تحرش وسرقة وعطش واكتئاب

القاهرة "مضلمة" بأمر الحكومة في رمضان!!

محيط ـ عادل عبد الرحيم

القاهرة منورة بأهلها.. هل تذكرون هذه العبارة الجميلة، الأفضل أن تنسوها حيث لم يعد لها وجود من الأساس، بعد أن حلت مكانها روح كئيبة تصيب كل من يتجول في شوارع العاصمة المصرية القاهرة خلال فترة الليل في هذه الأيام المباركة التي توافق شهر رمضان المعظم، فبعد قرار الحكومة قطع نصف الكهرباء عن جميع محافظات مصر بحجة ترشيد الاستهلاك وتخفيف الأحمال عن محطات التوليد تحولت حياة المواطنين إلى جحيم لا يطاق.

حيث يعجز الأهالي عن قضاء احتياجاتهم من الشوارع والأسواق والتي يفضلون عملية التسوق ليلا بسبب هدوء درجات الحرارة وعقب تناول الإفطار، لكن بعد انقطاع الكهرباء لساعات تعددت الشكاوى من حوادث التحرش الجنسي من جانب معدومي الأخلاق، وكذلك فرض البلطجية سيطرتهم على المارة وخطف متعلقاتهم.

احمد عبد الصمد، صاحب سوبر ماركت، يشكو من انخفاض المبيعات لأكثر من النصف جراء قطع التيار وذلك بسبب عزوف المشترين عن التسوق ليلا وكذلك تعرضه لخسائر رهيبة بسبب تلف بعض السلع وعلى رأسها الشيكولاتة والآيس كريم، كما أن كثيرا من الزبائن يردون إليه الألبان والسمن والفطير بسبب عدم صلاحيتها لقطع الكهرباء عنها.

ولا يقتصر الأمر على هذا، فبسبب ضعف وصول المياه للأدوار العليا تضطر جميع العمارات والمنازل أكثر من دورين لتركيب موتورات رفع للمياه، وطبعا هذه تعمل بالكهرباء التي إذا انقطعت فلن تكون هناك مياه سواء للشرب أو لقضاء الحاجة، والأزمة تتفاقم، كما يحكي المواطنون، من أن عملية قطع الكهرباء تتم بعشوائية وفوضى رهيبة فلا يعلن عن مواعيدها حتى يدبر الناس أمورهم، ويتم القطع عن منطقة بعينها بالكامل دون مراعاة لأي اعتبارات إنسانية.

	د. حسن يونس وزير الكهرباء

ومن بين توابع قطع الكهرباء أيضا تعرضت له إحدى السيدات داخل عيادة أسنان لموقف مزعج جدا حيث كان يقوم الطبيب بحشو ضرسها وبعد أن قام بتنظيفه وتفريغه من الأجزاء المتسوسة وقبل أن يقوم بإتمام عملية الحشو انقطعت الكهرباء فاضطرت للانتظار لأكثر من ساعتين في العيادة دون فائدة وسط آلام شديدة أحست بها فاضطر الطبيب لوضع "عجينة قرنفل" مؤقتة لها حتى لا تتأخر عن بيتها أكثر من هذا.

حسين صلاح الدين، محاسب، هو أيضا من ضحايا الظلام، وكانت مصيبته في جيبه حيث تعرض للنشل بأحد الأسواق بمنطقة وسط العاصمة بعد أن قرر بكل شهامة القيام بمهمة التسوق بدلا من زوجته، حيث اكتشف اختفاء حافظة نقوده بعد دقائق معدودة من قطع الكهرباء عن سوق "التوفيقية" الشهير بضيق شوارعه وشدة زحامه.

أما الحاجة نور التي تركت قريتها لتزور أبنائها في حي شبرا، شمال العاصمة، وتقضي أياما جميلة مع أحفادها فتروي بنبرة حزن مؤلمة كيف انعدمت مظاهر الاحتفال بالشهر الكريم في العاصمة التي كانت تبدو كعروس في أبهى حللها وتتزين بالأنوار لاستقبال الشهر الكريم، أما الآن فبدت عليها مظاهر الشيخوخة واختفت روح الفرح منها.

وقد استدعت ظاهرة قطع الكهرباء تدخل الرئيس المصري محمد حسني مبارك الذي استفسر من الدكتور حسن يونس وزير الكهرباء والطاقة عن الأسباب التي أدت إلى زيادة انقطاع التيار الكهربائي في الفترة الأخيرة وما تحقق في إطار إنشاء محطات التوليد الجديدة.

وقال الرئيس مبارك "عاوز أعرف ليه التيار الكهربائي يقطع, خصوصا أننا عندنا انتاج كبير من الكهرباء؟".

من جانبه، رد وزير الكهرباء قائلا :"من الساعة الواحدة بعد منتصف الليل حتى الساعة الثانية عشر في منتصف اليوم التالي (فترة 24 ساعة) نجد الحمل الكهربائي ينخفض خلال الليل لأن الناس نائمة, ثم يبدأ في الصعود حتى يصل إلى الذروة أثناء الغروب, يقفز مرة واحدة بمقدار 3300 ميجاوات لمدة ساعتين أو ثلاثة"، وذلك خلال افتتاح الرئيس مبارك لمحور صفط اللبن بالجيزة بتكلفة تبلغ 900 مليون جنيه، الذى يهدف إلى انسياب الحركة المرورية بالقاهرة الكبرى حيث يربط محافظتي القاهرة والجيزة بالطريق الدائري.

	المياه تنقطع مع الكهرباء يعني الكارثة كارثتين

وعقب الرئيس مبارك قائلا "احنا عندنا انتاج كافي, وهل المحولات لا تتحمل؟"، ورد الوزير قائلا "نعم عندنا انتاج, والقدرات التي تعمل حاليا لا تستطيع أن تكفي وقت الذروة التي تستمر لمدة ساعتين. نحن لسنا ضد استخدام الناس التكييف، ولكن مع أن يستخدموه فقط في الاماكن التي يتواجدون فيها, وكذلك إنارة الأماكن التي يتواجدون فيها خلال وقت الذروة".

وتخلف مسألة قطع الكهرباء هذه توابع كارثية ربما لم نلمسها بعد وعلى رأسها تعطل إجراء العمليات الجراحية ومخاطر قطع التيار عن نزلاء عنابر التنفس الصناعي علما بأن أغلب المستشفيات لا يوجد بها وحدات تشغيل كهرباء احتياطية كما هو الحال في البلدان المتقدمة، هذا بخلاف وجود حالة من السيولة الأمنية وشيوع الفوضى وسيطرة البلطجية على الشوارع خصوصا مع اختفاء رجال الأمن طبعا الذين في الغالب الأعم يفضلون النوم بعد الإفطار وينسون مهمتهم في حفظ الأمن بين الناس بالشوارع.

كان د. حسن يونس وزير الكهرباء المصري قد أكد في تصريحات سابقة أن الأجهزة المسئولة في مصر اضطرت إلى ترشيد استهلاك الكهرباء على جميع أنحاء مصر، مضيفا انه من تم اللجوء إلى تخفيض إنارة الشوارع ليلا لتخفيف الأحمال على محطات توليد الكهرباء، نظرا لكثافة معدلات الاستهلاك أشهر فصل الصيف في ظل استخدام أجهزة التكييف.