مواقف المؤمنين الحقيقيين فى دولة النبى الاسلامية

آحمد صبحي منصور Ýí 2023-10-02


مواقف المؤمنين الحقيقيين فى دولة النبى الاسلامية     

 كتاب ( ماهية الدولة الاسلامية )

الباب الأول :  القيم الأساس للدولة الاسلامية

الفصل الثالث  :  ( الحرية : حرية الدين ، وحرية الرأى والتعبير )

 مواقف المؤمنين الحقيقيين فى دولة النبى الاسلامية  

أولا : من هم ؟

1 ـ نقصد بهم الصحابة الذين جمعوا بين الاسلام القلبى والاسلام السلوكى معا .

2 ـ كان منهم أثرياء ضحوا بأموالهم وبيوتهم ومكانتهم وهاجروا ليعيشوا فقراء فى المدينة ، يبتغون فضلا من الله جل وعلا ورضوانا ، وظلوا ينصرون الله جل وعلا ورسوله فاستحقوا مبكرا أن يصفهم الله جل وعلا بالصدق . وجعل لهم وللأنصار الذين آووهم نصيبا فى الفىء ، قال جل وعلا : ( لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ (8) الحشر ) وقال جل وعلا عن المؤمنين الصادقين من الأنصار الذين آووهم ونصروهم : ( وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) (9) الحشر ).  

 ثانيا : مواقف المؤمنين الحقيقيين فى إبتلاء ( المعارك )

فى معركة بدر

1 ـ المهاجرون الذين كانوا أثرياء فى مكة صادرت قريش أموالهم وبيوتهم ، كما صادرت أسهمهم التجارية فى رحلتى الشتاء والصيف . كانت قريش تهاجم دولة النبى فى البداية وقت أن كان المؤمنون فيها مأمورين بكفّ اليد عن الدفاع الى أن يستكملوا تدريبهم العسكرى وإعدادهم للقوة العسكرية ومستلزماتها . فلما إستكملوها نزل لهم الإذن بالقتال . كان الهدف الأول هو إسترداد أموالهم التى تتاجر بها قريش فى قوافلها ، وهى فى طريقها الى الشام تمر قريبا من المدينة . لذا حدثت معركة بدر . وبالوحى التوجيهى للنبى محمد عليه السلام جاءت البشرى بالحصول على القافلة واسترداد أموالهم أو بالانتصار على قريش . ولأنهم مُسالمون   ولا عهد لهم بالحروب ،فقد كانوا يفضلون الهجوم على القافلة بجيشهم القليل واسترجاع أموالهم . عرف أبوسفيان بترصّد النبى وصحبه ، فقام بتغيير مسار القافلة ، وأرسل لقريش يستنفرها ضد النبى . وفوجىْ النبى والمؤمنين بأنه تعين عليهم أن يواجهوا جيشا قريشيا يفوق عددهم ثلاث مرات ، وأنه لا سبيل الى تفادى المواجهة لأن هذا الجيش لو تفادوه فسيغزو المدينة . مع وضوح الحق فإن فريقا من المؤمنين الحقيقيين إرتعب مقدما وأخذ يجادل النبى فى الحق الذى تبين وفى الصدام المُقبل الذى تحتم . أروع تصوير لهذا جاء فى قوله جل وعلا للنبى وعن المؤمنين : ( كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (5) يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ (6) وَإِذْ يَعِدُكُمْ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (7) الانفال ). هذا يخالف ما رواه الملعون إبن إسحق الذى زعم حماس المهاجرين والأنصار لمواجهة الجيش القرشى . أى إنه يكذّب قوله جل وعلا : ( وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (5) يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ (6) الأنفال ).

2 ـ كان تقسيم الأنفال ( الغنائم ) وضعا جديدا ، هل يستحقها الذين صادرت قريش أموالهم وبيوتهم ؟ ومنهم من لم يشارك فى المعركة ؟ وهل يشارك فيها الأنصار المشاركون فى المعركة ولم تُصادر قريش لهم شيئا ؟ سألوا النبى محمدا فانتظر حتى نزل الوحى بالاجابة : (  يَسْأَلُونَكَ عَنْ الأَنْفَالِ قُلْ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (1)الأنفال )، وبعدها كيفية التوزيع ( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ  (41)الانفال)، وتحليلها ( فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللَّهَ  (69) الانفال ).

3 ـ من الجديد أيضا موضوع الأسرى. لم يكن هناك تبادل أسرى ، فكان الحل هو إطلاق سراحهم بالمال . جاءهم لوم شديد بسبب هذا : (  مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67) لَوْلا كِتَابٌ مِنْ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (68) الأنفال ).

فى معركة أُحُد :

جاءت قريش تنتقم لهزيمتها وهيبتها ، وتحمّس المؤمنون لملاقاتهم ، كان منهم من يطمع فى الغنائم وحُطام الدنيا ، وكان منهم من يريد الآخرة والجنة. تسبب الطامعون فى الغنائم فى الهزيمة بعد إنتصار أولى ، أسرع الجيش القريشى بالمغادرة حفاظا على النصر السريع . صمّم بعض المؤمنين الحقيقيين الجرحى على مطاردتهم . نزلت الآيات فى التعليق لوما وعتابا ومدحا حسب المواقف ( آل عمران 152 : 158 ، 174 : 175 ).

فى موقعة الأحزاب

حوصرت المدينة وكان المؤمنون فى موقف عصيب . قال جل وعلا : ( إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتْ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَ (10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً (11) الاحزاب ). فى هذه المحنة ظهرت عظمة المؤمنين الحقيقيين وصدقهم . قال جل وعلا : ( مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً (23) لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً (24) الاحزاب ). موصوفون هنا بالصدق ، وسبق نفس الوصف فى سورة الحشر ( الآية 8 ).

فى موقعة ذات العسرة

1 ـ تخلف عنها المنافقون بينما خرج مع النبى المؤمنون الحقيقيون برغم كل الصعوبات . قال جل وعلا عنهم : ( لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (117) التوبة ). بعضهم كاد قلبه يزيغ ، وتاب الله جل وعلا عليهم جميعا بما فيهم النبى. وهذه الآية تصفع من يزعم عصمة النبى محمد عليه السلام .

2 ـ وجاء عتاب آخر رقيق بأنه لا ينبغى : (  مَا كَانَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَئُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (120) وَلا يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمْ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (121) التوبة )

3 ـ المرضى والضعاف كان لهم العذر فى التخلف ، فاكتفوا بالنصيحة ، وإعتبرهم رب العزة جل وعلا محسنين . وبعضهم كان فقيرا يريد الجهاد ولكن لا يملك راحلة يركبها فجاء للنبى يطلب راحلة ، ولأنه لم يتحقق طلبه فقد رجع باكيا . قال جل وعلا :  ( لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (91) وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنْ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ (92) التوبة )

4 ـ ولأنه موقف يتخذه الانسان فإن بعض المؤمنين الحقيقيين تخلف عن موقعة ذات العسرة ، ثم ندم وتاب ، واستحقوا أن يذكرهم رب العزة جل وعلا : ( وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمْ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنْ اللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118)  التوبة )

  ثالثا :

مواقف المؤمنين الحقيقيين فى التبرع للمجهود الحربى  

1 ـ فى الوقت الذى بخل فيه المنافقون الأثرياء بادر الأغنياء من المؤمنين الى التبرع ، فلاحقهم المنافقون بالهمز واللمز ، وبادر الفقراء منهم بالتبرع فلاحقهم المنافقون بالسخرية : ( الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ ) (79) التوبة )

 2 ـ بعضهم كان يتبرع بالمال للمحتاجين ، ولكن مع المنّ والأذى ، فنزلت آيات فى تشريعات إعطاء الصدقة منها : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى) (264) البقرة )

رابعا :

مقارنات :  

إختلاف المواقف المُختارة بالحرية الانسانية أتاحت للجميع التصرف بمشيئتهم دون إلزام . وترتب عليه مقارنات :

1 ـ بين المؤمنين الحقيقيين والمنافقين فى :

 1 / 1 : الاحتكام والتقاضى أمام النبى . قال جل وعلا : ( وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (48) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمْ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمْ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (50) إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (51) النور)

1 / 2 : فى بناء المساجد وارتيادها .

1 / 2 / 1 : عن مسجد الضرار للمنافقين جاءت هذه المقارنة :  ( لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108) أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (109) التوبة ).

1 / 2 / 2 : جاء قبلها عن مساجد أقامها المؤمنون الحقيقيون : ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ (36) رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمْ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (38) النور). عبادتهم فى المساجد لم تمنعهم من السعى للرزق ، وإيتاء الزكاة المالية . كانت لهم تجارتهم وتنمية أموالهم ، ولم يكن تلهيهم عن عبادتهم .

2 ـ بين المؤمنين الحقيقيين أنفسهم فى الجهاد وفى التبرع للمجهود الحربى

كانت لهم مواقف مختلفة نتج عنها عدم تساويهم فى الدرجة . فى هذا قال جل وعلا :

2 / 1 : ( لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً (95) دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (96) النساء

2 / 2 : ( لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10) الحديد ).

خامسا :

تنوع سكان المدينة فى أواخر ما نزل من القرآن الكريم فى سورة التوبة :

1 ـ كان منهم السابقون من المهاجرين والأنصار : ( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100). نلاحظ أن الآية الكريمة تصفهم بهذا وهم أحياء . فالمعنى إنهم سيحافظون على هذا السبق تمسكا بالاسلام حتى موتهم . يعنى لن يشاركوا فى الفتوحات أفظع كفر بالاسلام . ولهذا فلا ذكر لهم فى التاريخ الذى ينام فى أحضان الطُّغاة .

2 ـ الأعراب وهم قسمان مؤمن وكافر . قال جل وعلا : ( الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (97) وَمِنْ الأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمْ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (98) وَمِنْ الأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمْ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (99) وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنْ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ )101 )

3 ـ صحابة تابوا ، إعترفوا بذنوبهم أمام النبى وكان عليهم أن يقدموا صدقة عسى أن يتقبل الله جل وعلا توبتهم : ( وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (102) خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (104) . نلاحظ كلمة ( عسى ) أى إن التوبة متوقفة على عملهم المستقبلى ومدى صدقهم القلبى . لذا جاء فى الآية التالية الأمر لهم بالعمل الصالح : ( وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (105) .

4 ـ أخطر المنافقين الذين مردوا على النفاق : (  وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101). هم صحابة الفتوحات ، وقادتهم الخلفاء الفاسقون : أبو بكر وعمر وعثمان وعلى .

5 ـ  صحابة أرجأ الله جل وعلا الحكم عليهم تبعا لسلوكياتهم ، إذ لم يتوبوا ، وربما يتوبون : (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (106) التوبة )

اجمالي القراءات 2106

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5126
اجمالي القراءات : 57,142,248
تعليقات له : 5,453
تعليقات عليه : 14,830
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي