محللون : انتصار حزب الله يلحق انتكاسة هائلة بالولايات المتحدة

اضيف الخبر في يوم الجمعة ١٦ - مايو - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: البديل


بيروت - رويترز - البديل الالكتروني / 15 - 5 - 2008

سدد اذلال حزب الله للحكومة اللبنانية التي تدعمها الولايات المتحدة ضربة أخرى للمصداقية الامريكية في المنطقة بعد أقل من عام واحد من انتزاع حركة المقاومة الاسلامية (حماس) السيطرة على غزة من الزعماء الفلسطينيين الذين تدعمهم واشنطن.



وجاء الانتصار العسكري السهل للحزب قبيل الجولة التي يقوم بها الرئيس الامريكي جورج بوش للمنطقة هذا الاسبوع. وكان بوش قد اعتبر لبنان نموذجا ناجحا لمسعاه الذي أعلنه لتحقيق ما اسماه الديمقراطية في العالم العربي.

وتأثرت هذه الحملة تأثرا سلبيا في أعين العرب حين ندد بوش بفوز حركة حماس بالانتخابات الفلسطينية عام 2006 بعد ان كان قد شجع على اجرائها وقاد حملة دولية لعزل الحكومة التي شكلتها الحركة الاسلامية وقطع التمويل عنها.

منذ ثلاثة أعوام مضت خرج متظاهرون لبنانيون مطالبين بانسحاب القوات السورية التي هيمنت على البلاد لتسعة وعشرين عاما ونجحوا في تحقيق هذا مما منح بوش لحظة نادرة من الاستمتاع وسط كوارث الحرب الامريكية في العراق.

اما الان فان الائتلاف الحاكم المناويء لسوريا الذي يدعمه بوش غارق في حالة من الفوضى بعد أن أدى صراع على السلطة مع حزب الله وحلفائه استمر 18 شهرا الى تفجر أعمال العنف التي أودت بحياة 81 شخصا في الاسبوع المنصرم ووضع لبنان على شفا حرب أهلية طائفية.

وقال رامي خوري المحلل السياسي في بيروت "بوش و(وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس) خصا لبنان بالذكر بوصفه الطفل النموذجي لنجاحهما... هذا يجعل الخسارة اكبر."

وأضاف خوري أن الوقت لا يزال مبكرا جدا للتكهن بتأثير المعارك الجريئة التي خاضها حزب الله في الشوارع على الصعيد السياسي لكنه وصف الاحداث التي وقعت حتى الان بأنها "انتكاسة هائلة" للولايات المتحدة.

ومضى يقول "هذا يأتي في اطار عملية تراكمية يبدو فيها أن السياسة الامريكية لمواجهة الاسلاميين والقوميين في أفغانستان والعراق والصومال وفلسطين وربما اليمن والان لبنان قد فشلت ولو على المدى القصير على الاقل."

واعترف البيت الابيض بأنه يشعر "باحباط شديد" بسبب الاضطرابات في لبنان الذي يظهر مجددا كساحة لصراع أوسع نطاقا يضع الولايات المتحدة وحلفاءها العرب في مواجهة ايران وسوريا والجماعات التي تقدمان الدعم لها مثل حزب الله وحركة حماس.

في هذه الجولة على الاقل باغت حزب الله واشنطن التي بدت في غفوة تاركة حكومة رئيس الوزراء فؤاد السنيورة بلا حيلة.

وقال هلال خشان استاذ العلوم السياسية بالجامعة الامريكية في بيروت "لا أدري ما الذي كان يظنه الاشخاص الموالون للولايات المتحدة بشأن مدى التزام الولايات المتحدة تجاه لبنان" وتابع أن "تصرفات حزب الله فاجأت الامريكيين وسيكون عليهم التفكير مليا للبحث عن رد."

وكانت الازمة قد تفجرت بعد أن قررت حكومة السنيورة حظر شبكة الاتصالات الخاصة بحزب الله واقالة مدير أمن مطار بيروت المقرب من الحزب.

وندد حزب الله بهذه الخطوات باعتبارها اعتداء على "أسلحة المقاومة" لاسرائيل فشن هجمات ضد خصومه من السنة والدروز داخل وحول بيروت. ولاول لمرة خلال 20 عاما حنث بعهده بالا يستخدم ترسانته من الاسلحة الا ضد اسرائيل والا يستخدمها ابدا ضد مواطنيه اللبنانيين.

وفي غياب تفسير واضح للسبب الذي دفع الحكومة الى اتخاذ اجراءات استفزازية أشار بعض المحللين الى أن الولايات المتحدة وحلفاءها العرب ضغطوا من أجل موقف متشدد ضد حزب الله.

وألغت الحكومة اللبنانية الاجراءات التي اتخذتها مؤخرا ضد حزب الله والتي أثارت أسوأ صراع داخلي منذ الحرب الاهلية التي عصفت بلبنان بين عامي 1975 و1990 وقالت حكومة السنيورة في بيان بعد اجتماع ليل الاربعاء انهااتخذت هذه الخطوة تماشيا مع طلب للجيش اللبناني للحفاظ على السلم الاهلي ودعم وساطة للجامعة العربية لانهاء الازمة السياسية في البلاد المستمرة منذ 18 شهرا.

وكتب بول سالم مدير مركز كارنجي في الشرق الاوسط يقول "ربما تكون السياسة الامريكية لزيادة الضغط على ايران وحلفائها وزيارة الرئيس بوش الوشيكة للشرق الاوسط هي التي أجبرت الحكومة على القيام بتحرك."

والامر المثير للحيرة بنفس الدرجة هو لماذا أعطت ايران الموافقة لحزب الله هذه المرة لاستخدام قدراته العسكرية في التعامل مع خلاف سياسي لبناني دائر منذ حرب عام 2006 مع اسرائيل هذا بافتراض أنها منحته الموافقة.

وتكهن سالم بأن هذا ربما يكون ردا ايرانيا على الجهود الامريكية لتشديد العقوبات على طهران وعلى الاتهامات بتدخلها في العراق وعلى الهجمات الامريكية ضد جيش المهدي التابع للزعيم الشيعي العراقي الشاب مقتدى الصدر.

ومن المقرر أن يتشاور بوش مع الحلفاء الإقليميين العرب القلقين بشأن مكاسب حزب الله حول كيفية مساعدة لبنان خلال جولته التي بدأها بزيارة اسرائيل يوم الأربعاء غير أن الخيارات المتاحة أمامه محدودة.

وكان بوش قد تعهد بتقديم مزيد من المساعدات للجيش اللبناني لضمان قدرته على " الدفاع عن الحكومة اللبنانية" غير أن الجيش لم يبد أنه راغب أو قادر على التعامل مع حزب الله او الوقوف الى جانب الحكومة التي تدعمها الولايات المتحدة في مجتمع منقسم.

إن تركيز بوش على كبح ما يعتبره مسعى سوريا ايرانيا لاستخدام " إرهابي" حزب الله للهيمنة على لبنان وتهديد اسرائيل قد يعقد الجهود المبذولة للتوصل الى تسوية لبنانية.

وتتجاهل هذه الأيديولوجية الواقع العملي بأن حزب الله وحلفاءه الشيعة والمسيحيين يشكلون كتلة سياسية معارضة تمثل ربما نصف اللبنانيين.

ويستحيل التوصل الى حل للأزمة اللبنانية دون نوع من التسوية تضع في الاعتبار مصالح المعسكرين لكن هذه لعنة بالنسبة للولايات المتحدة لأن مصلحة حزب الله الرئيسية هي حماية أسلحته لاستخدامها ضد اسرائيل.

ويقول بعض المحللين إن الوضع مشابه على الساحة الفلسطينية اذ لا يمكن أن تحدث مصالحة بين الفلسطينيين دون القبول بحماس كشريك. وينظر الى المصالحة باعتبارها أمرا ضروريا اذا كان اي اتفاق سلام مع اسرائيل سيمضي قدما.

ولا تبالي واشنطن بهذه المجادلات لأنها تنبذ حماس باعتبارها جماعة إسلامية " إرهابية" ترفض الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف والقبول باتفاقات السلام المؤقتة.

ويقول المحلل السياسي خوري إن الفشل في التمييز بين "الإرهابيين الإجراميين" مثل أسامة بن لادن وابو مصعب الزرقاوي من جانب والجماعات الإسلامية التي تتمتع بصفة الشرعية مثل حماس وحزب الله والإخوان المسلمين من جانب آخر هو عيب متكرر في سياسة بوش الخاصة بالشرق الأوسط.

وأضاف "اقتراحي هو أن يتناول الأمريكيون زجاجة كاملة من حبوب التواضع وأن يكونوا واقعيين ويفهموا أن محاولة مواجهة الجماعات الوطنية العربية الإسلامية عسكريا لا تجدي نفعا ولن تولد الا المقاومة".


اجمالي القراءات 966
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق