نقد كتاب الأحكام الشرعية للنعل والانتعال
نقد كتاب الأحكام الشرعية للنعل والانتعال
المؤلف سعود زمانان وهو يدور حول النعل والانتعال كما قال في مقدمته :
"وسوف نتكلم عن بعض الأحكام والآداب الشرعية المتعلقة بالنعل والانتعال والتي نوردها فيما يلي"
وقد استهل زمانان البحث بكون الانتعال طاعة لله فقال :
"أولا لبس النعال عبادة من العبادات
يجهل الكثير من المسلمين أن لبس النعال قربة إلى الله جل وعلا وعبادة من العبادات فقد حثنا النبي (ص)على الإكثار من لبس النعال في الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث جابر أن رسول الله (ص)قال «استكثروا من النعال فإن الرجل لا يزال راكبا ما انتعل»
...وقد قال ابن العربي " النعال لباس الأنبياء " وقد جاء هذا الدين الحنيف بكل ما فيه صلاح البلاد والعباد فقد أمرنا (ص)بكثرة الانتعال لدفع المشقة والأذى ولحصول السلامة للقدمين"
والحديث استكثروا من النعال لا يصح لكونه يدعو للتبذير وهو الإسراف المنهى عنه في قوله تعالى :
" ولا تبذر تبذيرا"
ثم قال :
ثانيا استحباب الدعاء عند لبس الجديد من النعال
بوب الإمام النووي في رياض الصالحين بابا فقال " باب ما يقول إذا لبس ثوبا جديدا أو نعلا أو نحوه " ثم ساق حديث أبي سعيد الخدري قال كان رسول الله (ص)إذا استجد ثوبا سماه باسمه - عمامة أو قميصا أو رداء - يقول «اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه أسألك من خيره وخير ما صنع له وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له» وصححه الألباني "
والحديث لا يصح لكون الهدف من صناعة النعل شر والمعروف أن الهدف من صناعتها هو حماية الأقدام وهو ليس شر
ثم قال :
"ثالثا استحباب البدء باليمين عند لبس النعال والخلع بالشمال
يستحب للمرء أن يبدأ برجله اليمنى عن لبسه النعال, إذا نزعها أن يبدأ بالشمال قال النبي (ص)«إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين وإذا نزعها فليبدأ بالشمال لتكن أولها تنعل وآخرهما تنزع»
قلت أمره (ص)البداءة باليمين مستحب وليس واجبا مع أن ظاهر النص يفيد الوجوب لكن الإجماع صرف الأمر من الوجوب إلى الاستحباب كما ذكر ذلك النووي في "شرح مسلم""
الحديث لا يصح فلبس النعال سيان فيه البدء باليمين أو باليساروكذلك الخلع فعندما طلب الله من موسى(ص) خلع نعليه لم يقل له:
اليسرى قبل اليمنى أو العكس وإنما طالبه بخلع الاثنين سواء معا أو احدهما قبل الأخر
ثم قال :
"رابعا استحباب الصلاة في النعال
من السنن المهجورة الصلاة في النعلين وقد تواتر أن النبي (ص)صلى في نعليه وثبت أن النبي (ص)أمر بالصلاة في النعلين فقد سئل أنس بن مالك " أكان (ص)يصلي في نعليه؟ قال نعم " وقال (ص)«خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم» قلت الصلاة بالنعال مشروعة ولكن ينبغي على المرء أن لا يصلي في نعاله في حالتين
الحالة الأولى إن أدت الصلاة في النعال إلى مفسدة أو خصام و تنافر للقلوب بين المصلين فإنه من الأفضل عدم الصلاة في النعال إذا وصلت الأمور إلى هذا الحد فينبغي على المرء فعل المفضول عنده لمصلحة الموافقة والتأليف خاصة إذا كان غير مطاع في قومه والتأليف بين القلوب مصلحة راجحة على مصلحة الصلاة في النعلين
الحالة الثانية ألا يكون المسجد مفروشا بالسجاد قال الشيخ الألباني "وقد نصحت إخواننا السلفيين بالمدينة الذين يعرفون بسكان الحرة أن لا يتشددوا في هذه المسألة - أي الصلاة بالنعال في المساجد - لما هناك من فارق بين المساجد اليوم المفروشة بالسجاد الفاخر وبين ما كان عليه المسجد النبوي في زمنه الأول وقد قرنت لهم ذلك بمثل من السنة في
قصة أخرى ذكرتهم بأن النبي (ص)قد أمر من بادره بالبصاق أو المخاط وهو يصلي أن يبصق عن يساره أو تحت قدميه وهذا أمر واضح أن هذا يتماشى مع كون الأرض أرض المسجد التي سيضطر للبصاق فيها من الرمل أو الحصباء فاليوم المصلى مسجد مفروش بالسجاد فهل يقولون أنه يجوز أن يبصق على السجاد فهذه كتلك""
الصلاة في النعال محرمة في المساجد المبنية فقد طالب الله رسوله(ص) موسى(ص) بخلع نعليه في المسجد الحرام الذى هو الوادى المقدس فقال :
" اخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى"
وبالقياس على مكان الصلاة ألأول تكون المساجد المخصصة للصلاة واما في حالة الاضطرار في الحرب أو وجود وحل فيجوز الصلاة بالنعال
والسبب في حرمة الصلاة بها هو :
تعرض أسافل النعال للقاذورات بول وبراز ووحل وروث ونتانات أخرى
وتحدث زمانان عن اباحة المسح على النعال فقال :
"خامسا مشروعية المسح على النعال
قال الألباني "أما المسح على النعلين فقد اشتهر بين العلماء المتأخرين أنه لا يجوز المسح على النعلين ولا نعلم لهم دليلا "
وقد صحح الترمذي المسح على الجوربين والنعلين وحسنه من حديث هزيل عن المغيرة وحسنه أيضا من حديث الضحاك عن أبي موسى وصحح ابن حبان المسح على النعلين من حديث أوس وصحح ابن خزيمة حديث ابن عمر في المسح على النعال السبتية وما ذكره البيهقي من حديث زيد بن الحباب جيد وقال أبو بكر البزار ثنا إبراهيم بن سعيد ثنا روح بن عبادة عن ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر كان يتوضأ ونعلاه في رجليه ويمسح عليهما ويقول كذلك كان رسول الله (ص)يفعل وصححه ابن القطان"
والقرآن ليس فيه مسح للنعال ولا حتى للخفان وإنما المسح هو على الجلد مباشرة وهو مسح التيمم كما قال تعالى :
" فامسحوا بأيديكم ووجوهكم منه"
والمسح بالماء يكون على الأرجل والرءوس في الوضوء فقال :
" فامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين "
وتحدث عن تطهير النعال عد الصلاة فيها فقال :
"سادسا كيفية تطهير النعلين لمن أراد الصلاة فيهما
إذا أتى المرء إلى المسجد فعليه أن ينظر في نعليه فإن رأى فيهما وسخا أو أذى فليمسحهما في الأرض فإنه تطهير لهما لقوله (ص)«إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه قذرا أو أذى فليمسحه وليصل فيهما»"
الحديث لا يصح فلا يجوز دخول مكان الصلاة وهو المسجد بالنعال أو غيرها من الأحذية فلو كان مباحا الصلاة فيهما لوجب غسلهما كغسل الرجلين
ثم تحدث عن وضع النعال عند خلعها قبل دخول المسجد فقال :
"سابعا موضع النعلين إذا لم يصل فيهما
إذا أراد المصلي أن يصلي في غير نعليه فإنه يضع نعليه تحت رجليه أو عن يساره إن لم يكن عن يساره أحد فإن كان عن يساره مصل فيضعهما تحت رجليه أو خلفه إن لم يكن خلفه أحد ولا ينبغي للمصلي أن يضع نعليه عن يمينه أو قدامه اتباعا لقوله (ص)«إذا صلى أحدكم فلا يضع نعليه عن يمينه ولا عن يساره فتكون عن يمين غيره إلا أن لا يكون عن يساره أحد وليضعهما بين رجليه»
