محمد عبد المجيد Ýí 2007-08-12
أوسلو في 2 ابريل 2007
ثلاثون عاما هي عُمر الكتاب الأخضر الذي وضع فيه رسول الصحراء خلاصة فكره الفلسفي والاقتصادي والسياسي، والذي لا يزال فكرا ثابتا مقدسا، بل يمكن لأي مثقف ليبي أن ينتقد القرآن الكريم، لكنه لا يمس الكتابَ الأخضر من قريب أو بعيد.
لكن للحقيقة وللتاريخ فقد فتح الكتاب الأخضر بيوتا كثيرا، وتحسن مستوى الدخل المادي طوال ثلاثة عقود لآلاف المتزلفين والمنافقين من الأشخاص الذين امتدحوا في عبقرية الفكر الأخضر، ويشهد على ذ&aacgrave; ذلك السيد أحمد شحاتي رئيس مركز الكتاب الأخضر بطرابلس.
اكتشاف العبقرية أمر هيّن، ويمكن لأي بائع كلام أن يستخرج علوما منطقية وفلسفية وحِكَماً ودررا من خطاب يلقيه شخص معاق ذهنيا.
في فيلم بيتر سيلرز ( مستر تشانس ) كان البستاني متخلفا عقليا، ولا يعرف عن العالم كله غير حديقة المنزل الذي عمل به طوال حياته.
بعد مغادرته المنزل صدمته سيارة سيدة ثرية، ثم اصطحبته معها إلى القصر لعلاجه، وتعرّف على زوجها الملياردير صديق الرئيس الأمريكي.
حوادث كثيرة مَرّت دون أن يكتشف أحَدٌ أن الرجل متخلف عقليا، وأن ذهنه لا يتسع لأكثر من معرفة هبوب الرياح، وموعد الحصاد، وحاجة الأشجار للماء.
سأله مضيفه عن رأيه في السياسة، فقال له بعد الربيع يأتي الصيف، ثم الخريف ، ثم أخيرا الشتاء. تلك كانت أقصى معارفه ومعلوماته.
تلقفها مضيفه الملياردير واعتبرها عبقرية في الفكر السياسي التحليلي. وتعرف عليه الرئيس الأمريكي الذي انبهر بهذا الفكر البرّاق .
أعود إلى العقيد معمر القذافي ويحضرني سؤال: ماذا لو وقف العقيد أمام الجماهير الليبية وقال لها بأن البطيخ يعبر عن الحكمة العربية، وأن الرياح تأتي من باطن الأرض، وأن لغة أهل الجنة ستكون السواحيلية، وأنه سيمد النهر الاصطناعي العظيم إلى القطب الجنوبي ليشرب منه طائر البطريق، وأنه قرر عمل وحدة بين الجماهيرية ومملكة سوازيلاند شريطة أن يمد نفقا بطول أفريقيا لكي تستورد ليبيا التوابل عن طريقه؟
ربما يبتسم القاريء العزيز ويظنها مزحة، مؤكدا أن الجماهير الواعية ( !!) سترفض هذا التحليل غير المنطقي!
أنا أرى أن مانشيت صحيفة الزحف الأخضر سيكون مدهشا، وربما يختار رئيس التحرير العنوان التالي: العالم كله منبهر بخطاب قائد الثورة.
ليبيا ترزح تحت أعتى الأنظمة القاسية، والرجل وابنه يتصارعان، ظاهريا، لركوب ظهر شعبنا الليبي، وآلة الاعلام الغربية التي تصنع الطغاة تجتهد لتلميع العقيد بعدما صنعت منه ارهابيا، ثم سلّمها رأسَه ووثائق وأسرار أصدقائه وحركات التحرير، ودفع من أموال شعبه أكثر من ثلاثة مليارات دولار ثمنا لجريمة اسقاط الطائرة بأيدي رجال استخباراته.
بعد عامين يحتقل الليبيون بأربعين عاما من حكم البلاهة والتخلف والهبالة والعباطة والاستبداد والقسوة والسجون والمعتقلات واهدار أموال الشعب وجلب الفضائح والتفريط في استقلالية الوطن.
بعد عامين يحتفل الليبيون بأربعة عقود، ويبكون ضحايا العنف والاغتصاب والتعذيب والتصفية.
المعارضة الليبية التي كانت قد أجمعت على الدعوة للعصيان المدني باتت تخشى الفشل، وتراجع دورها، واكتفت بالانترنيت رغم أنها تملك امكانيات هائلة لتحريك الشعب الليبي.
القانون 71 ينص على معاقبة كل من يقوم بنشاط سياسي يتعارض مع مباديء ثورة الفاتح من سبتمبر.
تهمة ( ستاندارد ) لدى كل الطغاة والمستبدين لكي يتمكن رجال الأمن والاستخبارات والقضاة من تفسيرها وفق التوجيهات التي تأتي من القصر أو الخيمة.
مئات الليبيين يعيشون في ظروف مزرية ومهينة تحت الأرض في أشد السجون عتمة وهوّلا ورعبا، لكن الغرب المتحضر لن يجبر العقيد على الافراج عنهم، فالرجل على استعداد لبيع وطنه وخيراته ومستقبله من أجل النجاة من مصير صدام حسين فحبل المشنقة ليس إلا رسالة للآخرين بأن السيد الأمريكي ينبغي أن يطاع.
ضحايا سجن أبو سليم تبخرت صورتهم من مخيلة قوى النضال، ولو كانت المعارضة الليبية متوحدة في الغرب لتمكنت من اجبار محكمة العدل الدولية على استدعاء قائد الثورة متهَما بجرائم لو سمع العالم بها لتشفى في العقيد ولو التفتْ حول عنقه كل حبال مشانق وطننا العربي الممتد من زنزانة إلى زنزانة.
العقيد غاضب هذه الأيام على المصريين، وطرد منهم عدة آلاف تقول بعض الأخبار بأنهم تجاوزوا الخمسين ألفا. رجال الأمن على الحدود يستنزفون ما بقي من أموال الهاربين والمطرودين من جنة القذافي، وربما يكون الطرد كما حدث من قبل ارسال رسالة للرئيس المصري، وقطعا لا علاقة لها بالكرامة فالمهانة واحدة سواء تحت حكم العقيد أم تحت سوط مبارك.
طلاب الجامعات الليبية الذين ولدوا جميعا في ليبيا الخضراء ولم يعرفوا آباء لهم غير العقيد بدأوا يتمردون، ويرفضون حضور مهرجانات الخطب والتزلف والمديح.
الأمل الكبير في الانترنيت فهو القادر على الاطاحة بهذا المستبد قبل أن يبيع الوطن كله.
والمعارضة الليبية في الخارج مطالَبة أكثر من أي وقت مضى بتوحيد صفوفها، وايقاف كل وسائل التشكيك والاتهامات فكل ليبي معرض للتصفية، فهل يبادر الليبيون بانقاذ أرواحهم قبل وطنهم؟
إذا لم تتحرك المعارضة الليبية فإن مذبحة سجن أبو سليم ستصبح مذبحة الشعب الليبي
محمد عبد المجيد
رئيس تحرير مجلة طائر الشمال
أوسلو النرويج
دعوة للتبرع
رؤية الله جل وعلا: لماذا لا يستطي ع البشر رؤية الله في الدني ا ،...
الاخوان سرطان : بطري قه الخلا يا السلي مه وحتى العلا ج ...
لماذا لا ترد عليهم ؟: فى الآون ة الأخي رة انتشر الهجو م عليك ،...
الاديان والغزو: هل الادي ان الارض ية للعرب مبررا للغزو...
ثلاثة أسئلة: السؤا ل الأول : هل كان أهل الكهف يعرفو ن ...
more