مركز السودان المعاصر : من موريتانيا إلى اليمن على العرب تقديم كشف حساب عن أوضاع السود

اضيف الخبر في يوم الأربعاء ٠٧ - يوليو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً.


مركز السودان المعاصر : من موريتانيا إلى اليمن على العرب تقديم كشف حساب عن أوضاع السود

 

مقالات متعلقة :

 

سأعيد تأكيد ثلاث نقاط هنا  ونحن بصدد إعادة نقاش الأوضاع العرقية مع جيراننا العرب :

 

النقطة الأولى :  ضرورة إعادة الحديث حول  الوجود العربي في الجزء الشمالي من القارة الإفريقية ؛ما اصطلح عليه " إفريقيا البيضاء"  في نظير إفريقيا السوداء جنوب الصحراء .وان  الظروف الإنسانية التاريخية التي في ظلها استوطن العرب الجزء الشمالي من القارة الإفريقية  هي ظروف لا يمكن ان يسمح بتكرارها في القرن الحادي والعشرين مرة أخرى في حق الإفريقيين  داخل تلك البلدان . لا يمكننا  نحن الطرفان الزنوج والعرب معا في شمال إفريقيا السماح باستمرار الاستعباد و التميز العنصري في حق الزنج . وصحيح قد عان النوبيون والتوبة والمور والامازيغ  في تلك الفترة في ظل تلك الظروف لكن استمرار معاناتهم مسالة تعنينا جميعا كاسرة إنسانية في العالم . وذلك لكوننا ننطلق معا من مفاهيم  حضارية مشتركة اليوم؛ حقيق بنا العناية  بإعادة ترميم منظومة حقوق الإنسان المنفرطة عقده في إفريقيا المستعمرة أسيوية أو أوربية سابقة ومحو  آثار الاستعمار ورواسب الغزو عبر التاريخ .

 

النقطة الثانية : تأكيد موقفنا جيل السودان المعاصر المبدئي من سحب عضوية بلادنا السودان من جامعة الدول العربية والتي مقرها القاهرة ؛لأسباب ثقافية وسياسية وأخلاقية موضوعية ؛ وتأكد عدم اعترافنا في مركز السودان المعاصر للدراسات والإنماء بوضع اسم بلادنا في قائمة عضوية الجامعة العربية على مر السنين المنصرمة  استنادا على تلك الأسباب أيضا . إقحام بلادنا في الجامعة العربية  لم يكن خيار شعبنا السوداني ؛ ولم يكن رغبتنا ونحن بلد أصله إفريقي؛ ان ضمه إلى دول المنظومة العربية عمل غير  أخلاق إذ يعادل  جريمة ضد الإنسانية وذلك بفرض سياسة الاستعراب القسري على شعب له حضارته وتاريخه وتراثه وثقافته عاش قرون من الزمن.

 

النقطة الثالثة : ما زلنا نعترف بان ثمة جيوب من العبودية لا تزال بالسودان وهي أولية دون غيرها . لا تزال  دوائر اجتماعية تحت علم السلطة (الجلابة)العربية المركزية بالخرطوم تمارس استعباد البشر وتجارة الرق  . وان هناك أعداد من المسترقين في السودان لا يزالون يعيشون وضعا إنسانيا وأخلاقيا  مجرورا من ارث الماضي ينبغي تحريرهم  وتوفير ما يلزم الحرية . وكون الضحايا هم من المنحدرين من العرق الزنجي وهم ذاتهم ضحايا حرب الإبادة  داخل دولة الجلابة تجد قبولا وتبريرا من السلطة بالطبع  وتعيق تحريرهم . يجدر بالثورة السودانية المعاصرة ضمن أولوياتها الاهتمام بهذه الظاهرة

 

لقد أثارت ظاهرة العبودية المكتشفة حديثا في الريف اليمني أول أمس موجة احتجاج و غضب  افريقية عارمة في صفوف منظمات حقوق الإنسان العالمية  وإفريقيا الزنجية الناطقة بالعربية ؛ ويلزمنا تقدير دور منظمات حقوق الإنسان في  اليمن وصحيفة "المرصد " اليمنية التي كانت لها دور التنبيه ؛ وقناة الجزيرة القطرية في نشر الخبر وتعميمه.

 

الحقيقة التي غلب على المنظمات  اليمنية والقناة غفلانها باستمرار هي  ان جميع المسترقين  المكتشفين حديثا في اليمن هم من المنحدرين من العرق الزنجي ؛ وان مسترقيهم هم من العرب  وهي ما يدفعنا إلى معرفة المزيد عن أوضاع السود في البلدان العربية  عامة والخليجية واليمن بشكل خاص .

تجدد هذه الحادثة قلقنا العميق إزاء الوضع المزري  لانتهاكات حقوق الإنسان على صعيد الهوية العرقية واللونية   في البلدان عربية في أسيا الغربية وفي الجزء الشمالي من إفريقيا . والحادثة  جددت  شكوكا كانت مكبوتة حول حقيقة وجود مستعبدين   في البلدان العربية في أسيا و غالب هؤلاء المستعبدون ينحدرون من العرق الأسود الذي جلب من إفريقيا خلال سيطرة الحضارة العربية الإسلامية في  القرون المنصرمة  .

 

لقد ادعت موريتانيا العربية في وقت سابق من العقد الحالي من القرن الحادي و العشرين إنها سنت قوانين  تقضي بإنهاء العبودية  بداخلها ؛ واتبعت إجراءات عنت بتحرير المسترقين الزنج من ملاكهم العرب و قامت بدسترة تلك القوانين ؛ ومع ان هذه الخطوة مهمة بالنسبة لحقوق الإنسان ومريحة نوعا ما للضمير  العالمي إلا انه لا يزال هناك ثغرات بينة حول صدقية سلوك الدولة الموريتانية العربية حيال ظاهرة الرق وعبودية الأفارقة الأمر الذي يستدعي مباشرة إلى دعوة العالم لوضع موريتانيا العربية كخطرة جدا على حقوق الإنسان العالمي . ومحاسبتها  على  جرائمها المستمرة  في حق الأفارقة الزنج من شعب المور السكان الأصليين للأرض  .

 

في البلدين المذكورين  كمثال لبلدان عربية كثيرة لا تزال تخفي حقائق حول مواقفها العنصرية من السود ؛ وممارسات عبودية غير ظاهرة ؛ وهذه المسالة حارقة للإنسانية .  بالرغم من ان العبودية كظاهرة متجزرة في أخلاق العالم القديم كانت قد شملت كل الأمم من كل السحنات  والأعراق إلا إنها ظلت ملتصقة بالزنوج كما لو ان العبودية مرادفة بالخلقة للإفريقي . و بالرغم من ان كل الدنيا تنبهت لخطورة هذه الظاهرة على الحياة  بالكوكب لكن البلدان العربية لا تزال تمارسه كما لو ان المسالة المطبوعة في الأخلاق العربية بمعزل عن بقية الشعوب.

 

حالة شعب التوبو من السكان الأصليين لأرض ليبيا الجنوبية ؛ وشعب النوبة السكان الأصليين لمصر مثل حالة شعب الامازيغ السكان الأصليين للمغرب والجزائر وتونس وجزء من ليبيا مع اختلاف في اللون بين الامازيغ  إلا ذلك لم يجعل من وضعهم أفضل من ناحية التميز العنصري في حقهم من قبل العرب المستوطنين . وجميع تلك الدول تعيش أحوال متساوية في النظرة الاستعلائية  التميزية من العرق الأسود  السكان التاريخيين للأرض. لكن لم يثبت إلى اليوم فيما إذا يوجد لديهم مسترقين في البيئات الاجتماعية البعيدة من الأنظار  غير ان المعاملة العامة للإفريقي الحر لا تختلف عن معاملته كمستعبد.

 

مواقف دولتي اليمن وموريتانيا لا تعد أمثلة منفردة في  المنطقة حيال ظاهرة التميز واسترقاق العرق الأسود  ؛ وهناك  دول عربية كثيرة لا تزال يعيش بها سود كثيرون بأوضاع أخلاقية مقلقة ؛ غالبهم مسترقين غير مكتشفين بعد أو محررين يحتلون السلم الأدنى من المجتمع يعاملون كما لو هم مسترقين فعليا ؛ وجمعهم يعيشون حالة تميز عنصر  من قبل العرب وان شملت الحالة لبنان كظاهرة عنصرية متفردة ضد السود ؛لكن الوصف ينطبق على أوضاع ملوني اسود في العراق و المشيخات العربية المطلة على خليج فارس والعربية السعودية.

 

هذا يستدعي بنا إعادة دعوة إفريقيا الرسمية و منظمات مدنية ؛ ومجلس حقوق الإنسان الأعلى ان يطالب البلدان العربية بشئ من الشفافية حيال الأمر ؛ ودعوتها إلى  إعلان كشف حساب عام عن أوضاع المنحدرين من العرق الأسود في مجتمعاتهم الريفية بالأخص  ؛  ومراجعة أوضاعها الدستورية والاجتماعية والاقتصادية  بغية تحقيق إصلاح اكبر في المساواة والاحترام  . وتأكيد فيما إذا يكون السود مسترقين  وهي مسالة يتطلب موقفا عالميا حازما .

 

ان الإجراءات القانونية والاقتصادية  فقط لا تكفي للقضاء على ظاهرة الرق في المجتمع الإنساني؛ بل يقتضي الأمر مراجعة  الضمير وإتباع  منهج أخلاقي إنساني  بغية ترميم منظومة الأخلاق الإنسانية التي انهارت كلية في المجتمعات التي لا تزال تعيش  فيها حالات العبودية و والاتجار بالبشر  والتميز العنصري.  وذلك لوعينا ان السلطة الدستورية كمرجع أعلى للقانون داخل الدولة  تستمد قوتها أصلا من السلطة الأخلاقية النابعة من ضمير المجتمع الإنساني الحي .  وان البشرية في رحلة تطورها نحو مجتمع المساواة والاحترام يتوجب معالجة خلل الماضي وأخطائه  بإتباع منظومة  القيم والأخلاق الإنسانية ؛ وان المجتمعات التي تفتقر  إلى القيم يصعب التواصل معها إنسانيا في القرن الحادي والعشرين .

 

لاستمرار تواصلنا الإنساني  مع جيراننا العرب - وثمة مصالح مشتركة بين شعوبنا – يلزمنا مناقشة مسالة تقيم الإنسان وفق لون بشرته كنتيجة لاكتساب الأخلاق الحضارية . واستنادا لحادثة جونيه الماضي التي تعاملت بها  السلطات في دولة لبنان مع السودانيين بطريقة عنصرية تبين انه لا تزل العديد من البلدان العربية  تنطلق في التعامل مع العرق الأسود  وتقيمه ووصفه وفق قواعد لا إنسانية . والحلقة تتعدى لبنان إلى  مجتمعات  كثيرة  في المحيط لا تزال تتعامل مع إفريقيا بالبشرة  لا بالأخلاق  أو الأفكار  .

ودعوة إلى البلدان العربية إلى محو التعابير  العنصرية  تجاه الأفارقة من قاموسها  (العبيد) و (العبد) (سمارة ) ؛ و (العبيد)و  (الأسمر) و (الاسمراني) و(أبو سمرة) و (البدون) و (الأكحل ) ؛ أو (الأسود) .  وذلك أسوة بمنع الدولة في أمريكا وفرنسا استخدام تعبير (النجرو) ؛ و (البلاك) و (الاسليف) من المعاملات اليومية وحرمت بالقانون منذ  ستينيات القرن الماضي . 

 

وفي السياق نفسه فان مسالة الشفافية في مراجعة تاريخ العلاقة بين إفريقيا الأرض التاريخية للعرق الزنجي واسيا الغربية على ضوء من الحقيقة مسالة مهمة ومساعدة للسلام  والتطور  العالمي . هذا يفسر الوجود  العربي الاستيطاني في الجزء الشمالي من إفريقيا  ؛ الوجود الزنجي الكبير في البلدان العربية غربي أسيا  . التاريخ الحقيقي يقدم تفسيرا مرضيا  للأوضاع الحالية للبشرية ويساعد في  العمل على تجاوز ماسي الماضي ؛ ويخدم تقدم الأمم  إلى مصاف الاحترام والمساواة  ؛ بجانب ان التاريخ هو المحدد لصناعة العلاقات العميقة بين الأمم  في عالم التسامح والسلام .

 

 

 

مركز  دراسات السودان المعاصر

مجلس المدراء التنفيذيين

7 جوليه 2010ف

 

اجمالي القراءات 3089
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق