ألقاب مملكة في غير موضعها

محمد شعلان Ýí 2007-04-27




* قامت الثورة فألغت الألقاب وتوسعت في التعليم وأسست نهضة تعليمية حقيقية انخرط فيها أبناء الريف والعمال وكان التعليم بالنسبة لهم يعني الخروج إلى مجال أفضل حيث الوظيفة المحترمة والمرتب الثابت والمستقبل المضمون لذا كان التنافس حقيقيا بين الطلاب وكان الاستذكار سمة الأغلبية من الطلاب خصوصا أبناء الفلاحين والعمال وكان للنجاح فرحة حقيقية لأنه أتى بمجهود حقيقي ولأنه يفتح الأبواب أمام مستقبل مشرق لذا كان للمدرس قيمته وكان للقب الأستاذ مكانته وlig;كان يقال للشخص الذي لا تعرفه أو الذي نريد تكريمه كان يقال له يا أستاذ



* تواري لقب البيه ولقب الباشا وحل محله لقب الأستاذ دليلا على نهضة تعليمية وفلسفة معيشية اجتماعية اقتصادية

* والآن لا نقول لمن لا نعرفه أو لمن نريد تكريمه يا أستاذ ولكن نستعمل ألقابا جديدة تعبر عن التطور الجديد الذي فرض نفسه على حياتنا والذي أسهم في نحت ألقاب جديدة تعبر عن تلك المرحلة فنقول يا باشمهندس ويا باشا ويا حاج وتلك الألقاب تعبر عن أهم الطبقات الجديدة التي أصبحت تتسيد عصرنا عصر الانفتاح الاشتراكي والرأسمالية الطفيلية

* لقد فتح السادات أبواب مصر فجأة أمام الانفتاح فكان شيئا غريبا أن تفتح الدولة أبوابها للرأسمالية المحلية والواردة وهي – أي الدولة – لا تزال تحتفظ بالقوانين الاشتراكية وفلسفة الاقتصاد الموجه والحكم الشمولي وتدخل الدولة بقراراتها في كل شيء ومن الطبيعي أن يهرب من الساحة أكثرية المستثمرين ولا يبقى فيها إلا المغامرون وأصحاب الخبرة في التعامل مع الفساد وراغبي الثراء السريع وبذلك نمت الطبقة الجديدة من الانفتاحيين تستثمر اللحظة وتقتنص الفرصة وتنتهز اللمحة وتعيش على التناقض بين قوانين الاشتراكية وقرارات الانفتاح ولكن في ظل البيروقراطية التي تجيد إصدار القرارات وتطويعها وتعرف سن القوانين واستثناءاتها ومع تضخم الطبقة الانفتاحية أقيمت المشروعات – وهمية أو حقيقية – وارتفع سعر الأرض وارتفعت أجور العمال الحرفيين فأصبحوا طبقة أخرى تمثل قوة شرائية تفرض ذوقها المتدني على الفن والأدب ونمت قيم جديدة تدور حول " تفتيح المخ " ، " وخد الفلوس واجري " والهبر والأرانب والفيل والزلمكة والتمساحة وانقلبت الموازين وضاعت فلسفة التعليم التي أرستها الثورة وتوارى لقب الأستاذ خجلا وبرزت ألقاب جديدة يستطيع حاملها أن يشتري المئات من المدرسين 
*  أصبحنا نقول ألقابا جديدة تعبر عن الطبقات الجديدة نقول لصاحب الحرفة يا باشمهندس سواء كان سباكا أو سائقا أو أي شخص لا نعرفه حيث تميعت المسائل وتداخلت واختلط الحابل بالنابل وأصبحنا نقول يا حاج بعد أن برزت طبقة جديدة من التجار تجيد التمسح بالدين وتجيد أكثر من ذلك كيف تتلاعب بالسوق وتجمع الأموال في شركات حقيقية أو وهمية وأصبحنا نقول يا باشا لكل صاحب نفوذ يجيد الارتزاق بنفوذه في تلك الغابة وبعد أن كان هناك مصطفى كامل باشا ومحمد فريد باشا وطلعت حرب باشا وسعد زغلول وغيرهم من وهبوا حياتهم لمصر أصبح لدينا صنف جديد من الباشاوات تتضاعف بالظلم أرصدتهم في البنوك داخل مصر وخارجها كما يتضاعف أيضا رصيدهم في تخريب البلد وإذلال أهلها
* وهكذا أدى الانفتاح وسادته الجدد إلى امتهان الألقاب وقلب المفاهيم فأصبح المسجل خطر عند الله سبحانه وتعالى حاجا عند الناس واضحى المفسد في ارض مصر باشا يقف على قدم المساواة مع عظماء التاريخ المصري الحديث وصار الحرفي البسيط يصارع المتخرج في كلية الهندسة بالضبط مثلما أصبح شعبان خيشة مطربا تباع شرائط أغانيه جنبا إلى جنب مع شرائط أم كلثوم وعبد الوهاب ألقاب مملكة في غير موضعها
كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد 
* وفي تلك الغابة ضاع التعليم وأصبح الطالب يسأل نفسه لماذا يذاكر وفي النهاية لن يجد وظيفة وإذا وجدها فإن مرتبها الحكومي لن يكفيه أسبوعا وأصبح المدرس المطحون يسأل نفسه لماذا يجهد نفسه في تعليم المئات الذين يتكدسون في حجرات الفصول التي أقيمت حديثا في حوش المدرسة وهو في نفس الوقت لا يجد الوقت ولا يجد المرتب الكافي ولا يجد التقدير الأدبي والمعنوي وأصبح ولي أمر التلميذ لا يهتم بالتحصيل الحقيقي للتلميذ وإنما يهتم أساسا بحصوله على الشهادة وقد أصبح من السهل أن يحصل عل تلك الشهادة والنجاح في آخر العام عن طريق تفتيح المخ
*والنتيجة التي نراها الآن واضحة هي ذلك الخريج الجامعي الذي لا يستطيع أن يكتب سطرا وأحدا بدون خطأ في الإملاء أو النحو ولا يستطيع أن يقرأ جملة واحدة باللغة الإنجليزية إلا بطلوع الروح
. لقد أحسنت الثورة بتأسيس النهضة التعليمية ولكنها أساءت حين جعلت لها هدفا واحدا هو التوظيف الحكومي .
*إن التعليم استثمار هائل في حد ذاته يتحول به الإنسان من الجهل والتخلف إلى معايشة العصر الذي يتقدم للإمام في كل دقيقة بل كل ثانية والدولة الحديثة ليس من شأنها أن تقوم بمهمة التاجر والصانع ولكن من أهم وظائفها أن تحصل الضرائب من التاجر والصانع لكي تنفق على الخدمات مثل الآمن والدفاع والتعليم
. إن إصلاح التعليم هو العلاج لما أفسده الانفتاح الاقتصادي بكل رموزه وألقابه

اجمالي القراءات 18253

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (4)
1   تعليق بواسطة   نجلاء محمد     في   الأحد ٢٩ - أبريل - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[6290]

الإصلاح وترسيخ القيم ضرورة

نعم إن في إصلاح التعليم بارقة أمل لما نحن فيه من مشاكل ناتجة عن الانفتاح الاقتصادي ، وترسيخ القيم الفاضلة عند التلاميذ والطلبة وتعليمهم منذ الصغر على احترام المعلم وتوقيره ،هذه المهام تلقي على عاتق المعلمين في المدارس والوالدين في البيت ولكن لابد أن يكون الوالدين والمدرسين لديهم ما يعطونه لأبنائهم وطلابهم، أي من باب أولى أن يكونوا ملمين بتلك القيم والفضائل لأن فاقد الشيء لا يعطيه.

2   تعليق بواسطة   أيمن عباس     في   الإثنين ٣٠ - أبريل - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[6316]

نتاج طبيعي

الأستاذ الفاضل محمد شعلان قرأت مقالك ووجدت فيه الكثير من الحقائق التي هى بالطبع مفروضة علينا وليس لنا سبب في وجودها لأنها نتاج الانفتاح الاقتصادي كما ذكرت .
عندما يختلي الإنسان بنفسه لبضع دقائق ويفكر ويسرح فيما وصلنا له من تدني في الأدب والفن والثقافة فعلاً أشعر باكتئاب من كل هذه السلبيات التي لا أمل في تغييرها ، ولكن النقطة التي أود الإشارةإليهاهو أن السبب الأساسي في وجود هذه السلبيات والمشاكل هو بعدنا عن صحيح الدين وعن كلام الله وقرآنه العظيم كان من الطبيعي أن نصل لهذا المستوى المتدني في أشياء كثيرة من أمور حياتنا.

3   تعليق بواسطة   حامد راضي     في   الثلاثاء ٠١ - مايو - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[6368]


أخي دمحمد شعلان.
لقد أثلجت صدري وزدتني حماساإلى اصلاح مايمكن
اصلاحه من نواحي حياتنا المختلفة فالتعليم لم
يصبح همه حتي التوظيف الآن والتعليم لم يعد
منهجا يمكن أن يتطور ولكن مش عارف رايحين على
فين فقد فسدت الأخلاق وبيعت الضمائر وكسدت الأحوال كنا نتمنى أن نسير على الخط الصحيح ونسير للإمام ولكن ياريت للإمام الذي يفتح مجالات شتي في حياتنا ولكن كان في الماضي القريب كان فيه تعليم ، كان فيه أخلاق ، كان فيه ناس تعمل للفرد والجماعة بروح مصرية لكن حتي الروح المصرية بتاعت زمان طارت كما يطير الحمام مش العصافير .

4   تعليق بواسطة   لطفية احمد     في   الخميس ٠٣ - مايو - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[6433]

الهدف من التعليم

ضاع الهدف من التعليم الذي يبني الإنسان من الداخل بل ،ويجعله قوي البنية يستطيع أن يواجه
ما يقابله من مشكلات. وهذا لا يتوفر في طالب اليوم الذي يحتاج إلى واسطة في أبسط أمور الحياة، ولا يستطيع أن يواجه مشكلاته التي تضخمت وزادت عن الحد الطبيعي، ولذلك هو يلجأإلى حلول مؤقتة في كل أمور الحياة .

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-11-18
مقالات منشورة : 20
اجمالي القراءات : 340,857
تعليقات له : 583
تعليقات عليه : 50
بلد الميلاد : مصر
بلد الاقامة : Elwadi