على تحمل المسئولية،والثبات الإنفعالى في أوقات الأزمات والكوارث التي قد تحل بالبلاد ،وقدرته على أن يتعامل مع الناس  بالحُسنى وألا يكون فظاغليظ القلب (مثل عبدالناصر والسيسى وحافظ وبشارالأسد وصدام –عليهم لعنة الله ).فالشعب هو الذى يُعطيه صلاحيات ليقوم من خلالها بتسييرأعمالهم ،وتذليل عقبات حياتهم بناءاعلى قوانين وتشريعات قامواهُم بتشريعها وتقنينها في مجالس شورى الدولة والمُجتمع .فهو خادم وموظف عندهم بدرجة رئيس جمهورية أو ملك أو رئيس حكومة  . وهم الذين تنازلوا له طواعيةعن بعض الأمورفي مقابل أن يقوم بأداء مسئولياته على أكمل وجه . ولهم الحق الأصيل في حال إخلاله بالعقدالإجتماعى بينهم وبينه أن يعزلوه عن الحُكم ، ويُحاسبوه ،ويُحاكموه ويُعاقبوه . وللمجتمع ككل الحق في أن يراقبوه ويُتابعوه في سياساته وفى تطبيق خططه التنموية على أرض الواقع ،وان ينصحوه مرة ومرات فإن لم يستجب فليعزلوه فورا .

فقيام الناس بالإصلاح العام عام ومنه إصلاح الحاكم وسياساته فريضةعلى المواطنين جميعا،والساكت عنها والمُتخاذل فيها يكون في حكم المُنسلخ من آيات الله وهو يعلمها، وحسابه عسيرا يوم القيامة (وَٱتۡلُ عَلَيۡهِمۡ نَبَأَ ٱلَّذِيٓ ءَاتَيۡنَٰهُ ءَايَٰتِنَا فَٱنسَلَخَ مِنۡهَا فَأَتۡبَعَهُ ٱلشَّيۡطَٰنُ فَكَانَ مِنَ ٱلۡغَاوِينَ (175) وَلَوۡ شِئۡنَا لَرَفَعۡنَٰهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُۥٓ أَخۡلَدَ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُۚ فَمَثَلُهُۥ كَمَثَلِ ٱلۡكَلۡبِ إِن تَحۡمِلۡ عَلَيۡهِ يَلۡهَثۡ أَوۡ تَتۡرُكۡهُ يَلۡهَثۚ ذَّٰلِكَ مَثَلُ ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَاۚ فَٱقۡصُصِ ٱلۡقَصَصَ لَعَلَّهُمۡ يَتَفَكَّرُونَ) (176) الأعراف.

هل هُناك تشريعات قرءانية للدولة الإسلامية بفريضة الإصلاح كما تقول أم أنها وجهة نظرك،ولمواقف سياسية تتبناها أنت؟؟

 الإجابة :::

 أنا أتحدث من خلال إيمانى بالقرءان الكريم وأوامره وتشريعاته وفهمى المتواضع لها ،وبأن الإصلاح فريضة من تشريعاته .فالقرءان الكريم يقول في فريضة الإصلاح المُستمر ومنه إصلاح سياسات الحاكم ،ولكل من تبوء سلطة و اصبح فى موقع مسئولية وحاد عنهاأو في طريقه إلى الحيد والزيغ والإفساد فيها ((يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ إِمَّا يَأۡتِيَنَّكُمۡ رُسُلٞ مِّنكُمۡ يَقُصُّونَ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتِي فَمَنِ ٱتَّقَىٰ وَأَصۡلَحَ فَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ) (35)الأعراف. فلاحظوا بداية الآية (يا بنى آدم ) وكذلك (فمن إتقى وأصلح ) .

وفى قوله سُبحانه وتعالى ::(قَدۡ جَآءَتۡكُم بَيِّنَةٞ مِّن رَّبِّكُمۡۖ فَأَوۡفُواْ ٱلۡكَيۡلَ وَٱلۡمِيزَانَ وَلَا تَبۡخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشۡيَآءَهُمۡ وَلَا تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ بَعۡدَ إِصۡلَٰحِهَاۚ ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ )(85الأعراف).. لاحظوا الأمر الجماعى للناس كلها .

وفى قول رب العزةجل جلاله.(يَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡأَنفَالِۖ قُلِ ٱلۡأَنفَالُ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِۖ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصۡلِحُواْ ذَاتَ بَيۡنِكُمۡۖ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ (1) الأنفال.  فلاحظوا قوله تعالى (وأصلحوا ذات بينكم ) ،والحكم والسياسة أهم ما هو بين الناس .

وفى قول الحق جل جلاله ::(قَالَ يَٰقَوۡمِ أَرَءَيۡتُمۡ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٖ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنۡهُ رِزۡقًا حَسَنٗاۚ وَمَآ أُرِيدُ أَنۡ أُخَالِفَكُمۡ إِلَىٰ مَآ أَنۡهَىٰكُمۡ عَنۡهُۚ إِنۡ أُرِيدُ إِلَّا ٱلۡإِصۡلَٰحَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُۚ وَمَا تَوۡفِيقِيٓ إِلَّا بِٱللَّهِۚ عَلَيۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَيۡهِ أُنِيبُ) (88هود).. لاحظوا قول هود عليه السلام (إن أريد إلا الإصلاح ما إستطعت).

وفى قول الله جل جلاله ووعظه للناس بالإصلاح وتحذيره سٌبحانه لهم بتجنب الإهلاك (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهۡلِكَ ٱلۡقُرَىٰ بِظُلۡمٖ وَأَهۡلُهَا مُصۡلِحُونَ) (117هود).

وفى أمر القرءان للمؤمنين الآمنين بأن يستمروا وينادوا بالإصلاح وبأن يقولوا قولا سديدا ليصلحوا به دنياهم وأعمالهم (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوۡلٗا سَدِيدٗا (70) يُصۡلِحۡ لَكُمۡ أَعۡمَٰلَكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۗ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ فَازَ فَوۡزًا عَظِيمًا )(71الأحزاب).

وفى تحذيرالعليم الخبير للناس فيما لو تركوا الإصلاح فستفسد حياتهم وستفسد عليهم البيئة التي يعيشون فيها من سماوات وأراضين ، فلابد أن يكون الإصلاح عملية مُستمرة لإستمرار الحياة الكريمة الطاهرة والإبتعاد عن الفساد شكلا ومضمونا ومعيشة وأخلاقا .(وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضٖ لَّفَسَدَتِ ٱلۡأَرۡضُ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ ذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ (251 البقرة).

وفى نفس المعنى السابق يقول الحكيم العليم .(وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضٖ لَّهُدِّمَتۡ صَوَٰمِعُ وَبِيَعٞ وَصَلَوَٰتٞ وَمَسَٰجِدُ يُذۡكَرُ فِيهَا ٱسۡمُ ٱللَّهِ كَثِيرٗاۗ وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) ٱلَّذِينَ إِن مَّكَّنَّٰهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَمَرُواْ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَنَهَوۡاْ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۗ وَلِلَّهِ عَٰقِبَةُ ٱلۡأُمُورِ )(41الحج).

ويقول ربنا سُبحانه وتعالى عن وظيفة من وظائف وسبب من أسباب نزول الرسالات وهو أن يقوم الناس بالحق والعدل ،ومنه إختيارهم لحاكم رشيد ،فإن لم يكن رشيدا فليعزلوه حتى لوإقتضى الأمر أن يُقاتلوه حتى يُزيحوه من كرسى الحُكم .

(لَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلَنَا بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَأَنزَلۡنَا مَعَهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡمِيزَانَ لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلۡقِسۡطِۖ وَأَنزَلۡنَا ٱلۡحَدِيدَ فِيهِ بَأۡسٞ شَدِيدٞ وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعۡلَمَ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥ وَرُسُلَهُۥ بِٱلۡغَيۡبِۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٞ) (25الحديد).

وعن دورالمُصلح المُستمروإشهاد الناسعلى أنفسهم أمام الله جل جلاله في مُطالبته لهم بالإصلاح .((فَسَتَذۡكُرُونَ مَآ أَقُولُ لَكُمۡۚ وَأُفَوِّضُ أَمۡرِيٓ إِلَى ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ بَصِيرُۢ بِٱلۡعِبَادِ (44غافر).

==

وهل هذا يعنى أن نظام توريث الحُكم والمناصب العليا مخالف لتشريعات القرءان للدولة الإسلامية الحقيقية؟؟

الإجابة :::

نعم – فالحاكم وتولى المناصب العليا في الدولة يكون بالشورى بين الناس ، وبناء على معايير ومُحددات مهمة وقاسية جدا جدا في إختيار الأكفأ والأجدر والأقدرعلى تحمل المسئولية ،وليس بالتوريث ،ولا بالفساد والمحسوبية والرشاوى وإختيار الأسوأ ليكونوا خدما وسكرتارية للحاكم كما نرى اليوم في الدول العربية ،فهذا ضدتشريعات القرءان ، وطريق سريع للإفساد في الأرض والإهلاك والإنحدارفي مصاف الدول إلى أسفل سافلين (وهذا ما يعيشه وطننا العربى البئيس التعيس ).

==

إذن فما هو المعنى الحقيقى للمُلك ؟؟

كما قلنا فإن الحكم والمُلك المجازى(كرئيس وكملك) يكون مؤقتا ،فإما أن يترك الحاكم الحُكم والمُلك طواعية بالتبادل السلمى للسلطة،أو بالثورة السلميةأو المُسلحة لوإقتضى الأمرعليه، أوبهروبه ،أو بموته .  أما الحكم والمُلك الحقيقى الدائم فهولله الملك الحق رب العزة جل جلاله ، وهذا دليل آخرعلى قوله سُبحانه تعالى عن ذاته جل جلاله (الأحد )   .....( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) .

وفى هذا قال المولى جل جلاله.(قُلِ ٱللَّهُمَّ مَٰلِكَ ٱلۡمُلۡكِ تُؤۡتِي ٱلۡمُلۡكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ ٱلۡمُلۡكَ مِمَّن تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُۖ بِيَدِكَ ٱلۡخَيۡرُۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ )(26آل عمران). لاحظوا قوله سُبحانه (قل اللهم مالك المُلك).

وفى قوله سُبحانه .(وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّۖ وَيَوۡمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُۚ قَوۡلُهُ ٱلۡحَقُّۚ وَلَهُ ٱلۡمُلۡكُ يَوۡمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِۚ عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِۚ وَهُوَ ٱلۡحَكِيمُ ٱلۡخَبِيرُ )(73الأنعام). لاحظوا (له المُلك يوم يُنفخ في الصورعالم والشهادة) فهل هناك ملكا بشريا له ملك يوم القيامة وانه سبحانه وتعالى عالم الغيب والشهادة؟

وعن عدم وجود شريك له سُبحانه في مُلكه له يقول جل جلاله.

(وَقُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَمۡ يَتَّخِذۡ وَلَدٗا وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ شَرِيكٞ فِي ٱلۡمُلۡكِ وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ وَلِيّٞ مِّنَ ٱلذُّلِّۖ وَكَبِّرۡهُ تَكۡبِيرَۢا) (111الإسراء).

وعن مُلكه وملكيته ليوم الدين .(الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) الحج 56.

(مالك يوم الدين).

(ٱلۡمُلۡكُ يَوۡمَئِذٍ ٱلۡحَقُّ لِلرَّحۡمَٰنِۚ وَكَانَ يَوۡمًا عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ عَسِيرٗا (26الفرقان).

(يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) غافر 16. لاحظوا قوله سُبحانه وتعالى يوم القيامة (لمن المُلك اليوم لله الواحد القهار).

وبأنه سُبحانه وتعالى هو الملك الحق الحقيقى .(فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ ٱلۡمَلِكُ ٱلۡحَقُّۖ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡكَرِيمِ (116) المؤمنون116.

وبأنه سُبحانه وتعالى الذى له مُلك وملكية السموات والأرض وليس له شريك فيه.(ٱلَّذِي لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَمۡ يَتَّخِذۡ وَلَدٗا وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ شَرِيكٞ فِي ٱلۡمُلۡكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيۡءٖ فَقَدَّرَهُۥ تَقۡدِيرٗا) الفرقان 2.

وعن مُلكه ولملكيته وبأنه الملك الحقيقى الذى خلق الناس جميعا.(خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ ثُمَّ جَعَلَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ ٱلۡأَنۡعَٰمِ ثَمَٰنِيَةَ أَزۡوَٰجٖۚ يَخۡلُقُكُمۡ فِي بُطُونِ أُمَّهَٰتِكُمۡ خَلۡقٗا مِّنۢ بَعۡدِ خَلۡقٖ فِي ظُلُمَٰتٖ ثَلَٰثٖۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡ لَهُ ٱلۡمُلۡكُۖ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ فَأَنَّىٰ تُصۡرَفُونَ) (6الزمر)

 (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۖ لَهُ ٱلۡمُلۡكُ وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ (1التغابن).

=

كذلك الحاكم والملك البشرى ليس قيوما ولامُحيطا بشعبه وبدولته ومملكته التي يحكمها ،أما المولى جل جلاله فهو حيى وقيوم السموات والأرض ، ومُحيط بهما وله سُبحانه وتعالى الحكم والأمر فيهم.( الٓمٓ (1) ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَيُّ ٱلۡقَيُّومُ (2آل عمران).
وَعَنَتِ ٱلۡوُجُوهُ لِلۡحَيِّ ٱلۡقَيُّومِۖ وَقَدۡ خَابَ مَنۡ حَمَلَ ظُلۡمٗا (111) وَمَن يَعۡمَلۡ مِنَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَلَا يَخَافُ ظُلۡمٗا وَلَا هَضۡمٗا) (112طه).

((ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَيُّ ٱلۡقَيُّومُۚ لَا تَأۡخُذُهُۥ سِنَةٞ وَلَا نَوۡمٞۚ لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ مَن ذَا ٱلَّذِي يَشۡفَعُ عِندَهُۥٓ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ يَعۡلَمُ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيۡءٖ مِّنۡ عِلۡمِهِۦٓ إِلَّا بِمَا شَآءَۚ وَسِعَ كُرۡسِيُّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَۖ وَلَا يَـُٔودُهُۥ حِفۡظُهُمَاۚ وَهُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡعَظِيمُ)) (255 البقرة)

((وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٖ مُّحِيطٗا)) (126النساء).

==

الخلاصة ::

إن وجود حاكماأو ملكا معينا يحكم بلدة أو دولة أو إمارة ما ليس أمرا قدريا نزل به منشورا وأمرا كتابيا من الله جل جلاله ،وإنما هو شأنا بشريا داخلياخاصا بهم وبينهم وبين بعض. والبشرهم المُكلفون به والمُتحكمون فيه وهم المسئولون عن إختيارهم له .ولهم الحق المُطلق في إصلاح حاكمهم وتقويمه ،فإن لم يستجب فلهم أن يعزلوه ويُحاكموه ويعاقبوه على ما أرتكب من أخطاء وخطايا في سياستة ومسئوليته عن تسييره للأعمال في دولته أثناء حُكمه.

==

وأن الأقداروالحتميات تنحصر في (الميلاد وموعد ومكان الوفاة ،والرزق ،والمصائب مثل الأمراض المزمنة أو تعرض الفرد لحادث دون ذنب أو خطأ منه هو– وليس منها أن يكون فلان بن فلان حاكما ،اوملكا يورث الحكم لذريته وأحفاده من بعده).

فمن يؤمن بان الحاكم والملك جاء بقدرمكتوب عليه وعلى أهل بلده فهو مُخطىء وعليه تصحيح إيمانه ،وعليه التمسك بالإصلاح المُستمر لبلده ومنها الإصلاح السياسى فى حُسن إختيارالحاكم وسياساته وتسييره لشئون الدولة التي يحكمها، فإن لم يفعل فقد وقع في ذنب وإثم عظيم وسيُحاسب عليه يوم القيامة لأنه إنسلخ من أوامرالله جل جلاله في فريضة الإصلاح بعد أن علم بها .

 فيا خوفى على (حزب الكنبة ،وحزب  خلينا نمشى جنب وجوة الحيط) من مساءلة رب العالمين لهم عن نصيبهم في الإفساد في الأرض  نتيجة لصمتهم وسكوتهم على فساد الحاكم ومن حوله من المفسدين في الأرض ورضاهم به وعنه ونفاق بعضهم له.

==

وأن قوله تعالى عن إتيان ونزع الملك البشرى في قوله تعالى ((قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) جاء في سياق عن الملك والملكية الحقيقية يوم القيامة ،وعن ميراث الصالحلين لأرض الجنة ميراثا حقيقيا صادقا خالدا أبديا يوم القيامة .كما كتبناهذا في مقالة سابقة عن ملكية الصالحين لأرض الجنة .

==

وهذا ما فهمته وأفهمه من معان (للملك والحكم ونظم الحكم من خلال تشريعات القرءان الكريم ).

اجمالي القراءات 614

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق