ما معنى ان يكون الاعلام الديني ذو النزعة الوهابية او الاخوانية في القرن 21 للميلاد ؟
ما معنى ان يكون الاعلام الديني ذو النزعة الوهابية او الاخوانية في القرن 21 للميلاد ؟
مقدمة متواضعة
ان الجميع يدرك اهمية الاعلام بمختلف وسائله و وسائطه في حياتنا المعاصرة حيث يقوم هذا الاخير بعدة ادوار جوهرية من قبيل الاخبار باحداث الساعة عالميا و اقليميا و التثقف و تشجيع الفنون الجميلة مثل السينما و الموسيقى و المسرح الخ من هذه الفنون الجميلة و مصطلح الفنون يطلق كذلك على مجالات اخرى مثل التاريخ و الحديث النبوي و الفقه الخ ..
ان الاسلام كدين خاتم قد اعطى الاولوية الكبرى للاخبار و التوعية الدينية منذ فجر الدعوة الاسلامية بمكة حيث كان المسلمين الاوائل يتبادلون الاخبار فيما بينهم و الثبات على دعوة محمد بن عبد الله صلى الله عليه و سلم امام ظلم كفار قريش و محاربتهم للدعوة الاسلامية و من اسلم من الرجال و النساء و العبيد و الجواري الخ .
في عهد الدولة الاسلامية الناشئة في المدينة المنورة كان الاعلام البدائي انذاك في مسجد رسول الله الاكرم حيث كان يعلم الناس كافة الاسلام كاركان خمس و كاخلاق و كقيم عليا من قبيل الشورى اي الديمقراطية المباشرة كما وصفها الاستاذ احمد صبحي منصور و من قبيل المساواة بين المسلمين كاسنان المشط كما ورد في الحديث اي لا فرق بين العربي و العجمي و بين الابيض و الاسود الا بالتقوى و العمل الصالح اي ان الاسلام قد تضمن قيم عليا استحقت ان تعرف وقتها و الان .
غير ان الاحداث السياسية و العسكرية التي وقعت عموما بعد انتقال الرسول الاكرم الى الرفيق الاعلى و بعد سيطرة بني امية على الحكم خصوصا قد غيرت مجرى الاسلام بشموليته من دين السلام و التسامح الخ الى دين الغزو و احتلال اراضي الغير باسم نشر الاسلام و قيمه العليا كما فعلت المسيحية عندما غزت القارة الامريكية بعد اكتشافها و ابادت شعب الهنود الحمر نهائيا بمعنى ان الديانات السماوية عندما استغلت بشكل سلبي للغاية تصبح وسيلة للارهاب و احتلال اراضي الغير لدرجة ان اسبانيا الحالية مازالت تحتل مدينة سبتة و مدينة مليلة المغربتان الى حد الان و فرنسا بجلال قدرها و باعتبارها منارة للعلمانية الغربية مازالت تحتل بعض الجزر في ما وراء البحار الى حد الان و العاقل سيفهم كلامي هذا المتواضع بدون خلفيات ايديولوجية او سياسية بمعنى ان الاسلام لا يشكل الاستثناء لوحده بل جميع الديانات السماوية الاخرى او النظريات السياسية الاخرى ..
مدخل متواضع
كنت قبل 22 سنة من الان اشاهد الفضائيات الدينية كما يحلو للبعض ان يسميها و المدعومة من طرف السعودية من طبيعة الحال باعتبارها تحتضن اقدس الاماكن لدى المسلمين من قبيل المسجد الحرام بمكة المكرمة و المسجد النبوي بالمدينة المنورة الخ.
قد قلت سالفا انني كنت اشاهد تلك الفضائيات المسماة بالاسلامية منذ 22 سنة و وقتها بالضبط كنت اعيش مشاكلي العميقة مع ما اسميه بايديولوجية التخلف القروي و بالاضافة الى ان الوالدين قد كانا في الديار المقدسة لاذاء فريضة الحج العظيمة بمعنى انني كنت اعيش تلك الظروف المجتمعة مع انطلاقتي في مشاهدة هذه الفضائيات الاسلامية ان صح التعبير و كنت ابلغ من العمر 16 سنة و نصف اي مازلت مراهق معاق ليس لديه انذاك اي مستوى من القراءة و الكتابة لادراك الاهداف الحقيقية لتلك الفضائيات انذاك.
لكن مع توالي السنوات و انطلاقي في مساري الطويل مع القراءة و الكتابة و بالاضافة الى نضالي الامازيغي بالقلم كما اقوله دائما قد ادركت مجموعة من المدارك حول الدين الاسلامي الذي اعتبره الثابت الثاني بعد الامازيغية في حياتي الشخصية و الفكرية باعتباري كنت اسمع مصطلح العروبة و الاسلام يتردد كثيرا في خطابنا الديني الرسمي منذ سنوات كثيرة ك ان الامازيغية بجلال قدرها و بتاريخها الطويل ليست هوية اسلامية على الاطلاق في يوم من الايام.
ان الاعلام الاسلامي كما يسمى قد ولد و كبر بعد سياق تاسيس المملكة العربية السعودية سنة 1932 لاجل هدف كبير و وحيد الا و هو نشر الوهابية في مجتمعاتنا الاسلامية بشكل تدرجي باعتبارها النسخة الاصيلة للاسلام و لذلك صرفت السعودية اموالها الطائلة بغية نشر مذهبها المتوحش في مختلف انحاء العالم لكن باي ثمن تم ذلك؟
الى صلب الموضوع
ان سؤال هذا المقال المتواضع اي ما معنى ان يكون الاعلام الاسلامي ذو النزعة الوهابية او الاخوانية في القرن 21 للميلاد هو سؤال جوهري باعتبارنا مسلمين
نريد ان نساهم بدور ايجابي في الانسانية بصفة عامة و في تقدم دولنا الاسلامية نحو المدنية و العلمانية و احترام حقوق الانسان .
لكننا بالمقابل نعيش التناقضات الجسيمة بين ما يقدمه الاعلام الاسلامي الموجه اذا جاز التعبير و السياق المعاصر الذي نعيشه اليوم من حيث التقدم و الديمقراطية و حقوق الانسان بشكل نسبي لان الكمال لله و النسبي للانسانية جمعاء قديما و حديثا ...
ان من المفروض ان يكون الاسلام دين و فكر صالح لجميع الازمنة و الامكنة الى قيام الساعة كما نحاول قوله في مقالاتنا المتواضعة هذه الايام و كما يقول دعاة الاسلام السياسي اي ان الاسلام هو صالح لكل زمان و مكان لكن بدون اية حمولة فكرية مستقبلية تحل مشاكل الاسلام كمنظومة فكرية و سياسية لمالا ..
ان هذا الاعلام الاسلامي او معظمه للانصاف يظل يحاول ان يربي المسلم على تقديس السلف الصالح بشكل مطلق كانهم كانوا ملائكة لا يفعلون الاخطاء او الذنوب او المعاصي مثل خلق الله تعالى و يحاول تجميل ماضيهم بالقول ان ماضي سلف الامة هو خير من حاضرنا و مستقبلنا علما ان ماضي سلفهم الصالح و اقصد هنا منذ نشاة الخلافة الاموية الى سقوط الخلافة العثمانية سنة 1924 كان يعج بالكوارث و الماسي الانسانية التي ارتكبت باسم الاسلام للاسف الشديد.
لقد يظل الاعلام الاسلامي يدافع بالصرامة عن القراءة السلفية للاسلام من منطلق اعوج يقول ان اتباع سلف الامة بشكل اعمى هو اتباع صريح الاسلام و هذه الطامة الكبرى لان الاسلام ليس دين حصري للماضي على الاطلاق كما يتوهم السلفيين و الوهابيين الخ حيث لو صح هذا المنطلق الاعوج لتوقف التطور و التطوير في العلوم الانسانية منذ ذلك العهد و لتوقف العقل المسلم عن التفكير في سبل نهضة الاسلام و المسلمين منذ ذلك العهد و لم يظهر دعاة الاصلاح الديني من الامام محمد عبدو الى المرحوم محمد شحرور قط .
ثم ان هذه القراءة السلفية للدين الاسلامي لم تنتج واقع مثالي يتناسب مع مقولة ان الاسلام دين صالح لكل زمان و مكان بل اعاد انتاج مفاهيم بالية لا علاقة لها بالاسلام من قبيل احتقار المراة و جعلها مجرد متاع رخيص في اسواق النخاسة او في قصور الخلافة المسماة بالاسلامية زورا و بهتانا و من قبيل معاداة اهل الكتاب من المسيحين و اليهود باباحة قتلهم و وطئ نساءهم و بناتهم و وصفهم بالكفار سيدخلون النار علما ان هذه المسائل هي من اختصاص الله سبحانه و تعالى و بيده المغفرة و العفو و يملك مفاتيح الغيب ..
ان الجواب على سؤال مقالي هذا المتواضع هو طويل لكنني ساختصره بقدر الامكان ان معنى ان يكون الاعلام الاسلامي ذو النزعة الوهابية او الاخوانية في هذا القرن هو معنى خطير للغاية فمنذ ظهور هذا الاعلام اي الفضائيات الدينية منذ 30 سنة على اقل تقدير اصبح الجو الديني العام في مجتمعاتنا الاسلامي يميل الى قيم التطرف و الارهاب او الى ترك الاسلام و الالحاد مباشرة لان هذا الجو الديني العام له قوانينه و ممنوعاته العديدة مثل تحريم الفنون الجميلة و تحريم الاختلاط بين الرجال و النساء و لو في العائلة الواحدة و تحريم عادات و تقاليد الشعوب الاسلامية الاخرى مثل الامازيغين كشعب مسلم لكنه ذو خصوصيات فريدة من نوعها من قبيل الاحتكام الى القوانين الوضعية او العرف الامازيغي حيث ان هذه القوانين لا تتعارض مع المقاصد العليا للشرع الاسلامي و من قبيل قراءة الحزب الراتب بعد صلاة المغرب و بعد صلاة الصبح الخ من هذه الخصوصيات الفريدة من نوعها ...
ان املي ان تكون هذه المقالات المتواضعة في المستوى المطلوب.
توقيع المهدي مالك
اجمالي القراءات
2785