رئاسيات مصر.. قليل من التصويت كثير من الرقص والهزل

اضيف الخبر في يوم الأربعاء ٢٨ - مارس - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الخليج الجديد


رئاسيات مصر.. قليل من التصويت كثير من الرقص والهزل

رئاسيات مصر.. قليل من التصويت كثير من الرقص والهزل

«انتخابات يؤيد فيها المنافس خصمه الوحيد ستسفر بالطبع عن مشاهد هزلية في التصويت».. هكذا خلاصة اليومين الأولين لرئاسيات مصر 2018، التي تحولت من انتخابات تحدد رئيس أحد أكبر دول المنطقة تأثيرا إلى مجموعة من الهزليات.

فما بين شراء الأصوات بالمال، وسوق الموظفين الحكوميين إلى اللجان، والرقص أمام اللجان الخاوية من الناخبين، ووصف المقاطعين بالخوارج واعتبارهم أشرارا، جاءت انتخابات الرئاسة في مصر، التي وصفتها كبرى الصحف العالمية بأنها «صورية» و«هزلية»؛ كونها محسومة سلفا للرئيس الحالي «عبدالفتاح السيسي».

الهزل في انتخابات مصر لم يكن على الأرض فقط، بل وصل إلى منصات التواصل الاجتماعي التي شهدت سخرية واسعة من إقامة انتخابات معروف نتائجها سلفا، ومن نسب التصويت فيها.

انتخابات بمرشح وحيد

«السيسي سيكون أوّل رئيس في العالم يحفظ أسماء من انتخبوه، وسيستضيفهم في القصر من أجل شكرهم وتكريمهم».. هكذا سخر أحد المصريين، إزاء ضعف المشاركة التصويت.

 

 

في الوقت الذي قال آخر: «لم الاستعجال؟، فهِّمونا، قصر الاتحادية (المقر الرئيسي للرئيس شرقي القاهرة) سيبقى له، المنافس الوحيد ليس إلا أحد مؤيديه (موسى مصطفى موسى)، كفى استخفافاً.. كلّ أجهزة الدولة في خدمة السيسي».

ومع تصاعد الحديث عن انتخابات بمرشح واحد، تداول ناشطون على نطاق واسع، تصريحات، تبين لاحقا أنها غير صحيحة، لمنافس «السيسي»، قال فيها إنه لم يستطع تمالك نفسه خلال تصويته في الانتخابات، وقام «موسى» بالتصويت لـ«السيسي» الذي يدعمه في الأساس.

 

 

إقبال ضعيف

وفي مسرحية الانتخابات هذه، الإقبال ضعيف، فيما حاولت الحكومة تحسين الصورة من خلال تصريحات رسمية قالت فيها إنّ نسبة الإقبال «فوق المتوسط».

لكن كاميرات المصورين والفضائيات لم تنجح إلا في إظهار كبار السن من الرجال والسيدات بينما تشير قاعدة بيانات الناخبين تشير إلى وجود أكثر من 59 مليون ناخب؛ أكثر من نصفهم من الشباب.

وأمام هذا الفشل، قام العشرات من رجال الأعمال بحشد العاملين في شركاتهم ومصانعهم وسوقهم إلى اللجان من أجل التصويت لـ«السيسي»، كما قامت السلطات بجمع المجندين للوقوف أمام اللجان، والسماح لهم بالتصويت، حتى وإن كانوا في غير محل إقامتهم، حسب شواهد رصدها لـ«الخليج الجديد».

أيضا، كان هناك حشد لموظفي المصالح الحكومية، وإجبارهم على الذهاب للتصويت؛ الأمر الذي سجلته مقاطع فيديو تم بثها على مواقع التواصل.

 

إلى جانب ذلك، استدعى عشرات النواب «بلطجية» معروفين بأدوارهم في الحشد، ليتجمعوا أمام اللجان على مدار اليوم، في مقابل مبالغ مالية وصلت لنحو ألفي جنيه (نحو 110 دولارات)، حسب ما تحدث ناخبون لـ«الخليج الجديد»..

وحسب ناخبين في عدة مناطق، بيع الصوت الانتخابي في القرى الفقيرة بـ50 جنيها (2.8 دولار) في اليوم الأول، قبل أن يرتفع في اليوم الثاني إلى 80 جنيها (4.5 دولارات)، وسط توقعات أن يصل إلى 100 جنيه (5.7 دولارات)، في اليوم الأخير الأربعاء.

 

 

 

الرقص

كما كان الرقص السمة الأبرز لانتخابات الرئاسة، وسط إبراز واسع من وسائل الإعلام والصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي واللجان الإلكترونية التابعة لـ«السيسي».

ونشر الناشطون مقاطع فيديو متواصلة لفتيات وأطفال ومسنين أمام عدد من اللجان الانتخابية، في إشارة إلى دعمهم وتأييدهم لـ«السيسي».

وأظهرت المقاطع مجموعات من السيدات والرجال وهم يتراقصون على نغمات أغاني مصرية، وزغاريد النساء، حاملين صور «السيسي» وأعلام مصر.

ولم تعرف مصر الرقص على أبواب اللجان الانتخابية، وأسلوب المكايدة السياسية، والأغاني التي تدعو المواطنين للتصويت في الانتخابات، إلا مع ظهور «السيسي»، عقب انقلابه على أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا «محمد مرسي»، في يوليو/تموز 2013.

ومنذ الانقلاب، يستخدم نظام «السيسي»، الرقص أمام مراكز الاقتراع للتغطية على حجم المشاركة، وحثّ المواطنين على التوجه للإدلاء بأصواتهم، فتحولت مراكز الاقتراع إلى ساحات رقص كبيرة، واستبدل الحديث عن المرشحين وبرامجهم ومدى قدرتهم على تحقيق أحلام المصريين في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، بالحديث عن أي اللجان شهدت رقصا أكثر.

وعلى الرغم من تخيل المراقبين أن هذه الحالة التي شهدتها مصر لن تتكرر هذه المرة، خاصة أن الانتخابات الرئاسية هذا العام لن تشهد منافسة وباتت نتائجها محسومة، لكن الرقص تكرر، وهذه المرة لم يكن للمكايدة بقدر ما هو محاولة للتغطية على حجم المشاركة الهزيلة في ظل عزوف المواطنين عن المشاركة.

الرقص هذه المرة لم يقتصر على المصريين فحسب، بل تداول ناشطون مقطع فيديو لأعضاء الوفد الأمريكي، الذي يراقب الانتخابات الرئاسية في البلاد، وهم يرقصون ويتناولون الفطير المشلتت ويدخنون الشيشة.

تصويت مرتين

وإمعانا في الهزل، تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، خبرا حول إدلاء الممثل المصري «حسين فهمي» بصوته مرتين في انتخابات المصريين بالخارج والداخل.

وسخر الناشطون مما قام به «فهمي»، معتبرين أن ذلك دليلا واضحا على تزوير الانتخابات، لصالح «السيسي»، الذي طالما مدحه الممثل المصري.

وعلى الرغم من نفي «فهمي»، والهيئة المشرفة على الانتخابات، تصويت «فهمي» خارج مصر، إلا أن الناشطين لم يقتنعوا بذلك.

خوارج وأشرار

وأمام المقاطعة الواسعة، أو ما يمكن وصفه عليه بأنه تجاهل للعملية الانتخابية، خرجت تصريحات رسمية وشبه رسمية تدين عدم المشاركين في الانتخابات.

إذ استخدم استخدم نائب رئيس «الهيئة الوطنية للانتخابات» والمتحدث باسمها، «محمود الشريف»، كلمة «الأشرار» لوصف الداعين لمقاطعة الانتخابات، وهو الكلمة التي دشن الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي»، المرشح للرئاسة، استخدامها للحديث عن خصومه.

وفي تصريح له، الثلاثاء، قال «الشريف»، إن العزوف عن المشاركة في الانتخابات الرئاسية «ليس مكسبا سوى لمن لا يريد الخير للوطن من الأشرار».

جاء حديث «الشريف»، عقب يومين من تصريحات للداعية المثير للجدل «أحمد كريمة»، زعم فيها أن «مقاطعة انتخابات الرئاسة إثم كبير؛ لأنها تضر بالمصلحة العامة».

وأضاف أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر: «من لم يشارك في الانتخابات فهو من خوارج هذا العصر، وهذا محرم ومجرم».

«وليد» العاق

ومع تصاعد الهزل المرتبط بالرئاسيات، أصبح شخص مجهول يدعى «وليد الشريف»، حديث المصريين بسبب إعلان، تبرأت فيه عائلته منه، ووصفته بالعاق نتيجة معارضته لـ«السيسي».

صورة الإعلان انتشرت على مواقع التواصل، انتشار النار في الهشيم وسط سخرية وتهكم من الصورة، التي تكشف إلى أي حد يعاني المجتمع المصري، عقب الانقلاب من انقسامات وصراعات حتى بين الأسرة الواحدة.

قبل أن تزعم صحف محلية أن الصورة مفبركة، وتم التعديل فيها بواسطة برنامج «فوتوشوب».

طوابير مختلفة

وفي تقرير لها، تحت عنوان «مصريون في سيناء يقفون في طابور الخبز.. لا الانتخابات»، رصدت «رويترز»، سعي المصريين للحصول على الخبز الذي يوزع عليهم في سيناء، ووقوفهم في طوابير بدلا من طوابير الانتخابات.

وحسب صحيفة «الفايننشيال تايمز»، البريطانية، فإن «الانتخابات الرئاسية الصورية في مصر مشهد محبط يبرز كيف تلاشت مطالب الديمقراطية التي نادت بها الانتفاضات العربية في 2011».

وتعرضت مصر لانقلاب عسكري منتصف العام 2013، أطاح بالرئيس المنتخب «محمد مرسي»، فضلا عن إلغاء نتائج المجالس المنتخبة (الشعب والشورى)، وتعديل دستور البلاد، وما صاحب ذلك من إجراءت قمعية بحق المعارضين.

وتعاني مصر في عهد «السيسي»، وضعا اقتصاديا مترديا وارتفاعا كبيرا في الأسعار، وندرة في بعض السلع الاستراتيجية، كما تهاوى الجنيه المصري أمام الدولار، فضلا عن أزمة في قطاع السياحة، وتراجع في تحويلات المصريين بالخارج، وتنامي مؤشرات الفساد وقضايا الرشوة.

ولم تفلح الحكومات المصرية المتعاقبة، منذ الانقلاب العسكري في 3 يوليو/تموز 2013، في تحسين مستوى معيشة المصريين وحل الأزمات المجتمعية المتراكمة وأبرزها البطالة والفقر، رغم الخطط والإجراءات المتعددة التي أعلن عنها النظام المصري في هذا الإطار.

كما تعاني البلاد في ظل حكم «السيسي»، احتقانا سياسيا، وتزايدا في عمليات الاعتقالات والقتل على يد الشرطة خارج إطار القانون، وإجراءات قمعية ضد معارضي السلطة، وفرض قيود على حرية الرأي والتعبير.

اجمالي القراءات 2298
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق




مقالات من الارشيف
more