آحمد صبحي منصور Ýí 2016-01-02
تدبر فى قصة موسى والعبد الصالح (4 من 7 )
لا زلنا فى تدبر الآيات الكريمة ( 60 : 82 ) من سورة الكهف . ونتوقف هنا مع :
رابعا : الوحى التوجيهى :
1 ـ ينزل وحى توجيهى للرسول النبى قبل وأثناء وربما بعد ( الرسالة السماوية ).
2 ـ وفى القرآن الكريم شواهد على هذا الوحى التوجيهى للنبى محمد عليه السلام ، فى هجرته الى المدينة والأمر بكف اليد عن القتال الدفاعى و موقعة بدر وموقعة الأحزاب وسورة التحريم والثلاثة الذين خُلّفوا فى سورة التوبة . ولكن الذى أنزل على الرسول هو ( سور ) القرآن ، ولا وجود لسور خارج القرآن ولا إيمان بحديث خارج القرآن ، وبالتالى فالايمان بوجود هذا الوحى التوجيهى محصور بما جاء عنه من إشارات قرآنية . لا إيمان بأى كلام أو حديث خارج نصوص القرآن الكريم بإعتباره الرسالة الخاتمة والنهائية ، وهذه الاشارات عن الوحى التوجيهى لخاتم المرسلين جاء على هامش تفصيلات التاريخ المعاصر للنبى محمد عليه، وهو جزء قليل بالمقارنة بالقصص الماضى عن الأنبياء والأمم السابقة ،وهذا القصص القرآن كله ( الماضى والمعاصر ) ليس سوى جزء من القرآن الرسالة العالمية والأخيرة للبشر ، بما فيها من تشريعات وقيم أخلاقية و إشارات علمية . وبهذا يختلف القرآن الكريم عن الرسالات السماوية السابقة .
2 ـ والرسالات السماوية قبل القرآن الكريم كانت مؤقتة بقومها ورسولها ، لذا كان الوحى التوجيهى منزلته نظرا لظروفه الوقتية المحلية . وأمثلته كثيرة ، منها فى قصة نوح عليه السلام كيفية صُنع السفينة وانه لن يؤمن من قومه أحد إلا من آمن (وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاَّ مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36) وَاصْنَعْ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (37)هود) .ومنها تبشير ابراهيم بابنه اسماعيل ، وتبشير زكريا بابنه يحيى .
2 ـ والوحى التوجيهى سمة بارزة فى قصة موسى عليه السلام الذى ( كلّمه الله تكليما ) : (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً (164) النساء ). وبدأ الوحى التوجيهى بمولد موسى طفلا مع وحى الله جل وعلا لأم موسى ، ثم تعليم موسى العلم اللدنى وهو فى قصر فرعون ، حيث عرف وضعه ودقّة موقفه وصعوبة وضعه . وكان الوحى التوجيهى يصاحب موسى من حديث رب العزة معه عند الشجرة المباركة فى طور سيناء بالوادى المقدس طوى الى ظروفه مع قومه فى حركته فى مصر وهم تحت ضغط الفرعون ، ومنه مثلا : حين خاف من ألاعيب السحرة : (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (67) قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى (68) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (69) طه ) وفى صلاتهم خُفية بمصر: ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّأَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ (87) يونس ) ، وفى هروبهم من مصر خُفية (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (52) الشعراء ) و فى إستسقائه لقومه وهم 12 قبيلة : (وَإِذْ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً ) (60) البقرة ).. وبالوحى نودى موسى لميقات ربه جل وعلا على جبل الطور ، وفيه تلقى الألواح ، الكتاب المُنزّل .وبعده أوحى اليه ربه بما فعله بنو اسرائيل من عبادة العجل إثناء غيابه : (وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى (83) قَالَ هُمْ أُولاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84) قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمْ السَّامِرِيُّ (85) طه ) وتتابع الوحى التوجيهى لموسى بعدها، ومنه حين رفض قومه دخول الأرض المقدسة التى كتبها الله جل وعلا فأوحى رب العزة اليه : ( قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (26) المائدة ).
ومنه الوحى لموسى أن يقابل هذا الرسول النبى ليتعلم منه موسى الصبر وعدم الانفعال . وبالهذا الوحى تحدد المكان الذى سيقابل فيه موسى ذلك الرسول النبى ، نفهم هذا من هذا الحوار الذى دار بين موسى لفتاه : ( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً (60) فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً (61) فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً (62) قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيه إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً (63) قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصاً (64) فَوَجَدَا عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً (65) الكهف ).
خامسا :الايجاز بالحذف :
1 ــ قال جل وعلا (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً (16)الاسراء ). هنا إيجاز بالحذف فى (أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا ) أى أمرنا مترفيها بالعدل ففسقوا فيها . وقد تعرضنا لهذا فى مقال خاص منشور هنا . الايجاز بالحذف يأتى فى القرآن الكريم كثيرا ، وأنواعه مختلفة حسب نوعية المحذوف ، وله أغراض بلاغية متعددة ، اهمها الاختصار والتركيز على المذكور دون المحذوف . وهو موضوع شرحه يطول .
2 ــ ونعطى أمثلة من هذه القصة ، ونضع اللفظ المحذوف بين قوسين: ( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ ( هذا المكان ) حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ ( سائرا ) حُقُباً (60) فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ ( الحوت ) سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً (61) فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ ( موسى ) لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً (62) قَالَ ( الفتى ) أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيه إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ ( الحوت ) سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً (63) قَالَ ( موسى ) ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصاً (64) فَوَجَدَا عَبْداً ( نبيا ) مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً (65) قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً (66) قَالَ ( عبدنا ) إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً (68) قَالَ ( موسى ) سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً (69) قَالَ ( عبدنا ) فَإِنْ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً (70) فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ ( موسى) أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً (71) قَالَ ( عبدنا) أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً (72) قَالَ ( موسى ) لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً (73) فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلاماً فَقَتَلَهُ قَالَ ( موسى ) أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً (74) قَالَ ( عبدنا ) أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً (75) قَالَ ( موسى ) إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً (76) فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ ( عبدنا ) قَالَ ( موسى ) لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً (77) قَالَ ( عبدنا ) هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً (78) أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ ( ظالم ) يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ ( سليمة ) غَصْباً (79) وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا ( عندما يكبر ) أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً (80) فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً (81) وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً (82))الكهف )
سادسا : الجملة الاعتراضية
1 ــ الجملة الاعتراضية هى التى يمكن حذفها دون تأثير على السياق ،وهى عكس الايجاز بالحذف . يؤتى بالجملة الاعتراضية لأغراض بلاغية ، وقد تكون لا لزوم لها ومجرد حشو وثرثرة ، فيفسد بها أسلوب الكاتب، لذا فإن الجملة الاعتراضية تعتبر مؤشرا على مدى فصاحة الكاتب ، هل يأتى بها لمجرد الإطناب والتطويل والثرثرة ، ام لهدف التوضيح وبصيغة موجزة جذابة . الجمل الاعتراضية من أوجه الفصاحة القرآنية التى لم تحظ بإهتمام علماء البلاغة القرآنية . ونعطى لها أمثلة قرآنية ـ على أمل أن يتوفر لنا الوقت والجهد لاعداد بحث متكامل عنها .
يقول جل وعلا : (وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24) البقرة ). السياق فى الآية 24 أن يقال ( فإن لم تفعلوا فاتقوا النار ) . جاءت جملة ( ولن تفعلوا ) إعجازا يؤكد التحدى ويخبر مقدما بعجزهم، مع ما تحمله العبارة من سخرية ضمنية .
ويقول جل وعلا : ( قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً لابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً (42) الاسراء ). السياق أن يقال ( قل لو كان معه آلهة إذا لابتغوا الى ذى العرش سبيلا ) . جاءت جملة ( كما يقولون ) وهدفها واضح هو عدم الاعتراف بهذه الآلهة .
يقول جل وعلا : (فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ (79) تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (80) الواقعة ) هنا أروع مثل للجملة الاعتراضية ، إذا جاءت جملة إعتراضية كبرى داخلها جملة إعتراضية أخرى ، مع عدم الاخلال بالفصاحة . السياق أن يقال : ( فلا أقسم بمواقع النجوم إنه لقرآن كريم ....). جىء بجملة إعتراضية كبرى هى آية كاملة (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76). وهذه الجملة سياقها العادى أن يقال ( وإنه لقسم عظيم ) وجىء بجملة إعتراضية صغيرة هى ( لو تعلمون ). الجملة الاعتراضية الكبرى فى الآية : (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ) تأكيدا لعظمة القسم بمواقع النجوم . والجملة الصغيرة الاعتراضية داخلها ( لو تعلمون ) ذات دلالة عجيبة وهائلة . وبعض ( ما نعلم ) أن القسم هنا ليس بالنجوم ذاتها ولكن بمواقعها . ولقد علمنا مؤخرا أن الذى نراه هو ضوء قادم من مواقع بعض النجوم وليس منها ذاتها ، لأن هذه النجوم إنفجرت وتحطمت وتحولت الى ثقب أسود وأبيض وتلاشى جُرمها المادى ، ونظرا لبُعدها السحيق ــ الذى يبلغ ملايين السنوات الضوئية ــ فإن ضوءها هو الذى لا يزال يأتينا بعد زوالها ، وهو يأتينا ليس من النجم الذى زال وانتهى ولكن موقعه القديم . هنا نتعرف على الروعة فى الآية رقم 76 التى جاءت جملة إعتراضية ، وبالتالى نفهم عظمة القرآن الكريم الذى لم نقدره حق قدره . ونعيد قراءة قول الخالق جل وعلا : (فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ (79) تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (80) الواقعة ) .
2 ــ فى قصة موسى مع العبد الصالح عليهما السلام جاءت كلمة إعتراضية بالغة الدلالة فى قول موسى له : ( قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً (69)). السياق أن يقول ( ستجدنى صابرا ولا أعصى لك أمرا ). ولكن موسى قال جملة إعتراضية هى ( إن شاء الله ) متوكلا على الله . هو لم يعط عهدا قاطعا ، بل علقه على مشيئة الرحمن لأنه ـ موسى ـ يعلم إندفاعه وعدم قدرته على الصبر والتريث ، فتوسل بمشيئة الرحمن ليكون صابرا ولا يعصى لصاحبه أمرا. وفعلا لم يصبر موسى ، يقول جل وعلا : ( فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً (71) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً (72) قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً (73) فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلاماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً (74) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً (75)) بعدها إندفع غضب موسى يلوم نفسه : ( قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً (76) الكهف )
أ
شكرا لكم أستاذنا ومعلمنا الحبيب د أحمد صبحي منصور ، على تواصلكم معي ، وبارك الله فيكم ولكم ، على هذا التواصل وكما فهمت من المقال ، هل يعتبر العبد الصالح في قصة موسى عليه السلام نبيا مرسلا من عند الله ، وهل يمكن لنبي أن يتتلمذ ويتعلم على يد نبي آخر معاصر له شكرا لكم إن كان عندكم وقت وأجبتم بجملة من إجتهادكم العزيز..
من العبارات التي اسئ استخدامها في الوجدان الشعبي هي عبارة (ان شاء الله ) فهي نوحي بالشك في الألتزام بالمطلوب ..!! فهل هذه عادة مصرية قديمة متوارثة من مصر الفرعونية ؟؟ أم هي عادة توارثناها من بتوا اسرائيل وتعلمها موسى عليه السلام من قومه نظراً لظروف الأضطهاد والخوف والقتل التي كانت تمارس ضدهم من فرغون وجنوده؟؟؟
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5117 |
اجمالي القراءات | : | 56,879,170 |
تعليقات له | : | 5,451 |
تعليقات عليه | : | 14,828 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
جريمة الإبادة الجماعية بين ( إسرائيل ) والعرب والمحمديين
القاموس القرآنى : ( البشر والانسان )
( من مات قامت قيامته ) تلك الأُكذوبة السلفية الكافرة بالقرآن الكريم
دعوة للتبرع
هذا كفر بالقرآن: ما هى حقيقة الخلا ف فى الايت ين الاخي رتين ...
سبقت الاجابات: الله سبحان ه بين المقص دالشر عي من...
الاستغاثة يوم بدر: نريد تعليق ا حول آية " إذ تستغي ثون ربكم...
الحنابلة: منذ فترة كبيره كنت اتحدث مع استاذ ى فى موضوع...
عند الموت: لماذا عند الموت يقال للمؤم ن لا خوف عليهم ولا...
more
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أستاذنا ومعلمنا الحبيب د أحمد ونهنئ بالعام بالميلادي الجديد راجين من الله العلي القدير أن يعيده عليك وعلى الأسرة الكريمة بالسعادة والسلام، وبعد هناك ذلة قلم بسيطة في الآية ٧١ فالمفروض قال موسى وليس قال عبدنا في الإيجاز بالحذف وعذرا لي .وشكرا لك على سعة صدرك، وندعوا الله أن يجعله في ميزان حسناتك إنه نعم المجيب. وسؤالي ما سبب شهرة العبد الصالح في هذه القصة بأنه يسمى الخضر، والسلام عليكم ورحمة الله