والحديث لا يصح فالنعال مكانها خارج مكان الصلاة وليس بين قدمى المصلى لأن وضعهما بينهما يعيق المصلى عن وضعية الاطمئنان كما أن وجود أذى فيها يوسخ المسجد
زد على هذا أن الحديث اتهام صريح للمسلمين بأنهم مجموعة من اللصوص حتى في المساجد ومن ثم على كل واحد الحفاظ على نعليه
ثم قال:
"ثامنا من أخذت نعله ووجد غيرها
قال ابن قدامة في "الشرح الكبير" " ومن أخذت ثيابه في الحمام ووجد بدلها أو أخذ مداسه وترك له بدله لم يملكه بذلك فإن كانت ثم قرينة تدل على السرقة بأن تكون ثيابه أو مداسه خيرا من المتروك له وكانت مما لا يشتبه على الآخذ بثيابه ومداسه فلا حاجة إلى التعريف لأن التعريف إنما جعل على المال الضائع من ربه ليعلم به ويأخذه وتارك هذا عالم به راض ببذله عوضا عما أخذه ولا يعترف أنه له فلا يحصل من تعريفه فائدة وفيما يصنع به ثلاثة أوجه
أحدها يتصدق به على ما ذكرنا
والثاني أنه يباح له أخذها لأن صاحبها في الظاهر تركها له بادلا إياها عوضا عما أخذه فصار كالمبيح له أخذها بلسانه فصار كمن قهر إنسانا على أخذ ثوبه ودفع إليه درهما
والثالث يرفعها إلى الحاكم ليبيعها ويدفع إليه ثمنها عوضا عن ماله والوجه الثاني أقرب إلى الرفق بالناس لأن فيه نفعا لمن سرقت ثيابه بحصول عوض عنها ونفعا للسارق بالتخفيف عنه من الإثم وحفظا لهذه الثياب المتروكة من الضياع
وقد أباح بعض أهل العلم فيمن له على إنسان حق من دين أو غصب أن يأخذ من ماله بقدر حقه إذا عجز عن استيفائه بغير ذلك فههنا مع رضا من عليه الحق يأخذه أولى وإن كانت ثم قرينة على أن الآخذ للثياب إنما أخذها ظنا منه أنها ثيابه مثل أن تكون المتروكة مثل المأخوذة أو خيرا منها وهي ما تشتبه بها فينبغي أن يعرفها ههنا لأن صاحبها لم يتركها عمدا فهي بمنزلة الضائعة والظاهر أنه إذا علم بها أخذها ورد ما كان أخذه فتصير كاللقطة في المعنى وبعد التعريف إذا لم تعرف ففيها الأوجه الثلاثة المذكورة إلا أننا إذا قلنا يأخذها أو يبيعها الحاكم ويدفع إليه ثمنها فإنما يأخذ بقدر قيمة ثيابه من غير زيادة لأن الزائد فاضل عما يستحقه ولم يرض صاحبها بتركها عوضا عما أخذه فإنه لم يأخذ غيرها اختيارا منه لتركها ولا رضى بالمعاوضة بها وإذا قلنا إنه يدفعها إلى الحاكم ليبيعها ويدفع إليه ثمنها فله أن يشتريها بثمن في ذمته ويسقط عنه من ثمنها ما قابل ثيابه ويتصدق بالباقي""
وهذا الكلام كما سبق القول في مجتمع كافر ناسه مجموعة من السراق وحل ضياع أو سرقة أى نعل في المجتمعات الحالية هو أخذ نعل من النعال الزائدة التى توضع أمام دورات المياه لدخول الدورات بها
وأما في المجتمع المسلم فتقطع أيدى السراق والحل سهل وهو وضع مصورة تصور مكان النعال للقبض على من يسرق أو يحاول السرقة
ثم قال :
"تاسعا يشرع لمن دخل المقابر خلع نعليه
سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية هل خلع النعال في المقابر من السنة أم بدعة؟ فأجابت" يشرع لمن دخل المقبرة خلع نعليه لما روى بشير بن الخصاصية قال " بينا أنا أماشي رسول الله (ص)إذا رجل يمشي في القبور وعليه نعلان فقال «يا صاحب السبتيتين ألق سبتيتيك» فنظر الرجل فلما عرف رسول الله (ص)خلعهما فرمى بهما "رواه أبو داود وقال أحمد إسناد حديث بشير بن الخصاصية جيد أذهب إليه إلا من علة والعلة التي أشار إليها أحمد كالشوك والرمضاء ونحوهما فلا بأس بالمشي فيهما بين القبور لتوقي الأذى"
وذهبت طائفة من أهل العلم إلى جواز المشي في المقبرة بالنعال منهم النسائي وابن حزم - رحمهما الله - لحديث أنس أن النبي (ص)قال «إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه صاحبه وإنه ليسمع قرع نعالهم» وقال بعض أهل العلم بأن النعال السبتية خاصة بأهل الفخر
قلت وهذا القول ليس بجيد فأما استدلالهم بأن الميت يسمع قرع نعال المشيعين فهذا دلالة مفهوم بينما أمر النبي (ص)لصاحب السبتيتين بأن ينزعهما دلالة منطوق والمنطوق يقدم على المفهوم أما كون النعال السبتية خاصة لأهل الفخر فهذا القول كذلك ضعيف إذ أن النبي (ص)ثبت عنه لبسها فعن عبد الله بن جريج أنه قال لعبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - " رأيتك تصنع أربعا لم أر أحدا من أصحابك يصنعها قال ما هي يا ابن جريج؟ وفيه "رأيتك تلبس النعال السبتية فقال أما النعال السبتية فإني رأيت رسول الله (ص)يلبس النعال السبتية التي فيها شعر ويتوضأ فيها فأنا أحب أن ألبسها""
وتناقض الأحاديث يدل على أن الرسول(ص) لم يقلها والمشى بالنعال بين المقابر مباح لكونها ليست مساجد
وتحدث عن تغيير أماكن النعال فقال :
"عاشرا من أزال نعلا من موضع ووضعه بموضع آخر ضمنه إن فقد
يجب على المرء إن دخل مسجدا ووجد نعلا قد وضعت في مكان ما ثم أزال هذه النعل ووضع نعله مكانها أن يضمن النعل لأنه لا يحق له إزاحتها ولكنه إن فعل فيجب عليه أن لا يضيع حقوق الآخرين وأن يحفظها أو يضعها في مكان آمن "
كل واحد عليه ألا يغير مكان نعلى الأخر قددر الإمكان ولكن ما يسمى بالجزامات وهى أرفف خشبية أو معدنية من الممكن أن تغنى عن تغيير أماكن النعال الموضوعة على الأرض لكثرة المصلين وضيق مكان وضع النعال
وقال :
"الحادي عشر النهي عن المشي في نعل واحدة إذا انقطعت إحداهما
نهى النبي (ص)عن المشي في نعل واحدة إذا انقطعت إحداهما حتى يصلحها وقد أجمع العلماء على أن النهي للكراهة وليس للتحريم فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة أن رسول الله (ص)قال «إذا انقطع شسع أحدكم فلا يمش في الأخرى حتى يصلحها» قال النووي " وسببه أن ذلك تشويه ومثلة ومخالف للوقار ولأن المنتعلة تصير أرفع من الأخرى فيعسر مشيه وربما كان سببا للعثار "
قلت قوله (ص)«لا يمش» فهم منه بعض أهل العلم جواز الوقوف بنعل واحدة إذا عرض للنعل ما يحتاج إلى صلاحها فنقل القاضي عياض عن الإمام مالك أنه قال " يخلع الأخرى ويقف إذا كان في أرض حارة أو نحوها مما يضر فيه المشي حتى يصلحها أو يمشي حافيا إن لم يكن ذلك " قال ابن عبد البر هذا هو الصحيح في الفتوى والأثر وعليه العلماء "
قلت ويكره كذلك المشي في نعلين مختلفين ذكره ابن مفلح في كتابه الآداب الشرعية
فائدة النهي عن المشي في نعل واحدة قد يدخل فيه كل لباس شفع كإخراج اليد الواحدة من الكم دون الأخرى كمن يلبس عباءة أو ما يسمى عند أهل الخليج "البشت" فيخرج يده من الكم دون الأخرى وينبغي على المرء ألا يفعل ذلك تركا للشهرة وعدلا بين الجوارح "
والمشى في رجل واحدة سبب منعه هو أنه قد يصيب الماشى بألم في قدميه نتيجة علو أحدهما وانخفاض الأخرى التى ليس فيها نعل
ثم قال :
"الثاني عشر النهي عن الانتعال قائما إذا كان في لبسها تعب أو مشقة
أخرج أبو داود في سننه من حديث جابر قال «نهى رسول الله (ص)أن ينتعل الرجل قائما»
والحديث لا يصح فالنعل يلبس من أى وضعية مريحة للإنسان فأحيانا عندما يكون النعال أمام سلم يلبسه وهو واقف ثم يضه رجله على درجة أو اثنين ويتم لبسه من وضع الانحناء أو الوقوف على حسب نوعية النعال برباط أم من غير رباط وغير ذلك
ثم قال :
"الثالث عشر عدم جواز وضع المصحف على النعل حتى لو كان نظيفا لم يلبس
يجب على المرء أن يحترم كتاب الله جل وعلا فهذا الكتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وإن من احترام القرآن حفظه وتلاوة آياته وتدبره وفهم معانيه وصيانته من الامتهان وعدم الاحترام
وقد نص بعض أهل العلم على أن من امتهان المصحف وعدم احترامه وضعه على نعل نظيف حتى لو لم يلبس وقد نقل الوزاني في نوازله عن الشافعية قولهم بأنه " لا يجوز وضع مصحف على نعل نظيف لم يلبس لأن به نوع استهانة وقلة احترام"
احترام المصحف واجب ثم قال :
"الرابع عشر جواز لبس المؤذن النعال أثناء الأذان
سئل العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم عن قيام أحد المؤذنين بالأذان والنعال في قدميه خاصة وأنه قد اعترض كثير من الإخوان لما رأوا المؤذن يؤذن وهو منتعل فأجاب "لا مانع من لبس النعال وقت الأذان وحتى في الصلاة لأن النبي (ص)«صلى في نعليه» غير أنه ينبغي على المؤذن والمصلي أن يتأكد قبل دخول المسجد من طهارة نعليه وطهارتها كما هو معلوم دلكها بالأرض وأما الذين اعترضوا فلا علم لديهم ولا يجوز لهم الخوض فيما لا علم لهم به""
الفتوى كانت أيام الآذان بالصعود إلى وسطها أو أعلاها والآن في ظل مكبرات الصوت انتهى هذا الوضع ولو عاد فيمكن للمؤذن لبس النعل لصعود درجات سلم المئذنة ثم خلعه قبل دخول مكان الصلاة
وتحدث عن النعال المحرمة فقال :
"النعال المحرمة والتي لا يجوز لبسها
يكون لبس النعل محرما في صور وأنواع متعددة والتي من أهمها ما يلي
أ -إذا قصد بلبسها الكبر
الكبر صفة كمال لله جل وعلا فلا يجوز لأحد من الخلق أن ينازع الله في صفاته فقد أخرج مسلم في صحيحه عن رب العزة جل وعلا قال"الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحدا منهما قذفته في النار" وتوعد الله المتكبرين بصنوف من العذاب في الدنيا والآخرة فقد صح عن رسول الله (ص)أنه قال"بينما رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه مرجل جمته إذ خسف الله به فهو يتجلجل إلى يوم القيامة"
قلت النعل أو الثوب الحسن نفيس أو غير نفيس لا يعد من الكبر الذي توعد صاحبه والذم يقع على من كان في قلبه الكبر والعجب بالنفس والهيئة والبطر
ب -إذا كان في لبسها شهرة
يحرم لباس النعل لقصد الاشتهار ولمخالفته الناس وليشار إليه بالبنان فقد تسابق الناس في هذا الزمان إلى لبس النعل والملابس النفيسة بقصد لفت أنظار الناس إليهم واشتهارهم بينهم مع الكبر والترفع عليهم جاهلين أو متجاهلين قوله (ص)«من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة»
وثوب الشهرة قد يكون بالوضيع من الثياب أو النعال كمن يلبس رديء الثياب والنعل ليعتقد الناس فيه الزهد والورع قال شيخ الإسلام ابن تيمية "وتكره الشهرة من الثياب وهو المترفع الخارج عن العادة والمنخفض الخارج عن العادة فإن السلف يكرهون الشهرتين المترفع والمتخفض وفي الحديث «من لبس ثوب شهرة ألبسه الله ثوب مذلة» وخيار الأمور أواسطها "
ج -إذا كانت النعل مصنوعة من جلود السباع فلبسها محرم
إذا كانت النعل من جلود السباع أو كان فيها شيء من جلود السباع فيحرم لبسها على الذكور والإناث لحديث خالد قال وفد المقدام بن معدي كرب على معاوية فقال «أنشدك بالله هل تعلم أن رسول الله (ص)نهى عن لبوس جلود السباع والركوب عليها قال نعم» ولحديث أبي هريرة أن رسول الله (ص)قال «لا تصحب الملائكة رفقة فيها جلد نمر»
قلت ولا يفهم من قولهم الكراهة نفي التحريم فإن المتقدمين إذا أطلقوا لفظ الكراهة فإنما يعنون في الغالب التحريم قال ابن القيم "وقد غلط كثير من المتأخرين من أتباع الأئمة على أئمتهم بسبب ذلك حيث تورع الأئمة عن إطلاق لفظ التحريم وأطلقوا لفظ الكراهة فنفى المتأخرون التحريم عما أطلق عليه الأئمة الكراهة ثم قال ابن القيم " وقال أبو القاسم الخرقي فيما نقله عن أبي عبد الله ويكره أن يتوضأ في آنية الذهب والفضة ومذهبه لا يجوز"
وقد اختلف أهل العلم في ذكر الحكمة من النهي فذهب بعضهم إلى أن النهي بسبب ما يقع على هذه الحيوانات من الشعر لأن الدباغ لا يؤثر فيه وقال بعضهم يحتمل أن النهي لأجل أنها مراكب أهل السرف والخيلاء وعلى المسلم أن يتقي ربه وأن يدع ما يريبه إلى ما لا يريبه وفي المباح والحلال مندوحة عن ارتكاب المعاصي ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه
د- أن يكون فيها الذهب أوالحرير
يحرم لباس النعل على الرجال إن كان فيها ذهب أو حرير فقد صح عن رسول الله (ص)أنه «أخذ حريرا فجعله في يمينه وأخذ ذهبا فجعله في شماله ثم قال إن هذين حرام على ذكور أمتي»
هـ -يحرم لباس النعل التي فيها ضرر على الإنسان
يحرم لبس النعل التي فيها ضرر على النفس كالكعب العالي وقد سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن حكم لبس الكعب العالي فأجابت بأن " لبس الكعب العالي لا يجوز لأنه يعرض المرأة للسقوط والإنسان مأمور شرعا بتجنب الأخطار بمثل قوله تعالى {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} و قوله {ولا تقتلوا أنفسكم} كما أنه يظهر قامة المرأة وعجيزتها بأكثر مما هي عليه وفي هذا تدليس وإبداء لبعض الزينة التي نهيت عن إبدائها المرأة المؤمنة بقول الله عز وجل {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن} "
و -لبس الرجال نعل النساء ولبس النساء نعل الرجال
يحرم على النساء التشبه بالرجال ويحرم على الرجال التشبه بالنساء فلا يجوز للرجال لبس النعال الخاصة بالنساء ويحرم على النساء أن يلبسن النعال الخاصة بالرجال ومن فعل ذلك فقد ارتكب كبيرة من الكبائر فقد لعن رسول الله (ص)من فعل ذلك كما قال أبو هريرة - «لعن رسول الله (ص)الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل»"
بالقطع النعال أدوات المحرم فيها هو صناعتها من مواد محرمة كالتى
تتسبب في ألم الأقدام ووضع الذهب والماس فيها فهو تبذير وأما التكبر والتشبه والشهرة فهذه أمور متعلقة بنفس الإنسان وليست بالنعل
