بينما يعاني القطاع نقصاً كبيراً.. اتهامات للشرطة بالاعتداء على أطباء السودان ورفض التعليمات الصحية

اضيف الخبر في يوم السبت ٠٤ - أبريل - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: عربى بوست


بينما يعاني القطاع نقصاً كبيراً.. اتهامات للشرطة بالاعتداء على أطباء السودان ورفض التعليمات الصحية

تعرض مجموعة من الأطباء السودانيين لاعتداءات وصفوها بالخطيرة على أيدي رجال الشرطة، ما جعلهم يدخلون في إضراب احتجاجاً على ذلك، بينما تقول الشرطة السودانية إن حالات الاعتداء معزلة، وإنها فتحت تحقيقاً في الأمر، وفق ما ذكره موقع Middle East Eye البريطاني.

تقرير الموضع البريطاني الذي نشر السبت 4 أبريل/نيسان 2020، أضاف أن مئات آخرين يهددون بالانضمام للحركة، في الوقت الذي يجتاح العنف فيه المستشفيات التي تخشى التداعي تحت وطأة الضغط المتزايد بعد سنواتٍ من تدني الإنفاق.

كما سُجلت حتى الآن عشر حالاتٍ فقط من الإصابة بالفيروس في كل البلاد، لكن بانتقاله بين المواطنين، تخشى السلطات أن يكون القادم أسوأ.

إذ تشكو الكوادر الطبية من أن عناصر من الشرطة بأزياء مدنيةٍ ورسميةٍ قد هاجمت الأطباء فيما كانوا يحاولون تأدية وظائفهم. غير أن وزارة الصحة تنظر في القضية وتعد بسن تشريعاتٍ لحماية العاملين بها. 

من جهتها أقرت الشرطة بالوقائع، لكنها عزت الاعتداءات لتصرفاتٍ فرديةٍ من الضباط، مشددةً على أن قواتها منضبطةٌ وملتزمةٌ بالتعامل اللائق مع المدنيين، ومن بينهم الأطباء. غير أن الاعتداءات مازالت تحدث.

“ضربني خمسة رجالٍ إلى أن نزف أنفي”

قال الدكتور محمد فيصل لصحيفة Middle East Eye إنه كان يستجيب لما بدا تفشياً لفيروس كورونا في مستشفى جبل أولياء في الضواحي الجنوبية للخرطوم، حين هاجمه خمسة رجالٍ من أفراد الشرطة واحدٌ منهم كان يرتدي الزي الرسمي ويحمل سلاحاً.

كان فيصل، البالغ من العمر 30 عاماً، يحاول إقناع المرضى بإجلاء المبنى بعد أن وردت حالةٌ يُشتبه في إصابتها بالفيروس، وحاول الموظفون احتواء الوضع. غير أن بعض المرضى رفضوا التعاون، فحاول الطبيب الاتصال بالأمن.

قال فيصل: “لكن أحد المرضى كان ضابطاً مسلحاً وحاول استخدام القوة لإيقاف الإجراءات”. وتابع: “فجأة أخذ خمسة رجالٍ يضربونني إلى أن نزف أنفي، وأخذني زملائي إلى غرفة الطوارئ”. كما أضاف قائلاً: “استطعنا فتح تحقيقٍ رغم تلكؤ الضباط في قسم الشرطة، لكنني لا أعتقد أنه سيُعاقب”.

تلك لم تكن إلا الحادثة الأخيرة لفيصل؛ إذ حاول ضابطٌ مخمورٌ آخر طعنه بسكينٍ في المستشفى قبل ستة أشهر.

الأطباء لا حل لهم غير الإضراب

قالت غفران عواد، المديرة الطبية بمستشفى جبل أولياء إن فريق الأطباء بالكامل قد دخل الآن في إضرابٍ ويرفض أن يتعامل مع أية حالاتٍ غير طارئةٍ. ووفقاً لغفران، فإن المستشفى يخدم الآلاف في الخرطوم وفي ولاية النيل الأبيض، وسيكون للإضراب تبعاتٌ جسيمةٌ.

تقول غفران: “تنتشر في السودان أمراضٌ مختلفةٌ، ولا يتعلق الأمر بفيروس كورونا وحده، لذا فإننا لن نتوقف عن التعامل مع الطوارئ والحالات “الحرجة”. مع ذلك فإن الإضراب سيؤثر على القدرة الكلية للمستشفى”.

“لقد باتت هذه الحوادث شائعةً. ذلك أمرٌ بالغ الجدية ويجب أن يتوقف الآن، يجب أن يحصل الأطباء على الحماية، خصوصاً فيما يبحث العالم عن فرقٍ طبيةٍ إضافيةٍ لمواجهة انتشار فيروس كورونا”.

من جهتها قالت اللجنة المركزية للأطباء السودانيين، إحدى النقابات التي قادت المظاهرات التي أسقطت نظام عمر البشير في أبريل/نيسان 2019، إن اعتداءات قوات الأمن على الفرق الطبية والمدنيين قد أصبحت ظاهرةً شائعةً، خاصةً في وحدات الطوارئ على امتداد البلاد.

قد لعبت اللجنة دوراً بارزاً في انتفاضة العام الماضي، بمعالجة المتظاهرين ونشر أعداد الضحايا التي كانت الحكومة تحجبها.

قال عمر أحمد صالح، السكرتير العام للجنة لموقع Middle East Eye البريطاني إن مئات الأطباء قد دخلوا الآن في إضرابٍ بسبب تلك الاعتداءات. ومع أن الاتحاد يتعاطف مع إضراب الأطباء، إلا أنه يحاول كذلك إقناعهم بمتابعة العمل، في ظل المعركة التي يخوضها السودان وكافة دول العالم ضد تفشي فيروس كورونا.

كما قال صالح للصحيفة: “تعرض الأطباء في مستشفى جبل أولياء، والمستشفى التركي، ومستشفى أحمد جاسم، ومستشفى بحري، وغيرها من المستشفيات لحوادث مماثلةٍ هذا الشهر، بالإضافة إلى حوادث أخرى خارج الخرطوم في مدن الجزيرة، والفاشر، وعطبرة، والعُبيّد”.

تابع: “غير أننا طلبنا من الأطباء ألا يُضربوا، ونكرر توجيه هذا النداء لهم في ظل هذا الظرف الاستثنائي. إلا أنه يتوجب على السلطات تحمل المسؤولية وحماية الأطباء”.

كيف ردت الشرطة؟

أوردت اللجنة الأسبوع الماضي فقط أن طبيباً آخر قد احتجزته لليلةٍ قوات الشرطة التي كانت تفرض حظر التجوال بعد أن أوقفته عند نقطة تفتيشٍ، رغم أنه كان يحاول الوصول لعمله”.

رغم الشيوع الظاهر للاعتداءات، تُنكر الشرطة أية عدوانيةٍ متعمدةٍ تجاه العاملين في القطاع الطبي، وتُصر على أن الحوادث غير منهجيةٍ.

وصف النقيب حمزة النور، رئيس مكتب الإعلام بالشرطة، الحوادث بأنها حالاتٌ فرديةٌ يجري التحقيق فيها. وقال إن الجناة يُعاقبون. وقال للصحيفة نفسها: “لا يسعنا القول إنه لا توجد حالاتٌ لاشتباكاتٍ بين الأطباء والمدنيين، والقوات النظامية في بعض الأحيان، (لكن) الشرطة منضبطةٌ وملتزمةٌ دائماً بالتدخل وحماية الأطباء وكل المدنيين كذلك”.

كما تابع: “نحن حريصون على حماية المدنيين متى وقعت أية حادثةٍ فرديةٍ، وعلى التحقيق في الحادثة، وكل من يظهر أنه مذنبٌ يُدان ويُعاقب”. وقال كذلك إنه في هذه الأثناء تبذل الشرطة قصارى جهدها لحماية المنشآت الطبية، بالإضافة إلى إتاحتها مستشفيات الشرطة للاستجابة للوباء، وفرض حظر التجوال وحماية الحدود.

رغم أن القطاع يعرف نقصاً كبيراً

يعاني السودان، حتى من قبل الإضراب، من نقصٍ حادٍ في العاملين في القطاع الطبي. وقال صالح إن عاملاً آخر وراء نقص العاملين في القطاع الطبي هو قرار وزارة الصحة بوقف خدمة الأطباء حديثي التخرج الذين كانوا يعملون أطباء مقيمين في المستشفيات بعد تخرجهم.

بينما قالت الوزارة إن الفترة الحالية لا تُحتسب من تدريبهم، ما جعلهم غير قادرين على إتمام العملية. فيما قال صالح إن القرار كان يعني إيقاف أكثر من ألف طبيبٍ عن العمل، واضطرار 12 مستشفىً للإغلاق في الأيام الأخيرة.

كما تابع: “قررت وزارة الصحة تعليق خدمات الأطباء المقيمين، وشمل ذلك 1200 كادرٍ طبيٍ على الأقل في هذا الظرف الاستثنائي الصعب”. وقال: “فور صدور القرار خلا 12 مستشفىً من الخدمات واضطر لإغلاق أبوابه في هذا الظرف العصيب”.

طبيبٌ لكل عشرة آلاف مريضٍ

أوضح وزير الصحة السوداني أكرم علي التوم في بيانٍ له الأسبوع الماضي أن تدريب الأطباء المقيمين قد عُلق، لكن الأطباء حديثي التخرج سيظل بإمكانهم التطوع لدعم جهود وزارة الصحة في مكافحة انتشار الفيروس.

غير أن أبا بكرٍ المقبول، مدير إدارة الطوارئ والوبائيات في الوزارة قد قال للصحيفة إن القرار قد راجعته وزارة الصحة الاتحادية. وقال: “كان القرار يهدف لتوفير تدريبٍ كاملٍ ولائقٍ للأطباء حديثي التخرج، لكن في ظل الظرف الراهن وخطر خسارة جهود الكثير من الأطباء في الحالة الطارئة الحالية، فقد راجع الوزير القرار”.

وفقاً لصالح، فإن منظومة الرعاية الصحية في البلاد قد أُسيئت إدارتها بشكلٍ بالغٍ من قبل الحكومة السابقة، وقد ورثت الإدارة الحالية بنيةً تحتيةً مهترئةً ونقصاً حاداً في العاملين.

كما قال: “هناك نقصٌ في كل شيٍ في منظومة الرعاية الصحية السودانية، وأسوأ نطاقٍ هو نقص الفرق الطبية؛ فنحن نملك طبيباً واحداً فقط لكل عشرة آلاف مريضٍ تقريباً، وذلك معدلٌ منخفضٌ للغاية”. 

تابع صالح قائلاً: “يواجه السودان أمراضاً تشكل خطراً واحتمالاً للموت أكبر من فيروس كورونا، لذا فقد بتنا في موقفٍ سيئ جداً بظهور هذا الوباء”، وأضاف: “إننا نحتاج لكل فريقٍ، ولتسخير كل طاقاتنا، ولإدارة مواردنا المحدودة بأحسن ما يمكن، لتجاوز هذه الفترة بسلامٍ”.

اجمالي القراءات 313
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق