رقم ( 5 )
الملاحق :

الملاحق :

الملحق الأول :

علامات اقتراب الساعة واقتراب الفزع الأكبر

آحمد صبحي منصور في الأحد 04 يناير 2009

مقالات متعلقة :

  مقدمة
1
ـ فى المقال السابق عرضنا لمصطلحات الخوف فى القرآن الكريم ، والفوارق بينها فى معرض الحديث عن الفزع الذى أصاب أهل الكاتب الاسلامى رضا عبد الرحمن ، حين هجم عليهم جيش مبارك ليعتقل ( رضا ) ، وتركهم فى رعب وفزع
2
ـ ومهما كان فزع البشر فى الدنيا فهو لا شيء بالمقارنة بالفزع الأكبر يوم القيامة . والفزع يوم القيامة هو رد فعل للقيامة ، وللقيامة علامات لا تخلو من فزع يصاحبها ، أما الفزع الأكبر فهو الذى يصاحب أحداث قيام الساعة عندما تقوم ، ويصاحبها فى أهوال أيامها يوم البعث والحشر و العرض والحساب الى أن يستمر الفزع مصاحبا لأصحاب الجحيم أبد الآبدين. وفى كل أحوال القيامة فالفزع الأكبر يصيب الظالمين فقط ،أما الفائزون فهم من فزع يومئذ آمنون.

3 ـ والكلام على علامات الساعة وعن أحداثيات الساعة واليوم الآخر يستحق مقالات نرجو من الله تعالى العون فيها. ولكن سنعرض لعلامات الساعة فى مقال واحد ولأحداث الساعة فى مقال واحد فى إطار موضوع الفزع فقط
4
ـ وللايجاز والتخفيف أضع الحقائق القرآنية تحت عناوين راجيا من الأحبة تدبر الايات معى
أولا : (إقتربت الساعة
1
ـ حين كلم الله تعالى موسى عليه السلام قال له (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا ) ( طه 15 )، بعدها بحوالى ألف عام نزل القرآنالكريم وفيه يقول تعالى عن الساعة: (فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا ) ( محمد 18) أى جاءت أشراط الساعة مع نزول القرآن الكريم من 14 قرنا
2
ـ وقت نزول القرآن الكريم كان هناك قلق من قرب قيام الساعة يعبر عنه التكرار المستمر لسؤال النبى محمد عن موعد قيام الساعة ، ولم يمنع هذا التكرار من التأكيد المتكرر بأن النبى محمدا لا يعلم الغيب و ليس له أن يتحدث عن موعد قيام الساعة (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) (الأعراف 187 ) (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا) (النازعات 42 ـ). 
إن الله جل وعلا وحده هو من لديه ( علم الساعة ):(إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ )( لقمان 34 ) وقد أبان جل وعلا فى القرآن الكريم (شيئا) من (علم الساعة ) بقدر ما نفهمه ، فمثلا يقول جل وعلا عن مدة قيام الساعة:(لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً)(الأعراف 187)و(البغتة) هى أقل مدة زمنية نتصورها. ويأتى شرح هذه (البغتة) بأنها مثل لمح البصر:(وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ ) (النحل 77 ) أى بتعبير عصرنا أسرع من الضوء. .أو يقول جل وعلا : (وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ ) ( القمر 50 ) . ولا يقال إن هناك تناقضا بين الآيتين لأن الله جل وعلا يستعمل ( كاف ) التشبيه (كَلَمْحِ ) أى يتحدث عن سرعات لا نعرفها ولا ندركها
3
ـ تدور الحقائق القرآنية عن الساعة فى محورين أساسين هما : علاماتها التى إقتربت ، وأحداثها عندما تقوم . وهذا المقال يعطى لمحة عن علامات الساعة وما قد يصاحب بعضها من فزع
4
ـ التعبير القرآنى عن اقتراب الساعة يستعمل صيغة الفعل الماضى ، وهو اسلوب بلاغى يؤكد على تحقق الوقوع ، كقوله تعالى : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ) فانشقاق القمر سيحدث فقط عند قيام الساعة وتدمير الكون ، وهذا من ملامح أحداث الساعة وفقا لتفاصيلها القرآنية،إذ يتم تدمير النظام الكونى كله القائم على التوزان بين الجاذبية وقوة الطرد المركزى ، ليكون من ملامحه انشقاق السماء وما فيها من قمر. ولكن التعبير عنه هنا جاء بالماضى (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ) لتحقق وقوعه فى المستقبل . وأشارت الآية التالية الى معجزة القرآن الكريم أو الآية الخاتمة للبشر والتى أعرض عنها المشركون ورموها بالسحر :(وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ )( القمر 1 : 2 ).أى إن آيات القرآن الكريم دليل على إقتراب الساعة
ونفس الحال فى مفتتح سورة النحل :(أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ ) والتعبير هائل فى إعجازه، لأنه تحدث بالماضى عن قيام الساعة فقال (أَتَى أَمْرُ اللَّهِ) أى صدرالقرار الالهى بقيام الساعة ، ولكن تنفيذه سيكون طبقا للزمن الأرضى الآتى فى المستقبل ، لذا قال جل وعلا للبشر:(فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ ). الحديث هنا عن زمنين ، الزمن الالهى الذى صدر فيه الأمر بقيام الساعة ، والزمن الأرضى الذى سيشهد تحقيق هذا الأمر عندما يدور الزمن الأرضى دورته . وجاءت أيضا الاية التالية تتحدث عن نزول القرآن الكريم كإحدى علامات قرب قيام الساعة : ( يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ). 
ونفس الحال فى مفتتح سورة الأنبياء ، فالآية الأولى تتحدث ليس فقط عن اقتراب قيام الساعة بل يوم الحساب نفسه وغفلة الناس ـ منذ 14 قرنا عنه (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ ) وتأتى أيضا الآية التالية تتحدث عن الرسالة الأخيرة والخاتمة من الله تعالى للبشر وهى القرآن الكريم قبل قيام الساعة وموقفهم منه:(مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ). 
المستفاد هنا شيئان : (ا)إن نزول القرآن الكريم منذ 14 قرنا هو أول علامات إقتراب الساعة . فكيف بنا الآن ؟ (ب ) إن إحتواء القرآن الكريم على أهوال قيام الساعة وأهوال العذاب يوم القيامة يأتى تحذيرا مقدما لنا قبل وقوعها،وفى نفس الوقت هو التحذير الأخير للبشرية قبيل القيامة.. 
ثانيا : علامات الساعة
1
ـ نزول القرآن الكريم منذ 14 قرنا هو أول علامات اقتراب الساعة ، فماهى العلامات الأخرى؟ خلافا للخرافات السلفية فى أحاديث علامات الساعة فان فى القرآن الكريم إشارات ثلاث أخرى لعلامات الساعة حسب الترتيب الزمنى للتعداد التنازلى لاقتراب نهاية العالم وقيام الساعة
2
ـ أولها هى ما نعيشه الآن وما نحس به ونحن فى عصر القرية الكونية و انعدام المسافات بينها بثورة الاتصالات والمواصلات والانفجار العلمى ، والتفنن فى سبل التقدم أفقيا ورأسيا ، مع هذا الاحساس ( الكاذب ) بأن الانسان قد امتلك القدرة على الأرض بل يتطلع الى السيطرة على الكواكب القريبة . هذا الحال الذى وصلنا اليه والذى يتطور فى كل دقيقة الى المزيد جاء وصفه فى قوله تعالى (حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) ( يونس 24 ) هذا التفصيل لقوم يتفكرون يستدعى المزيد من الربط بين التقدم العلمى المتصاعد باضطراد سريع وبين الاقتراب السريع من ساعة الصفر الالهية حين يحل العدم بالعالم وتقوم الساعة
هنا لا نتحدث عن قرون، ولكن عن اقتراب شديد من قيام الساعة ، مع التأكيد بأنه لا يعلم تحديد وقتها سوى رب العزة
وهنا نرد على الذى يشيع الان على المستوى العلمى والتقنى فى أمريكا وتتحدث عنه البرامج التليفزيونية وتتحدث عنه بجدية شديدة تؤكد أن عام 2012 هو نهاية العالم طبقا لحسابات مختلفة منها ما تم بالكومبيوتر. هذا نرفضه ، ولكن نسجل وجود قلق إنسانى من اقتراب قيام الساعة ، وأن هذا القلق يصدر الآن ليس من علماء دين أو منجمين ولكن من هيئات علمية تتحدث فى أمور مادية ، وتعلن ما تتوصل اليه على الناس
2
ـ ثانى علامات الساعة ، لم نره بعد ، ولذا فقد يكون محل سخرية لمن لا يؤمن بالقرآن الكريم ، ولكن سيأتى الوقت الذى يشهده الناس دليلا على إعجاز القرآن فى آخر الزمان ، إنه خروج دابة من الأرض تكلم الناس وتعظهم : (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ ) ( النمل 82 ) أى دابة ستخرج من باطن الأرض لتقول للناس إنهم لا يوقنون بآيات الله جل وعلا . والآية بعدها تتحدث عن الحشر (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ ) أى إن خروج هذه الدابة سيكون قبيل قيام الساعة
ومصطلح (دابة ) يعنى فى القرآن الكريم كائن حى متحرك بارادته ، يسرى هذا على البشر الى الكائنات ذات الخلية الواحدة مما نعرفه وما لا نعرفه . والدابة هنا تتكلم بلغة يفهمها البشر مع اختلاف ألسنتهم ،اى تتكلم بلغة موحدة يفهما الجميع ، ربما تكون لغة الأرقام فهى اللغة العالمية الحاسمة التى لا خلاف حولها ، والتى يفهمها الجميع فى عصرنا حيث الثورة العلمية الرقمية بدءا من (الديجيتال ) فى التصوير الى علوم الفلك والذرة
وهناك ارهاصات لآية خروج الدابة من الأرض نجدها فى البرامج العلمية التليفزيونية المصورة عن حيوانات تشبه الانسان تعيش فى الغابات والجليد ، تم تصويرها ولكن لم يتم العثور إلا على آثار أقدامها، وتنشط بعثات علمية للعثور عليها ، وبعضها تم العثور على عينات من دمه ، وقالوا إن جيناته الوراثية قريبة من البشر ، ولكنه ليس من البشر. والكلام عن هذه المخلوقات (شبه البشرية ) سبق قوله فى التراث السابق ، ولا يزال فى اقاصيص القبائل التى تعيش فى الغابات حتى عصرنا الحالى. وهى تتسمى فى كل مكان بلقب خاص ، ومثلا فإن القزوينى فى كتابه (آثار البلاد واخبار العباد ) تحدث عن ( إنسان الصين ) وهو بين القردة و الانسان ، ووصفه بنفس الوصف الذى تتحدث عنه البعثات العلمية المعاصرة ، ومن الغريب عجز كل الأدوات العلمية عن الامساك بواحد من تلك الدواب ، يراه البعض رؤية عارضة ثم يختفى المخلوق ، ولكن أمكن تسجيلها مصادفة بالكاميرا
ظهور تلك المخلوقات فجأة وإختفاؤها فجأة قد يوحى بأنها تخرج من باطن الأرض
قد لا تكون هناك علاقة بين ما ذكره رب العزة من خروج الدابة وتلك المخلوقات الغريبة التى تظهر فجأة و تختفى فجاة دون أن يمسكها أحد حتى فى عصرنا المتقدم، ولكنه رد العلم الحديث المعاصر على من ينكر مقدما كلام الله جل وعلا عن دابة غريبة ستخرج من الأرض تكلم الناس
3
ـ آخرعلامات قيام الساعة ، وهو فى الدقائق القليلة قبل (ساعة الصفر )هو خروج يأجوج ومأجوج . ولنا فيه بحث علمى انشغلنا به منذ الثمانينيات ، نجمع له المادة العلمية من الصحف و الكتب وترجمات قمت بها بنفسى لبعض تلك الكتب العلمية ، وفى العام الماضى بعثت مع عمرو ثروت بمسودة لهذا الكتاب عن ( يأجوج ومأجوج : بين القرآن والعلم الحديث ) فقبضوا عليه وصادروا جهدا علميا استغرق عدة سنين..!!. 
الحديث عن يأجوج ومأجوج جاء مباشرا فى قوله جل وعلا : (حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلا قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّور فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا ) ( ـ الكهف ـ 93 : 99 ) (وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ )( الأنبياء 95 : 97). 
والحديث القرآنى غير المباشر عن يأجوج ومأجوج جاء فى معرض خلق آدم وكونه خليفة فى الأرض يخلف قوما كانوا فيها مفسدين فى الأرض ويسفكون الدماء : (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) ( البقرة 30 ). وفى حديث جل وعلا عن (الاستخلاف ) وعن إمكانية ( التبديل) بالاتيان بخلق آخر ليحل محل الانسان
والمستفاد من القرآن الكريم أن يأجوج ومأجوج كانوا هم المتحكمين فى هذه الأرض قبل نزول آدم وتكاثر ذريته فيها ، وبمجىء آدم وذريته فان المنتظر أن يبيدهم يأجوج ومأجوج باعتبار أنه كانت لهم السيطرة ، وحتى تتحق خلافة آدم وأبناء آدم على الأرض وينالوا حظهم من التطور ، وحتى لا يبيدهم يأجوج ومأجوج فقد أرسل الله تعالى (ذا القرنين ) ألذى أدخل يأجوج ومأجوج فى باطن الأرض وبنى عليهم سدا أو ردما ، فأصبحوا داخل جوف الأرض وتأقلموا على ذلك ، وأتيحت الفرصة لبنى آدم ليحققوا خلافتهم على سطح الأرض وليتطوروا نفس التطور الذى عاشه يأجوج ومأجوج من قبل ، ثم قبيل زلزال الأرض الأعظم الذى يخرج من الأرض أثقالها ( سورة الزلزلة ) يحس به يأجوج ومأجوج فيدمرون السد ويخرجون الى سطح الأرض يختلطون بالبشر يموج بعضهمم ببعض لحظة الفزع الرهيب عند قيام الساعة وتدمير العالم . أى إن يأجوج ومأجوج كانوا على سطح الأرض قبل الجنس البشرى ثم انتقلوا الى باطن الأرض ولا يزالون موجودين فيها ، وسيظلون هكذا الى أن يخرجوا الى من باطن الأرض الى سطحها قبيل تدمير العالم وحلول ساعة الصفر
قد يكون هذا أيضا فرصة لمن يريد السخرية بالقرآن الكريم ، ولكنه التفسير الوحيد لألغاز ثلاث لا تزال تحتار فيها البشرية فى أوج تقدمها العلمى . وهنا يقع الجانب العلمى من كتابى ( المأسوف عليه ) : ( يأجوج ومأجوج بين حقائق القرآن والعلم الحديث ) الذى يربط يأجوج وماجوج بظواهر علمية ثلاث تعتبر ألغازا ولا تزال ، وهى لغز الحضارات المنقرضة التى سبقت وجود الجنس البشرى والتى وصلت الى تقدم علمى وتقنى لم يصل اليه الجنس البشرى حتى الان ، ولغز الأطباق الطائرة بسرعات خيالية ، ولغز الاختفاءات الغامضة للسفن والطائرات الحربية والمدنية فى أماكن محددة بحيث يستحيل إنقاذها أو العثور على حطامها . هذه الظواهر الثلاث هى دليل على وجود حضارة يأجوج ومأجوج قبل وجود البشر ، ودليل على وجودهم حتى الآن فى باطن الأرض يراقبون البشر على سطحها، بينما لا يزال البشر فى أوج تقدمهم العلمى حائرين فى تفسير الظاهر الثلاث ، والأغلب منهم ينسبها لحضارات فى الكواكب الأخرى ، ولا يعرفون أنها فى باطن الأرض
أول من فجّر هذه الألغاز ، كان العالم الألمانى ايريخ فون دنكة فى كتابه ( مركبات الآلهة ) والذى نشر معلوماته الكاتب أنيس منصور فى كتاب عن الذين هبطوا من السماء ، وللمؤلف دنكة كتبه اللاحقة مثل ( ذهب الآلهة ) و(معجزات الآلهة ) وهو يتحدث عن تقدم علمى هائل فى حضارات قديمة منقرضة قبل وجود الانسان ، ويعززها بالصور . وعلى منواله كتب لاحقون. وثانى هذه الألغاز : الأطباق الطائرة التى تهبط من السماء أو تصعد من جوف البحار ، وثالث الألغاز هى مسلسل إختفاء السفن و الطائرات فى أماكن محددة برية وبحرية وعلى مسافات محددة فى الكرة الأرضية ، وأشهر تلك الأماكن مثلث برمودة على الساحل الشرقى الأمريكى ، و نظيره بالقرب من اليابان
والمؤلف الأمريكى تشارلز بيرلتز هو صاحب اشهر كتاب عن مثلث برمودة ، ولكن الكتابة عن هذا المثلث لم تنقطع .ويمكن على الانترنت قراءة المزيد ،بالاضافة الى ما تعرضه القنوات التليفزيونية والتاريخية مثل ديسكفرى و قناة العلم وهيستورى و الجغرافية الوطنية .. وكلها قنوات متخصصة جادة . والآراء تختلف فى تفسير هذه الألغاز ، وأشهرها الاعتقاد بوجود كائنات فضائية ، وأقلها شهرة هى وجود حضارة متقدمة داخل باطن الأرض ، وأصحابها قلقون على كوكب الأرض فيقومون بمتابعة ما يفعله البشر بسطحها . أى هم يأجوج ومأجوج
وفى الاسبوع الماضى استضاف المعلق الأمريكى لارى كنج فى برنامجه على السى إن إن مجموعة من الخبراء يتكلمون عن الأطباق الطائرة ودورها فى اسقاط الصاروخ الأمريكى ، وتركز الخلاف ليس عن وجودها ولكن حول تحديد مصدرها. وربما تكون الجمعيات الخاصة بمتابعة الأطباق الطائرة هى أكثر الجمعيات انتشارا وتنوعا فى أمريكا ، وهو حديث شرحه يطول
لا أعرف أن كنت سأعيش لأعيد كتابة هذاالبحث عن يأجوج ومأجوج بعد أن أتلف جيش مبارك الشهم الشجاع مادة علمية ظللت أجمعها على مدار السنين من عام 1980 . ولكن أرجو أن نتعاون معا ( أهل القرآن ) فى أعداد هذا الكتاب مزودا بكل المكتشفات المتاحة على الانترنت ، لنقدم للبشرية خدمة التذكير بقيام الساعة قبيل (ساعة الصفر) . 
أخيرا : هذه الأرض 
العلم الحديث ـ كما تعكسه القنوات الفضائة العلمية الأمريكية ـ يعترف بعجزه عن إدراك أسرار الكوكب الأرضى ، ولا يزال يحاول كشف أسرار أعماق المحيطات ، ويأتى بالجديد والمذهل من حيوات فى الأعماق البحرية المظلمة ، من أصغر المخلوقات الى أعظمها حجما من أنواع الحبار و الأخطبوط . وكلما أوغل فى البحث اكتشف المزيد من تيارات بحرية غامضة وأنهار عذبة داخل المحيطات وفى جوف الأرض وفى القطبين الشمالى والجنوبى، مما يجعل إكتشاف الكوكب الأرضى أكثر تعقيدا من إكتشاف الكواكب والمجرات البعيدة . ويدور الحديث عن مستويات مختلفة للوجود الحى داخل الأرض( Dimensions ) كلها فى نفس المكان مع اختلاف المستوى ، وربما يقربنا هذا من فهم حديث رب العزة عن وجود مستويات سبعة للأرض توازى المستويات السبع للسماوات( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ) ( الطلاق 12) . 
يعرف البشر الفزع فى الكوارث الطبيعية كالأعاصير والزلازل والبراكين ، وكان آخرها تسونامى ، ومعروف ان القشرة الأرضية هى التى تغطى باطن الأرض الذى يحتدم بالصخور الملتهبة السائلة تحت ضغط هائل ، ومع أن الجبال هى (الرواسى) التى تقوم بتثبيت القشرة الأرضية بعد أن تم تجمدها وتصلبها.والتى لولاها لانخسفت القشرة الأرضية بما عليها ومن عليها : (وَجَعَلْنَا فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ) ( الأنبياء 31 ) وهى (الأوتاد) التى تثبت القشرة الأرضية فوق الباطن الملتهب (وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا )( النبأ 7 ). إلا أن التغيير والتعديل ينجم عنه الزلازل و تسرب الماجما او اللافا الى خارج القشرة الأرضية فى البراكين ، وقد تكون هائلة فتسبب أعاصير كما حدث فى تسونامى
فكيف هذا بزلزال القيامة الأخير التى تعبر عنه سورة الزلزلة: (إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا ) ؟. عندها تتحول المحيطات الى متفجرات ، فالماء (الذى يتكون من ايدرجين يساعد على الاشتعال وايدروجين الغاز المشتعل) سيحول البحار والأنهار الى حميم يصعب تخيله ، يسميه رب العزة بالبحر المسجور أى الذى تحول الى لهب مستعر ،أى تتدمر القشرة الأرضية من أسفل ومن أعلى ، ويصل الدمار الى حزام الأوزون وهو السقف الذى يحفظ الحياة على الأرض ، يقول تعالى عن بعض ملامح القيامة (وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ مَا لَهُ مِن دَافِعٍ يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاء مَوْرًا وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) ( الطور 1 : 11 ). السقف المرفوع هو حزام الأوزون ،وقد قال جل وعلا عن وظيفته فى الدنيا (وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَّحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ ) (الأنبياء 32 ) وقد سبق رب العزة فى الاشارة الى حفظ الحياة الأرضية بتغليفها بسقف محفوظ . ونحن الآن نشهد تغيرا مزعجا فى المناخ وارتفاع الحرارة و زيادة نسبة ثانى أكسيد الكربون و ذوبان عمامة الثلج التى تغطى قطبى الأرض ، مما يهدد بارتفاع مستوى البحر و غرق مناطق ساحلية كثيرة فى العالم
وبدأ ( الفزع ) العالمى يتجلى فى عقد مؤتمرات عن (الأرض ) ويناقش مستقبلها القاتم فى ظل انتشار التلوث الصناعى والنفايات الذرية و سوء التعامل مع الطبيعة والتوازن الذى يحكمها
ويعرف البشر الفزع حين يتخيلون الثقب الأسود فى الفضاء الناجم عن تفجر نجم وتحوله الى ما يشبه ( عفريت نجم ميت ) ، ويبتلع هذا الثقب ملايين النجوم فى داخله فيما يشبه بروفة مصغرة لأحداث القيامة ، وفى سلسلة من البرامج التليفزيونية تحت عنوان ( نهاية العالم ) يتحدثون عن احتمالات تدمير الكرة الأرضية بارتفاع الحرارة التدريجى بسبب ثقوب فى غلاف الأوزون الذى يحمى الحياة الأرضية، كما يتحدثون عن ثقوب فضائية كثيرة تقترب من المجموعة الشمسية ، بالاضافة الى أخطار أخرى محتملة تهدد بابادة الحياة على الأرض ، منها الأوبئة من الجراثيم المصنّعة ، والشهب والنيازك والمذنبات .. ما يعكس فزعا مقدما لسيناريوهات يرونها قادمة
هذه الأرض يجعلها الله جل وعلا فى معيار الخلق مساويا للسماوات السبع ، فيتكرر فى القرآن الكريم الحديث عن خلق السماوات والأرض ، مع أن الأرض لا تصل الى ذرة بالمقارنة الى الكون المادى بمجراته ، وذلك الكون بمجراته ونجومه هو مجرد مصابيح فى السماء الدنيا ، فكيف بما بعدها. أى إن للأرض مع ضآلة حجمها وزنا أكبر من الكون الذى نراه ،لأنها المهيأة للحياة فوقها ، ومنها حياة البشر وقبلهم يأجوج ومأجوج ، ثم تأتى القيامة بتدمير هذه الأرض والسماوات السبع وما بينهما من كون نراه لا نهائيا بنجومه ومجراته فيصبح يوم القيامة صفرا ، ويأتى اليوم الآخر بأرض جديدة خالدة وسماوات جديدة خالدة أيضا ،ويكون عندئذ الفزع الأكبر للمجرمين الظالمين الذين لم يقدروا الله جل وعلا حق قدره .يقول جل وعلا : (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا ... ) ( الزمر 67 : 73

والله جل وعلا هو المستعان..

 

الملحق الثانى :

 الفزع الأكبر وقيام الساعة

آحمد صبحي منصور في الجمعة 16 يناير 2009


  

مقدمة
فى المقال السابق عن الفزع الأكبر وعلامات الساعة تسارعت التعليقات ، وقد أجبت على بعضها ، وأشير بسرعة الى بعض النقاط ، وقد كررت الحديث عن بعضها من قبل
1
ـ هناك فارق بين علامات اقتراب الساعة ، وأحداث قيامها أو مظاهر قيامها، والمقال السابق تكلم عن علامات إقتراب الساعة ، وهذا المقال سيشير الى أحداثها . ومن الفارق بينهما أن الإشارة لأشراط الساعة جاء فى الوحى لموسى وجاءت تفصيلات فى علامات اقتراب الساعة فى الوحى القرآنى لمحمد عليهما السلام ، أما وقوع الساعة نفسها فسيكون بغتة كلمح البصر أى بأسرع من الضوء. وتعبير (علامات الساعة ) هو الشائع ، ولقد حرصت على تصحيحه بالقول (بعلامات اقتراب الساعة ) مهتديا بكلامه جل وعلا عن اقتراب الساعة فى مطلع سورة القمر، واقتراب يوم الحساب فى مطلع سورة الأنبياء.

المزيد مثل هذا  2 ـ الآية 61 من سورة الزخرف (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ) تتحدث عن القرآن الكريم باعتباره (علم للساعة) ، وجاءت الاية الكريمة فى سياق الرد على جدال المشركين مع كتاب الله وطلبهم معجزة حسية مثل التى كانت لعيسى عليه السلام :( الزخرف 57 : 62
3
ـ ألآية 10 من سورة الدخان : (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ ) لا علاقة لها بالساعة ولكنها خطاب للنبى محمد عليه السلام ولقومه ، وهذا ما يؤكد السياق قبل الاية وبعدها ( الدخان 9: 17 ) ويشرحه ما جاء فى سورة (المؤمنون 72 : 77) . 
4
ـ كررنا كثيرا أن الغيب لله جل وعلا وحده ، وأنه ليس لبشر أن يتحدث فى الغيبيات خارج القرآن الكريم ، ومن يفعل فقددخل فى الخرافة طالما أن خاتم النبيين نفسه لم يكن يعلم الغيب. وبالتالى فهناك غيبيات مذكورة فى القرآن ، منها ما حدث فى الماضى ، ومنها ما سيحدث فى المستقبل ، ومنها ما اسماه الله جل وعلا (علم الساعة )، وكلها لم نرها ولكن نقرأ عنها فى القرآن الكريم ، ويسميها علماء التراث ( السمعيات). 
والله جل وعلا ذكرها ضمن آيات الاعجاز القرآنى لنتدبر فيها ونتعظ ، والتدبر فيها يكون بفهمها من داخل القرآن ، وبالتطبيق على أحدث ما يصل اليه العلم البشرى . ونحن فيما نفعل قد نخطىء وقد نصيب . وفى كل ما نفعل ليس ترفا فكريا بعيدا عن واقع المسلمين وحاجتهم الى الاصلاح ،بل هو أساس فى الاصلاح ، إنه الانذار والوعظ لمن أعمته الدنيا بأن نؤكد له بالقرآن الكريم على أنه آن الأوان ليراجع نفسه ، فالموت آت ، والساعة تقترب ، وقد أكد الله جل وعلا على اقترابها منذ أكثر من 1430 ، وأن الفزع الذى يلحقه المجرمون والطغاة بالمؤمنين الصابرين والمستضعفين فى الأرض سيلقون فزعا أشد منه وأقسى، هوالفزع الأكبر الذى يدوم ولا يزول
5
ـ فى الحديث عن (الفزع الأكبر ) لا بد من الاشارة المقتضبة الى مصدره ، وهو قيام الساعة وأحوال القيامة، وهو موضوع كتاب لم يكتمل ، بعنوان :( حقائق يوم القيامة بين القرآن والعلم الحديث )، بدأته فى الثمانينيات تأثرا بكتاب للدكتور عبد المحسن صالح يرحمه الله بعنوان ( هل لك فى الكون من نقيض ) يتحدث فيه عن خلق الكون وانقسامه الى كون وكون نقيض من لحظة الانفجار العظيم ،وامتدادهما بيضاويا ، واحتمال انفجارهما حين يلتقى الكون والكون النقيض. قرأت هذا الكتاب فوجدته يتطابق مع آيات قرآنية ، فلبثت أشهرا أجمع المادة العلمية لبحث :( حقائق يوم القيامة بين القرآن والعلم الحديث )، ومنها أستقى هذا المقال
الاشارة المقتضبة لأحداث الساعة وقيام القيامة يعنى أن الموضوع الأصلى هنا هو الفزع الأكبر ، وأنه سيكون بحجم الهول يوم القيامة، ولكى نتخيله فلا بد من الاشارة الى أحداث الساعة وقيام القيامة. وهذا الاختصار يعنى ايضا أن التفصيلات الخاصة بالساعة ليس مكانها هنا ، حتى نوفر مقدما عبء التساؤل عن التفصيلات ونؤجلها الى حين نشر الكتاب المشار اليه بعون الله جل وعلا
بقى أن نقول إن نهاية هذا العالم ووصوله الى نقطة الصفر مرتبط ببداية خلق هذا العالم من نقطة الصفر ، أى أن قيام الساعة وتدمير هذا الكون والسماوات والأرض ومابينهما مرتبط بخلق هذا الكون والسماوات والأرض وما بينهما
أولا :ـ 
موجز بعض ما جاء فى كتاب الاستاذ الدكتور عبد المحسن صالح وغيره ، وتأييده بما جاء فى القرآن الكريم
1
ـ الانفجار الكبير
يقول د. عبد المحسن صالح فى كتابه المذكور ص 123 : عن الانفجار الكونى الهائل الذى نتج عنه خلق الكون : ( إن الكون فى بدايته كان مجتمعا على هيئة مادة مكدسة الى أبعد الحدود ، ولما زاد الضغط فيها الى مستويات لا يمكن تصورها انفجرت على هيئة أجزاء متناثرة أخذت تبتعد وتتمدد الى يومنا هذا ). عندما قرأت هذا لأول مرة تذكرت قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ) ( الأنبياء 30 ). الرتق هو ما ليس فيه مسام أوثقوب ، والفتق هو الانفجار ، والمعنى أن السماوات السبع والأرض كانتا نقطة واحدة مركزة فانفتقت أو انفجرت ، وتكون منها السماوات السبع (التى لا ندركها ) والأرض التى نعيش فيها ، ومابينهما من مجرات ونجوم وكواكب تلمع فى الفضاء ، ويفصل بينها مسافات تعد بحساب السنين الضوئية
عن هذا الانفجار يقول بعضهم إنه قد حدث من 18 ألف مليون سنة ، وقد اكتشف العلماء عام 1965 صدى لموجات كهرومغناطيسية ضعيفة بواسطة الراديو تيليسكوبات ، فسرها العلماء بأنها صدى ذلك الانفجار الهائل الذى شكّل الكون ، والذى لا يزال يتردد حتى الآن
وقد نشرت صحيفة الأخبار المصرية فى 14 نوفمبر عام 1989 أن وكالة ناسا الأمريكية بدأت فى ذلك الشهر تنفيذ برنامج علمى يتكلف 400 مليون دولار يستخدم قمرا صناعيا لدراسة الاشعاعات المتخلفة عن الانفجار الأكبر الذى وقع من 15 بليون عام ، وتمخض عنه قيام الكون بما فيه من كواكب ومجرات . وفى 11 أبريل عام 1990 نشرت نفس الصحيفة تحت عنوان ( ديسكفرى فى مهمة تاريخية بالفضاء لكشف أخطر أسرار الكون ) : ( يعلق العلماء الكثير من الآمال على مهمة التليسكوب العملاق (هابل ) الذى يطلقه المكوك ديسكفرى اليوم الى مدار كونى ييسر له متابعة حركة المجرات والنجوم والشهب ورصد أدق الظواهر بدقة متناهية تعادل عشرة أضعاف ما تم التوصل اليه حتى الان . وتشمل المهمة التى تستغرق 15 عاما : تحديد تاريخ نشأة الكون على وجه اليقين ، حيث تشير النظريات السائدة الى إنه يرجع لانفجار كبير وقع منذ فترة تتراوح بين عشرة الى عشرين مليار سنة ضوئية.. ). 
2
ـ امتداد وتوسع الكون ـ 
بمجرد الانفجار أخذ الكون فى التمدد والتوسع ، مصداقا لقوله جل وعلا : (وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ) ( الذاريات 47 ) أى أن الله جل وعلا سيجعل توسع السماء عملية قائمة ثابتة مستمرة ، والتعبير جاء بالجملة الاسمية (وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ) التى تفيد الاستمرار والثبات على نفس الفعل
وفى الصفحة العلمية لجريدة الوفد المصرية (29 يولية 1987 ) وتحت عنوان ( الكون فى حالة تمدد بسرعة هائلة وفى جميع الاتجاهات ) إشارة الى نظرية (الميل الأحمر ) والتى على أساسها قدر العلماء عمر الكون الذى بدأ بانفجار هائل ، ومن وقتها بدأ الكون يتسع ، وزيادة الميل الأحمر يدل على أن الكون آخذ فى الاتساع و التمدد، ويقول العالم الابريطانى فرايد إنه كلما اتسع الكون ظهرت فيه تكوينات جديدة من النجوم لملء الفراغ. ومما أكد للعلماء تمدد الكون حركة النجوم المستمرة وعدم ثبات المسافة بينها. وبعد أبحاث استمرت عشرين عاما قال العالم الأمريكى الين سانديج ان سرعة تمدد الكون هى 235 مليون ميل فى الدقيقة ، وأن هذا التمدد بدأ من 18 بليون سنة ، وأن الكون يتمدد بسرعة منتظمة فى جميع الاتجاهات .. وفى عام 1974 أعلن أربعة علماء فى الفلك برئاسة د. ريتشارد جوت من جامعة تكساس أن الكون فى حالة تمدد غير محدد المدى ولا نهائى ، ويقولون أنه طبقا لنظرية اينشتاين فى النسبية فإن الكون (مقوس ) يأخذ الشكل الدائرى بالتقاء الأقواس ،أو إنه اتخذ الشكل الدائرى فعلا من بلايين السنين
والمهم لنا هنا أن ما أكده المقال من أن نظرية النسبية لاينشتاين عام 1916 تؤكد بالمعادلات الرياضية أن الكون فى حالة تمدد مستمر ،وأنه (مقوس )، وأكد نفس الحقيقة العالم الروسى فريدمان عام 1922
والسؤال هنا : ماهى الصلة بين الانفجار الأكبر الذى نتج عنه خلق الكون ، ثم تمدد الكون الى ما يقوله رب العزة عن قيام الساعة وتدمير ذلك الكون ؟ تتاتى الصلة من عاملين : الأول : سبقت الاشارة اليه وهو أن تمدد الكون يأخذ شكل القوس الدائرى ، والثانى هو موضوع كتاب الدكتور عبد المحسن صالح عن الزوجية فى الكون أوالمادة النقيضة
3
ـ الزوجية وتدمير الكون عند الالتقاء
قبل أن نوجز ما قاله د. عبد المحس صالح فى كتابه نستشهد بقوله جل وعلا عن تمدد الكون : (وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ وَالأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) ( الذاريات 47 : 49 )،أى أن الله جل وعلا ذكر تمدد الكون وألحق به أن كل المخلوقات تتألف من زوجين (وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ )، أى سالب وموجب ،او المادة التى نعرفها والمادة النقيضة لها. أى أن هذا الامتداد تفرع الى اتجاهين نقيضين ،أحدهما هذا الكون والآخر هو الكون النقيض
أى إن الانفجار الكبير ( البج بان ) قد نتج عنه خلق كونين نقيضين ، وكلاهما يتمدد مبتعدا عن نقيضه، ولكن التمدد يأخذ الشكل البيضاوى الدائرى ، مما يجعلهما يلتقيان فى النهاية، وعندما يلتقيان ينفجران ويتبددان ، ويعود الحال الى نقطة الصفر الأولى، وهذه هى القيامة التى تمثل نهاية الدورة فى الخلق . وأوجزها الله تعالى فى هذه الصورة المجازية الرائعةعن قيام الساعة : (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ)(الأنبياء 104 ). أى فهذا الكون ( من السماوات والأرض وما بينهما من نجوم ومجرات ) مثل كتاب انفتح فانقسم الى جزئين ذهب كل منهما فى اتجاه مناقض للآخر ، ثم يعودان الى الالتقاء ليحل العدم
وننقل بعض ما قاله د. عبد المحسن عن الكون والكون النقيض ، يقول ص 120 : ( المادة والمادة النقيضة لا بد أن تتساويا تماما ، بمعنى أن نصف الأجرام السماوية من المادة ونصفها الآخر من المادة النقيضة ، وهنا نستطيع القول بألأن مبدا الازدواجية قد اكتمل على مستواه الكونى ) . ويقول ص 52 : 53: ( فى عام 1977 توصا العلماء الى تخليق نواة نقيضة لذرة الايدروجين عندما نجحوا فى السيطرة على تجميع بروتون نقيض فى نواة ، ولكن النواة النقيضة ما لبث أن ماتت فى لحظة خاطفة لتتحول الى موجات كهرومغناطيسية . وأصبح بالامكان تخليق الايدروجين النقيض والكربون النقيض والاوكسجين النقيض والنتروجين النقيض . والذرة النقيضة لا تختلف عن الذرة العادية فى صفاتها الطبيعية أو الكيمائية ،فلا تستطيع أن تفرق بين الذهب والذهب النقيض،أو الماء والماء النقيض ، ولكن ليس هناك مكان واحد على كوكبنا نستطيع أن نحتفظ فيه بقطرة ماء نقيض ، اللهم إلا إذا أوجدنا لها فراغا مطلقا على أرضنا لتقف معلقة فيه بحيث لا تقربها ذرات عالمنا . والانسان مهما بلغت وسائله العلمية لا يستطيع ان يتوصل الى خلق فراغ مطلق ، ولهذا لا يمكن ان تعيش أى ذرة نقيضة فى عالمنا إلا لحظة وجيزة ، وبعدها تفنجر بمجرد ملامستها لأى ذرة أرضية، وتختفى على هيئة موجات إشعاعية تنطلق فى الكون بسرعة الضوء. إن الفارق بين الذرة فى عالمنا والذرة نقيضها هو أن الذرة النقيضة معكوسة الشحنات والمجالات والأقطاب المغناطيسية وحركة الدوران) . 
وتحت عنوان (المادة و المادة المضادة فى الفضاء الخارجى ) قالت الصفحة العلمية فى جريدة الوفد بتاريخ 2 سبتمبر 1987 : ( تعتبر الأجسام المضادة فى الفضاء الخارجى اكثر فروع العلم تعقيدا ، حيث أن كل ما نشر عنها مجموعة أبحاث غامضة . ويقول العالم الذرى الفرنسى جان دوبليس رئيس معهد التطبيقات النووية فى ساكلاى :إن اكتشاف الاجسام المضادة يفتح بابا واسعا لاحتمالات الخطر الذى يمكن أن يتعرض له رواد الفضاء فى رحلاتهم حول الأرض أو الى القمر أو فى رحلات أطول فى المستقبل ،إذ أنه عند إلتقاء الجسم مع مادة مضادة فى الفضاء الخارجى يتلاشى الاثنان ، وتنطلق طاقة هائلة. ) 
ونعود الى د. عبد المحسن ليشرح لنا ماذا يحدث عن التقاء المادة بالمادة النقيضة أو المضادة : يقول ص 20 :( إذا تقابل اليكترون بضده فلا بد أن يفنى أحدهما الاخرفناءا تاما ، وتتحول مادتهما الى حالة موجبة أو الى ومضتين حارقتين تجريان فى الكون بسرعة الضوء. ومعناه أن الاليكترون ونقيضه يولدان معا فى نفس اللحظة وفى نفس المكان،ويموتان معا لو تقابلا فى أى زمان ومكان). ويقول ص 55 : ( كل ما حولك وما فيك قد إتخذ صورة المادة ، ولكنها مادة مجسدة من طاقات جبارة أو إشعاعات مدمرة . لنفترض أنك تمسك بيدك زجاجة بها لتر من لبن ، وانك خلطته ـ مجرد فرض ـ مع لتر آخر من لبن نقيض ، عندئذ يختفى كل اللبن ويختفى كل ما حولك حتى لو كان مدينة كبيرة بها ملايين البشر، فقد تحول اللبن ونقيضه من حالتهما المادية الى طاقات جبارة تهلك الناس والحجارة . ونظرية النسبية تقول : الطاقة = الكتلة بالجرامات مضروبة فى مربع سرعة الضوء بالسنتيمتر فى الثانية. أى 2 لتر من اللبن = 2000 جرام ، وسرعة الضوء فى الثانية = 30 ألف مليون سم ،إذن فالطاقة = 2000 مضروبة فى 30 ألف مليون مضروبة فى 30 ألف مليون أرج . والأرج هو وحدة الطاقة . اى يساوى 18 وامامها 23 صفرا . وبالتفجير العملى = 44 مليون طن من مادة ت.ن .ت شديدة الانفجار ،أو 2200 قنبلة ذرية من نوع هيروشيما ) كل ذلك من افتراض التقاء لترى لبن نقيضين . ويتساءل فى ص 142 : ( ماذا يحدث لو التقى نجم مع نجم نقيضه ؟ لالتهم احدهما الاخربعنف لا يمكن تصوره ، وكأنها القيامة )..!!ونكتفى بهذا لنتخيل التقاء هذا الكون كله ( السماوات والأرض وما بينهما ) بنقيضه . هنا تقوم القيامة ، ويتم تدمير العالم كله
4
ـ ونحن نعرف قيام هذه الحياة على الزوجين الذكر والأنثى فى الحيوان والانسان والنبات ، ثم وصل العلم الى سريان قانون الزوجية الى الاليكترون والاليكترون النقيض ، والمادة و المادة النقيضة ، والكون والكون النقيض . وسبق القرآن الكريم فى الاشارة الى تعميم قانون الزوجية ليشمل كل الخلق ، فالله جل وعلا وحده هو (الأحد ) وما عداه من الخلق يقوم على الزوجية ، سواء كان كائنا حيا من البشر والملائكة والجن والشياطين والحيوانات والنبات ،أم مادة جامدة من ذرات وكواكب ونجوم ومجرات وسماوات، يقول تعالى :(وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )( الذاريات 47 : 49 ) ويقول :( وَالَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا )( الزخرف 12 ). ومهما وصل بنا العلم فلن نعرف كل الخلق ، حتى ما كان منه فى عالمنا ، فكيف بنقيضه وهو ما لا نعلمه ، يقول جل وعلا : (سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ ) ( يس 36 ). والسماوات السبع تخرج حتى الآن عن نطاق علمنا ، فكيف بنقيضها ؟ 
وحتى نتخيل الفزع الأكبر لمن سيشهد من البشرالانفجار الأكبر القادم والذى سيدمر العالم، دعنا نتذكرالحسابات التى أجراها د. عبد المحسن صالح عن الانفجار الذى يحدث عند التقاء لتر واحد من اللبن بنقيضه ، وهو يساوى 2200 قنبلة ذرية من نوع هيروشيما ، فكيف عندما ينتج الانفجار عن التقاء السماوات والأرض وما بينهما من مجرات بنقيض ذلك كله ؟ وعلى قدر هذا الانفجار سيكون الفزع الأكبر للبشر حينها
ثانيا : تدمير العالم لن يكون بسبب داخلى بل بسب إلتقاء الكون والكون النقيض
1
ـ وبعض العلماء فى عصرنا يتوقعون نهاية العالم باصطدام (نيزك ) بالأرض ، أو اصطدام نجم مع الشمس أو بوقوع الشمس فى نطاق ثقب أسود ، أو وصول الشمس الى درجة الهرم وانفجارها من الداخل لتتحول الى ثقب أسود ، ويضعون تقديرات لهذا تصل الى بلايين السنين . ولكن نفهم من القرآن الكريم أن تدمير العالم لن يأتى من الداخل بل سيأتى عندما يلتقى الكونان النقيضان فيعود العالم الى نقطة الصفر والعدم
2
ـ والله جل وعلا يستعمل فى القرآن الكريم المجاز فى اللسان العربى ليقرب لأفهام الناس الغيب الماضى وغيب المستقبل ، وما يستحيل عليهم إدراكه بعقولهم البشرية المرتبطة بأحوال الدنيا والعالم المرئى،أو (عالم الشهادة). 
ومن المعروف ان التساوى بين قوتى الجاذبية الأرضية وقوة الطرد المركزى هى التى تحفظ وضعية مسار كل الكواكب والنجوم ، وقد جاء التعبير القرآنى عنه بأن الله جل وعلا يمسك السماوات والأرض ، أى إن قوانين الجاذبية و الطرد المركزى تسرى على ما لا ندركه من السماوات السبع فى هذا العالم ، يقول جل وعلا :(إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَن تَزُولا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ) ( فاطر 41 )،أى فالتحكم فى السماوات والأرض بالبقاء أو الفناء بيد الله جل وعلا وحده ،وعليه فعندما يأذن الله فسيتم تدمير هذا العالم كله ، بأن ينهار نظام التحكم فيه ، يقول جل وعلا : (وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ)(الحج 65). 
3
ـ والحسابات الرياضية هى التى وصل بها اينشتاين فى مكتبه الى نظرية النسبية ، والحسابات الرياضية هى الى تمكن العلماء فى فهم ألغاز الفلك وهم فى معاملهم دون أن يتكلفوا الصعود الي الفضاء الخارجى ، لأن حساباتهم الفلكية تحملهم إلى أبعد ما يتصورون . ومن حساب حركة الشمس وحركة القمر اتخذ الانسان تقاويمه الشمسية و القمرية: يقول تعالى :(الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ) أى أن هذا النظام الكونى يخضع لحسابات دقيقة ،أو ميزان دقيق ، يفسره قوله تعالى (وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ )(الرحمن 5 ، 7).والميزان هو ما نسميه بالتوازن فى (الطبيعة ). وعندما يأذن الله جل وعلا فسينهار هذا الميزان فيتدمر كل شىء موجود الآن
4
ـ وبعض الايات التى تشير الى إعجاز علمى فى القرآن تؤكد هذا النظام الدقيق لحركة الكون ، يقول تعالى عن قانون الزوجية :(سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ) وبعده يشير الى آية تتابع الليل و النهار نتيجة دوران الأرض حول نفسها وحول الشمس ، ويعتبرها آية لمن يعتبر ويتعظ : (وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ ) ثم يقول عن الشمس : ( وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) فستظل الشمس تجرى فى فضاء المجرة الى ان تصل الى النقطة المحددة لها ،أو المستقر المحدد لها حيث ينتهى كل شىء بالدمار. ويقول تعالى عن القمر:(وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ) وهنا الحديث عن أوجه القمر من البدر الى الهلال ، ثم يشير جل وعلا الى أن لكل من الشمس والقمر مداره فى الفضاء ، ولكل منها حركته المحسوبة التى ينتج عنها الليل و النهار : ( لا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ )( يس 36 : 40) . 
5
ـ وعن الجاذبية الأرضية وقوة الدفع المركزى التى تحفظ لكل جرم سماوى مداره يقول تعالى : (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا) وحقيقى فلن نستطيع رؤية الجاذبية و نقيضها ، وإن كنا نعيش فى إطارهما ، ثم يقول تعالى يصور تمام تحكمه فى الكون : (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ) ويقول عن الشمس والقمر، وجريان كل منهما فى مداره لأجل محدد ومسمى من عند الله جل وعلا: ( وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى ) ( الرعد 2
6
ـ وعن الانفجار الذى أنتج هذا العالم بالكونين المتناقضين يقول تعالى : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا) ثم يؤكد على حقيقة علمية هى أن الماء أساس الحياة : ( وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ ) ثم يذكر دور الجبال فى حفظ القشرة الأرضية حتى لا تسقط بيابسها وبحارها فى أتون اللهب المستعر فى باطن الأرض : ( وَجَعَلْنَا فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ ) ويقول عن الممرات الجبلية:(وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) ويقول عن حفظ الغلاف الجوى للأرض (حزام الأوزون ):(وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَّحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ) ثم يقول عن النظام المحكم فى الفضاء : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ) ( الأنبياء 30 : 33 ). وبالانفجار القادم سينهار كل هذا النظام المستقر
7
ـ والرعب ينتاب البشر من الصواعق التى تسقط على الأرض ، وقد يراها البعض عشوائية ، ولكن لا شىء يجرى عشوائيا فى ملك الخالق جل وعلا ، يقول ربى سبحانه وتعالى : (وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاء ) ( الرعد 13 ) فالصواعق محسوب مقدما منشأها ووقتها وموقع سقوطها ومن ستقع عليه وماذا ستقع عليه ، وكيف ستنتهى مادتها ، كل ذلك يدخل ضمن التقدير الالهى فى الخلق ، فكل شىء فى الخلق محسوب ومقدر من دون الفامتو ثانية الى ما هو أسرع من السنة الضوئية ، يقول جل وعلا : (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا) ( الفرقان2 ) ومن ضمن التقدير الالهى ان ينتهى كل الخلق باسرع من سرعة الضوء (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ ) ( القمر 49 : 50
ثالثا : استعمال القرآن للمجاز فى وصف الإنفجار القادم الذى سيدمر العالم
ولأن اللغة العربية لا تكفى للتعبير عن هذا الانفجار القادم ـ قريبا ـ فإن رب العزة يستعمل المجاز اللغوى ليقرب الى الناس تخيل الانفجار القادم وما يصاحبه من صوت وصعق. إن الأذن البشرية ليست مؤهلة لسماع كل شىء فى هذا العالم ، وكذلك العين البشرية . ولقد جرّب البشر أصوات انفجارات فى الأرض فى الزلازل والبراكين والقنابل الذرية ، والصواعق والرعد والبرق ، ولكن الانفجار القادم يوم تقوم الساعة مختلف ولم تعرفه البشرية بعد ،ومن هنا يأتى عجز اللغة البشرية عن التعبير عنه إلا بالمجاز مع إضافة بعض الملامح التى يتميز بها هذا الانفجار عما نعرفه من انفجارات. ونضطر هنا الى إشارات مقتضبة
1
ـ إن الأغلب فى التعبير عن الانفجار القادم هو ( النفخ فى الصور) تعبيرا عن تمام تحكمه جل وعلا يوم الدين : (وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ) ( الأنعام 73 ). الخبرة البشرية وقت نزول القرآن الكريم أن النفخ فى الصور هو أعلى صوت يصنعه الانسان ، وهو دليل صوتى على تحكم الملك أو السلطان فى الاحتفالات والمناسبات الملكية والأميرية
ومن هنا جاء استعماله مجازا فى التعبير عن الانفجار الهائل القادم الذى يدل على مجىء مالك يوم الدين جل وعلا. ويلاحظ أن أحداث الساعة و القيامة يأتى التعبير عنها بالماضى المجهول ، فالله جل وعلا ترك للبشر فى هذا العالم حرية الايمان وحرية الكفر وحرية الطاعة وحرية المعصية وحرية الحركة و التنقل و التصرف ، ولكن النفخ فى الصور يعنى مجىء المليك الأعظم وانتهاء حرية الانسان واحضاره معتقلا ليلقى مصيره ،أو بالتعبير القرآنى : (وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ) ( يس 32 )،أى حين ينفخ فى الصور لا يستطيع أحد الهرب ، بل تأتى كل نفس معها سائق يسوقها وشاهد يشهد عليها : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ )( ق 20 : 21). هذه هى النفخة الأولى أو الانفجار الأول لقيام الساعة وتدمير هذا العالم ، وفى النفخة الثانية أو الانفجار الثانى بعث البشر واستحضارهم جميعا مقبوضا عليهم ، يقول جل وعلا : (إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ) ( يس 53 ). ويلاحظ ان التعبير هنا لم يات بالنفخ فى الصور ولكن ب(الصيحة الواحدة )، وهو نفس استعمال المجاز اللغوى لتقريب ما لم ندركه بعد
وفى كل الأحوال فالكلام عن الساعة واليوم الاخر يأتى عادة بالمبنى المجهول دليلا على ان عهد الحرية قد انتهى بالنسبة للبشر من لحظة الموت ، ويستمر أصحاب النار فى اعتقالهم الأبدى بينما يتحرر أصحاب الجنة بدخولها
2
ـ بالاضافة الى نفخ الصور ياتى التعبير القرآنى أيضا يصف الانفجار القادم بالصيحة:(وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ )( إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ)(يس 48 ، 53) ، والتجربة البشرية تستبعد أن تتسبب صيحة مهما كانت قوتها فى تدمير العالم ، وأن تتسبب صيحة أخرى فى بعث الموتى وحشرهم
أى أننا هنا أمام نوع لا نعرفه من الانفجار ، قد يعبر الله تعالى عنه مجازا بأنه ( نقر فى الناقور ) : (فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِير ) ( المدثر 8: 10 ) أو أنه صوت يخرق الأذن ،أو (الصاخة ) : (فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ) ( عبس 33 : 37 ) أو هو (القارعة ) التى تقرع السمع : (الْقَارِعَةُ مَا الْقَارِعَةُ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ ) ( القارعة 1 ـ ). ولكنه أنفجار صاعق ، وبنوعية لا نعرفها من الصعق ، إذ يصعق الكون بنقيضيه فيصير لا شىء ، ويصعق من شاء الله جل وعلا لهم الصعق ،ويحدث البعث والنشور و الحشر(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاء اللَّهُ) ( الزمر 68 )، (فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ) ( الطور 45 ) فكيف يكون إثنان فى مكان واحد يصعق أحدهما دون الآخر حسب العمل والايمان ؟ 
3
ـ وكما جاء تصوير الانفجار بالصوت والصعق فقد جاءت إشارة أخرى الى وصف حركته ،فى قوله جل وعلا : (يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ )( "LTR">) . 
وفى هذه النفخة او ذلك الانفجار الآخر سيتم خلق عالم جديد يكون بديلا ومناقضا للعالم الذى تم تدميره ، فاذا كان العالم الذى تم تدميره لا يتحمل مجىء الله جل وعلا فان العالم القادم واليوم الاخر سيتحمل مجىء الرحمن والملائكة صفا صفا : (كَلاَّ إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكًّا دَكًّا وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) (الفجر 21 : 22) ، وستشرق الأرض الجديدة بنور ربها(وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا ).وإذا كان العالم الذى تم تدميره ممكنا تدميره وله بداية ونهاية فان السماوات الجديدة والأرض الجديدة ،أو العالم الجديد له بداية ولكن يظل خالدا مخلدا ، بنعيم أبدى أو بجحيم أبدى . يقول جل وعلا عن العالم القادم بعد الانفجار الآخر:(يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ )( ابراهيم 48 ). التبديل هنا تناقض كامل بين الأرض الحالية والأرض القادمة ، وبين السماوات الحالية والسماوات القادمة ، وبين حال أبناء آدم الآن وحالهم المؤبد فى الجنة أوالنار
3
ـ ويقول جل وعلا : (وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ )(يس 48 : 54). التعبير هنا بالصيحة مكان نفخ الصور. وفى الصيحة الأولى يكون الموت لآخر جيل فى الأرض بحيث لا يستطيع من فى بيته النطق بالوصية ، ولا يستطيع الغائب عن أهله الرجوع . وفى الصيحة الأخرى يتم بعثهم وحشرهم وإحضارهم الى لقاء الرحمن
4
ـ وبالسياق القرآنى يمكن التعرف على الانفجار الأول ، فمثلا يقول تعالى عن يأجوج ومأجوج وخروجهم لسطح الأرض واختلاطهم بالبشر قبيل قيام الساعة ونهاية العالم : (وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا)(الكهف 99 ). ويقول جل وعلا عن تدمير العالم بعد الانفجار الأول : (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ وَحُمِلَتِ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ وَانشَقَّتِ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ) (الحاقة 13 : 16
5
ـ وبالسياق القرآنى أيضا نميّز الانفجار الآخر ، يقول جل وعلا : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ )( يس 51) فهذا هو الانفجار الخاص بالبعث ، ومثله قوله تعالى عن الحشر: (يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا ) (طه 102 ) ويقول جل وعلا عن الصيحة أو صوت الانفجار الذى سينتج عنه البعث والحشر : (يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ يَوْمَ تَشَقَّقُ الأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ) ( ق 42 : 44 ) . ويقول أيضا عن البعث ويوم الفصل والحساب : (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا)(النبأ 17 ـ
5
ـ والزمن القادم سيكون مختلفا ، ليس زمنا متحركا مثل زمننا ، بل هو زمن خالد حالّ واقف ليس فيه ماض ولا مضارع ولا مستقبل ، وبكيفية لا نستطيع تصورها ، ولذا يأتى فى السياق القرآنى أحيانا بالنفخ فى الصور والانفجار بصورة واحدة تنطبق على الانفجار الأول والآخرمعا ، وذلك فى معرض الايجاز ، كقوله تعالى : (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ)( المؤمنون 99 ـ ) فهنا كلام عن الموت والبرزخ ثم نفخ الصور أو الانفجار والبعث فى سياق واحد ، وهذا الايجاز استلزم الاشارة الى نفخ الصور مرة واحدة
ويقول جل وعلا يربط البداية بالنهاية فى ايجاز واعجاز :(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ) ( ق 16 ـ
خامسا : قيام الساعة والانفجار الأول وتدمير النظام الكونى القائم
1
ـ بأسرع من سرعة الضوء يحدث الانفجار فينسف النظام الكونى ويدمر السماوات السبع والأرض وما بينهما من أجرام سماوية . ولقد تردد فى القرآن العظيم ملامح هذا الانفجار الأول فى تدمير العالم فى سور كثيرة منها :( الحاقة 13 ـ 16 )( المزمل 14 ) التكوير 1 : 7 )( طه 105 : 107 )(الأنفطار 1 : 4 )( الزلزلة 1 ـ )( القارعة 1 ـ ) ( الانشقاق 1 : 5 ) ( المعارج 8 :9 ) (الواقعة 1 : 6 ) ( المرسلات 7: 10 ) ( الطور 7 : 11 ) ( النازعات 6 : 7 ) ( النبأ 19 : 20). 
2
ـ ومنها نعطى بعض الملامح القرآنية فى تدمير هذا العالم
الأرض والجبال : (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ وَحُمِلَتِ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً ) (يَوْمَ تَرْجُفُ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ
الأرض :( إِذَا رُجَّتِ الأَرْضُ رَجًّا ) (إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا ) (وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ
الجبال : (وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَّهِيلا ) (وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ ) (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا ) (وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ ) (وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ ) (وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا فَكَانَتْ هَبَاءً مُّنبَثًّا ) ( وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا ) (وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ)( وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا
البحار (وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ) (وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ
السماء : (إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ) (وَانشَقَّتِ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ ) (إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ) (يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاء كَالْمُهْلِ) ( وَفُتِحَتِ السَّمَاء فَكَانَتْ أَبْوَابًا ) (وَإِذَا السَّمَاء فُرِجَتْ) (يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاء مَوْرًا
القمر : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ
الشمس : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ
النجوم : (وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ ) ( فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ
الكواكب : ( وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ
الأحياء : (وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ). 
والتوقف مع تحليل تلك الملامح يخرج عن موضوعنا لأن موضوعنا الأساس هو الفزع الأكبر الناجم عنها
سادسا : ملامح الفزع فى الانفجار الأول
يقول جل وعلا يحذر مقدما من زلزال الساعة :( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ )( الحج 1 :2 ). الملاحظ هنا أن هذا الوقت الذى سيشهد فيه آخر جيل بشرى قيام الساعة هو أقل وقت يمكن تصوره ،لأن الساعة ستأتى بغتة وبأسرع من الضوء ، ولكن الفزع الذى سينتج من هذا الوقت سيكون عميقا كما لوكان خالدا ، ففى هذا الوقت الذى هو أسرع من سرعة الضوء ستتكثف مشاعر الرعب والفزع بحيث تذهل المرضعة من البشر و الحيوان عن رضيعها ، وتسقط كل انثى حامل ،أى إجهاض قهرى لكل الحوامل من الأحياء ، أما البشر أصحاب الادراك فسيضيع منهم الادراك ، سيكون حالهم غير مسبوق ، فى حالة سكر بدون سكر ، كيف تكون سكرانا وأنت لست بسكران ؟ كيف تسكر بدون أن تشرب أى شىء مسكر؟ حالة فريدة غير مسبوقة ، ولكن ستحدث لمن سيعيش وقت قيام الساعة . هنا يصف الله جل وعلا ملامح الفزع دون أن يذكر إسم الفزع ، ويأتى بمشاهد وأحاسيس غير مسبوقة ليؤكد أن الفزع سيكون غير مسبوق
سابعا : ملامح الفزع فى الانفجار الآخر
1
ـ يقول جل وعلا : (وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاء اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ ) ( النمل 87 ). الفزع هنا يقتصر على البعض دون الكل مع أنه يشمل الخلق فى السماوات والأرض ، ومع أن الجميع سيأتون لله تعالى خاضعين
2
ـ المؤمنون الصالحون هم فقط الناجون من هذا الفزع. يقول جل وعلا : (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ) ( الأنبياء 103 ) يؤكد هذا قوله تعالى ( مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) ( النمل 89 : 90
3
ـ فى فزعهم الأكبر يحاول أصحاب السيئات الفرار ، ولكن دون جدوى : (وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ ) ( سبأ 51
4
ـ فى مقابل الفزع الأكبر للمجرمين لن يكون هناك خوف على المؤمنين الصالحين ، ولن يشعروا بحزن . ومن وقت نزول آدم الى الأرض جعلها رب العزة قاعدة سارية المفعول ، فكل من اتبع الهدى من أولاد آدم لا خوف عليه ولا حزن ، قال جل وعلا (قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ) ( البقرة 38 ). وتأكدت وتكررت هذه القاعدة فى القرآن الكريم لتشمل المؤمنين الصالحين فى كل زمان ومكان بغض النظر عن الملل و النحل والانتماءات المذهبية : ( البقرة 62 ، 112 ، 262 ، 274 ، 277 ، )( آل عمران 170 )( المائدة 69 )( الأنعام 48 )( الأعراف 35 ، 49 )( يونس 62 ) ( الزخرف 68 )( الأحقاف 13).
أخيرا
1
ـ هذه لمحة عن غيب قادم أنبأ به رب العزة فى القرآن الكريم . هناك من يصدق به قلبا ويستعد له بالعمل الصالح ، وهناك من يصدق به ظاهريا دون أن يصحح سلوكه ، وهناك من ينكره ويتندر به . والأكثرية عنه غافلة . وللجميع حرية التصديق وحرية التكذيب وحرية السلوك ، ولكن أمد هذه الحرية قليل ويتضاءل كلما اقترب الانسان من الموت ، ويفقد الانسان تلك الحرية عند لحظة الاحتضار.
عندها يعجز الأهل والطب عن إنقاذه من الموت ، وعندها يرى عالما لا يعرفه و ملائكة أتت لتقبض نفسه ، وهنا يختلف موقفه وموقعه ،إن كان ناجحا فستطمئنه الملائكة وتجنبه الخوف والفزع وتؤكد له أنه لا خوف عليه ولا حزن : (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ) ( فصلت 30 :31 ) أما إن مات ظالما كافرا فسيكون له مع ملائكة الموت شأن آخر :( فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ) ( محمد 27 )( وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ ) ( الأنفال 50 : 51). 
2
ـ ولقد قال جل وعلا : ( اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ ) ( الأنبياء 1 : 3 )، أى قال الله جل وعلا منذ أكثر من 1400 عام باقتراب يوم الحساب ، ومع ذلك فلا يزال الناس عنه فى غفلة معرضون لاهية قلوبهم . بل إن أغلب المسلمين قد استعد لهذا اليوم بتكذيب آيات الله تعالى فى القرآن وبالايمان بأكاذيب الأحاديث وبتشويه اسم الاسلام بالارهاب و التعصب والتطرف بينما تخصص طغاة المسلمين فى ارهاب المؤمنين المصلحين المستضعفين فى الأرض
3
ـ والى المؤمنين المجاهدين الصابرين المستضعفين فى الأرض نقول لهم صبرا.. ونقرأ معهم قوله جل وعلا : ( فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلا إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا وَنَرَاهُ قَرِيبًا يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاء كَالْمُهْلِ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنجِيهِ كَلاَّ إِنَّهَا لَظَى نَزَّاعَةً لِّلشَّوَى تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى وَجَمَعَ فَأَوْعَى) ( المعارج 5 : 18
4
ـ ودائما ـ صدق الله العظيم

 

الملحق الثالث :

يأجوج ومأجوج
مقدمة : 
1 ـ فى الاعدادى الأزهرى لم يقنعنى التفسير الاسطورى لموضوع يأجوج ومأجوج لأن سطح الأرض أصبح مرئيا لا وجود فيه للسد بالطريقة الى قالتها أساطير التراث . وأرهق عقلى أن الله جل وعلا يؤكد وجودهم تحت الأرض حتى قبيل قيام الساعة ، فأين هم الآن ؟ . 
2 ـ حملت هذه المشكلة فى عقلى ، أنا أومن بما قاله رب العزة بوجودهم الى قبيل قيام الساعة ليكون خروجهم من باطن الأرض آخر علامات الساعة . والسؤال الموجع :ما هو الدليل على وجودهم . 
3 ـ ثم نشرت جريدة الأحرار على صفحة كاملة فى الثمانينيات عرضا لكتاب غربى يؤكد أن باطن الأرض مسكون بحضارة متقدمة ، بعدها نشرت روزاليوسف عرضا لكتاب آخر مفصل عن وجود هذه الحضارة المتقدمة فى باطن الأرض . 
4 ـ كنت فى أمريكا عام 1988 وجمعت كتبا متصلة بالموضوع وهى هذه الكتب:
Hidden Worlds
Fresh Clues to the Past
By M.H.J.Van der Veer and P. Moerman
The Stairway to Heaven
By Zecharia Sitchin
The Cave Of The Ancients
By Lobsang Rampa 
The Cosmic Connection
By Carl Sagan
The Outer Space Connection
By Alan and Sally Landsburg
Chariots of The Gods?
By Erich Von Daniken’s
Colony : Earth 
By Richard E. Mooney
Understanding MU
By James Churchward
The Sacred Symbols of MU
By James Churchward
The Dragons Of Eden
By Carl Sagan
Miracles Of the Gods
By Erich Von Daniken 
Forgotten Worlds
By Robert Charroux
The Bermuda Triangle
By Charles Berlitz
Lmbo Of the Lost
By John Wallace Spencer
The Devil’s Triangle
By Richard Winer 
In Search of Ancient Gods
By Von Daniken
The Golds of The Gods 
By Erich Von Daniken
5 ـ وعدت بها مع أوراقى الى مصر ، حيث قضيت ليلتين فى سجن أمن الدولة الى ان قاموا بفحص كل اوراقى كتبى ، ثم أفرجوا عنى . إنشغلت بعدها فى بحث عن وجود يأجوج ومأجوج إعتمادا على هذه الكتب ، ثم بمتابعة ما تنشره الصحف المصرية خلال التسعينيات ـ خصوصا جريدة الوفد فى صفحتها العلمية . 
6 ـ فى عام 2007 أتممت صياغة أولية لكتاب ( يأجوج ومأجوج ) بالعربية ، وبعثت به مع عمرو الباز ليقوم أخى عبد اللطيف بكتابته مع أبحاث أخرى كانت معدة للنشر فى موقع أهل القرآن . وقتها تم القبض على عبد اللطيف وأصحابه ، وهوجمت شقتى فى القاهرة وصودر ما فيها، وإعتقلوا عمرو الباز ، وأصبح فى نفس السجن مع عبد اللطيف . وصودرت أبحاثى التى بعثت بها مع عمرو الباز . وكان منها كتاب ( يأجوج ومأجوج ). 
7 ـ لا زلت أتابع الموضوع ، ليس فقط فى الكتب ولكن فيما يظهر على الانترنت ، وهو موضوع ضخم ، ويؤكد إعجاز القرآن فى موضوع ينتظره البشر ، وهو من آخر علامة من علامات الساعة . أرجو أن يُتاح لى الوقت والجهد لاستكمال هذا الكتاب عن أولا : 
فكرة عامة عن ياجوج ومأجوج : 
1 ـــ آدم أبو البشر كان خليفة ، ليس خليفة الله فى الأرض وإنما خليفة فى الأرض لخلق هائل كان يسيطر على الأرض ونشر فيها الفساد وسفك الدماء فحرمه الله جل وعلا من خلافة الأرض ،وشاء الله تعالى أن يأذن يتغييب هذا الخلق فى جوف الأرض واستخلاف آدم وذريته مكانهم ، وسيظل الأمر كذلك إلى قبيل قيام الساعة ، وعندها يخرج أولئك القوم من باطن الأرض ويختلطون بالبشر وعندها يتم تدمير العالم .
2 ـــ قبل آدم وذريته كان يأجوج ومأجوج متحكمين فى الأرض ، يفسدون فيها ويسفكون دماءهم بينهم. قال جل وعلا للملائكة:(إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً)، أى خليفة سيخلف يأجوج ومأجوج ، فردت الملائكة من واقع خبرتها بما تراه من سلوك يأجوج ومأجوج:( قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ (30) البقرة )، وأهبطه الله جل وعلا آدم ليكون خليفة فى الأرض . 
3 ـــ وفى أحدى ثنايا الكرة الأرضية توالد أبناء آدم ، وكان يعوق انتشارهم وسيطرتهم على الأرض وجود يأجوج ومأجوج فى تمام سيطرتهم وقوتهم وطغيانهم ، ولكى يتاح لأبناء آدم فرصة للبقاء والتمكين والإستخلاف فى الأرض كان لابد من تدخل إلهى يترتب عليه حجز يأجوج ومأجوج فى باطن الأرض وترك سطح الأرض خاليا لأبناء آدم . وهذا ما جاء فى ثنايا قصة ذى القرنين.
ثانيا :
فى سورة الكهف : تمكين مؤقت لذى القرنين ليفصل بين بنوآدم ويأجوج ومأجوج
1 ـــ واضح أنه كان هناك تساؤل عن ذى القرنين ، وسئل النبى محمد عليه السلام عن ذى القرنين ، وانتظرالنبى ـ كالعادة ـ الى أن نزلت الاجابة فى قول رب العزة:( وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً (83) الكهف ) ، أى فى القرآن الكريم مجرد لمحات عن ذى القرنين ، وبينها فراغات كثيرة غير مذكورة ، ولأنها غيب فلا يصح لأحد أن يتكلم فيها ، وإلا كان الكلام خرافة ، لأنه لا يعلم الغيب إلا الله جل وعلا . ونتدبر فى الآيات بعيدا عن الخرافات : 
2 ـ لقد أعطى الله تعالى ذا القرنين هيمنة على الأرض تفوق هيمنة يأجوج ومأجوج، يقول تعالى عنه: (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا فَأَتْبَعَ سَبَبًا ) الكهف 84-85). واستخدم كل تلك القوة فى حجز يأجوج ومأجوج داخل جوف الأرض وإقامة سد أو ردم يحجز بينهم وبين سطح الأرض من حيث يوجد أبناء آدم .
3 ــ ونتوقف مع قوله تعالى عن حوار جرى بين أبناء آدم وذى القرنين : ( قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا) الكهف 94 – 95). وفى قولهم يأجوج ومأجوج أنهم مفسدون فى الأرض يذكرنا بقول الملائكة لرب العزة جل وعلا حين قال لهم:(إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً)، حيث قالوا له:(أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء ) البقرة 30 ). ونتأمل رد ذى القرنين: ( ما مكنى ربى فيه خيرا )، فهذا تمكين إلهى لذى القرنين تمكن به من إقامة الردم أو السد الحاجز الذى سيظل مانعا لإختلاط يأجوج ومأجوج بالبشر إلى أن تقوم الساعة ، ونقرأ قوله تعالى عن يأجوج ومأجوج وذلك الردم أو السد " فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا) الكهف 97-99 " .
ثالثا : 
يأجوج ومأجوج فى سورة الأنبياء 
1 ـ جاء ذكر يأجوج ومأجوج فى سورة الأنبياء ونعطى لمحة سريعة عنها : 
القسم الأول من سورة الأنبياء هو وعظ الناس : بتبصيرهم وتذكيرهم بإقتراب يوم الحساب وغفلتهم عنه " أية 1-5 " وإهلاك الأمم السابقة " 6-15" ودعوة البشر للإيمان بالله تعالى وحده " 16- 50" .
القسم الثانى : هو قصص الأنبياء " من أية 51-91" وينتهى بنتائج تقرر وحدة الدين الإلهى الحق مقابل الدين البشرى الباطل الكافر " 92-93" وعدم كفران حق الصالحين فى النعيم " 94 " واستحالة رجوع أمة من الأمم السابقة للحياة فى هذه الدنيا بعد أن أخذت دورها واختبارها فى هذه الحياة الدنيا " 95 " .
القسم الثالث : عودة لأقتراب يوم الحساب بالحديث عن خروج يأجوج ومأجوج من باطن الأرض إلى سطحها " 96-97" ثم أحوال قيام الساعة " 98-105" وتختم السورة بالوعظ الذى أبتدأت به " 106 – 112 " 
2:ـــ قبل الحديث عن خروج يأجوج ومأجوج من باطن الأرض يقول جل وعلا عن إستحالة عودة الأمم السابقة التى أهلكها الله " وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ (95)) ثم يأتى الإستثناء برجوع خلق أخر من غير أبناء أدم ، وهم يأجوج ومأجوج ، يقول جل وعلا: ( حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ )الأنبياء 96-97 ).
رابعا : 
المفهوم من سورتى الكهف والأنبياء أنّ : 
1 ـ يأجوج ومأجوج كانوا متحكمين فى الأرض ثم أدخلهم الله تعالى باطن الأرض ليعطى فرصة لأبناء آدم ، وبعد أن يأخذ أبناء أدم فرصة الأختيار والأختبار جيلا بعد جيل ، يأتى وقت القيامة ، وتدمير الكون. 
2 ــ وقبيل تدمير الأرض بالزلزال " إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا) الزلزلة 1 ) يحس يأجوج ومأجوج – بتقدمهم العلمى وهم فى باطن الأرض – بما سيحدث ، وعندها يخرجون هاربين إلى سطح الأرض ليختلطوا ببنى أدم وعندها تقوم الساعة . كانوا قد تعودوا وتأقلموا فى الحياة فى باطن الأرض جيلا بعد جيل ،ولكن خطر تدمير الأرض سيدفعهم الى الهروب من باطنها ، وبتقدمهم العلمى ستكون لهم ملاذات فى كواكب أخرى يهربون اليها ، ولكن قيام الساعة يعنى تدمير الكون كله وليس مجرد الأرض . 
3 ـ ويأتى وصف القرآن الكريم رائعا وموحيا لكيفية خرج يأجوج ومأجوج من باطن الأرض إلى سطحها ، فالتصوير هنا كأن سطح الأرض فد انفتح فجأة تغرات فى كل مكان ،وظهرت جموع يأجوج ومأجوج من كل مكان يأتون . أو بتعبير آخر كأن الأرض كانت حبلى بأولئك الخلق يأجوج ومأجوج ، ثم نثرتهم فجأة على سطحها ، كأنهم يتوالدون ويتناسلون من داخلها . ولو تخيلنا رائد فضاء خارج الغلاف الجوى وينظر إلى الكرة الأرضية فيجدها مثل ثمرة بطيخ ضخمة معلقة ، وقد إمتلأت ثقوبا ، ومن هذه الثقوب يتوافد إلى سطح الأرض مخلوقات جديدة تختلط بالبشر. أو كما يقول الله سبحانه وتعالى عن البشر ويأجوج ومأجوج فى سورة الكهف : ( وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا ) الكهف 99 )، وفى سورة الأنبياء : ( حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ )الأنبياء 96 – 97 ). 
خامسا : 
ظهور يأجوج ومأجوج آخر علامات الساعة : 
1ــ بعضهم يطعن فى القرآن الكريم ساخرا من قصة يأجوج ومأجوج وذى القرنين ، على أن المؤمن بالقرآن الكريم لابد له من التسليم بأن الأعجاز القرآن مستمر بإستمرارالبشر متفوقا على البشر إلى قيام الساعة ، وإن منه ما يدخره الله تعالى إلى قبيل الساعة كإحدى علامات الساعة ، 
2 ـ وبينما كان النبى لا يعلم موعد الساعة وليس له أن يتكلم فيها ، فإن علاماتها وردت فى القرآن الكريم ، بداية من الحديث عن إقترابها فى كلام رب العزة مع موسى عليه السلام (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (16) طه )، ثم كان نزول القرآن الكريم الرسالة الخاتمة للبشرية أول علامة من علامات الساعة ، أو بالتعبير القرآنى : (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ (18) محمد ) ونزل في القرآن الكريم التأكيد على إقتراب نهاية العالم ، فى قوله جل وعلا ( اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1) القمر) وقوله جل وعلا فى مطلع سورة الأنبياء التى تكلمت عن يأجوج ومأجوج : (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (1) الأنبياء ) وردا على إستعجال الساعة قال جل وعلا : (أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (1) ) أى إن الأمر الالهى قد صدر ، ويبقى تنفيذه بالزمن البشرى . 
3 ـ وذكر رب العزة ( أشراط ) أو علامات الساعة ، ومنها ما نراه الان فى عصرنا ، يقول جل وعلا : ( حَتَّى إِذَا أَخَذَتْ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24) يونس )، ونحن نرى الانسان الآن قد دخل فى تقدم علمى مضطرد جعله يعتقد أنه قادر على الأرض ، وبالتالى فقد إقترب الأمر الالهى بتدمير الأرض والكون . 
4 ـ ومن علامات الساعة التى ستظهر قبيل قيامها خروج دابة من الأرض تكلم البشر ، يقول جل وعلا :( وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ )النمل 82 ) ، ثم يكون خروج يأجوج ومأجوج من باطن الأرض آخر علامات الساعة وعنده تكون نهاية العالم وتدميره .
سادسا :
يأجوج ومأجوج إعجاز قرآنى سيظهر للبشر قبيل قيام الساعة :
1 ـ نعيد التأكيد على أن الأجيال التى عاصرت نزول القرآن كانت تروى حكايات ذى القرنين فى روايات شفهية أو كان لدى أهل الكتاب أخبار عنه ، وقد سألوا النبى محمدا عليه السلام ، وكالعادة كان النبى محمد عليه السلام ينتظر الإجابة من الوحى القرآنى ، فتأتى الإجابة بما يلائم عقول البشر ، أى لم تأت الإجابة كاملة شاملة فوق إمكانات البشر فى الفهم والإدراك ، قال تعالى " قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا " أى قدرا يكفى للذكر والعلم والعبرة . 
2 ـــ وكالشأن دائما فى إعجازات القرآن العلمية وأياته التى تسبق العلم الحديث ، فإن بعض مكتشفات العلم الحديث تأتى بمعضلات يستحيل فهمها , ومنها وجود خلق متحضر متقدم على البشر بألآف السنين سبق أن استعمر هذا الكوكب ولا تزال آثاره باقيه على سطح الأرض ، كما لا تزال له علاقة غامضة بسطح الأرض ، وعلاقة غامضة بأهل الأرض . هذا الخلق الغائب الحاضر هو يأجوج ومأجوج الذى يعيش فى باطن الأرض حتى الأن يفصله عن البشر سد أو ردم، وسيزول هذا السد أو الردم قبيل قيام الساعة كما أخبرنا الله تعالى جل وعلا .
سابعا : 
الظواهر الغريبة التى يحتار العلم الحديث فى تفسيرها :-
1 ـ الأثار الهائلة لحضارات كانت متألقة قبل وجود البشر ، وما فى هذه الحضارات من تقدم هائل لم يصل إليه البشر حتى الأن .وأول من كتب فى هذه الناحية الباحث الألمانى إيريك دانكن فى كتابه ( مركبات الآلهة ) وأحدث صدى هائلا فيما ذكره عن سبق الحضارات القديمة البائدة للحضارة الراهنة ، وكان تفسيره أنها كائنات من الفضاء الخارجى ، أتت وأقامت تلك الحضارات فى سفن فضائية . ونقل هذه المعلومات الكاتب الصحفى أنيس منصور فى كتابه ( الذين هبطوا من السماء ) . أظهر ايريك دانكن أشياء مذهلة فى الآثار الموجودة فى دولة (بيرو ) والهند والأهرامات فى مصر والمكسيك وتحت سطح الماء فى منطقة مثلث برمودة ، وتلك الآثار الغريبة فى انجلترة ، ومن مكتشفاته ما يسمى لصورة ملتقطة من الفضاء الخارجى لدلتا النيل ، وخريطة عثر عليها فى مكتبة استانبول وفيها الساحل الشرقى لأمريكا قبل إكتشاف أمريكا، وخريطة أخرى للقطب الجنوبى وقارة أنتاركتيكا قبل أن يغمرها الجليد . 
الأثر الهائل لكتاب ( مركبات الآلهة ) جعل المؤلف الألمانى يواصل بحثه ويصدر ثلاثة كتب مزودة بالصور الملونة دليلا على ما يقول وهى ( معجزات الآلهة ) و( البحث عن الآلهة القديمة ) و ( ذهب الآلهة ) . 
2 ــ ظاهرة الأطباق الطائرة ، وقد أورد دانكن سجلا تاريخيا يتحدث عن الأطباق الطائرة فى التراث الفرعونى والتراث الاسرائيلى وفى التاريخ الأوربى وكل ذلك معزز بالتصوير . والآن أصبحت الأطباق الطائرة ظاهرة معروفة ، ويتم تسجيلها ونشر صورها على الانترنت . 
3 ـ مناطق الاختفاءات فى العالم واشهرها مثلث برمودة المواجه للساحل الشرقى الأمريكى ، وقد تم توثيق ظاهرة الأختفاءات للطائرات والسفن والأشخاص التى تقع فى مثلث برمودة وهو أشهرها نظرا لأنه يقع فى منطقة مأهولة بالطيران والسفن ، وتحت أعين العالم التى ترصد ما يحدث فيه . وهناك غير مثلث برمودة منطقة بحر الشيطان بجوار اليابان. وقد إتضح وجود أماكن الاختفاءات برا وبحراعلى خطوط طول متساوية الأبعاد عن بعضها . ومن أبرز من كتب فى هذا المجال الأمريكى تشارلز بيرليتز فى ( مثلث برمودة ) وريتشارد ونير ، فى ( مثلث الشيطان ) . ومن يتحدث عن مثلث برمودة يذكر أيضا ظهور الأطباق الطائرة فيه وإختفاءها فى مياهه .
4 ـ والآن ، تخصصت قنوات فضائية ومجموعات بحثية فى نشر المزيد عن الأطباق الطائرة وتصويرها وتصوير الآثار القديمة التى تتفوق على مستوانا الحضارى ومنها مدارج هائلة لهبوط سفن فضائية ، والعثور على كائنات فضائية ميتة ، هى وسط بين الروبوت والمادة الحية. وتوالت إعترافات بأن السلطات الأمريكية تخفى أسرارا عن ( الفضائيين )، وإكتشافات عن علاقة هتلر والنازى بهذا ، وأن جزءا كبيرا من الطفرة العلمية الراهنة مصدرها الحصول على تكنولوجيا تلك الكائنات . اصبح متاحا الآن مشاهدة كل هذا على الانترنت من الأطباق الطائرة بسرعاتها الغريبة الى التكنولوجيا المذهلة فى الآثار القديمة الى الحُفر العميقة فى سيبيريا ، والهياكل العظمية المكتشفة لعمالقة ولمخلوقات ذات رءوس مستطيلة . 
5 ــ ولكن الذى يهمنا أنه تم تجاوز التفسير الذى قاله الألمانى ايريك دانكن ، من أن الفاعل هو كائنات فضائية أكثر تحضرا من البشر . الرأى السائد الآن هو وجود هذا الجنس المتفوق فى باطن الأرض، وأنه يرسل مركباته وسفنه الفضائية أو أطباقه الطائرة تجوب القمر والمريخ ، وتقتنص بعض السفن والطائرات بل وبعض البشر لتجرى عليهم تجارب ثم تعيدهم فى حالة تشوش ,
6 ــ ومفهوم أن هذا هو للإطمئنان على حالة الكوكب الأرضى الذى تعودوا على الحياة في باطنه، ويتلاعب على سطحه البشر المتخلفون. جدير بالذكر وجود هذا الاهتمام من هذه المخلوقات عندما يحدث أمر جلل على سطح الأرض يزعج الساكنين فى باطنها ، سواء كان فيما شاهده كولومبس فى رحلته الى الساحل الشرقى للعالم الجديد ، وقد سجل ظهور ما يعرف الآن بالأطباق الطائرة ، الى تحليق تلك الأطباق فوق القواعد العسكرية وفى التفجيرات الكبرى والحروب الكبرى. والمستقبل يحمل فى جعبته المزيد . وكل يوم يأتى بجديد . 
أخيرا 
كم نتمنى أن يتاح لنا الوقت والجهد لأن نُظهر للعالم التفسير القرآنى لتلك الظواهر المعترف بوجودها والمختلف فى تفسيرها ، وأنها هى ( يأجوج ومأجوج ) الذين أخبر عنهم رب العزة فى كتابه الكريم من 14 قرنا وأكد دوام وجودهم فى باطن الأرض وخروجهم منه قبيل قيام الساعة . 
ولقد إقتربت الساعة .. وسبحان من يرث الأرض ومن عليها وإليه يرجعون .

الغرب والإعجاز العلمى فى القرآن الكريم
هذا الكتاب :
فى البداية كانت مقالات من سنوات عن الاعجاز العلمى فى القرآن الكريم ، ثم خلال اسابيع تبعتها مقالات أخرى عن الغرب والإعجاز العلمى فى القرآن الكريم . وبإضافة ملاحق من مقالات متصلة بالموضوع يظهر هذا الكتاب بهذا العنوان .
more