آحمد صبحي منصور Ýí 2018-04-13
( الذين كانوا ( مع ) النبى محمد عليه السلام )
مقدمة : مصطلحات عن الصحابة
1 ـ ( الصحابة ) مصطلح تراثى يُطلق على الذين كانوا مع النبى محمد عليه السلام . والدين السنى يعتبر جميع الصحابة معصومين من الخطأ . وهو بهذا يتناقض مع القرآن ، فمصطلح الصاحب هو الذى يصحب صاحبه فى الزمان والمكان ، وبهذا جاء وصف النبى محمد بأنه صاحب المشركين ، ثم هناك عشرات الآيات التى تتحدث عن المنافقين وتلوم بعض المؤمنين ، وكلهم كانوا صحابة بالمفهوم التراثى ، ولم يكونوا معصومين من الخطأ ، بل إن النبى محمدا نفسه لم يكن معصوما من الخطأ ، وكان القرآن ينزل يلومه ويعاتبه ويوجهه ويأمره بأن يستشير . هذا يتناقض أيضا مع حقائق التاريخ التى تثبت الفتنة الكبرى بين زعماء الصحابة ، وقيامهم بالفتوحات التى تناقض الاسلام فى شريعته . وقد كتبنا فى هذا كثيرا .
2 ـ كتبنا كثيرا أيضا فى الاسلام السلوكى بمعنى السلام والايمان السلوكى بمعنى الأمن والأمان ، فكل من كان مسالما مأمون الجانب فهو مسلم مؤمن حسب تصرفه. هذا فى الدنيا . ولكن كى يدخل الجنة فلا بد أن يكون ايضا مسلما مؤمنا بقلبه وتصرفاته ، أى لا بد أن يكون تقيا ، فلا يدخل الجنة إلا المتقون .
3 ـ فى القرآن الكريم نجد التطبيق الواقعى التاريخى لمن كان مع النبى محمد عليه السلام فى ناحيتين :
3 / 1 :من المؤمنين من كان مؤمنا بالسلوك فقط ، أى كان مأمون الجانب، ولكنه كان كافرا بقلبه يقدس الأنصاب رغم النهى عن ذلك بقوله جل وعلا لهم (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (31) الحج ) ، ظلوا عاكفين على الأنصاب اى القبور المقدسة الى أواخر ما نزل من القرآن الكريم ، ولنقرا قوله جل وعلا لأولئك المؤمنين : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ (91) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (92) المائدة ).
أولئك المؤمنون المسالمون الذين يأمنهم الناس دعاهم رب العزة أن يجمعوا بين الايمان السلوكى الإيمان القلبى أى أن يؤمنوا بالله جل وعلا ورسوله والكتب المنزلة ، قال لهم جل وعلا :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً (136) النساء ). وتكررت دعوتهم للإيمان والتوبة كقوله جل وعلا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8) التحريم ) . الى ان يقول لهم رب العزة جل وعلا : ( آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7) وَمَا لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (8) الحديد ) .
3 / 2 : ثم كان هناك المؤمنون الصادقون، قال جل وعلا عنهم : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (218) البقرة )
3 / 3 : وكان التناقض فى التصرفات واضحا وقت أزمة الحروب . وفى موقعة الأحزاب حين حوصرت المدينة إنفضح موقف المنافقين والذين فى قلوبهم مرض بينما إزداد المؤمنون إيمانا،قال جل وعلا:( وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً (12)، (قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً (18) ) ( الاحزاب) ( وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً (22) مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً (23) الأحزاب) .
4 ـ هذه مقدمة نفهم بها مصطلح الذين كانوا ( مع النبى ).
أولا : الذين لم يكونوا مع النبى
1 ـ لم يكن مع النبى الكفار الذين عرفوا أن ما جاء به هو الهدى ولكن رفضوا أن يتبعوا الهدى ( معه )( وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا ۚ ) القصص 57 )
2 ـ ولم يكن معه أيضا المنافقون الذين تخاذلوا عن القتال دفاعا عن المدينة وتعللوا بأعذار شتى ،قال جل وعلا عنهم : ( وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُن مَّعَ الْقَاعِدِينَ ) التوبة 86 )( رَضُوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ ) التوبة 87 ). أى لم يكونوا ( مع النبى ) ورضوا أن يكونوا ( مع ) الخوالف من النساء والصبيان ، فكانت عقوبتهم حرمانهم من شرف القتال فى سبيل الله جل وعلا . قال جل وعلا للنبى محمد عليه السلام : ( فَإِن رَّجَعَكَ اللَّهُ إِلَىٰ طَائِفَةٍ مِّنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُل لَّن تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَن تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا ۖ إِنَّكُمْ رَضِيتُم بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ ) التوبة 83 )، أى عقوبتهم أنهم لن يكونوا ( مع النبى ) أبدا ، ولن يقاتلوا ( معه ) عدوا معتديا . هذا معنى ( المعية ) التى حُرم منها أولئك المنافقون .!
ثانيا : الذين كانوا مع النبى فى الدنيا :
ونتعرض لهم من زوايا مختلفة :
1 ـ مواعظ للنبى عن الذين معه : كان عليه السلام يتحرج من صُحبة المؤمنين الفقراء أملا فى أن يجتذب اليه الملأ القرشى الذى كان يحتقر أولئك الفقراء المستضعفين . أمر الله جل وعلا النبى أن يصبّر نفسه فى مجالسة أولئك المؤمنين : ( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ) الكهف 28 )، أى أن يُصبّر نفسه ( معهم ) . وهذه موعظة للنبى بالنسبة لمن كان ( معه ) من مستضعفى المؤمنين
مواعظ لمن كان مع النبى :
1 ـ بالأمر بحضور مجالس الشورى بإعتبارها فريضة لم يهتم بها بعض المستضعفين من المؤمنين ، إذا تعودوا أن يكونوا مُهمّشين سلبيين ، فكانوا يتسللون منها لواذا أو يخرجون بعذر أو بغير عذر . عن الأمر بالشورى بإعتبارها فريضة دينية قال جل وعلا للمؤمنين : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (62) النور ). أى إذا كانوا ( معه ) على أمر جامع فيه الشورى لا يصح الخروج إلا بإذن . فى الآية التالية تحذير قوى لهم : (لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63) النور )
2 ـ هناك موعظة لمن كان ( مع ) النبى وأيضا للمؤمنين بعده فى كل زمان ومكان ، هى قوله جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) التوبة 119 ). الدعوة الى التقوى عامة ، ومثلها الدعوة لأن يكون المؤمنون فى معية الصادقين . والصادقون هم رسل الله الذين جاءوا بالصدق . والذين جاءوا بالصدق والذين صدّقوا بهم هم المتقون أصحاب الجنة ، قال جل وعلا : (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ (33) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (34) لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (35) الزمر). المضحك أنه فى الدين الشيعى يحرفون معنى قوله جل وعلا:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) التوبة 119 ) بأن المراد ان يكونوا مع آل البيت .!! هو خبل ـ لو تعلمون ــ عظيم .!
مواعظ للنبى من كان معه
1 ـ منه ما كان تخفيفا ، حيث كان النبى عليه السلام وطائفة ( معه ) يقومون الليل عبادة وقراءة للقرآن فنزل قوله جل وعلا :( إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَي اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنْ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (20) المزمل )
2 ـ ومنه ما كان لهم تحذيرا للنبى والذين تابوا ( معه ) . قال جل وعلا :( فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112) وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ (113) وَأَقِمْ الصَّلاةَ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114) وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (115) هود )
ثالثا : الذين سيكونون مع النبى فى الجنة
1 ـ ليس كل من كان مع النبى والى جانبه فى الدنيا سيكون معه فى الجنة . قال جل وعلا : ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (29) الفتح ). لم يقل رب العزة ( وعدهم الله مغفرة وأجرا عظيما ) ، إنما جاء الوعد خاصا بمن آمن ( منهم ) وعمل صالحا .
2 ـ إذ لا يستوى المؤمنون المجاهدون بأنفسهم وأموالهم بالمنافقين القاعدين ، قال جل وعلا : ( وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُوْلُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ (86) رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (87) لَكِنْ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (88) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (89) (90) التوبة ). هنا تعبير (وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ) أى شاركوا معه فى الجهاد فى سبيل الله جل وعلا بالأنفس والأموال . ليس منهم المؤمنون الذين تثاقلوا عن القتال الدفاعى فتعرضوا للتأنيب والتهديد فى قوله جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ (38) إِلاَّ تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) التوبة )
3 ـ الذين كانوا مع النبى فى الدنيا بقلوبهم وجهادهم سيتحول عملهم الصالح الى نور فى الجنة ، ولهذا كان وعظ المؤمنين فى الدنيا فى حياتهم مع النبى أن يتوبوا توبة نصوحا كى يفوزوا بالجنة ونورها ، قال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8) التحريم )
4 ـ لا نصيب فى هذا للنور للمنافقين الذين كانوا مع النبى فى الزمان والمكان ، ولكن لم يكونوا معه بالتقوى والايمان . قال جل وعلا عن نور المؤمنين يوم القيامة : ( يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمْ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) الحديد ) وعن موقف المنافقين قال جل وعلا : ( يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمْ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14) فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمْ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (15) الحديد )
5 ـ ووعظا لهم وهم فى الدنيا فإن التوبة متاحة لهم ، إذا تابوا عن النفاق نجوا من الدرك الأسفل فى النار ، طالما إقترنت توبتهم بالصلاح والاخلاص والاعتصام بالله جل وعلا، قال جل وعلا : (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً (145) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً (146) النساء ). عندها سيكونون يوم القيامة ( مع المؤمنين )
6 ـ وفى النهاية فهم حُكم عام يشمل المؤمنين المتقين فى كل زمان ومكان ، سيكونون يوم القيامة رفيقا (مع ) الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين رفيقا ، قال جل وعلا : ( وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً (69) النساء ).
7 ـ وهذا متاح لمن شاء أن يستقيم .
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5118 |
اجمالي القراءات | : | 56,913,339 |
تعليقات له | : | 5,451 |
تعليقات عليه | : | 14,828 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
تدبر آيات 32 : 34 من سورة الشورى
جريمة الإبادة الجماعية بين ( إسرائيل ) والعرب والمحمديين
القاموس القرآنى : ( البشر والانسان )
( من مات قامت قيامته ) تلك الأُكذوبة السلفية الكافرة بالقرآن الكريم
دعوة للتبرع
الاجماع على الافتراء: قرأت في أحد الفتا وى في موقع إسلام ويب هذا...
لا استطيع الاجابة .!: إحدى قريبا تى حامل فى بداية الشهر التاس ع ...
من الأشد ضلالا ؟: ما هو تفسير ك لضاهر ة سماح بعض الدول...
حكم قراقوش ومبارك: قرأت فى مقال لك عن الكات ب الصحف ى جمال بدوى...
more
اشكرك دكتور على ماتبذله من جهد لنشر الفكر التنويرى ، مقالاتك اكثر من رائعة .