قابيل وهابيل :
قابيل وهابيل

رضا عامر Ýí 2023-10-07


قابيل وهابيل
يقول جل وعلا فى سورة المائدة :وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ
لم يذكر القرآن الكريم أسماء أبناء آدم ولكن جاء ذكرهما فى العهد القديم على انهما أول من أنجبت حواء. وقد سألت نفسى هل عدم ذكر اسمى الابنين فى القرآن الكريم قد يوحى بعمومية القصة فكل الناس أبناء آدم و القصة غير مرتبطة بزمن آدم وأبنائه البيولوجيين بل تشمل جميع البشر فى كل العصور. واضيف إلى هذا اننى اعتقد إنه عز وجل ذكر هذه القصة فى القرآن الكريم لتشريع وجوب دفن الموتى.
قَالَ ٱهۡبِطُواْ بَعۡضُكُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُوّٞۖ وَلَكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُسۡتَقَرّٞ وَمَتَٰعٌ إِلَىٰ حِينٖ (24) الأعراف. يقول رب العزة إن بنى آدم بالضرورة بعضهم عدو لبعض ولا عجب فى هذا فوجود الإنسان وبقاؤه حيا على الأرض يتطلب توفير سبل الحياة من ماكل ومشرب ومسكن والحماية من آفات الطبيعة كالضوارى وتقلبات الجو وهذا بلا جدال سوف يعرضه للتصادم والتنافس مع غيره من البشر وبالتالى تنشأ العداوة.
وشدة العداوة ترتبط بلا شك بالمسبب لها واشدها على الإطلاق الذى ينشأ عن خلافات عقائدية أو دينية. فالتاريخ يعج بالحروب والصراعات وكلها تنتهي وقد تمسى الاطراف المتحاربة حلفاء بل أصدقاء بعد حين. انظر إلى حروب القبائل العربية وصراعات الإمارات والامبراطوريات الاوروبية عبر التاريخ كلها زالت وباتت هذه الشعوب جيران بل وتوحد الكثير منهم.
أما الصراعات التى قامت على أسس عقائدية دينية فدائما ما تكون فى منتهى العنف والشراسة وغالبا ما تستمر لفترات طويلة ودائما لا تنسى مع مرور الزمن وتترك فى الشعوب المهزومة مرارة لا تزول مع مرور الايام و السنوات. مازالت مرارة الفتوحات الإسلامية موجودة في الشعوب الامازيغية وفى الأندلس. ومرارة الحملات الصليبية والاحتلال الغربى للشرق لا تنسى. شعوب أرمينيا واليونان وصربيا لا تنسى ما اصابها على يد الغزو والاحتلال العثمانى واستعباد اهل هذه البلاد فى حين مازال الكثيرون فى مصر والدول العربية يتحسرون على أيام الاحتلال العثمانى البغيض لا لسبب إلا أنه كان احتلال باسم الدين.
وعندما نعود إلى دستورنا الأعظم القرآن الكريم نجد أن رب العزة جل وعلا ذكر أن سبب الصراع و الكراهية بين إبنى آدم كان عقائديا ودينيا ولم ينشأ عن تنافس على طعام أو نفوذ.
اللهم ارزقنا حسن التفكر فى آيات القرآن العظيم
اجمالي القراءات 1679

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (6)
1   تعليق بواسطة   عثمان محمد علي     في   الأحد ٠٨ - أكتوبر - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً
[94733]

مقال رائع دكتور رضا عامر .


ربنا يبارك فيكم دكتور رضا عامر . مقال أكثر من رائع ، ويلفت النظر إلى سبب رئيسى من أسباب العداء والحروب والتقاتل بين أبناء آدم ،وهو العداء بسبب إختلاف الدين والإيمان .ولقد تعرض النبى ورسل الله جميعا عليهم السلام لهذا النوع من العداء ،وكذلك من يقتدون بهديهم ويتأسون بهم فيقول رب العزة جل جلاله (واذا تتلى عليهم اياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم اياتنا قل افانبئكم بشر من ذلكم النار وعدها الله الذين كفروا وبئس المصير) وقوله سُبحانه وتعالى (وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من ارضنا او لتعودن في ملتنا فاوحى اليهم ربهم لنهلكن الظالمين ) ثم جاءت إشارات صريحة عن شدة عدائهم للأنبياء التى وصلت  بهم لقتلهم (فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بايات الله وقتلهم الانبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون الا قليلا)



وفى عصرنا الحالى وعلى أرض مصر وربما فى المغرب العربى أيضا نجد بعض حالات قتل للسيُاح على أساس دينى ،فلم نجد مثلا حالات قتل مُتعمدة لسائحين عرب  فى مصر ،أولكن كل أحداث القتل المُتعمدة تكون دائما لسيُاح غربيين على أساس أنهم كفرة ومن ديار الكُفر ... ونروح بعيد ليه ،، أساس تقسيم المتطرفيين التراثيين من 1300 سنة للعالم على أساس دينى (دار الكُفر والحرب ) و(دار الإسلام والسلم).



وهناك أيضا كلمة في الآية الكريمة في غاية الروعة والدقة وهى ( بالحق ) أى انه ستكون هناك روايات كاذبة، وفيها تفاصيل كاذبة عن القصة لا أساس لها  فلا تسمعوا لها ولكن إعلموا عنها وتعرفوا على حقيقتها من القصص القرءانى وحده فهو وحده الحق (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ).



2   تعليق بواسطة   رضا عامر     في   الإثنين ٠٩ - أكتوبر - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً
[94735]

إلى الغالى الدكتور عثمان


شكرا جزيلا يا دكتور عثمان على التعليق المحترم


حاولت أن أجد ما الذي يضيفه قوله عز وجل (بالحق) إلى معنى الآيات لم أجد إلا أنه تأكيد لأن كلام الله هو الحق المطلق.


فى انتظار تعليق سيادتك وتعليق الدكتور منصور على أن الهدف الأول من ذكر هذه القصة فى القرآن الكريم هو تشريع دفن الموتى وعدم ترك الجثث فى العراء لما يبعث على الاشمئزاز


أكرر الشكر


3   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الإثنين ٠٩ - أكتوبر - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً
[94736]

مقالك رائع أخى د رضا أحييك عليه ، واقول


أتفق معك فيما قلت ، وقد عبّرت عنه باسلوب علمى بسيط مفهوم ( روشتة يعنى ).! وأضيف :

1 ـ التعبير عن العداء بين ابناء آدم لم يأت بالجملة الفعلية التى يكون لها زمن محدد ماضيا أو حاضرا أو مستقبلا ، بل جاء بالجملة الإسمية التى تفيد الثبوت والاستمرار ( بعضكم لبعض عدو ). 

2 ـ كان حتما تعليم القاتل دفن جثة أخيه ، فهذه أول جثة فى التاريخ ، وفى حياة آدم وزوجه . ومن تكريم بنى آدم دفن جثته وألا تُترك فى العراء كالحيوانات النافقة . 

3 ـ ما حدث بين إبنى آدم كان أول ( حرب عالمية ) فى تاريخ البشر . وفعلا فالدافع الاقتصادى هو سبب النزاع والحروب بدءا من النزاع حول الميراث الى الحروب العالمية . 

4 ـ كان الدين حاضرا فى خلفية الحرب العالمية الأولى بين ابنى آدم ( القربان ) . وهناك فى تاريخ البشر حروب (علمانية ) وتنتهى بتاريخها مثل حروب الاسكندر والمغول ونابليون وهتلر . وهناك حروب ترفع راية الدين وتظل مستمرة باستمرار هذا الدين ، بل تؤسس دينا وأديانا أرضية شيطانية كما فعل الخلفاء الفاسقون بالفتوحات .

5 ـ الأصعب من قتل البرىء هو تبريره وتسويغه وتشريعه . وهذا نراه فى أن نفس الأخ طوّعت له قتل أخيه . ناقشنا هذا فى كتابنا ( حد الردة ) عام 1993 . 

شكرا أخى د رضا فقد بدأت يوم عملى بقراءة مقالك فأسعدنى .

 

4   تعليق بواسطة   عثمان محمد علي     في   الإثنين ٠٩ - أكتوبر - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً
[94737]

تحياتى دكتور - رضا عامر


شكرا جزيلا دكتور رضا  لحضرتك على التعقيب .... انا مع حضرتك بأنه مما يُستفاد من  هذا القصص القرءانى عن حادثة أبناء آدم تعليم البشرية كيفية دفن الموتى لأنه واضح من القصة أنها أول حادثة موت فى تاريخ البشرية ... ولكن من وجهة نظرى أن عملية مواراة الجُثمان ليست السبب الرئيسى للحادثة كُلها ،وإلا لوضعتنا فى حيرة بين ( الإنسان مُخير أم مُسير ) .وانا أؤمن أنه مُخير بدليل أن سيُحاسب على كل أعماله وأقواله وأفكاره منذ بلوغه سن الرُشد العقلى إلى وفاته ..فلوكان إبن آدم (القاتل )هُنا مُسيرا لقتل أخيه  ما ندم على قتله (والله أعلم تاب بعد ذلك أم لا) ولأخبرنا القرءان أنه لن يُحاسب عليها ،ولكن القرءان الكريم سكت عن مثل هذه التفاصيل . ولكان مثل العبد الصالح  عليه السلام الذى قتل الغُلام ولم يندم على فعلته ،بل قال لموسى عليه السلام (وما فعلته عن أمرى ) .



5   تعليق بواسطة   رضا عامر     في   الإثنين ٠٩ - أكتوبر - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً
[94738]

بعد ما شاب


دائمأ أتعلم منكم اخى الكبير الدكتور منصور وقد أتممت السبعين منذ أسابيع قليلة. التعبير بالجملة الاسمية يفيد الثبوت والاستمرار غير الجملة الفعلية المرتبطة بزمن محدد. بارك الله فى عمرك وصحتك واسرتك النبيلة. 



أخى الدكتور عثمان دائما تثير جوانب مهمة فى الموضوع المطروح للمناقشه واحييك واغبطك على غزير علمك 



شكرا كل الشكر



6   تعليق بواسطة   سعيد علي     في   الإثنين ٠٩ - أكتوبر - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً
[94740]

العمر مجرد رقم دكتور رضا و كلنا نتعلم من بعضنا .


مقال جميل .. ينم عن تدبر عميق .. حفظكم الله جل و علا .



أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-11-14
مقالات منشورة : 23
اجمالي القراءات : 95,083
تعليقات له : 194
تعليقات عليه : 68
بلد الميلاد : مصر
بلد الاقامة : مصر