وتحدث عن اعتقادات بعض الناس في النعال فقال :
"أخطاء شائعة لدى بعض الناس
أولا اعتقاد بعض الناس بأن قلب النعل وجعل عاليها سافلها أمر محرم ولا يجوز وهذا اعتقاد خاطئ وقول على الله بغير علم فمن قال بالكراهة أو التحريم فعليه بالدليل من كتاب الله أو سنة رسوله (ص)أو مما قاله سلف هذه الأئمة من أصحاب النبي (ص)وتابعوهم بإحسان والعلم الشرعي لا يأتي بالظن والوساوس والقول على الله بغير علم كبيرة من الكبائر وقد قرنه الله تعالى بالشرك به قال عز من قائل {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون}
ثانيا يعتقد بعض الناس أن تقصد المشقة يحصل به الأجر الكبير فترى بعض الجهلاء يستحب أداء مناسك الحج حافيا تقربا إلى الله حتى يتحقق فيه قول النبي (ص)لعائشة «أجرك على قدر نصبك» ولحديث جابر في صحيح البخاري قال «خلت البقاع حول المسجد فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا إلى قرب المسجد فبلغ ذلك رسول الله (ص)فقال لهم إنه بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا إلى قرب المسجد فقالوا نعم يا رسول الله قد أردنا ذلك فقال بني سلمة دياركم تكتب آثاركم دياركم تكتب آثاركم - وفي رواية فقالوا ما كان يسرنا أنا كنا تحولنا» ولأمر النبي (ص)أمته بالاحتفاء وعدم لبس النعال في الحديث الذي يروى عنه (ص)وصححه العلامة المحدث الألباني في الصحيحة «أمرنا أن نحتفي أحيانا» والأمر يقتضي الوجوب وبمعنى آخر أن من لم يحتف أحيانا فإنه يستحق الإثم لمخالفته أمر النبي (ص)الجواب
أما تقصد المشقة فالرد عليه كما يلي
أولا لا يجوز للإنسان أن يتقصد المشقة عند أدائه لأي عبادة
ثانيا النيات في العبادات معتبرة في الشرع فلا يصلح منها إلا ما وافق الشرع
ثالثا باستقراء الأدلة الشرعية فإن الشارع لم يقصد إلى التكاليف بالمشاق والإعنات لقوله تعالى {ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم}
رابعا لو قصد الشارع التكاليف بالمشقة لما حصل الترخيص فالرخص الشرعية أمر مقطوع به ومعلوم من الدين بالضرورة وهي لرفع الحرج والمشقة الواقعة على المكلفين كرخص القصر والفطر والجمع بين الصلاتين
خامسا ثبت في شريعتنا ما يمنع من التكلف والتنطع في دين الله لقوله تعالى {وما أنا من المتكلفين} وقوله (ص)«اكلفوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا»
سادسا نقل الإمام الشاطبي الإجماع على عدم وجود التكليف بالمشاق غير المعتادة في الشريعة
سابعا لو قصدت المشقة في كل مرة وداوم عليها المكلف لوجدت مشقة غير معتادة وحرج كبير مما يفضي إلى ترك العبادة بالكلية والانقطاع عنها
ثالثا قيام بعض طلبة العلم بمسك النعل باليمين والكتب بالشمال
من الأخطاء التي قد يرتكبها بعض طلبة العلم مسكهم للنعل بأيمانهم والكتب بشمائلهم وهذا خطأ فينبغي إذا فرغ طالب العلم من درسه وأراد أن يحمل كتبه ونعليه أن يمسك الكتاب بيمينه والنعل بشماله قال علامة فاس المهدي الوزاني المالكي في "النوازل الكبرى""كثيرا ما يقع لبعض الطلبة حتى فقهاء التدريس أن يمسك النعل بيمينه والكتاب بشماله أو تحت إبطه "
وأما الأولى والثانية فكلامه صحيح فيهما وأما الثالثة فزمانان مخطىء فيها فالكتب أو النعال تحمل بأى يد فالأمر واسع ولم يحرم الله لا هذا ولا ذاك
اجمالي القراءات
2217