واشنطن تتخذ خطوات بعيدًا عن الأضواء لإضعاف النظام السوري

اضيف الخبر في يوم الإثنين ٢٣ - يوليو - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ايلاف


واشنطن تتخذ خطوات بعيدًا عن الأضواء لإضعاف النظام السوري

 

واشنطن: تقوم الولايات المتحدة بمجهود سري، لكنه محدود، لتسريع سقوط الرئيس السوري بشار الأسد من دون استخدام القوة، معبئة جواسيسها ودبلوماسييها لقطع شحنات السلاح والنفط من إيران ونقل معلومات إلى المعارضة.

وتركَّز المحور الرئيسي لهذا المجهود خلال العام الحالي، على دفع العراق إلى غلق مجاله الجوي بوجه حركة الطائرات من إيران إلى سوريا التي اكتشفت الاستخبارات الأميركية أنها تنقل السلاح إلى قوات الأسد وليس زهورًا مقطوفة، كما تدعي وثائق هذه الرحلات. كما حاولت الولايات المتحدة منع السفن التي يُعتقد أنها تنقل السلاح والوقود إلى سوريا من عبور قناة السويس، ولكن محاولتها في هذا المجال أسفرت عن نتائج متناقضة.

وتشير الجهود التي تشارك فيها وكالة المخابرات المركزية ووزارتا الخارجية والخزانة والجيش من وراء الكواليس، إلى اضطلاع الولايات المتحدة بدور أوسع مما اعترفت به واشنطن سابقًا في الحملة ضد الأسد. وتصاعدت هذه الجهود مؤخراً إثر تحسن العلاقات مع فصائل سورية معارضة وازدياد حاجة الأسد إلى الإمدادات.

لكنّ منتقدين في إدارة أوباما ، يقولون إن الضغط الأميركي قد يصيب وقد يخطئ، وأنه يأتي متأخرًا بحيث لن يكون للولايات المتحدة نفوذ في مستقبل سوريا بعد الأسد. ويشكو كثير من قادة المعارضة السورية قائلين إن الولايات المتحدة لم تفعل ما فيه الكفاية وإن جهود حلفاء إقليميين مثل قطر والعربية السعودية وتركيا أشد فاعلية، لا سيما وأن هذه الجهود تشتمل في بعض الحالات على مد المعارضة بالسلاح.

واعترف مسؤولون أميركيون بالتحديدات المترتبة على امتناع إدارة أوباما عن الانخراط بدور أكبر في النزاع. وفي حين أن بعض الرحلات الجوية إلى سوريا أُوقفت، فإن مسؤولين يقولون إنه من الصعب جمع معلومات في هذا الشأن، وأن بعض الحكومات قد لا تبدي تعاونًا. وتمكنت بعض شحنات السلاح والوقود من التسلل والوصول إلى وجهتها.

ويؤكد قياديون في المعارضة السورية تكثيف الاتصالات مؤخرًا مع مسؤولي وزارة الخارجية الأميركية ووكالة المخابرات المركزية، لا سيما في جنوب تركيا. لكنّ قادة ميدانيين في المعارضة المسلحة، يرون أن الولايات المتحدة كانت تستطيع العمل في وقت أبكر لتنظيم حملة أحسن تنسيقًا من أجل غلق الطرق الجوية والبحرية التي تمد قوات الأسد، بما في ذلك قناة السويس.

ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن لؤي مقداد المنسق اللوجستي للجيش السوري الحر "أن الأميركيين يقولون لنا انهم سمحوا للاعبين الاقليميين بمساعدتنا ولكن إذا كانوا يعتقدون أن هذا انجاز... فعليهم أن يعرفوا أن هذا دعم ضعيف وقاصر". وساق مقداد وقائدان عسكريان آخران من قادة المعارضة المسلحة أمثلة على طلبات لم تُستجب بما في ذلك صور اقمار اصطناعية وفتح غرفة عمليات.

وقال مسؤول استخباراتي أميركي رفيع، إن ادارة أوباما قررت مؤخرًا تكثيف جهودها ضد النظام السوري. وأكد مسؤول أميركي كبير آخر لصحيفة وول ستريت جورنال "أن هناك مجهودًا متجددًا للتحرك بكل الطرق الممكنة" مشيرًا إلى تصعيد المحاولات الرامية إلى منع شحنات معينة من المرور عبر قناة السويس.

ويعتبر المجهود الأميركي الذي تحدث عنه مسؤولون مطلعون على تفاصيله لصحيفة وول ستريت جورنال، من الإجراءات القليلة الملموسة التي تتخذها الادارة لانهاء واحدة من اشد معارك الربيع العربي دموية. ويرى محللون أن المجهود الأميركي يعبر عن تحول أوسع في تعامل الولايات المتحدة مع البؤر الساخنة، بعيدًا عن الحملات العسكرية الأرضية الواسعة، باتجاه عمليات سرية وتحركات دبلوماسية.

ويعتقد بعض مسؤولي الإدارة والمسؤولين العسكريين إنهم يضغطون على الأسد، فيما أبدى آخرون شكهم في جدوى هذه الاستراتيجية حتى أن أحدهم ذهب إلى تشبيهها بمحاولة قطع تدفق الماء في جدول بالوقوف وسط الجدول.

وقال رئيس لجنة الإستخبارات في مجلس النواب الأميركي من الحزب الجمهوري مايك روجرز، إن تحرك الإدارة أضعف بكثير من أن يكون له تأثير لأن هناك طرقاً عديدة لإيصال السلاح إلى النظام السوري بما فيها طرق التهريب عبر الأراضي اللبنانية.

وامتنع المتحدث بإسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض تومي فيتور عن التعليق على تحركات محدَّدة. وقال فيتور: "من الواضح أن نظام الأسد يفقد السيطرة على سوريا" مشيرًا إلى تفجير مبنى الأمن القومي في دمشق الأسبوع الماضي ومقتل عدد من أركان نظام الأسد.

وقال مسؤولون إن الولايات المتحدة تقدم معلومات عن التطورات في سوريا إلى الجيش التركي والجيش الأردني اللذين يعملان بصورة وثيقة مع الثوار السوريين، بحسب صحيفة وول ستريت جورنال ناقلة عن المسؤولين أن صور الأقمار الاصطناعية التابعة للجيش الأميركي، واجهزة استطلاع أخرى تتضمن تفاصيل عن مواقع عسكرية سورية، يمكن أن تساعد الثوار السوريين على اختيار أهدافهم وكذلك رصد أسلحة النظام الكيمياوية.

من مشاهد القصف على مدينة حمص

واضاف المسؤولون أن وكالة المخابرات المركزية قدمت معلومات محدودة إلى فصائل معارضة واستخدمت مخبرين للعمل مع عناصر في المعارضة. ولكن الوكالة امتنعت عن التعليق.

وتوفَّر مثال على التحرك الأميركي السري وحدوده في وقت سابق من العام عندما سعت الولايات المتحدة إلى الضغط على العراق للحد من الرحلات الجوية بين إيران وسوريا عبر اجوائه. وكان هذا الممر الجوي فُتح بالكامل بعد انسحاب آخر جندي اميركي من العراق في اواخر كانون الأول/ديسمبر، بحسب مسؤولين في الادارة والجيش الأميركي.

ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤولين اميركيين أن وكالة المخابرات المركزية تلقت في كانون الثاني/يناير معلومات مفصلة بأن إيران تستخدم شركة "ياس" الخاصة للشحن الجوي في نقل السلاح إلى سوريا عبر الأجواء العراقية.

وإذ لم تعد الطائرات الأميركية قادرة على التحليق في الأجواء العراقية لم تكن لدى الولايات المتحدة خيارات تُذكر سوى حث العراقيين على التحرك. وفي شكوى رسمية إلى بغداد طالبت الولايات المتحدة بانهاء هذه التحليقات، كما قال مسؤولون مطلعون على الاتصالات. وبحسب مسؤول اميركي كبير فإن الأميركيين ابلغوا القادة العراقيين بأن عليهم وقف هذه الرحلات.

وقال مسؤولون اميركيون إن الشكوى الأميركية اقنعت العراقيين بالتحرك على ما يبدو منوهين بتوقف الرحلات الجوية. ولكن في اواخر كانون الثاني (يناير) واوائل شباط (فبراير) بدأت وكالة المخابرات المركزية ترصد رحلات جوية تقوم بها طائرات شحن سورية من طراز اي ان ـ 76 بين سوريا وإيران، في تكتيك جديد.

وبحسب المسؤولين الأميركيين فإن سوريا وإيران، حاولتا تمويه الرحلات التي تغادر إيران، أحيانًا بوثائق تقول إن حمولة الطائرات تتكون من زهور ومعدات زراعية. وخلص محللو وكالة المخابرات المركزية إلى أن الوثائق مزورة ولفتوا إلى ضلوع الحرس الثوري الإيراني في هذه الرحلات ، كما قالت مصادر مطلعة.

وتنفي إيران إرسال أسلحة إلى سوريا فيما اعتبر متحدث باسم وزارة الخارجية السورية أن ما قيل عن شحنات سلاح إيرانية "لا اساس له".
وفي سلسلة من المذكرات الأميركية قُدمت في شباط (فبراير) وآذار(مارس) حذر الدبلوماسيون الأميركيون حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي من أن تقاعسها عن التحرك ضد الرحلات الجوية يتعارض مع التزامات العراق بموجب قرارات مجلس الأمن الدولي.

ونفى القادة العراقيون في البداية، معلومات المخابرات الأميركية لكنهم قالوا انهم سيحققون في الأمر. وأرسل العراق وزير النقل هادي العامري إلى طهران، لبحث الرحلات الجوية. وقال الإيرانيون إن الطائرات لا تنقل اسلحة وقام العراقيون بنقل هذه الرسالة إلى مسؤولين اميركيين نظروا إلى الرسالة بعين الشك.

وفيما كان المسؤولون الأميركيون والعراقيون منغمرين في أخذ ورد حول القضية قامت عدة طائرات شحن سورية بالرحلة إلى إيران والعودة دون تدخل.

وحين شرع العراق يستعد لاستضافة القمة العربية في اواخر آذار (مارس) واغتنام المناسبة لتأكيد عودته إلى الصف العربي بعد الاحتلال الأميركي، أثار مسؤولون أميركيون إمكانية مواجهته بكشف معلومات عن الرحلات وما يسببه ذلك من إحراج له أمام الدول العربية التي تقف غالبيتها ضد الأسد.
ويبدو أن التحذير حقق الغرض منه وقال القادة العراقيون للولايات المتحدة إنهم سيقومون بتفتيش الطائرات المريبة. وقبل أسبوعين على انعقاد القمة توقفت رحلات طائرات الشحن السورية بصورة مفاجئة ، كما يقول مسؤولون اميركيون.

وأكد مسؤولون أميركيون أن محاولة منع الشحنات مستمرة وهي تشمل التركيز مجددًا على حركة النقل البحري عن طريق قناة السويس.

وتعود سفينة تنتظر الآن السماح لها بالمرور إلى شركة فرعية تابعة لخطوط الشحن البحرية للجمهورية الاسلامية، بحسب مسؤولين أميركيين. وكانت السفينة التي تُدعى "أمين" عبرت قناة السويس من قبل، الأمر الذي أثار غضب الولايات المتحدة، وأبحرت الشهر الماضي إلى ميناء بانياس السوري حيث يُعتقد أنها فرغت حمولة من البنزين للنظام السوري واخذت نفطًا خامًا سوريا إلى إيران. وطلبت السفينة الآن موافقة السلطات المصرية على عبور قناة السويس في طريق العودة إلى إيران.

وقال مسؤولون أميركيون يرصدون الشحنة إن الشركة التابعة لخطوط الشحن البحرية للجمهورية الإسلامية عمدت مرارًا إلى تغيير علم السفينة للاستمرار في العمل رغم العقوبات الأميركية والاوروبية.
ويجري مسؤولون أميركيون مفاوضات مع الحكومة المصرية في محاولة لمنع عودة السفينة "امين" قائلين إنها ليست مسجلة بطريقة صحيحة وليس لها تأمين معترف به دوليًا. 

اجمالي القراءات 1280
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق