كتاب الحج ب3 ف 10 : الكعبات الصوفية المشهورة بالحج إليها فى مصر المملوكية

آحمد صبحي منصور Ýí 2013-03-20


كتاب الحج بين الاسلام والمسلمين

الباب الثالث : الحج فى الدين الصوفى

الفصل العاشر : الكعبات الصوفية المشهورة بالحج إليها فى مصر المملوكية  

 أولا : الحج لأنصاب مقدسة ولشخصيات حيّة مقدسة  

1 ـ كما كانت للعرب فى الجاهلية كعبات يحجون إليها بالإضافة إلى كعبة بيت الله الحرام فإن مصر المملوكية تناثرت فيها القبور المقدسة التى تضاهىء الكعبات الجاهلية ، وقصدها الناس بالتقديس والحج.

ولكن إزداد ضلال التصوف عن الجاهليين بتقديس الأحياء وليس فقط الأولياء الموتى . وقد شارك بعض الصوفية الأحياء فى استقطاب الناس فتوافدوا عليهم ، ووصف الشعرانى أحدهم فيقول: ( كان الناس يزدحمون على الشيخ شمس الدين الدمياطى لتقبيل يده، ومن لم يستطع يلقى عليه بردائه ثم يقبل ذلك الرداء، كما يفعل الناس بكسوة الكعبة .)[1].  

ولم يكن بعض الصوفية يحظى بهذا التقديس ورأى انصراف الناس عنه إلى الأولياء الموتى فقال مغتاظاً مقالة أبى العباس المرسى : ( يكون الرجل بين أظهرهم فلا يلقون إليه بالاً حتى إذا مات قالوا كان فلان، وربما دخل فى طريق الرجل بعد وفاته أكثر مما دخل فيها فى حياته"[2].) أى كان يشتهر بعضهم أكثر بعد موته وتحوله الى قبر ، والسبب هنا فى نجاح سدنة الضريح فى الدعاية لتنهال عليهم النذور بكل أنواعها ، فيأكلونها ويشربونها ( فى صحة الولى المقبور ).

2 ـ والواقع أن الإحتفال بالأضرحة والحج إليها كان ظاهرة تتجلى بين سطور الحوليات التاريخية للعصر المملوكى فضلاً عن كتب الصوفية،  فدائماً تتكرر عبارات (وقبره ظاهر يزار)، ( يقصد للزيارة والتبرك)، ( معروف بإجابة الدعاء ). وفى فتنة البقاعى وصراعه مع خصومه الصوفية بسبب تكفيره لابن عربى وابن الفارض، كان البقاعى وفقا لما جاء فى تاريخه المخطوط ، يصف خصومه الصوفية بأنه : ( كان معهم كثير من الجند ممن يُحسّن له أتباعه زيارة الأموات، ويوقع فى قلبه أن بيدهم الإسعاد والإشقاء )[3].  . كان تأثير شيوخ التصوف هائلا على العسكر المملوكى ، فانحازوا لهم فى صراعهم ضد البقاعى ، مع وضوح الحق الى جانب البقاعى . أى أقنع شيوخ التصوف العسكر المملوكى بأن الأولياء الموتى لديهم كرامات وتصريف فى الناس بالإسعاد والإشقاء .

ثانيا : تفضيل ضريح البدوى على ( الحرمين )

ومع التشابه فى الحج بين الجاهلية العربية والجاهلية الصوفية فإننا نلمح بين السطور أحيانا إشارات لتفضيل الحج للبدوى على الحج للبيت الحرام والقبر المنسوب للنبى فى المدينة ، ربما لأن الحج الى مكة والمدينة كان وقتها مثقلا بالمتاعب وإحتمالات الإغارة من الأعراب فى الطريق ، بينما كان الحج لضريح السيد البدوى فى طنطا نزهة بحرية برية رائعة عبر البحر المتوسط والنيل وفروعه وحقول الدلتا ، وحيث تتوسط طنطا الدلتا وتقع فى منتصف الطريق بين القاهرة والاسكندرية . من هنا تعاظم التوافد على طنطا حجّا للسيد البدوى ، وكان يحلو للعامة المقارنة بين الحج للبدوى والحج لبيت الله وتكون النتيجة طبعاً فى صالح البدوى ، يقول السخاوى المؤرخ المحدّث الفقيه فى تاريخه ( التبر المسبوك ) : ( قال الغوغاء فى مولد البدوى : جاء الزوار لسيدى أحمد من الشام وحلب ومكة والحجاز فى المحاير والماورديات أكثر من حجاج  الحرمين )[4]. والسخاوى الفقيه المحدّث هنا غير السخاوى الصوفى صاحب ( تحفة الأحباب فى المزارات ) . لذا نرى السخاوى المؤرخ الذى كان مشهورا بسلاطة اللسان يصف صوفية عصره بالغوغاء :( قال الغوغاء ) ، ولم يقل ( سيدى أحمد البدوى ) بل قال ( فى مولد البدوى ) ثم أورد كلامهم فى تقديس سيدهم البدوى (جاء الزوار لسيدى أحمد ) ونعرف أن من الحجّاج من أتى لطنطا حتى من الشام ومكة والحجاز ، وأن منهم من ركب السفن النيلية أو (المحاير والماورديات ).

