العقل الجمعي والابائية:
العقل الجمعي(صورة صدام على سطح القمر)

زهير قوطرش Ýí 2007-08-31




العقل الجمعي والإبائية.( صدام حسين على سطح القمر)

قال الله تعالى في كتابه العزيز(قل إنما اعظكم بواحدة إن تقوموا لله مثنى و فرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة ).
صديقي الذي أكن له الكثير من الاحترام ، يعيش على أرض الوطن ، وكثيرا ما يردد، أنت غريب عن الوطن، وأنا غريب في الوطن. فلنتواصل ولنجعل من الغربتين دافعا للعطاء المشترك ، عسى أن نسهم في تغير الانسان وثقافة الانسان. أخبرني ذات مرة بعد حادثة اعدام صدام حسين ، بأنه كان في زيارة صديق له صيدلاني ، في صيدليته، في هذه الا&EuEuml;ناء انتشرت شائعة بأن صورة صدام حسين ارتسمت على سطح القمر ، و خلال فترة وجوده في الصيدلية ، كان التاس أو بعضهم يتحدثون مع الصيدلاني ، ويؤكدون له أنهم رأوا صورة صدام مرسومة بالفعل ،.وكانوا يحلفون على ذلك باغلظ الايمان ، استمرت زيارة صديقي ما يقارب الساعة ، وسمع خلالها العشرات من الرجال والنساء والكل كان يؤيد الخبر. ثم تابع... بعد ذلك استأذنت صديقي الصيدلي وخرجت الى الشارع لأدخن سيجارتي الملعونة ، ولكني ،وفور خروجي نظرت بفعل الفضول الى القمر وإذ بي المح للحظات صورة صدام عليه. هززت راسي ومن ثم نظرت من جديد فكان القمر قمرا كالمعتاد. بالله عليك أخبرني هل أنا جننت ، أم أن ما رأيته كان بالفعل هو ما رأه الناس . ...ضحكت على الهاتف ..وقلت له هون عليك ياصديقي ، ولا تعتبر نفسك مجنوناً... لأنك حين نظرت الى القمر لم يكن عندك عقل... أجابني كيف هذا؟ أنا ليس عندي عقل!!!! نعم ياصديقي ..انت رأيت ما قال الناس أنهم راوه ، أنت أكدت ما أكد الناس أنه هو، وانت من الناس ولست نشاذا. والحقيقة أنك عطلت عقلك ، وأصبحت تتحرك وترى بالعقل الجمعي ، بقوة الخيال الجمعي .
هناك من أصدر هذه الاشاعة ، وراى فيها من المصلحة أن تؤيد رؤيته ، وربما وقع في هذا الفخ كما أعلم بعض رجال الدين الذين سوقوا هذه الحادثة من على المنابر. ياصديقي هذه هي خطورة العقل الجمعي. سكت قليلاً وقال لي والله معك الحق. لقد كان تأثير الناس علىَّ قويا بحيث فقدت القدرة على المحاكمة العقلية.
إن من أخطر الامور على أفراد الامة الاسلامية وغيرها من الامم من اصحاب الديانات المختلفة ، هو سيطرة العقل الجمعي ،الذي يعطل العقل الفردي، والذي بالوقت نفسه يسوق أفراد الامة كا لقطيع نحو الابائية وتقليد السلف ، دون السماح لهم بإعمال الفكر والعقل والتدبر. والعقل الجمعي يقف حائلاً امام تطور الفرد ،ومن ثم تطور المجتمع والامة ،لأنه يوقف الفكر عند حدود العقول السابقة ،وكأن الله خلق عقولنا معطلة عن التفكير والابداع ،كونها تعطلت وأصبحت منقادة بعقل جمعي ممثلاً من خلال المؤسسة الدينية النقلية والسلفية ،التي لاهم لها سوى سيطرتها على هذه العقول الجامدة أصلاً وبفعلها من اجل تحقيق مصالح فئوية ومذهبية ضيقة. هذا العقل الجمعي الذي تمثله المؤسسة الدينية التي تعتمد على المنهج القياسي والاستنباطي ، هي محكومة دائماً بأصل تقيس عليه ،أو بنص يحول بينها وبين الطلاقة في التفكير ، وهذا ينعكس بدوره على أفراد الامة ،الذين سقطوا في وحل هذا العقل الجمعي ،والذين لا يستطيعون بوجوده حراكاً نحو الامام والافضل، هذا العقل الجمعي المقيد وقف وما زال يقف أمام تيار العقل الاستقرائي الذي كان السبب في اطلاق وانجاز الحضارة الاوربية ، أي  كان السبب في تحرير العقل من قيود ه . ولا بد من التأكيد على أن ميزة العقل الجمعي عند المسلمين ينطلق من فكرة الابائية إن صح التعبير والتي نبه على خطورتها القرآن الكريم بقول ( إنا وجدنا اباءنا على أمة وإنا على أثارهم مقتدون).
وعودة الى الاية الكريمة التي تم ذكرها في بداية المقالة ، وعند تدبرها ، فإن الخالق يعظنا بواحدة , أو ينصحنا في حال قيامنا كي نتدبر ونتفكر في امور العقيدة أن نقوم أثنين أثنين أو كل واحد لوحده على حدا،وهذا أحسن ، لأنك عندما تجلس لوحدك وتتفكر ،هناك احتمال كبير أن تهتدي الى الحق ، وتزداد ايماناً ، والسبب أن التفكر بأمور العقيدة ضمن الجماعة هو بالمحصلة تغيب القدرة الفردية على التفكير وإخضاع الفرد للعقلية الجمعية. لنظر مثلاً الى عقليات المتحزبين لإي جماعة اسلامية أو حزب سياسي اسلامي ، من الصعب أن ينال الفرد الاستقلال في التفكير ومن الصعب أن يتطور تفكيره ، لأنه محكوم بعقل الجماعة، بعقل القطيع...... بخياراتهم بمزاجهم. وقد يسال أحدنا وكيف نفسر جماعة النبي (ص) التي نشأت وترعرعت في إطار العقل الجمعي . الجواب هذا العقل الجمعي كان له ميزة خاصة ، كون النبي (ص) كان قد أسس منذ البداية على أن يكون الفرد في الجماعة ذو استقلالية ، وأن لايكون إمعة ، يتقلب حسب الاهواء . ارسى فيهم صدق العقيدة ،وروح المناقشة ،حتى كانوا أحيناً يعارضون معارضة بناءة ،وعوَّدهم النبي (ص) على الأخذ بأرائهم ومنا قشتها. بهذه الروح ربى الجماعة ضمن عقل جمعي مميز ،وحملهم مسؤولية نشر الدعوة وكانوا فعلاً راشدين.
أما في هذا الزمن ، فإن المؤسسة الدينية والاحزاب الاسلامية السياسية ومن والاهم  كل هذا الجمع هو الممثل للعقل الجمعي الذي اوهم الامة بأنهم هم اصحاب الاختصاص بأمور العقيدة والشرع، لذك أصبحوا يفرضون تصوراتهم وارائهم من خلال عقل جمعي سلفي وهابي نقلي، يُكره الناس على القبول بهم مع تعطيل امكانياتهم العقلية ...وتمادوا لدرجة أنهم اعتبروا كل من يخرج عن إطار هذا العقل الجمعي مرتداً وكافرا ( موقف الازهر من أهل القرآن) والعياذ بالله. مع العلم أن الله عز وجل لم يفرض على أحد دينه بالأكراه.لأن الدين هو الذي تقبله أنت أيها الأنسان بملئ ارادتك لتعيش

اجمالي القراءات 21856

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (4)
1   تعليق بواسطة   فوزى فراج     في   الجمعة ٣١ - أغسطس - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[10587]

مقالة ممتازة يا أستاذ زهير

الأستاذ الفاضل زهير,

تحية طيبة مباركة وكل عام وأنتم بخير, لقد اصبت أخى فى مقالتك الرائعة, ذات العنوان الرائع ( العقل الجمعى او الجماعى), نعم, لقد ترك المسلمين مسألة التفكير للأخرين, ومن هم الأخرين, ليتهم كانوا ممن يعاصروهم ويتولون قيادتهم, ولكنهم تركوها لمن انتهى عهده بهذا العالم منذ قرون , السلف الصالح كما يسمونهم, ولربما كانوا سلفا صالحا, ولربما كان كل ما قيل عنهم صحيحا, ولربما كانوا خيرمن سار على وجه الأرض, ولكنهم قالوا ماقالوا وفعلوا ما فعلوا بمقاييس عصرهم ومتغيرات عصرهم وتحديات عصرهم,
ولايستطيع مخلوق واحد ان يدعى بما لايدع مجالا للشك انهم كانوا سيقولون اليوم ماقالوه منذ قرون ويفعلون اليوم ما فعلوه منذ قرون. هل تدرى يا أستاذ زهير لماذا لم يقدم المجتمع الأسلامى او العربى او المصرى للعالم شيئا يذكر طوال القرون العشرة الماضيه, لأنهم توقفوا تماما عن التفكير والإجتهاد فى المسائل الدينيه, وتركوا اسلافهم يفكرون بالنيابة عنهم ,ثم شجعهم ذلك على التوقف عن التفكير فى المجالات الأخرى, وهذا ايضا هو السبب ان المجتمع الأوربى الغربى عندما تحرر من سلطة الكنيسة عليه فى عصر النهضة , قدم للعالم كل مانراه من ابداعات لم يقدم مثلها من قبل.

اما بالنسبه لرؤيتك صورة صدام على وجه القمر, فهو ما يسمى بالإيحاء الباطن او الغير مباشر, يذكرنى ذلك بإحدى النوادر وظنى انك تعرفها, عن السيدة التى دعت رجلا مهما الى تناول الشاى فى منزلها, وكان لذك الرجل انفا غليظا لايمكن ان يغفله او يتغافله انسان, وخافت ان يبدى ابنها الصغير ملحوظة عن انفه مما قد يحرجها امام ضيفها, فظلت طوال اليوم تحذر ابنها من عدم ذكر اى شيئ عن أنف الضيف او اى عن اى أنف اخر, وعند حضور الضيف, كانت فى حالة عصبية شديده وهى تنظر طوال الوقت الى ابنها وتصلى فى سرها ان لا يحرجها, وسألت ضيفها المهم , هل يفضل السيد ان يتناول الشاى بدون لبن ام ان أضع لها بعض اللبن فى أنفه!!!

شكرا على مقاله جيدة

2   تعليق بواسطة   نجلاء محمد     في   السبت ٠١ - سبتمبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[10604]

الأستاذ الفاضل زهير

الأستاذ الفاضل زهير مقالة ممتازة وذات مغزى وهذه النوعية من المقالات تحمل بين سطورها معاني كثيرة فأنا مع كل ما جاء في المقال وخاصة هذه الفقرة " إن من أخطر الامور على الامة الاسلامية وغيرها من الامم من اصحاب الديانات المختلفة ، هو سيطرة العقل الجمعي ،الذي يعطل العقل الفردي، والذي بالوقت نفسه يسوق أفراد الامة كا لقطيع نحو الابائية وتقليد السلف" وهذا ما يؤكده قوله تعالى {بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ }الزخرف22 لو أدركت الغالبية ممن يقدسون السلف والسابقين هذه الحقيقة لتغيرت كثير من المفاهيم لديهم وما وصلنا إلى هذه الحالة المتدنية بين بقية الأمم .
وننتظر منك المزيد من هذه المقالات المفيدة .

3   تعليق بواسطة   آية محمد     في   الأحد ٠٢ - سبتمبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[10608]

إنه مرض عضال

العقل الجمعي أو التفكير الجماعي مرض نفسي لا يصيب إلا المجتمعات البالية التي توقف فيها الإبداع والتجديد. العقل الجمعي من أعظم التحديات التي تواجه أي مبدع أو أي مفكر يريد أن يقدم الجديد إلى مجتمعه. والعقل الجمعي ينتج عنه الإرهاب الفكري الذي يعيشه المبدع ويضطره أحيانا إلى الرحيل عن مجتمعه بحثا عن مجتمع آخر يقبل التغيير على أساس إنه الحل الأمثل إلى التقدم.

مقالاتك رائعة يا أستاذ زهير ولكن هل من مجيب؟ هل يدرك الناس فى العالم العربي المأساة التي يعيشونها؟

ما رويت حضرتك عن قصة صدام حسين روي لي والدي شيئا مماثلا حدث فى مصر فى الستينيات حيث أعلن مسيحيو مصر أن السيدة مريم تتجلى فى سماء الأسكندرية. وقال لى إنه ذهب هناك من باب الفضول ولأن البعض أكدوا له إنهم رأوها بأعينهم. وذهب إلى الكنيسة التي يدعون أن السيدة العذراء تظهر فوقها ورأى الناس تصرخ معلنة إنها رأتها وهو لا يستطيع أن يرى شيئا. إنها العقول المغيبة التي تتلقى المعلومات بالملعقة فتبلعها ولا تدركها أو تتدبر حقيقتها. فأعين الناس تتبع أذنهم وليس عقولهم. فعلا إنها الثقافة السمعية.

4   تعليق بواسطة   ناعسة محمود     في   الأحد ٠٢ - سبتمبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[10630]

الأستاذ الفاضل زهير قوطرش

الأستاذ الفاضل زهير قوطرش
مقالة رائعة ولقد مررت بتجرية تبين مدى تأثير هذا العقل الجمعى على الناس ، فالكل يعلم التجربة التى أمر بها ولكن الذى قد لا يعلمه البعض أنه بعد ما تمت إذاعة الحلقات المصورة على دريم معنا ومع الشيخ عبد المهدى الذى كان له التأثير الفظيع على أغلبية الناس من سكان منطقتى التى أعيش بها ، فبتلك الكلمات التى ألقاها بكفرنا قد غيب عقول هؤلاء الناس الذين أسكن وسطهم أكثر من خمس سنوات ولم يروا منا أنا وزوجى أى اختلاف عنهم أو ضرر لهم ، وفى لحظات تحول فكرهم تجاهنا إلى أننا كفرة ولا نؤمن بالله ورسوله ، ولم يشفع لنا هذه المدة التى عشناها بينهم دون أى إحساس بالفرق فيما بيننا ، وقد سمعت جملة منهم تقول " الشيخ كفرهم يبقى هما كفرة " دون أن يقوموا بالتفكير ولو للحظات فيما نقول وما يقوله الشيخ ، وكأن كلام هذا الشيخ حقيقة واجبة التصديق ولا جدال فى ذلك ، فهذا هو العقل الجمعى الذى سيطر به الشيوخ على عقول البشر وأصبحوا يؤمنون بكل ما يقال لهم من هؤلاء الشيوخ دون التفكير فيه .

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-02-25
مقالات منشورة : 275
اجمالي القراءات : 5,902,115
تعليقات له : 1,199
تعليقات عليه : 1,466
بلد الميلاد : syria
بلد الاقامة : slovakia