آحمد صبحي منصور Ýí 2016-01-15
لماذا هو هجص ؟
أولا : لا تقل إنه ( الخضر )
سألنى أخ عزيز عن الاسم الحقيقى للعبد الصالح ـ طالما أنى أرفض تسميته بالخضر ـ فقلت له :
1 ـ إن إسم ذلك العبد الصالح من الغيوب التى لا يعلمها إلا الله جل وعلا ، وقلت إن الغيوب ـ طبقا للقرآن الكريم ـ هى ثلاثة أنواع حسب الزمن ، : أخبار الماضى ومنه قصص الأنبياء ، وأخبار المستقبل ، ومنها ما سيحدث بعد نزول القرآن الكريم فى حياة النبى وبعد موته فى هذه الحياة الدنيا ، ثم أخبار ما سيحدث فى اليوم الآخر من بعث وحشر وعرض وحساب وجنة ونار . ثم الغيب الخاص بوقت نزول القرآن ( أى الحاضر وقت التنزيل ) ومنه ما يخص سرائر أصحابه وما فى قلوب بعضهم من مرض ونفاق . فالله جل وعلا هو الأعلم بايمانهم بعضهم من بعض . وحتى ما يحدث حوله فقد كان عليه السلام لا يعرف الغيب الذى يحدث بعيدا عنه .
وكان الوحى القرآنى ينزل يخبر ببعض الغيوب فى الماضى فى القصص القرآنى ، وكان التركيز على العبرة والعظة ، لذا توجد فجوات فى الأحداث وفى التفصيلات وعدم ذكر للأسماء والمكان والزمان . ومثلا يقول جل وعلا عمّن يتقصّى عن هذه الفرعيات عن عدد اهل الكهف: ( سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَاءً ظَاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً (22) الكهف ). أى طالما لم يذكر رب العزة عددهم فإن الكلام فى عددهم ليس إلا رجما بالغيب .
وحتى فى الواقعة التى يراها الانسان بنفسه ويكون شاهدا عليها فعليه أن يذكر ما يراه حسب علمه ، لأنه لا يرى سوى الظاهر المرئى المسموع ، وليس ما يراه وما يسمعه هو كل الحقيقة ، إذ يظل هناك جزء مخفى لا يُرى ولا يُسمع . ولهذا فإن كبير أخوة يوسف الذى شهد مع إخوته أتهام أخيهم بالسرقة قال لاخوته : ( ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ (81) يوسف ). أى شهدوا بما علموا وبما رأوا ، وما بعد ذلك من غيب فليسوا له بحافظين .
2 ـ إن النبى الذى كان ينزل عليه غيوب الماضى أمره ربه جل وعلا أن يقول عن غيب الملائكة ونقاشهم فى خلق آدم : ( ما كَانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلإٍ الأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (69) ص). أى لم يكن يعلم حتى نزلت به الآيات . ولم يكن يعلم قصة نوح حتى نزلت فى القرآن الكريم وقال له ربه جل وعلا : ( تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (49) هود ) ولم يكن يعلم دقائق ما حدث من أخوة يوسف ، فقال له ربه جل وعلا فى نهاية قصة يوسف وسورة يوسف : ( ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102) يوسف )، ونفس الحال فى قصة موسى ، فلم يكن حاضرا مع موسى فى مدين أو عند جبل الطور ، وقد قال له جل وعلا:( وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الأَمْرَ وَمَا كُنتَ مِنْ الشَّاهِدِينَ (44) وَلَكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُوناً فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمْ الْعُمُرُ وَمَا كُنتَ ثَاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (45) وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا ) (46) القصص ) ، ولم يكن حاضرا مع بنى اسرائيل حين إقترعوا أيهم يكفل الطفلة مريم : ( ذَلِكَ مِنْ أنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (44) آل عمران). لم يكن عليه السلام حاضرا مع أبطال تلك القصص، ولا يعلم عنهم إلا ما أخبر به رب العزة . عليه السلام لم يكن حاضرا وقتها ولم يكن يعلم فكيف بأولئك الذين ملأوا آلاف الصفحات بأخبار عن الأنبياء ما أنزل الله جل وعلا بها من سلطان ؟
3 ـ وبالتالى فإن الذى ينسب للرسول أحاديث يُلحقها بالقصص القرآنى إنما يكذّب بالقرآن الكريم ، وذلك الذى يتكلم عن غيوب الماضى فى قصص الأنبياء إنما يرفع نفسه فوق النبى الذى لم يكن يعلم غيب الماضى وغيب الحاضر وغيب المستقبل . ينطبق هذا على كل من أطلق على العبد الصالح إسم الخضر . ولهذا فتمسكا بالكتاب العزيز أرفض أن أتكلم فى غيب لم يذكره رب العزة حتى لا أقع فى تكذيب رب العزة فى القرآن الكريم .
ثانيا : ترفقنا بهم فقلنا ( هجص ) ولم نقل ( كفر )
إعترض بعضهم على وصف أساطيرهم بالهجص ، ورأى أنها كلمة ثقيلة مُجحفة بهؤلاء الأئمة الأعلام . وأقول : هم أئمة وأعلام فى أديانهم الأرضية المبنية على الكذب والافتراء . ووصف ما يفعلون بالهجص هو أخفُّ من وصفه بالكفر . ونسترجع بعض ما قالوه :
1 ــ البخارى : ( عن ابن عباس: أنه تمارى هو والحر بن قيس بن حصن الفزاري في صاحب موسى، قال ابن عباس: هو خضر، فمر بهما أبي بن كعب، فدعاه ابن عباس فقال: إني تماريت أنا وصاحبي هذا في صاحب موسى، الذي سأل موسى السبيل إلى لقيه، هل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر شأنه؟ قال: نعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (بينما موسى في ملأ من بني إسرائيل، جاءه رجل فقال: هل تعلم أحد أعلم منك؟ قال موسى: لا، فأوحى الله إلى موسى: بلى: عبدنا خضر، فسأل موسى السبيل إليه، فجعل الله له الحوت آية، وقيل له: إذا فقدت الحوت فارجع، فإنك سلتقاه، وكان يتبع أثر الحوت في البحر ) هل كان البخارى ــ او ابن عباس ــ حاضرا مع موسى وهو (في ملأ من بني إسرائيل، جاءه رجل فقال: هل تعلم أحد أعلم منك؟ قال موسى: لا، )؟ وهل كان البخارى ــ او ابن عباس ــ حاضرا مع موسى وهو يتلقى الوحى من رب العزة ؟ : ( فأوحى الله إلى موسى: بلى: عبدنا خضر، فسأل موسى السبيل إليه، فجعل الله له الحوت آية، وقيل له: إذا فقدت الحوت فارجع، فإنك سلتقاه، وكان يتبع أثر الحوت في البحر ). ثم هل يكون مؤمنا أم كافرا ذلك الذى يشكك فى القرآن ويضيف للقرآن كلمات ليست من القرآن ، يقول البخارى : (: فكان ابن عباس يقرأ: وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا. وكان يقرأ: وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين. ).
2 ـ نفس الحال مع الغزالى ، فى قوله فى الاحياء : ( حديث كرز بن وبرة من أهل الشام عن إبراهيم التيمي أن الخضر علّمه المسبعات العشرة . وقال في آخرها : أعطانيها محمد صلى الله عليه وسلم ... فقلت : " أخبرني بثواب ذلك ." فقال : " إذا لقيت محمدا صلى الله عليه وسلم فاسأله عن ثوابه فإنه يخبرك بذلك. "، فذكر إبراهيم التيمي أنه رأى ذات يوم في منامه كأن الملائكة جاءته فاحتملته حتى أدخلوه الجنة فرأى ما فيها ، ووصف أمورا عظيمة مما رآه في الجنة. قال : " فسألت الملائكة فقلت لمن هذا ؟ فقالوا: " للذي يعمل مثل عملك . " ، وذكر أنه أكل من ثمرها وسقوه من شرابها. قال قال : " فأتاني النبي صلى الله عليه وسلم ومعه سبعون نبيا وسبعون صفا من الملائكة ، كل صف مثل ما بين المشرق والمغرب ، فسلم عليّ ، وأخذ بيدي . فقلت : " يا رسول الله ، الخضر أخبرني أنه سمع منك هذا الحديث .! " فقال : " صدق الخضر صدق الخضر ، وكل ما يحكيه فهو حق ، وهو عالم أهل الأرض ، وهو رئيس الأبدال ، وهو من جنود الله تعالى في الأرض. " فقلت : " يا رسول الله فمن فعل هذا أو عمله ولم ير مثل الذي رأيت في منامي هل يعطى شيئا مما أعطيته ؟ " . فقال : " والذي بعثني بالحق نبيا إنه ليعطى العامل بهذا وإن لم يرني ولم ير الجنة إنه ليغفر له جميع الكبائر التي عملها ، ويرفع الله تعالى عنه غضبه ومقته ، ويأمر صاحب الشمال أن لا يكتب عليه خطيئة من السيئات إلى سنة . والذي بعثني بالحق نبيا ما يعمل بهذا إلا من خلقه الله سعيدا ولا يتركه إلا من خلقه الله شقيا . " . وكان إبراهيم التيمي يمكث أربعة أشهر لم يطعم ولم يشرب ، فلعله كان بعد هذه الرؤيا . ).
ونفس الحال مع ابن الجوزى فى قوله : ( محمد بن علي الصوري : " قال : كنت أتمنى على الله أن يريني أبا العباسي الخضر عليه السلام. فلما كان بعد مدة إذا أنا بالباب يدق علي. فقلت: من هذا? فقال لي: أنا الذي تتمناني على الله عز وجل أنا الخضر . فقلت له: الذي طلبناك له قد وجدناه. ارجع إلى حال سبيلك. ) و ( حديث ابن خزيمة ثنا محمد بن أحمد بن زيد أنا عمرو بن عاصم عن الحسن بن رزين عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس -ولا أعلمه إلا مرفوعاً- قال يلتقي الخضر وإلياس كل عام فيحلق كل واحد منهما رأس صاحبه ويفترقان عن هذه الكلمات بسم الله ما شاء الله لا يسوق الخير إلا الله وما يصرف السوء إلا الله ما يكون من نعمة فمن الله ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله الحديث رواه العقيلي أيضاً عن محمد بن الحسن والخضر بن داود قال ثنا محمد بن أحمد بن زيد . )
3 ـ هو نفس الحال فى كل قصص الأنبياء التى ذكرها الثعالبى وغيره ، وما ذكره الطبرى وابن كثير وغيرهم فى بداية كتبهم التاريخية فى كلامهم عن آدم واقواله وأفعاله وأولاده وماقالوه عن الأنبياء خارج القصص القرآنى .
4 ــ هو إعتداء أثيم على الغيب الالهى ، وجُرأة ممقوتة فى إمتهان الغيب الذى لم يكن يعرفه خاتم النبيين عليه وعليهم السلام ، وتفضيل أنفسهم على خاتم النبيين .
وسنتوقف مع هذا كله ، وسميناه هجصا .. بدلا من أن نصفه كفرا .
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5098 |
اجمالي القراءات | : | 56,363,640 |
تعليقات له | : | 5,431 |
تعليقات عليه | : | 14,792 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
خاتمة كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )
الكسائى : تلميذ الخليل ومؤسّس مدرسة الكوفة النحوية
دعوة للتبرع
ليست طقوسا ..: هناك من المسي حيين من يتهم وضوء المسل مين ...
أولو الطول : ما معنى ( أولو الطول ) فى سورة التوب ة : (...
تدبر القرآن: هل تعتقد برأيك ان كل الشيو خ والعل ماء منذ 14...
الكذب المباح : هل الكذب حرام فى كل وقت وتحت اى ظروف ؟ ...
تقديس رمضان : مرح با بکم یا هل القرآ ن ...
more
يقول الله تعالى عن أهل الكتاب في قرآنه العزيز .فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله، ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيدهم وويل لهم مما يكسبون.
فمن يتجرأ على الغيب الذي أراده الله تعالى أن يكون غيبا، وتكلم فيه ويجعل له أسانيد وأسماء سميتوموها أنتم وآبائكم ما انزل الله بها من سلطان ، ونسبوها زورا وبهتانا للرسول أو للقرآن وتقولوا على الله تعالى وعلى كتابه مثلما فعل أهل الكتاب من اليهود والنصارى فالمحمديون تقولوا على القرءان ،فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون من منافع دنيوية من شهرة ومجد زائل ومال زائف، وكيف يكون الهجص يثمن ويقيم بالمال والمجد والسؤدد، إنه ميزان الحياة المقلوب في ديار المحمديين .شكرا لك د صبحي على ما تبذل لتجلية حقائق القرآن الذي هو وثيقة الإسلام الوحيدة في هذا الزمان.