فريضة الحج بين المعاني العليا و استغلالها لترويج الوهابية المتوحشة في العقود الماضية ؟
فريضة الحج بين المعاني العليا و استغلالها لترويج الوهابية المتوحشة في العقود الماضية ؟
مقدمة متواضعة
عند مطلع شهر ذو الحجة من عام اتابع موسم الحج عبر القنوات السعودية الرسمية او عبر يوثيوب لانني اتمنى ان اقوم بهذا الركن الاعظم من اركان ديننا الاسلامي الحفيف و لانني مسلم احب مشاهدة مناظر الوحدة الاسلامية في موسم الحج حيث يجتمع مسلمي العالم بكل اختلافاتهم المذهبية و السياسية و اللغوية و الفكرية حول عبادة الله الاوحد في ايام معدودات عبر الاحرام و الطواف و السعي بين الصفا و المروة و الوقوف بجبل عرفات في يوم التاسع من ذو الحجة و رمي الجمرات في ايام التشريق الخ من اركان و سنن فريضة الحج العظيمة في وجداننا الاسلامي منذ طفولتنا الى وقتنا الحاضر لان الحج هو الركن الخامس من اركان الاسلام منذ 14 قرن و منصوص عليه بصريح العبارة في القران الكريم و في السنة النبوية الشريفة ...
ان موسم الحج هو مؤتمر سنوي لمسلمي العالم بدون المراسيم الرسمية و بدون الدعوات الرسمية حيث ان الحاج يذهب الى الديار المقدسة للاغتسال من ذنوبه و من معاصيه كما يقال في ثقافتنا الامازيغية الاسلامية او في بعض الاحاديث المنسوبة للرسول الاكرم عليه الصلاة و السلام ..
ان بعض رموز التنوير الاسلامي قالوا ان الحج فريضة سابقة عن الاسلام و هذا صحيح لان سيدنا ابراهيم هو الذي بنى الكعبة المشرفة و هو الذي دعا ربه ان يجعل هذا البلد امن و يرزق اهله من الثمرات الخ من هذه الاخبار الموجودة بكتاب الله العزيز و امرنا الله باتباع ملة ابراهيم الحنيفة اي ان مناسك الحج هي تذكير بقصة سيدنا ابراهيم الخليل الذي اتى الى مكة المكرمة اي انه ليس عربي اصلا و انجب سيدنا اسماعيل هناك بمعنى ان الحج هي فريضة اسلامية بالتمام و الكمال حيث يتجرد الانسان من كل متعة من متاع الدنيا لمجرد دخوله الى مناسك الحج بالاحرام كانه مات و يقف امام رب العالمين ينتظر حسابه عن حياته المادية في الدنيا .
و يذكرنا الوقوف بصعيد عرفات الطاهر بيوم القيامة اي ان الكل في لباس واحد و صوت واحد بالدعاء و قراءة القران الكريم الخ من هذه الطاعات المستحبة في ذلك اليوم المبارك الذي اشتاق للحضور في عرفات بملابس الاحرام في السنوات القادمة و اقول في نفسي ما يقوله الحجاج اي لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك ان الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك ..
و هنا لا احاول تمجيد احد انما احاول التعبير عن مشاعري الشخصية تجاه اعظم ركن من اركان الاسلام حسب اعتقادي المتواضع ................
الى صلب الموضوع
ان القارئ لمقدمة مقالي هذا المتواضع سيعتقد اعتقاد صريح انني اصبحت سلفي او وهابي الخ اي مؤمن ايمان عميق بالسلف الصالح و بكتبهم البشرية بصريح العبارة حيث انني لست سلفي او وهابي بل انني انسان امازيغي مسلم وجد نفسه في مجتمع متدين حتى النخاع منذ قرون من الزمان اي انني لا اخالف ما وجدته عند اجدادي من التدين المعتدل و الوسطي بمعنى ان هذا التدين ليس فيه اي نزوع غير انساني للقتل او لهتك الاعراض بحكم ان اجدادي الامازيغيين قد استخدموا عقولهم لملائمة دينهم الاسلامي مع سياقهم التاريخي و الاجتماعي و السياسي ........
الى جانب المعاني العليا في فريضة الحج العظيمة بالنسبة لي هناك جانب سلبي للغاية الا و هو استغلال فريضة الحج السامية لترويج الوهابية المتوحشة في العقود الماضية عبر العالم خصوصا منذ اواخر سبعينات القرن الماضي حيث وقعت انذاك احداث حاسمة من قبيل قيام الجمهورية الاسلامية في ايران في فاتح فبراير 1979 و ثورة احد الوهابيين داخل المسجد الحرام في نونبر 1979 ضد النظام هناك حسب قول الاستاذ عبد الوهاب رفيقي الباحث الاسلامي المعروف في المغرب و سبب هذه الثورة حسب ما قاله هو تخلي النظام السعودي عن الاسلام حسب قراءته الوهابية و بعد اخماد هذه الثورة قرر النظام السعودي الحفاظ على المذهب الوهابي بشكل دقيق داخل البلاد و ترويجه عبر العالم على انه الاسلام الاصيل حيث تم استغلال منبر الحج العالمي لترويج هذا المذهب المتوحش بالنسبة لي .
و كما قلت في مقالي الماضي حول الاستاذ احمد عبده ماهر ان الوهابية العالمية قد استطاعت في ظرف اكثر من 40 سنة تخريب الاسلام كدين و كقيم عليا و كفكر سياسي خصوصا في الغرب المسيحي بعد احداث 11 شتنبر 2001 بالولايات المتحدة الامريكية و استطاعت هذه الاخيرة تشجيع تيارات الاسلام السياسي عبر جغرافية العالم الاسلامي بغية تحطيم اسس الدولة المدنية المنشودة التي تقر بالاسلام كالدين الرسمي للدولة المدنية و كالامتداد المجتمعي لها .
لكن بالمقابل تسعى هذه الدولة المدنية المنشودة الى حماية الحقوق الانسانية و الحريات بعيدا عن تاويلات سلف الامة المتخلفة لكنها نسبت الى الاسلام ظلما و عدوانا علما ان الاسلام له قابلية للتطور و التطوير مع تعاقب العصور و الازمان الى قيام الساعة و لهذا السبب وجد التنوير الاسلامي كما اسميه لتنظيف ديننا الطاهر اصلا من اوساخ سلف الامة من خلال صحيح الامام البخاري كنموذج فقط باعتباره اصح كتاب بعد كتاب الله تعالى حسب قول عموم الوهابيين و دعاة الاسلام السياسي ...
انني هنا لا احاول تحطيم الجهود التي قامت بها السعودية لخدمة الحج و الحجاج عقود من الزمان باي شكل من الاشكال لكنني افكر في مستقبل الاسلام و المسلمين بعد 50 سنة او بعد 100 سنة من الان..
ان العالم يتطور في كل دقيقة نحو التقنيات الحديثة من قبيل الانسان الالي و السيارة الذكية و المنزل الذكي الخ بينما فكرنا الاسلامي مازال جامد حول سلف الامة و يكفر حاضر الامة و مستقبلها حيث ان الكثير من الناس اختاروا الالحاد بعدما ظهر لهم ان الاسلام بنسخته الوهابية يكفر الجميع و يقتلهم على اقل سبب من قبيل الجهر بالنية في الصلاة كما يقول الاستاذ اسلام بحيري في مناسبات كثيرة اي ان موسم الحج بجلال قدره و عظيم مكانته قلوبنا قد استغل منذ عقود من الزمان لوهابية العالم الاسلامي ...
لازلت اتذكر عندما كنت صغيرا في تسعينات القرن الماضي كانت التلفزة المغربية تبث تسجيل كامل لصلاة عيد الاضحى من المسجد الحرام بمكة المكرمة حيث شخصيا احب سماع تكبيرات العيد من هناك لكنني ادركت عندما اصبحت كبيرا ان الهدف من وراء بث التلفزة المغربية الرسمية لتسجيل صلاة العيد من هناك هو خطبة صلاة العيد الحاملة لاوامر السلف الصالح بتكفير الديمقراطية و حقوق الانسان و التعدد الثقافي و سيادة العروبة و اسلام المخزن اي السلطة في عهد الراحل الحسن الثاني و هذا نموذج واحد من بين مئات النماذج لاستغلال فريضة الحج لترويج الوهابية المتوحشة داخل مجتمعات شمال افريقيا و الشرق الاوسط .........
خلاصة القول انني اريد الخير العميم لديننا الاسلامي مستقبلا اي بعد 50 سنة او بعد 100 سنة حيث اتمنى عيد الاضحى مبارك لمسلمي العالم ...
توقيع المهدي مالك
اجمالي القراءات
2526