هل يعيد جدل المساواة في الإرث تونس إلى معركة الهوية

اضيف الخبر في يوم الخميس ٠٥ - مايو - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العرب


هل يعيد جدل المساواة في الإرث تونس إلى معركة الهوية

هل يعيد جدل المساواة في الإرث تونس إلى معركة الهوية
  • رغم أن النقاش حول المساواة في الإرث بين الجنسين ليس جديدا في تونس إلاّ أنه يثير الكثير من الجدل في بعده القانوني والديني في كل مرة يُطرح فيها. اليوم يتجدد النقاش حول هذا الموضوع الذي ظلّ يتأرجح بين الرفض والتأييد بعد أن تقدم النائب المستقل، مهدي بن غربية، بمبادرة تشريعية قوامها تفعيل المساواة في الإرث.
العرب ريم بن رجب [نُشر في 06/05/2016، العدد: 10267، ص(4)]
 
المساواة التامة والكاملة بين الجنسين حق دستوري
 
تونس - أعلنت كتلة الحرة بمجلس نواب الشعب والمنشقة عن حركة نداء تونس أنّ المبادرة التشريعية حول المساواة في الإرث لم تُعرض عليها رسميا ولم تتخذ فيها أي قرار، موضحة أن الإمضاء على نصّ المبادرة من قبل بعض أعضاء الكتلة يعبّر عن المواقف الشخصية لهم وأن ذلك لا يعبّر عن موقفها من هذه المبادرة في هذا التوقيت بالذات.

وفي نفس سياق المواقف الرافضة لهذه المبادرة التشريعية، أكد النائب عن الجبهة الشعبية منجي الرحوي في تصريح لـ”العرب”، أن نواب الجبهة الموقّعين سحبوا توقيعاتهم، موضحا أن هذه المبادرة مرتبطة بأجندة مشبوهة تريد العودة بتونس إلى المربع الأول وإثارة نقاشات غير مجدية حول الهوية والشريعة على اعتبار أنها تأتي في ظرف دقيق وتزامنت مع مبادرة راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة الإسلامية، للمصالحة الوطنية.

وأفاد الرحوي بأن مشروع قانون المساواة في الإرث ليس له ما يبرره خاصة وأن المساواة تعد ممارسة فعلية في المجتمع التونسي، وأن الغرض منه تحويل أنظار الرأي العام عن المشاكل الهامة والملحة.

ورغم اتفاق أغلب الأحزاب سواء من المعارضة أو من الائتلاف الحاكم على ضرورة النظر في الملفات العالقة والمرتبطة أساسا بالوضع الاقتصادي للبلاد بحجة أن “الوقت غير مناسب لمثل هذه المواضيع” ورغم أن المعارضين لحركة النهضة يرون أن طرح مسألة المساواة في الميراث في هذه الفترة سيكون في صالح الإسلاميين لتلميع صورتهم والدفاع عن الهوية، إلا أن العديد من الأساتذة الجامعيين ونشطاء حقوق الإنسان رحبّوا بهذه المبادرة التشريعية.

وكتبت الباحثة الجامعية رجاء بن سلامة على صفحتها في فيسبوك في ردّ على البرلمانية يمينة الزغلامي عن حركة النهضة والتي قالت إن تطبيق مبدأ المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة لم يحن بعد “أين مراجعاتكم؟ ماذا راجعتم، إن كان الطّاهر الحدّاد طالب بما ترفضونه منذ 86 عاما؟ ماذا راجعتم إن كنتم تُخضعون المبادئ الإنسانية الكبرى، مثل المساواة، لأحكام تتعلّق بمجتمعات قديمة لم تعد موجودة اليوم؟”.

 
منجي الرحوي: المبادرة مرتبطة بأجندة مشبوهة وتريد أن تعود بتونس إلى المربع الأول
 

ويعتبر رجال الدين أن أحكام الإسلام تقرّ بمبدأ المساواة بين الجنسين مع الحفاظ على الاستثناءات المتعلقة أساسا بالعُرف الاجتماعي، مؤكدين أن الموقف الشرعي إزاء مسألة المساواة في الميراث ثابت وواضح.

ومعلوم أن فقه المواريث محكوم بقاعدة “وللذكر مثل حظّ الأنثيين” أي للذكر ضعف نصيب الأنثى، وهذه القاعدة تعدّ حسب بعض المفسرين الأصل رغم أنها لا تسري على كافة حالات المواريث.

ويعلّل الإسلاميون رفضهم للمبادرة التشريعية الخاصة بالمساواة في الميراث بأن هناك حالات ترث فيها المرأة مثل الرجل تماما وحالات ترث فيها أكثر منه وحالات ترث فيها المرأة ولا يرث فيها الرجل، مشددين على أن المساواة في الحقوق المالية كرّستها أحكام الإسلام على اعتبار أن النفقة واجبة في جانب الرجل.

وردّا على ما يعتبره البعض “شبهة” الدعوة إلى المساواة في الإرث وخروجا على الشرع، يؤكد باحثون أن القطعيات في الإسلام ومنها الميراث تناقض مبدأ الاجتهاد في النص المقدّس، وأن الأمر لا يتعلق بالحالات القانونية في فقه المواريث والتي يمكن أن تنصف المرأة وإنما بمبدأ المساواة في حدّ ذاته والذي يجب أن يكون عاما وشاملا.

ولعله يجب الإقرار بأن بعض شيوخ الدين المتزمتين يتجاهلون مقاصد الشريعة في مسألة الميراث وبالتالي يتجاهلون الفقه المقاصدي الذي يعدّ من المفاهيم الحركية القائمة على التجديد. وبناء على هذا الفكر فإن باب الاجتهاد مفتوح بل وضروري لإعادة النظر في أحكام الميراث التي كانت خاصة بزمن معين يختلف عن زمننا الحالي.

ويدافع البعض عن فكرة تكاد تكون شائعة وهي أن حقوق المرأة حفظها القانون التونسي في مجلة الأحوال الشخصية التي لا تحتاج في نظرهم إلى مراجعات، ويرون أنه من الأفضل للجمعيات النسوية في تونس وعلى رأسها جمعية النساء الديمقراطيات الاهتمام بقضايا أهم من مسألة المساواة في الميراث مثل التحرّش واستغلال النساء في العديد من القطاعات خاصة القطاع الفلاحي.

واستنادا إلى الفصل الـ21 من الدستور التونسي والذي ينص على أن “المواطنين والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات، وهم سواء أمام القانون من غير تمييز”، طالبت منية بن جميع رئيسة جمعية النساء الديمقراطيات، في وقت سابق، بتغيير القوانين الخاصة بالميراث في مجلة الأحوال الشخصية بهدف القضاء على التمييز بين المرأة والرجل.

واعتبرت بن جميع في تصريح لإذاعة “إكسبريس” أن مجلة الأحوال الشخصية كانت ثورة عند سنها سنة 1956، غير أنّها اليوم تشوبها عدة نقائص ولا تكرّس المساواة الكاملة بين الجنسين والتي نصّ عليها الدستور التونسي.

وتونس ليست الدولة الوحيدة التي يدافع حقوقيوها عن المساواة الكاملة والتامة بين الرجل والمرأة، فسبق وأن عاش المغرب منذ أشهر قليلة على وقع جدل حادّ بعد دعوة المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى المساواة في الإرث.

اجمالي القراءات 3896
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق