أحسن الحديث مابين الكتب السماوية والكتب البشرية :
هذه مقالة بسيطة توضح لنا اوجه التباين مابين الكتب السماوية وكتب التراث البشري وهو موضوع كبير في الحقيقة ونسأل الله ان يمكننا ان نكتب فيه ولو مقدمة لفهم هذه الحقيقة وسنحاول توضح هذه الفكرة من خلال استعراض ماجاء في كتاب الله الحق من ايات كريمة ومن خلالها فقط نحاول الوصول الى الحقيقة .والله المستعان .
في كتاب الله الحق هنالك امرا مباشرا لكل مؤمن بكتاب الله ان يحاولوا البحث عن الحقيقة دائما خلال تقصي الاقوال والاحاديث واتباع احسنها :قال تعالى((وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ [الزمر : 17] الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ [الزمر : 18]
الاية هنا توضح وتبين لنا من هم عباد الله الذين عبدوا الله مخلصين له الدين واجتنبوا الشرك في عبادة غيره من الطواغيت (الشيطان واولياءه من الجن والانس )فهؤلاء هم عباد الله الذين لهم البشرى . ثم توضح الاية الكريمة ان من صفات هؤلاء العباد انهم يستمعون القول ثم يتبعون احسن هذا القول وصفهم رب العزة انهم من اصحاب العقول الذين فعلوا نعمة العقل التي وهبهم الله اياها واستحقوا ((هدى الله )).
ويتبادر السؤال التالي مباشرة : ولكن ياربنا ماهوا احسن القول الذي امرتنا بأتباعه لتبشرنا بأننا على الهدى ان اتبعناه ؟
يأتي الجواب من المولى عز وجل في قوله تعالى((اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ [الزمر : 23]
فهل بعد هذه الاية حجة لنا نترك فيها كتاب الله (احسن الحديث )ونتبع الكتب التي كتبها البشر ونسبوا فيها اقوالا للرسول كذبا وافتراءا عليه لان الرسول الكريم لا يقول قولا خارجا عن كتاب الله ووحيه ((وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ [يونس : 15]
وفي اية اخرى يصف المولى عز وجل كتابه بأنه ((أحسن القصص))(( نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ [يوسف : 3]
وقوله تعالى((إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ اللّهُ وَإِنَّ اللّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [آل عمران : 62]
وان اتباع غير كتاب الله والانسلاخ منه له نتائج وخيمة تتمثل في الدخول في اتباع الشيطان وغوايته وضحها لنا ربنا المتعال في قوله ((وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ [الأعراف : 175]
ويوضح لنا المولى انه تعالى لو شاء لرفعنا بأتباعنا لهذا الوحي الالهي وهذه القران الكريم لكننا تركنا ماهو كلام سماوي صادر من اله حق واتبعنا اهواءنا وماهو كلام بشري ارضي صادر من بشر خطاءون والصورة واضحة لنا من خلال المثال الذي ضربه الله لنا وهو (الكلب )فهو دائما تعب ويلهث بسبب او بدون سبب وهذا هو حالنا اليوم مع الاسف ((وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [الأعراف : 176]
وتختم الاية ب(لعلهم يتفكرون)(اي يفكرون بهذه القصص التي توضح لهم حالهم في ابسط الامثلة التي يرنها واضحة في حياتهم الدنيا .
ثم يحذر الله تعالى كل الناس ممن يكذبون بهذه الحديث الموصوف ((بأحسن الحديث )) ويتبعون غير هذا الحيث مما وصف بأنه ((لهو الحيث )) وهو مجرد كلام منقول سابقا لم يشهدوه وليس لهم علم سابق به وما فيه من استهزاء بالله ورسوله ثم يعدهم بعذاب اليم في الدنيا والاخرة ((وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ [لقمان : 6]
ثم يأمر الله رسوله الكريم ان يترك من كذب بهذا الحديث (احسن الحديث)وانه تعالى سيستدرجهم ويريهم نتائج اعمالهم دون ان يشعروا وما اقترفوه على ارض الواقع من حيرة وضلال بما كسبت ايديهم ((فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ [القلم : 44]
فعلينا جميعا يامن نسمي انفسنا اننا (من امة محمد )(المعلم الاول الذي اختاره الله لنا )ليعلمنا كتابه ويزكينا وان نركز جل اهتمامنا بالدين الذي اختاره الله لجميع الناس وان نقول اننا مسلمين فقط دون التطرق الى المذاهب والحزبيات التي لا يردها الله تعالى لان الدين يجب ان يكون خالصا له تعالى .
والدعوة الى الله تعالى وكتابه الكريم والتمسك بالعمل الصالح ثم القول بأننا من (المسلمين) والتي وصفت انها احسن القول .(( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [فصلت : 33]
هدانا الله واياكم الى سواء السبيل انه سميع مجيب .
اجمالي القراءات
8383