ثالثا : عالمية الأنصاب المقدسة فى مصر   

1 ـ والواقع أن الحج للانصاب المصرية الصوفية كان عالميا حسب ظروف الوقت ، يأتى الحجاج للبدوى وغيره من خارج مصر . حتى أصبحت موردا سياحيا بتعبير عصرنا ، وصناعة قامت عليها أرزاق شيوخ الصوفية وأعوانهم ، من سدنة الأضرحة وشيوخ الزيارة ، علاوة على الأسواق التى كانت تزدهر فى الموالد . وأدى غرام الصوفية المصريين بتقديس الأضرحة وحرصهم على تحويلها الى مصدر رزق جعلهم يؤسسون أضرحة ترضى الجميع للصوفية ولغير الصوفية ، ليجتذبوا لهم الزبائن من ( كل فج عميق ) ومن كل الملل والنحل .  فبعض الأضرحة التى تشد إليها الرحال أقيمت على أسماء كثيرة لأنبياء وصحابة وزهّاد وعلماء من عصور سابقة كالعباسى والأموى ، بعضهم لم يأت أحدهم لمصر ولم يمت بها ، وبعضها لأشخاص وهميين لا وجود لهم فى الحقيقة ، هذا بالإضافة للصوفية والأشخاص العاديين. كما تنوعت فيها الجنسيات من مصريين وعرب ومغاربة وفرس ورجال ونساء وصبيان. ولاجتذاب الشيعة تم تشييد أضرحة مزورة منسوب لذرية على بن أبى طالب . وتكاثرت الأضرحة المزورة الى درجة أن شيوخ الزيارة أنفسهم كانوا يعترفون بذلك ، ولكن يوصون بزيارتها تمسكا بحُسن النية وسلامة الاعتقاد بزعمهم .

2 ـ وفى كتاب زبدة الممالك وهو كتاب ( محايد )  فى الجغرافيا أو علم ( المسالك والممالك )فى مصطلح العصر المملوكى ، عدّ المؤلف طائفة من الأماكن المقصودة بالحج منها :( مشهد زنبور، ومشهد التبرك، ومشهد القصر، يقال أن بهؤلاء رأس الحسن والحسين، ومشهد به صخرة موسى،ومشهد السيدة نفيسة، ومشهد فاطمة بنت إسماعيل بن جعفر الصادق، ومشهد أمينة بنت محمد الباقر، ومشهد رقية بنت على بن أبى طالب، ومشهد الشافعى، ومشهدعلى بن حسين بن على زين العابدين، ومشهد الكيزانى،ومشهد آل البيت، ومشهد على بن عبد الله بن القاسم، ومشهد ابنه موسى الكاظم، ومشهد يحيى ابن الحسين بن زيد بن الحسن بن على . ) ، ويستمر فى سرد المشاهد المنسوبةلآل البيت ، إلى أن يذكر بعدهم  مشاهد لأنبياء وأولاد الأنبياء، ومنها ( قبر روبيل بن يعقوب، ويهوذا أخيه ، وذو اليسع، وقبر خال النبى أخى حليمة السعدية . ). ثم يورد قبور صحابة وتابعين: ( ومشهد عمرو بن العاص، وقبر عبد الله بن الحارث، وقبر كعب الأحبار، ومقام موسى، ومعبده، ومقام ابراهيم، ومكان يعرف بصالح العزيز، والمطرية مكان مبارك يستخرج من بئر فيه دهن البلسم، وهناك عين شمس، وبالصعيد جبل الطير .. والجبل الساحرة وهو جبل مبارك يُنذر له، وفى غرب الحسينية قرية تعرف ببهدال به مشهد ينزل عليه النور، وهناك مساجد كثيرة تعرف بيوسف الصديق، والمسيح بن مريم، ويقال أن بالصعيد قبر ارسطاطاليس" [5].

أى أن المصريين فى العصر المملوكى أقاموا أضرحة تذكارية لأكثرالشخصيات المشهورة فى التراث السابق، ولأديان السّنة والتشيع والتصوف والأقباط ، بل للحيوانات أيضاً مثل بقرة موسى، كما أعادوا تقديس الأماكن الفرعونية والقبطية فى المطرية وعين شمس والصعيد.. وهنا تسامح دينى يتميز به دين التصوف خلافا لتزمت الدين السّنى !!. ومبعث هذا التسامح إقتصادى ، فعيونهم كانت ولا تزال على النذور.

رابعا : الاختلاف فى تحديد الكعبات الأكثر قداسة فى مصر المملوكية

1 ـ لم  يهتم كاتب ( زبدة الممالك ) بتحديد القبور الأكثر تقديسا والمشهورة بأن الدعاء عندها مستجاب . ولكن  إهتمت كتب المزارات الصوفية بأشهر الأضرحة بالبركة والدعاء المستجاب فى إعتقاد الناس .

2 ـ ويتفق ابن الزيات وتلميذه السخاوى الصوفى فى تعيين تلك الأضرحة ، يقول ابن الزيات : ( وهى بالترتيب : أبو الحسن الدينورى، ثم عبد الصمد البغدادى، ثم اسماعيل المزنى، ثم المفضل بن فضالة، ثم أبوبكر القمنى، ثم ذو النون المصرى، ثم يختم ببكار . )[6].

أما السخاوى فيقول عنهم: (  إن من زارهم زار القرافة بأكملها، ويبدأ بالدينورى، فالبغدادى، فالمزنى، فبكار،فالمفضل بن فضالة،ثم القمنى، ثم ذو النون " [7]. ) أى اختلف السخاوى مع استاذه فى ترتيب الزيارة وإن اتفق معه فى تحديد الأضرحة السبعة .

والرحالة المغربى ابن ظهيرة زار مصر المملوكية ، وكتب فيها (  المحاسن الباهرة فى فضائل مصر والقاهرة ) ، وقد زار القرافة وتجول فى طرقها وشاهد أضرحتها ، واستمع الى شيوخ الزيارة فيها ، وأورد ما شاهد وما سمع فى كتابه . وهو يختلف مع ابن الزيات والسخاوى  فى تحديد تلك الأضرحة السبعة المشهورة يقول: ( اشتهر عند المصريين أن بالقرافة سبعة قبور الدعاء عندها مستجاب مجرب لقضاء الحوائج ،وأن من زارها يوم السبت وسأل الله حاجته قضيت، وهى : قبر ذو النون المصرى، وقبر أبى الخير الأقطع، وقبر الربيع المالق، وقبر القاضى بكار، وقبر القاضى كنانة،وقبر أبى بكر المازنى، وقبر أبى الحسن الدينورى "[8]. ). وطبعا لا نعرف من أين عرفوا بأن الدعاء مستجاب عند هذه الأماكن ، وما هو المقياس فى تحديد هذه الأضرحة بالذات ، وما هو المعيار فى الترتيب . وبدلا من أن نرهق انفسنا فى التفكير علينا أن نتذكّر أنه دين أرضى يملك ويصنعه أصحابه، ولهم فيه سلطة التشريع في العقيدة وفى الطقوس . وحيث أننا هنا فى مجال المزارات المقدسة فأصحاب التشريع هنا ههم شيوخ الزيارة.

3 ـ ولأنه دين أرضى قائم على الاختلاف والشقاق والهوى فمن الطبيعى أن يكون ثمة اختلاف فى تحديد الأضرحة الهامة ، تبعاً لأهواء السادة الأشياخ الذين يشرعون للناس الأماكن التى يستجاب فيها الدعاء، وكيفية القدوم وترتيب الزيارة.

4 ـ  بل أن بعضهم قد يختلف مع نفسه فالسخاوى الذى رأيناه يحدد القبور السبعة بالإسم والترتيب فى المناسك نجده يذكر قبورا أخرى مستجاب عندها الدعاء ، يتحدث عن مسجد الأقدام، فيقول" وذكر جماعة من المصريين أن الدعاء به مستجاب، وهذا أحد المساجد السبعة الذين بالقرافة  المجاب عندهم الدعاء"[9]. المضحك أن مسجد الأقدام هذا لم يذكره السخاوى ضمن المساجد السبعة . وهذا المسجد كان بزعمهم يضم ( أرجل وأقدام ) بعض الأولياء أو الآلهة الصوفية، على نسق ( أضرحة الرءوس ) ، فرأس الحسين لها عدة أضرحة، تحظى كلها بالتقديس والحج اليها ، مع أنه كانت للحسين رأس واحدة لا غير ..اليس كذلك ؟

5 ـ نعود للسخاوى. وهو يعد  الأضرحة التى يستجاب عندها الدعاء، إلا أن حديثه عن بعضها يضعه فى تناقض مع تحديده للأضرحة السبعة سالفة الذكر، فهو يقول عن جامع الأولياء : ( وهذا الجامع مبارك لم يزل الناس يضرعون إليه فى أيام الشدائد للتضرع إلى الله تعالى ، وهو موضع شريف ، مجاب الدعاء فيه ، وما زال أهل الخير والصلاة يتبركون بهذا المكان إلى الآن، ولهذا اشتهر بجامع الأولياء"[10]. ) .. وإذا كان الأمر كذلك فلم لم يعده بين الأضرحة السبعة ؟

ويذكر السخاوى وابن الزيات أن المشايخ كانوا يقفون بين ضريحى ابن شقران وذى العقلين ويبتهلون فيستجاب لهم[11]. فهنا مكان آخر عندهما يتفقان على أنه مستجاب عنده الدعاء .!!.

ويقول السخاوى: (  وقيل أن بأرض مصر أربعة أماكن الدعاء فيها مستجاب : سجن يوسف عليه السلام، ومسجد موسى عليه السلام الذى بطرا، ومشهد السيدة نفيسة، والمخدع المذكور فى الجامع المؤيد"[12]. ) وهو هنا ينقل عن غيره ، يقول ( وقيل ..) أى هناك آراء أخرى لمشرّعين آخرين فى تحديد الكعبات المستجاب عندها الدعاء . ويلمح السخاوى إلى وجود اختلافات فى الأضرحة الهامة التى يزعمون استجابة الدعاء عندهم، فيقول عن قبر عقبة بن عامر الجهنى ت58 : ( الدعاء عنده مجاب وليس فى ذلك اختلاف" [13].  )أى أن هناك خلافاً فى غيره .

خامسا : أضرحة مقدسة خاصة بالنساء

1 ـ وهناك أضرحة للنساء مشهورة بالزيارة والحج ومعروفة لدى الناس بالدعاء المستجاب ، ولم يرد ذكرها ضمن السبعة ، مثل مشهد السيدة نفيسة ت208 ، يقول عنه السخاوى "قبرها معروف بإجابة الدعاء،[14].

2 ـ ويقول السخاوى عن مشهد لسيدة أخرى من العلويين : (  مشهد السيدة زينب معروف بإجابة الدعاء، إذا دخل الزائر إلى المشهد المذكور وجد أنساً عظيماً ، وكان أهل مصر يأتون إلى زيارتها. ).ويقول عن صاحبة المشهد : (  وهى السيدة زينب بنت يحيى المتوج بن الحسن الأنور بن زيد الأبلج بن حسن بن على ت240 . ) ، ويذكر بعض الكرامات  الشائعة عنها : (  وقيل أن النيل توقف فى بعض السنين فجاء أهل مصر إلى هذا المشهد يستسقون فجرى النيل، وفى مشهدها ضريح السيدة فاطمة العيناء من نسل الحسين والدعاء فى محرابها مجاب، وكان المصريون يعظمون هذا المشهد لما رأوا من عظيم بركته" [15]. ).

أى هى غير السيدة ( زينب بنت على ) صاحبة ( جامع السيدة زينب ) المشهور حاليا ، والمنسوب لها ( حى السيدة زينب ). إنّ مشهد السيدة زينب الحالى  لم يكن موجودا فى عصر السخاوى فى القرن التاسع الهجرى ، وإنما تم إختراعه فى القرن العاشر سنة 955 هجريه. بعد موت هذا السخاوى ب55 عاما . المسجد القديم الذى كان لتلك السيدة زينب فى عصر السخاوى لم يلبث أن اندثر ، وتناساه المصريون بعد إنشاء مسجد السيدة زينب القائم الآن ، إثر رؤيا منامية زعم صاحبها أنه رأى روح السيدة زينب تحطّ فى هذا المكان فسارع الكتخدا العثمانى الى تأسيس مسجد فى هذا المكان ، وأصبح من وقتها من أشهر الكعبات فى تاريخ مصر العثمانية و الحالية .. والجنون .. فنون ..!!.

3 ـ وعدَ ابن الزيات أضرحة للسيدات أثناء حديثه عن الأماكن التى تستجاب فيها الدعوات، منها أضرحة لنساء من آل البيت الهاشمى، مثل مشهد السيدة كلثم، وقبر الشريفتين فاطمة الكبرى وفاطمة الصغرى، وأضرحة لنساء عربيات مثل عاتكة بنت عيسى، وفاطمة بنت الأشعث، أو من بنات الأمراء والملوك مثل قطر الندى ، أو واحدة من بنات الشعب مثل عروسة الصحراء[16].

4 ـ ويبدو أن هناك معايير محددة فى الأساطير التى تضاف للقبور، فالقبر المنسوب لامرأة هاشمية لا يحتاج إلى تزكية كبيرة ليشتهر، فيكفى نسبها الشريف شفيعا لها فى شهرتها وتقديسها .  أما إذا كانت عربية غير هاشمية فلا بد من تزكيتها بالصلاة والزهد وقضاء الحاجات كما يقول السخاوى عن ضريح : ( المرأة الصالحة العابدة الناسكة فاطمة بنت الحسين من ولد الأشعث بن قيس كانت من الناسكات المعروفات بقضاء الحاجات وإجابة الدعوات وإغاثة الملهوف، والشهرة فى قومها بالصلاح والبركة وترك الدنيا.. إلخ)[17].وعلى نفس المنوال يقول عن إحدى نساء بنى أمية: (  مشهد السيدة أسماء بنت عبد العزيز بن مروان المعروفة بصاحبة المصحف، كان أهل مصر إذا نزل بهم فتحوا مصحفها بالنهار. ) ، ( ومن نساء التابعين فى وظيفتها رقية بنت عقبة بن نافع المستجاب الدعاء عند قبرها[18].)

أما إذا كانت المرأة مصرية لا نسب لها ولاحسب إحتيج إلى الكرامات لكى تسد النقص ليعلو شأن القبر ويتعاظم التوافد إليه وتتكاثر الأموال لدى سدنة الضريح، يقول السخاوى عن قبر عروس الصحراء أنها( ماتت بكراً من خجلها ليلة عرسها حين استحيت حياء عظيماً فعمت بالعرق، ثم قالت اللهم لا تهتكنى على يد أحد،فاستجاب الله دعائها وماتت، فأظهر هذا السر على قبرها، حتى إن الإنسان إذا وضع يده على قبرها فى زمن الشتاء، يجدها عرقانة . !.. والتربة معروفة بإجابة الدعاء " [19]. ) ، أى أنها استحيت ليلة زفافها فاستحقت أن يرتفع لها ضريح بكرامات مستمرة إلى جانب أضرحة نساء الأشراف اللائى لم يستحيين ليلة الزفاف!!

سادسا : مشهد الحسين ( الرجس الأكبر فى مصر).!!  

1 ـ والتزوير لم يكن فى سبك الكرامات حول الضريح وصاحبه فحسب ،  بل كان أيضاً فى نسبة الضريح إلى صاحبه، فأغلبية تلك الأضرحة كانت مزورة، وعلى رأسها بالطبع كان ضريح الحسين الذى أنشأته الدولة الفاطمية فى مصر فى أواخر عهدها حين احتاجت إلى تأييد المصريين بعد أن انفضوا عنها، يقول ابن تيمية عن ضريح الحسين : ( لم يُحمل رأس الحسين إلى القاهرة، فقد دفنت جثته حيث قتل ، وروى البخارى فى تاريخه أن رأس الحسين حمل إلى المدينة ودفن فى البقيع عند قبر أمه فاطمة .. فبين مقتل الحسين وبناء القاهرة نحو مائتين وخمسين سنة، وقد بنى الفاطميون مشهد الحسين فى أواخر سنة 550 هجريه وانقرضت دولتهم بعد هذا البناء بنحو أربع عشرة سنة، وهذا مشهد الكذب"[20]. )

ولو كان لرأس الحسين تصريف فى ملك الله لدافعت عن نفسها ولم تسمح لسيف الأمويين بقطعها، والله جل وعلا  قال لجد الحسين ( محمد رسول الله) : (لَيْسَ لَكَ مِنْ الأَمْرِ شَيْءٌ)(128)( آل عمران ) فهل يكون للحسين أو غيره تصريف فى ملك الرحمن جل وعلا ؟ .ولكن المصريين أقاموا ضريحاً مزوراً على ذكرى رأس غير موجودة، وحتى لو كانت موجودة فهى لم تغن عن صاحبها شيئاً .

2 ـ وبعد انشاء ضريح الحسين بنحو ربع قرن زار مصر الرحالة ابن جبير فى عصر الناصر صلاح الدين الأيوبى، وكعادة الرحالة المسلمين حج إلى المشاهد، وكان ضريح الحسين أول مشهد زاره يقول " فأول ما نبدأ بذكره منها الآثار والمشاهد المباركة التى ببركتها يمسكها الله عز وجل، فمن ذلك المشهد العظيم الشأن الذى بمدينة القاهرة حيث رأس الحسين بن على بن أبى طالب، وهو فى تابوت فضة مدفون تحت الأرض، وقد بنى عليه بنيان طفيل يقصر الوصف عنه" وأسهب فى وصف الضريح والمسجد إلى أن يقول " ومن أعجب ما شاهدناه فى دخولنا إلى هذا المسجدا المبارك حجر موضوع فى الجدار الذى يستقبل الداخل شديد السواد والبصيص" أى وضعوا الحجر الأسود لتتم معالم البيت المقدس.

3 ـ ويصف ابن جبير مناسك الحج فى عهده لضريح الحسين " وشاهدنا من استلام الناس للقبر المبارك، وإحداقهم به، وإنكبابهم عليه، وتمسحهم بالكسوة التى عليه وطوافهم حوله مزدحمين داعين باكين متوسلين ببركة التربة المقدسة ومتضرعين، ما يذيب الأكباد ويصدع الجماد، والأمر فيه أعظم ، ومرأى الحال أهول، نفعنا الله ببركة ذلك المشهد الكريم،وإنما وقع الإلماع بنبذه من صفته مستدلاًعلى ما وراء ذلك، إذ لا ينبغى لعاقل أن يتصدى لوصفه، لأنه يقف موقف التقصير والعجز وبالجملة فما أظن فى الوجود كله مصنعاً أحفل منه، ولا مرأى من البناء أعجب ولا أبدع، قدس الله العضو الكريم الذى فيه"[21]. ) وما يقوله ابن جبير يعبّر عن تقديس يعكس كفرا هائلا بالله جل وعلا . وتزايد تقديس مشهد الحسين فى العصر المملوكى ، يقول ابن تيمية فى العصر المملوكى (وأعظم المشاهد بالقاهرة مشهد الحسين فإن أمره عظيم. حتى إذا غلظ أحد اليمين على الحالف يحلفه عند مشهد الحسين ) [22].

سابعا : فنّ التزوير فى أضرحة المشاهير

1 ـ ونعود إلى الرحالة ابن جبيرالذى ألمح إلى شكّه فى الأضرحة فى القرافة وحقيقة انتمائها لأصحابها يقول : ( وأسماء أصحاب هذه المشاهد المباركة إنما تلقيناها من التواريخ الثابتة عليها مع تواتر الأخبار بصحة ذلك،والله أعلم بها" وحين تكلم عن مشاهد الصحابة والتابعين يقول فى البداية " والمقيد يبرأ من القطع بصحة ذلك، وإنما رسم من أسمائهم ما وجده مرسوماً فى تواريخها، وبالجملة فالصحة غالية لا يشك فيها أن شاء الله عز وجل"[23].

2 ـ وبعد ابن جبير وفى عصرنا المملوكى تكاثرت الأضرحة المزورة التى تنتسب إلى أنبياء وصحابة حتى اضطر كتاب المزارات أنفسهم إلى التنبيه على زيفها، وإن حرصوا فى نفس الوقت على الدعوة لزيارتها بإخلاص النية. فهناك فى القرافة مشهد لبلال مؤذن الرسول، ويعترف السخاوى بأنه لا أصل له،إلا أنه يقرر وجوب زيارته للتبرك[24]. ويؤكد السخاوى على كذب المشهد المنسوب إلى روبيل بن يعقوب إلا أنه يقول بناء على رؤيا منامية " فالمكان مبارك يزار بحسن النية"[25]. أما ابن الزيات فهو يعد مشهد اليسع ومشهد روبيل من الأضرحة المزورة، وفى نفس الوقت يجعلها من الأماكن التى تستجاب فيها الدعاء[26].

وفى بداية العصر العثمانى – فى القرن العاشر الهجرى- اخترع ضريح جديد نسبوه لزينب بنت على وتمت له الشهرة حتى لقد سميت المنطقة باسمه(السيدة زينب) وأضيفت لها الكرامات والمعجزات التى أضافها المصريين فى العصر القبطى للسيدة مريم وأضافوها من قبل لإيزيس .. أقاموا ضريح (السيدة زينب) سنة 955هجرية 1173م وسرعان ما أصبح مع ضريح الحسين أشهر المزارات فى القاهرة ومصر وأكبر شاهد على التزوير فى التاريخ ،  فلم تأت السيدة زينب بنت على لمصر إطلاقا فى حياتها ، ولم تمت فيها ، ولم تكن القاهرة قد بنيت فى عصرها ، ولم يكن لها قبر حقيقى أو مزور فى مصر حتى نهاية العصر المملوكى. وهو أيضا تزوير ورجس فى العقائد،وصدق الله العظيم : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) ( الحج)." .

ثامنا : الرحالة والحج للأنصاب فى  القاهرة ومصر

واجتذبت الأضرحة أهواء الرحالة القادمين لمصر كما اجتذبت المقيمين فيها، ورأينا كيف بدأ ابن جبير رحلته لمصر فى العصر الأيوبى بزيارة ضريح الحسين وغيره .وفى العصر المملوكى توافد الرحالة من المشرق والمغرب، وكان الحج للأماكن المقدسة أبرز نشاط يحرصون عليه ، كذلك فعل ابن ظهيرة فى كتابه " المحاسن الباهرة" وفعل ابن بطوطة فى رحلته المشهورة، وفعل العلوى فى مخطوطة رحلته.وفيها يقول العلوى عن الإسكندرية" وفى الاسكندرية تربة لبعض الأنبياء وتربة لبعض التابعين" ويقول" استوفيت زيارتهم أجمعين وترددت إلى مبارك نفعهم".ويقول عن قرافة مصر " وهى إحدى العجائب بما تحتوى عليه من  مشاهد الأنبياء وأهل البيت والصحابة والتابعين والعلماء والزهاد والأولياء ذوى الكرامات الشهيرة والأنباء الغريبة، وقد رأيت فيها أثر النبى صالح وقبر روبيل بن يعقوب أخى يوسف وقبر آسية وقبور جماعة من أهل البيت .. على كل واحد منها بناء جميل بديع الإتقان عجيب البنيان.[27].  ).

أخيرا :

وفى كل عصر يتجلى ابليس يخدع كل جيل ، يجعلهم يعبدون الأضرحة ، وهو الصانع الحقيقى لهذا الإفك ، فقد وصفها رب العزة أنها رجس من عمل الشيطان ، وحذّر المؤمنين منها : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ (91) ( المائدة )

ودائما .. صدق الله العظيم .!!



[1]
تنبيه المغترين 93، 94.

[2]لطائف المنن لابن عطاء 55.

[3]تاريخ البقاعى .مخطوط 59.

[4]السخاوى ..التبر المسبوك 176.

[5]زبدة كشف المماليك.

[6]الكواكب السيارة 321.

[7]تحفة الأحباب 485.

[8]المحاسن الباهرة 193، 194.

[9]تحفة الأحباب 167.

[10]تحفة الأحباب 309.

[11]تحفة الأحباب 364، الكواكب السيارة 240.

[12]تحفة الأحباب 79.

[13]تحفة الأحباب 366.

[14]تحفة الأحباب 107.

[15]تحفة الأحباب جـ4/225، 226.

[16]الكواكب السيارة 96، 156، 43 ،155، 143.

[17]تحفة الحباب جـ4/ 200.

[18]تحفة الأحباب جـ4 /236

[19]تحفة الحباب 279: 280.

[20]تكسير الأحجار 146.

[21]رحلة ابن جبير 48. دار الكتاب اللبنانى – المصرى .

[22]تكسير الحجار 146.

[23]رحلة ابن جبير 49، 50.

[24]تحفة الأحباب 139.

[25]تحفة الأحباب 415.

[26]الكواكب السيارة 283.

[27]رحلة العلوى .مخطوط. ورقة 42أ، 59، 60.

اجمالي القراءات 10761

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (2)
1   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   الجمعة ٢٨ - أبريل - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[85895]

لكعبات الصوفية المشهورة بالحج إليها فى مصر المملوكية ،أولا : الحج لأنصاب مقدسة ولشخصيات حيّة مقدسة


 كما كانت للعرب فى الجاهلية كعبات يحجون إليها بالإضافة إلى كعبة بيت الله الحرام فإن مصر المملوكية تناثرت فيها القبور المقدسة التى تضاهىء الكعبات الجاهلية ، وقصدها الناس بالتقديس والحج.ولكن إزداد ضلال التصوف عن الجاهليين بتقديس الأحياء وليس فقط الأولياء الموتى . وقد شارك بعض الصوفية الأحياء فى استقطاب الناس فتوافدوا عليهم ، ووصف الشعرانى أحدهم فيقول: ( كان الناس يزدحمون على الشيخ شمس الدين الدمياطى لتقبيل يده، ومن لم يستطع يلقى عليه بردائه ثم يقبل ذلك الرداء، كما يفعل الناس بكسوة الكعبة .)[1].  ولم يكن بعض الصوفية يحظى بهذا التقديس ورأى انصراف الناس عنه إلى الأولياء الموتى فقال مغتاظاً مقالة أبى العباس المرسى : ( يكون الرجل بين أظهرهم فلا يلقون إليه بالاً حتى إذا مات قالوا كان فلان، وربما دخل فى طريق الرجل بعد وفاته أكثر مما دخل فيها فى حياته"[2].) أى كان يشتهر بعضهم أكثر بعد موته وتحوله الى قبر ، والسبب هنا فى نجاح سدنة الضريح فى الدعاية لتنهال عليهم النذور بكل أنواعها ، فيأكلونها ويشربونها ( فى صحة الولى المقبور ). والواقع أن الإحتفال بالأضرحة والحج إليها كان ظاهرة تتجلى بين سطور الحوليات التاريخية للعصر المملوكى فضلاً عن كتب الصوفية،  فدائماً تتكرر عبارات (وقبره ظاهر يزار)، ( يقصد للزيارة والتبرك)، ( معروف بإجابة الدعاء ). وفى فتنة البقاعى وصراعه مع خصومه الصوفية بسبب تكفيره لابن عربى وابن الفارض، كان البقاعى وفقا لما جاء فى تاريخه المخطوط ، يصف خصومه الصوفية بأنه : ( كان معهم كثير من الجند ممن يُحسّن له أتباعه زيارة الأموات، ويوقع فى قلبه أن بيدهم الإسعاد والإشقاء )[3].  . كان تأثير شيوخ التصوف هائلا على العسكر المملوكى ، فانحازوا لهم فى صراعهم ضد البقاعى ، مع وضوح الحق الى جانب البقاعى . أى أقنع شيوخ التصوف العسكر المملوكى بأن الأولياء الموتى لديهم كرامات وتصريف فى الناس بالإسعاد والإشقاء .



2   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   الجمعة ٢٨ - أبريل - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[85896]

تفضيل ضريح البدوى على ( الحرمين )


ومع التشابه فى الحج بين الجاهلية العربية والجاهلية الصوفية فإننا نلمح بين السطور أحيانا إشارات لتفضيل الحج للبدوى على الحج للبيت الحرام والقبر المنسوب للنبى فى المدينة ، ربما لأن الحج الى مكة والمدينة كان وقتها مثقلا بالمتاعب وإحتمالات الإغارة من الأعراب فى الطريق ، بينما كان الحج لضريح السيد البدوى فى طنطا نزهة بحرية برية رائعة عبر البحر المتوسط والنيل وفروعه وحقول الدلتا ، وحيث تتوسط طنطا الدلتا وتقع فى منتصف الطريق بين القاهرة والاسكندرية . من هنا تعاظم التوافد على طنطا حجّا للسيد البدوى ،وكان يحلو للعامة المقارنة بين الحج للبدوى والحج لبيت الله وتكون النتيجة طبعاً فى صالح البدوى ، يقول السخاوى المؤرخ المحدّث الفقيه فى تاريخه ( التبر المسبوك ): ( قال الغوغاء فى مولد البدوى : جاء الزوار لسيدى أحمد من الشام وحلب ومكة والحجاز فى المحاير والماورديات أكثر من حجاج  الحرمين ). والسخاوى الفقيه المحدّث هنا غير السخاوى الصوفى صاحب ( تحفة الأحباب فى المزارات ) . لذا نرى السخاوى المؤرخ الذى كان مشهورا بسلاطة اللسان يصف صوفية عصره بالغوغاء :( قال الغوغاء، ولم يقل ( سيدى أحمد البدوى ) بل قال ( فى مولد البدوى ) ثم أورد كلامهم فى تقديس سيدهم البدوى (جاء الزوار لسيدى أحمد ) ونعرف أن من الحجّاج من أتى لطنطا حتى من الشام ومكة والحجاز ، وأن منهم من ركب السفن النيلية أو (المحاير والماورديات ). والواقع أن الحج للانصاب المصرية الصوفية كان عالميا حسب ظروف الوقت ، يأتى الحجاج للبدوى وغيره من خارج مصر . حتى أصبحت موردا سياحيا بتعبير عصرنا ، وصناعة قامت عليها أرزاق شيوخ الصوفية وأعوانهم ، من سدنة الأضرحة وشيوخ الزيارة ، علاوة على الأسواق التى كانت تزدهر فى الموالد . وأدى غرام الصوفية المصريين بتقديس الأضرحة وحرصهم على تحويلها الى مصدر رزق جعلهم يؤسسون أضرحة ترضى الجميع للصوفية ولغير الصوفية ، ليجتذبوا لهم الزبائن من ( كل فج عميق ) ومن كل الملل والنحل .  فبعض الأضرحة التى تشد إليها الرحال أقيمت على أسماء كثيرة لأنبياء وصحابة وزهّاد وعلماء من عصور سابقة كالعباسى والأموى ، بعضهم لم يأت أحدهم لمصر ولم يمت بها ، وبعضها لأشخاص وهميين لا وجود لهم فى الحقيقة



أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 4980
اجمالي القراءات : 53,335,248
تعليقات له : 5,323
تعليقات عليه : 14,621
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي