السفير عبدالله الأشعل : المعاهدات الدولية كأساس لتجريم أفعال مبارك

اضيف الخبر في يوم الأحد ١٧ - أبريل - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: المصريون


السفير عبدالله الأشعل : المعاهدات الدولية كأساس لتجريم أفعال مبارك

 

المعاهدات الدولية كأساس لتجريم أفعال مبارك
السفير د. عبدالله الأشعل   |  17-04-2011 00:11 

يعتمد القضاء فى مصر، كما فى دول العالم الأخرى على النصوص القانونية لتجريم الأفعال المنسوبة إلى المتهم، وقد جرت العادة أن يركز. القضاء فى مرجعية هذا التجريم على التشريعات الوطنية، وربما يغيب عن بال القضاة أن المعاهدات الدولية هى الأخرى من أهم مصادر التجريم. وقد اضطررت إلى كتابة هذا التوضيح بعد أن سمعت أحد أعضاء المجلس العسكرى يقول أن جرائم الفساد السياسى المنسوبة لمبارك وزمرته ليست جرائم فى القانون المصرى. 

الثابت أن الدولة عندما تصدق على المعاهدات الدولية فإن هذه المعاهدات تصبح جزءاً من نظامها القانونى، وتكون المعاهدات لها قوة القانون بحكم المادة 151 من الدستور المصرى. وإذا كان الدستور لم يحدد مرتبة المعاهدة بالنسبة للقانون والتشريع المصرى، فإن مبادئ القانون الدولى تلزم الدولة بعلو مبادئ المعاهدة على ماعداها من تشريعات وطنية، فلا تستطيع الدولة من طرف واحد أن تصدر تشريعاً يلغى المعاهدة، كما لا يجوز للدولة أن تتذرع بتشريعها الداخلى لكى تفلت من التزام دولى فلايسرى على المعاهدات قاعدة أن اللاحق ينسخ السابق وهى قاعدة تسرى فقط على التشريعات الوطنية. ويترتب على ذلك أن القاضى المصرى لديه ترسانة كاملة من أدوات ومصادر التجريم بعضها تشريعات جنائية وبعضها الآخر معاهدات دولية.

وأهم المعاهدات التى أصبحت مصر طرفاً فيها ولها علاقة بجرائم الرئيس المخلوع هى اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بمنع إبادة الجنس والمعاقبة عليها لعام 1948 وكافة معاهدات حقوق الإنسان ومنع التعذيب والمرأة والطفل وغيرها، وكذلك اتفاقية الأمم المتحدة الثلاث بشأن مكافحة الفساد، ومكافحة الجرائم المنظمة عبر الوطنية، وغسيل الأموال.

وتعالج اتفاقية مكافحة الفساد كافة صور الفساد وعلى رأسها الفساد السياسى والإدارى والمالى بالنسبة للموظف العام. ولاشك أن رئيس الدولة فى بلد يعطى له دستوره كل هذه الصلاحيات مسئوول مسئولية سياسية كاملة، كما أنه مسؤول مسئولية جنائية محددة عن الجرائم التى يرتكبها عماله وهم يعملون بإسمه وتحت رقابته لمدة امتدت لعقود، كان بوسعه أن يخضعهم لقوانين الدولة، ولكنه كان يتقدمهم فى الفساد وفتح البلاد لكل من أضر بالشعب المصرى.

وقد قدمت بلاغات كثيرة للنائب العام بشأن الرئيس المخلوع وكلها تقدم أسساً متعددة للتجريم وفق القانون المصرى لمساعدة النيابة على إعداد قائمة الاتهام وفق التكييف القانونى الملائم.

ويبدو لنا أن أفعال الرئيس السابق تندرج تحت ثلاثة مجموعات من الجرائم، المجموعة الأولى هى جرائم الدم وتشمل كل دم أريق سواء بالرصاص الحى أو بالتعذيب أو دفع الضحية إلى الانتحار أو المرض القاتل طوال مدة حكمه منذ عام 1981 حتى يعلم الجميع أن رغبة الرئيس فى استطالة مدة حكمه قد كرست الكثير من الجرائم وأوردته مورد التهلكة. وتشمل المسئولية على الفعل المباشر والمساهمة الجنائية غير المباشرة، كامتناعه عن اتخاذ عمل أو نكوصه عن اتخاذ لعمل أدى إلى ارتكاب الجريمة. وقد نبهته المعارضة إلى سوء عمله ومسئوليته الشخصية عن أعمال حكوماته المتعاقبة.

المجموعة الثانية من الجرائم هى جرائم المال وتشمل كل صور إهدار المال أو سلب المال أو اختلاسه بكل طرق نقله من ملكيته العامة إلى ملكية خاصة وتشمل عمليات الخصخصة والرشاوى والعمولات وغيرها.

المجموعة الثالثة هى الفساد الإدارى والسياسى، وأما متحصلات هذا الفساد من الناحية المالية سواء إفقار الدولة أو إثراء آخرين بلاسبب، فكلها ثمرات جرائم الفساد الإدارى والسياسى. مثل تزوير الانتخابات التى استخدم فيها الرشوة والبلطجية، والتلاعب فى الكشوف وإشراك عناصر الأمن والقضاء فى هذا الفساد وترشح الوزراء لعضوية مجلس الشعب وتسخير المال العام فى دعايتهم الانتخابية وعدم احترام أحكام القضاء بل والاعتداء على نزاهة بعض القضاة.

المجموعة الرابعة هى تلك المتعلقة بالخيانة العظمى، وتبدأ بخيانة الأمانة التى أودعها الشعب للرئيس ثم السكوت على ضياع مصالح مصر القومية فى علاقاتها الخارجية والتفريط فى سيادتها الداخلية.
اجمالي القراءات 1525
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق




مقالات من الارشيف
more