أبو بكرة تفرد برواية حديث: لا يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة.

عزمت بسم الله،

الجزائر وسلطنة عمان من البلاد العربية الأوائل التي منعت وَأْد الإناث في قعر البيوت، بل رفعت من شأنها بتعليمها وتثقيفها، وحمَّلتها مسؤوليات في جميع مجالات الحياة، ففي الجزائر أسند إلى المرأة القضاء الذي هو أساس كل شيء، فأصبح منهن قاضيات ورئيسات محاكم، ومستشارات في المجلس الأعلى، وأسند كذلك للمرأة الجزائرية حقائب وزارية، وقد ترشحت المرأة لرئاسة الدولة الجزائرية في الانتخابات الماضية، وأكيد سوف تترشح المرأة الجزائرية في الانتخابات الرئاسية المقبلة، ومن النساء من تقلدت مناصب عليا في الجيش والأمن، ومنهن مديرات في مختلف الوظائف، وفي الأيام الأخيرة نجد سلطنة عمان تقر بترشيح المرأة لرئاسة البلدية، أما الجزائر فقد قررت الحكومة إلزام مشاركة المرأة في قوائم الانتخابات البلدية والولائية بنسب متفاوتة حسب عدد السكان، كل ذلك تحقيقا للمساواة بين الذكر والأنثى في عمارة الأرض والإصلاح فيها، تماما كما يريد الخالق سبحانه، لأنه وعد أن يجزي كل من عمل صالحا من ذكر وأنثى ولا فرق بينهما في العمل والجزاء.

قال رسول الله عن الرُُّوح الأمين عن ربه سبحانه:

مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ(40). غافر.

يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ(13). الحجرات.

مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(97). النحل.

رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ(194)فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ(195). آل عمران.      

في الآية "195" نلاحظ أن الله تعالى استجاب دعاء الداعين أنه سبحانه لا يضيع عمل عامل من ذكر أو أنثى ( بعضهم من بعض)، فوعد الله تعالى المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيله وقاتلوا وقتلوا، ليكفرن عنهم سيئاتهم وليدخنهم جنات تجري من تحتها الأنهار، كل ذلك ثوابا من عند الله تعالى للذكور والإناث على حد سوى.

ومما يجب الإشارة إليه أن المهاجرين الذين أوذوا في سبيل الله تعالى، وعذبوا وقتلوا هم من الذكور والإناث. لم يفرق الله تعالى بين الذكر والأنثى في الحقوق والواجبات والعمل والثواب، ثم يأتي أبو بكرة ليتفرد برواية عن الرسول محمد عليه وعلى جميع الأنبياء السلام، أنه قال: لا يفلح قوم  تملكهم امرأة. وفي رواية أخرى من نفس الشخص لكن المتن تغير فقال: لن يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة. ونسي الراوي أن الله تعالى ضرب لنا مثلا في القرآن العظيم عن نساء عظيمات، مثل امرأة فرعون التي تبرأت من عمل فرعون الذي كان يفسد في الأرض، وامرأة أوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم، لكن الدين الأرضي البشري ( الذكوري) يريد أن تبقى المرأة تابعة للرجل للمتعة الجنسية والولادة فقط. لنرى ما تفرد به أبو بكرة في الروايات التالية:       

8599 حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا بكار بن قتيبة القاضي بمصر ثنا صفوان بن عيسى القاضي ثنا عوف بن أبي جميلة عن الحسن عن أبي بكرةرضي الله عنه قال ثم لما كان يوم الجمل أردت أن آتيهم أقاتل معهم حتى ذكرت حديثا سمعته من رسول الله  صلى الله عليه وسلم  أنه بلغه أن كسرى أو بعض ملوك الأعاجم مات فولوا أمرهم امرأة فقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم    لا يفلح قوم  تملكهم امرأة هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

المستدرك على الصحيحين ج 4 ص 570 قرص 1300 كتاب.

3648 حدثنا العباس بن عبد العظيم قال نا حبان قال نا جعفر بن سليمان عن كثير أبي سهل ثقة مأمون عن الحسن عن أبي بكرةعن النبي بنحوه      قال أبو بكر وهذا الكلام قد روي عن النبي وجه ولا نعلم أحدا رواه إلا أبو بكرةمن هذا الوجه.

سنن البزار ج 9 ص 106 قرص 1300 كتاب.

حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن بكر ثنا عيينة عن أبيه عن أبي بكرة قال سمعت رسول الله  صلى الله عليه وسلم  يقول ثم لن يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة.

مسند أحمد ج 5 ص 47 قرص 1300 كتاب.

ثنا محمد بن عبدة بن حرب ثنا العباس بن عبد العظيم ثنا حبان عن جعفر بن سليمان عن كثير أبي سهيل عن الحسن عن أبي بكرةقال قيل للنبي  صلى الله عليه وسلم  قتل كسرى قال فمن استخلفوا بعده قالوا ابنته قال   لا يفلح قوم  تملكهم امرأة. الكامل في ضعفاء الرجال ج 2 ص 147 قرص 1300 كتاب.

فهل ما جاء به أبو بكرة يقضي على ما جاء به الرسول من عند ربه؟

علما أن هذه الروايات تفرد بها أبو بكرة ولم يروها أحد غيره، معنى ذلك أن هذه الروايات ( أحادية) والحديث الذي تفرد به شخص واحد لا يعمل به، وزد على ذلك فإن أبا بكرة شخص حكم عليه القرآن العظيم بأن لا تقبل شهادته أبدا، لأنه حسب الروايات شهد على المغيرة بن شعبة فلم يتم تلك الشهادة، فجلده عمر بن الخطاب بمقتضى حكم الله تعالى الذي يقول: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ(4). النور.

إليكم الرواية:

أبا بكرة :     سكن أبو بكرة البصرة ومات بها في سنة إحدى وخمسين وكان ممن اعتزل يوم الجمل لم يقاتل مع واحد من صليت وكان أحد فضلاء الصحابة قال الحسن لم يسكن البصرة أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من عمران بن حصين وأبي بكرة ولة عقب كثير ولهم وجاهة وسؤدد بالبصرة وكان ممن شهد على المغيرة بن شعبة فلم يتم تلك الشهادة فجلده عمرثم سأله الانصراف عن ذلك فلم يفعل وأبى فلم يقبل له شهادةوقد ذكرناه في باب الكنى بأكثر من هذا.

الاستعاب ج 4 ص 1530 قرص 1300 كتاب.

خلاصة القول فإن الدين الأرضي البشري ولى ظهره لأحسن الحديث الذي جاء به رسول الله استندا إلى رواية أبو بكرة الذي تفرد بها وحده، وتركوا وراء ظهورهم كتاب الله تعالى، فأصبح حديث أبا بكرة من الدين والشريعة، فرفض بعض رجال الدين ـ (الذين يجعلون رزقهم أنهم يكذبون) قال تعالى: أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ(81)وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ(82). الواقعة. ـ مشاركة المرأة في الحياة العامة، وأرادوا أن يطبقوا على نساء العالمين قول الله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا(33). الأحزاب. التي تتحدث عن نساء النبي وأهل بيته الخاصة.

قال الشاعر الفحل معروف الرصافي:

ونحتقر الحلائل لا لجُرمٍ       فنُؤذيهنّ أنواع الأذاة

ونُلزِمهنّ قعر البيت قهراً       ونحسبهنّ فيه من الهَنات

لئن وَأدوا البنات فقد قَبَرنا       جميع نسائنا قبل الممات

حجبناهنّ عن طلب المعالي       فعِشن بجهلهنّ مهتّكات

ولو عَدِمت طباع القوم ُلؤماً       لما غدت النساء محجّبات

وتهذيب الرجال أجَلّ شرط       لجعل نسائهم متهذّبات

وما ضرّ العفيفةَ كشفُ وجهٍ       بدا بين الأعفّاء الاُباة

والسلام عليكم.