اكتشاف آثار أقدام عتيقة شرق أفريقيا
منذ نحو 1.5 مليون سنة يبدو أن أحد أسلاف البشر أو أشباه الإنسان المعروف بالإنسان "المنتصب" في كينيا شرق أفريقيا، قد مشى بطريقة تماثل مشية الإنسان الحديث، وفق ما أظهرته آثار أقدام بالغة القدم اكتشفت مؤخراً بأرض طينية في منطقة إليريت، بحسب "إيفلكسميديا".
والمعلوم من مكتشفات علم الإحاثة (علم الحياة القديمة) أن طريقة أسلاف البشر في المشي قد تراوحت -خلال ملايين السنين- قرباً أو بعداً من مشية الإنسان العاقل "الحديث".
لكن الظاهر أن أول من مشى بطريقة تشبه مشيتنا كان الإنسان "منتصب" القامة (هومو إريكتُس) أو الإنسان "العامل" (هومو إرغَستَر). وأحياناً يعتبر الأخير سلالة فرعية من الأول، وهذا بدوره يعتقد بأنه أول سلف بشري غادر أفريقيا التي يرجح علماء الإحاثة أنها كانت مهداً للسلالتين.
وكان الباحث في علم الإحاثة بجامعة بورنماوث البريطانية ماثيو بينيت الذي نشرت حصيلة دراسته حول الموضوع بمجلة "علوم" مؤخراً، قد نجح في اقتفاء أربعة آثار أقدام قديمة في الموقع الكيني أتاحت رؤية ثاقبة لهذا الجانب من تاريخ السلالات البشرية والذي يخص إحدى السلالتين.
وكان باحثون درسوا آثار الأقدام قد تمكنوا من إحراز بعض التقديرات لتأثير الوزن على اتساع خطوة وطريقة مشي الأسلاف القدماء من هاتين السلالتين قيد المناقشة. وقد أفضت بحوثهم إلى أن هؤلاء البشر كانوا يضغطون الأرض بإبهامي القدمين وينقلون أوزان أبدانهم بهذا الاتجاه، كما يفعل البشر المحدثون.
يذكر أن أقدم آثار أقدام عُثِر عليها في السابق تعود إلى 3.6 ملايين سنة، وهي لسلالة منقرضة تسمى "أوسترالوبيثكُوس"، إحدى أقدم السلالات "شبه البشرية" المكتشفة.
وقد سكن أشباه البشر هؤلاء شرق وشمال أفريقيا قبل 3 إلى 3.9 ملايين سنة، وتركوا أقدم دليل على وجود أشباه بشر من ذوي القدمين في تنزانيا بشرق أفريقيا.
صورة أخرى لبصمات القدم (الأوروبية)
بين أثرين
ولكن على خلاف آثار أقدام الإنسان "المنتصب" أو "العامل" منذ 1.5 مليون سنة، فآثار أقدام "أوسترالوبيثكوس" الأقدم بمليوني سنة تشير إلى أصابع قدم أطول وانحناءة باطن القدم أقل عمقاً، بينما كان إبهام القدم ناتئاً بعيدأ عن باقي أصابع القدم.
في مقابل ذلك فإن الإنسان المنتصب -وهو أحد ممثلي مجتمعات التقاط وصيد الغذاء المبكرة- كان أول أشباه الإنسان شديدة الشبه بسلالة الإنسان العاقل الحديث. كما أن الإنسان المنتصب يعتقد أيضاً بأنه أول أشباه البشر الذين سافروا فوق المياه باستخدام قوارب بسيطة أو بدائية. لكن هذه النظرية لا تزال محل خلاف.
جدير بالذكر أن هذه المكتشفات ومعطياتها المعرفية لا تفضي بالضرورة إلى القبول بنظرية داروين حول "النشوء والارتقاء" أو نظرية التطور. وكل ما يقال حول منحنى أو سلم تطوري للسلالات البشرية وصولاً إلى الإنسان الحديث هو محض تأويل أو تكهن لا يصل إلى اليقين العلمي.
وأبرز الثغرات في هذا النموذج هو القول بحلقة مفقودة مشتركة بين أسلاف القردة العليا وأسلاف البشر، وهذا افتراض لم يجاوز كونه افتراضاً. وأحدث ما توصل إليه العلماء مؤخراً من تحليل الحمض النووي لسلالة إنسان "نيندرثال" هو افتراض أنها تفرعت من سلف مشترك مع الإنسان "العاقل" الحديث، وهي نتيجة قد تكون معقولة في حضارة تؤمن بأن البشر جميعاً خلقوا من نفس واحدة.
المصدر: الجزيرة
اجمالي القراءات
3368