أسرار التنظيم السري لجمال مبارك من مدينة نصر لرأس الحكمة

اضيف الخبر في يوم الخميس ٢٢ - يوليو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الفجر


كانت للدكتور جلال أمين ملاحظة ذكية وشكلية علي جمال مبارك، فقد لاحظ جلال أمين انه لا توجد صور لجمال وهو يضحك، وأن جمال قليل الابتسام ويبدو مهموما بشيء ما، ومن المثير للدهشة أن هذه الصفات مثلت الخطوة الأولي في عملية دخول مبارك لعالم السياسة، فقد لاحظ أستاذه الدكتور صبري الشبراوي نفس الملاحظة وأن جمال لم يكن وهو طالب بالجامعة الأمريكية يميل إلي صخب الشباب وتجمعاتهم، ونصحه أستاذه بأن يشغل وقته وطاقته في العمل العام، ويبدو أن جمال نفذ النصحية من خلال تأسيس جمعية أهلية (جمعية جيل المستقبل)، وعمل اقتصادي عام آخر وهو المجلس الرئاسي «المصري - الامريكي»، ثم المشاركة في تأسيس المركز المصري للدراسات الاقتصادية، وكلاهما منتديات لترويج الاقتصاد الحر الذي يؤمن به جمال مبارك، وقد أوصلته تجاربه إلي ضرورة إصلاح الاقتصاد المصري، ومن يرغب في التغيير والإصلاح عليه اللعب بالسياسة، وعند هذا الحد انتهي دور صبري الشبراوي، وفي عام 2000 بدأت عملية تحضير جمال مبارك لاقتحام عالم السياسة علي يد المستشار السياسي للرئيس مبارك الدكتور أسامة الباز، ولذلك يصف البعض الباز بمهندس عملية التوريث، وينفي أحد السياسيين الذين شهدوا بداية التجربة ثم آثر الابتعاد هذة الفكرة، ويؤكد الرجل (طلب عدم ذكر اسمه) أن الباز لم يكن يسعي لتوريث جمال، ولكنه لمس رغبة جمال في العمل السياسي، وفكر ان وجوده كأبن الرئيس سيمثل دفعة لتحديث مصر، وأن جمال مبارك ومجموعته ستنجو من (أسافين) الحرس القديم في السياسة والاقتصاد، ويضيف الرجل أن الباز كان يعاني من اكتئاب سياسي لتجمد الأوضاع في مصر، واجهاض محاولات التغيير علي يد ما عرف في ذلك الوقت بأعمدة النظام (الشريف ووالي وزكريا عزمي وكمال الشاذلي)، ولذلك رأي الباز في تصعيد جمال مبارك حلا لتمرير سلس للتغيير من داخل السلطة.

وبدأ الباز عمليته مستعينا بالأساليب العملية، فاختار مجموعة ضيقة جدا ومختارة ورتب لها لقاءات مطولة ومستمرة مع جمال، وكانت اللقاءات تتم في المنازل احيانا، وفي المكاتب أحيانا اخري، مكتب جمال مبارك في مدنية نصر، وفي مقر حزبي مهجور في مصر الجديدة وتحديدا في المريلاند، وقد تحول هذا المبني فيما بعد الي المقر الانتخابي للحملة الرئاسية للرئيس مبارك، وهناك لقاءات عديدة تمت في مبني تابع لأحد الاجهزة برئاسة الجمهورية، ويقع ايضا بمصر الجديدة، وفيما بعد عندما دارت عجلة العمل لتحضير أمانة السياسات، كانت اللقاءات تتم في أشهر الصيف في رأس الحكمة (المقر الصيفي للرئيس مبارك)، وكان معظم من في المجموعة يمتكلون بيوتاً صيفية في الساحل الشمالي، والأقلية التي لا تمتلك شاليهاً كانت تقضي الويك اند في فندق هيلتون الساحل بقرية مارقيا.

واختار الباز الدكتور أسامة الغزالي حرب ليقدم لجمال وجبة مكثفة في تاريخ مصر السياسي، وفي أمسيات عديدة كان الثلاثة يجتمعون في غرفة مظلمة، ويتابعون أفلاماً تسجيلية من سلسلة مصر المعاصرة، وحادثة دنشواي، تأميم القناة، ومع الصورة كانت تعليقات أسامة الغزالي حرب الذي صار فيما بعد أشهر المنشقين والمعارضين لمجموعة جمال.

وحذا آخرون حذو الباز في علاقتهم بجمال مبارك، فقد رأوا فيه السند القوي لتحقيق الاحلام القديمة والمحبطة والمؤجلة، وقد كان لدي الكثيرين أحلام محبطة، الدكتور احمد كمال ابو المجد بإيمانه بالعدالة ومجمتع يحترم الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمواطن، ومن خلال لقاءات ابو المجد مع جمال في فترة التكوين السياسي نبتت اولي بذور المجلس القومي لحقوق الانسان، الدكتور علي الدين هلال وحلم كل استاذ علوم سياسية في بناء مؤسسة حزبية حديثة.. حزب وطني يقود حكومته من خلال الافكار ويراقب سياساتها، الدكتور حسام بدراوي ومني ذو الفقار وأحلام بناء مجمتع مدني فاعل خاصة في مجال التعليم والصحة، وأحمد عز والدكتور أحمد جلال والدكتور يوسف بطرس غالي وأحلامهم في التحول الي الاقتصاد الحر، وفي ذلك الوقت كان غالي هو الوزير الوحيد في الحكومة الذي يشارك في الدفع في هذا الاتجاه، وعلاقة جمال بغالي سابقة علي فكرة تكوين حلقة التغيير، ويكاد يكون غالي هو الوحيد من كل المجموعة الذي احتفظ بعلاقة قوية ومستقرة بجمال مبارك علي مدي السنوات العشر.

وكان التحول الاقتصادي علي جدول الاولويات حوارات ومناقشات الشتاء والصيف.. واتسعت الحلقة لتشمل فيما بعد المهندس رشيد محمد رشيد (وكان عضواً مؤسساً في جمعية جيل المستقبل) والدكتور محمود محيي الدين والدكتور عبد المنعم سعيد والدكتور محمد كمال، وخلال عام 2000، و2001 رتب الباز لجمال لقاءات متعددة مع عدد من الخبراء في كل الملفات الطاقة، والزراعة و النقل، والمحليات، وكان الاختيار يتم بعناية فائقة، والشرط الرئيسي هو الكتمان التام لكل ما يجري في الغرف المغلقة، وقد اعتذر البعض بلباقة عن هذه الدعوات، وقبل كثيرون، ومن بينهم من استمر مع المجموعة، وجري استبعاد آخرين.

وكانت انتخابات مجلس الشعب عام 2000 أو بالأحري مجلس 2000 هي الفرصة الاولي للتنظيم لتحقيق خطوة علي ارض الواقع، ففي شهر ديسمبر فتح المجلس أبوابه للاعضاء الجدد للحصول علي الكارنيه، فوجئ الجميع بنائب شاب من رجال الاعمال يتحدث بثقة زائدة مع الجميع، وحين علم النائب الشاب بأن زميله الجالس بجوارة مستقل قال له (ان شاء الله تبقي معانا في الحزب الوطني) فرد علية النائب المستقل (حزب وطني ايه. انا ناصري)، كان هذا النائب الشاب هو المهندس احمد عز، وسرعان ما كشف عن نفوذه عندما اختير رئيسا للجنة الخطة، وذلك رغم تعيين الخبيرة الاقتصادية الدكتور فائقة الرفاعي بالمجلس، بل وتلقيها التهنئة من مسئول كبير بوزارة المالية علي رئاستها للجنة الخطة، وفي ذات المجلس فاز حسام بدراوي برئاسة لجنة التعليم.

وطوال أعوام 2000 حتي 2002 استمر طابع التنظيمات السرية يسيطر علي أداء المجموعة اللقاءات السرية، والكتمان المطلق لكل افكار الجماعة، والاحساس بأن خطرا خارجياً ما يحدق بالتجربة، ومثل كل التنظيمات السرية وحد هذ الاحساس بين صفوف المجموعة وتراجعت في ذلك الوقت الاحلام والمطامع الشخصية، واخذت عملية بناء التنظيم الحزبي الرسمي للمجموعة كل وقتهم، فلم يكن هناك متسع للوقت للحديث عن توزيع الثمار والمكاسب لأن هذه الفترة لم تكن هناك ثمار ليحدث نزاع او منافسة علي توزيعها.

وكانت اجندة التغيير المزعوم تتضمن شقاً سياسياً وآخر اقتصادياً

وكان الشق السياسي يتعلق بإعادة بناء الحزب الوطني وتحسين القوانين والمناخ العمل السياسي، ونجحوا فيه في عام 2002، حيث تم إعلان أمانة السياسات والمجلس الاعلي للسياسات وأصبحت المجموعة هي العقل المفكر للحزب، وبذلك تحولت إلي العمل الرسمي المعلن.

وأما الشق الاقتصادي فكان يتعلق بتغيير منظومة الدعم بما في ذلك مجانية التعليم، ودعم رغيف العيش وإطلاق يد القطاع الخاص في الاقتصاد القومي، وكانت هذه الافكار تُتداول في اوساط ولقاءات المجموعة فقط، ولم يجرؤ كل اعضاء الفريق علي مواجهة الرأي العام بتجاوز الخطوط الحمراء.. وحده احمد عز فعل ذلك، وطرح هذه الآراء وتجاوز الخطوط الحمراء في لجنة الخطة والموازنة، ولم يستطع عز ان يحظي بموافقة المجلس علي مثل هذه الاراء، فقد كان الوزير وامين التنظيم في ذلك الوقت كمال الشاذلي يؤكد ان هذه الآراء تعبر فقط عن لجنة الخطة والموازنة، ولكن تجاوز عز للخطوط الحمراء كان بداية لصعوده سلم النفوذ، فذات يوم نشرنا في صحفية صوت الأمة مانشيت يهاجم ما قاله عز في لجنة الخطة والموازنة حول اعادة النظر في مجانية التعليم ودعم رغيف العيش، وعندما قرأ جمال مبارك كلمات عز القوية اعجب بشجاعته الادبية.. واستمر عز في تجاوزه الخطوط الحمراء والبيضاء والسوداء، واستمر جمال في الإعجاب به، ولا أعرف اذا كان جمال لايزال مصرا علي إعجابه بهذه الأفكار بعد الرفض الشعبي للخصخصة والمساس بمجانية التعليم والشعور بأن هذه المجموعة تعمل لصالح رجال الاعمال ام لا؟

وزاد من اعتماد جمال علي عز قدرة عز علي تشغيل خبراء وأساتذة جامعات لتقديم العون الفني والعلمي للمجموعة، وطبقا لرواية أحد أفراد المجموعة ان اوراق عز كانت تذكر جمال بطريقة عمل أستاذ آخر له في الجامعة الامريكية. كان جمال معجباً به، ويستمع لآرائه ويلاحظ بإعجاب طريقته في العمل وخاصة الاوراق والدراسات.. ولم يكن هذا الاستاذ سوي الدكتور سعد الدين ابراهيم.

ولكن صعود عز لم يتسبب في هذة المرحلة في انشقاق في المجموعة المترابطة، وحصدت أمانة السياسات مكافآتها الكبري مع حكومة نظيف الاولي في 2004، فقد تمت اعادة تفصيل سته وزارات علي مقاس ثلاثه من نجوم المجموعة، فحصد غالي (المالية والتأمينات) ومحيي الدين (الاقتصاد وقطاع الاعمال) ورشيد (التجارة الخارجية والتموين).. باختصار وضعت المجموعة يدها علي الملف الاقتصادي بأكلمه، ولم يكن وزير السياحة في ذلك الوقت احمد المغربي بعيدا عنهم فهو عضو قديم في جمعية المستقبل وبدا لها نظيف في ذلك الوقت رئيس وزراء يسهل التعامل معه او بالأحري يمكن ان يدخل بيت طاعة امانة السياسات، ومع الوصول للسلطة وانتخابات مجلس الشعب الجديدة حدثت الانقلابات الأشد خطورة في مجموعة جمال مبارك.

معارك شلة جمال مبارك علي كعكة النفوذ ونهاية عصر البراءة

متد شهر العسل في المجموعة حتي عام 2005، ما بين وزارة نظيف الأولي في يوليو 2004 الي آخر 2005.. عاشت المجموعة اسعد أيامها.. كانت هذه الفترة أشبه بفترة الحب والخطوبة بكل ما تحمله هذه الفترة من رومانسية، ولكن التنظيم السري اصبح رسميا ومعلنا، والخطوبة اصبحت زواجا، وأصبح علي الجميع مواجهة الواقع بكل مشاكله وأحكامه.. والذين كانوا يكتفون بالاحلام والافكار اصبحوا ملزمين بالتنفيذ، وأصدقاء الامس صاروا منافسي اليوم وكل يوم، وبدأت اولي الانشقاقات الداخلية عندما اتخذ وزير التجارة رشيد عدة قرارات متعلقة بسوق الحديد، وبدت هذه القرارات موجهة لأحد اعضاء المجموعة امبرطور الحديد احمد عز، واعتبر عز أن رشيد يسعي لتحقيق شعبية سياسية علي حسابه، وبغض النظر عن نوايا رشيد فقد حقق رشيد بالفعل شعبية كبيرة في زمن قياسي، واستفاد رشيد الخبير في الادارة من كل من حوله لترسيخ اقدامه سياسيا، وأصبح رشيد المنافس الاول لنظيف والمرشح لتولي رئاسة الحكومة في عدة أشهر، وبدأ الكثيرون داخل وخارج الحكومة يراجعون حساباتهم، اكتشف وزير السياحة المغربي أن وزارة السياحة أقل من أن تكون حلبة المنافسة علي خلافة نظيف، وأصغر من أن تقوده للنفوذ السياسي، وفي ذلك الوقت كان المغربي خارج الدائرة الضيقة لجمال مبارك، ولذلك سعي المغربي لتوطيد علاقته برئيس الحكومة احمد نظيف، وفي ظل نشوة انتصار المجموعة بالنفوذ الجديد ارتكبت المجموعة العديد من الاخطاء في تجاوز رئيس حكومة، فقد اعتبروه مجرد وضع مؤقت لاستكمال نفوذهم، واتخذ رشيد وغالي عدة قرارات دون الرجوع لنظيف، وبدأت الخلافات والصراعات تطفو علي السطح، وانقسم مجلس الوزراء الي شلل ومجموعات، ووسط انشغال كل وزير في توسيع نفوذه كانت هناك عيون وجهات ترصد ما يحدث، وكان ذلك سببا رئيسا في ضياع فرصة رشيد في رئاسة الحكومة بالاضافة الي العائق الكبير فرشيد من وزراء البيزنس واعتلاؤه لمنصب رئيس الحكومة خطوة لا يقبلها المجمتع، وأدي ذلك الي استمرار نظيف في منصبه، فقد تعلل نظيف بانه لم يحظ، بفرصة لاختيار وزرائه ولا متابعة ملفاتهم، وانه لا يعرف الكثير من أعمالهم، وساعد معارضو التوريث نظيف في تحقيق أهدافه دون قصد، خاصة عندما روجوا لفكرة وجود حكومتين تحكمان مصر، حكومة برئاسة نظيف، وأخري برئاسة جمال مبارك، ومع تمكن نظيف من الوزارة الثانية في عام 2005 تفرقت جهود المجموعة، ولم تعد القوة العظمي في الحكومة، وقد أربك هذا الامر حساباتهم، وزاد انشغال كل واحد منهم بتسيير وزارته وأموره، وتشتت آخرون بين الولاء لرئيس الحكومة الفعلي، أو الولاء لأمانة السياسات.

ولان المصائب لا تأتي فرادي، فقد جاءت انتخابات مجلس الشعب في 2005 لتزيد جحم الانشقاقات والاتقلابات داخل المجموعة، حاول جمال مبارك ومجموعته تطبيق القواعد الحزبية العلمية علي عملية الانتخابات، فأعلن جمال وغيره من القيادات عدم ضم المنشقين عن الحزب للهئية البرلمانية، وأن الولاء للحزب وللقيم الاخلاقية ستكون له الأولوية المطلقة، وضعوا برنامجاً انتخابياً للحزب ووزعوه علي المرشحين. ولكن الانتخابات جرت علي عكس إرادتهم او بالاحري أحلامهم، فازت قائمة الحزب بنحو 35 % فقط من المقاعد، ووجد الحزب نفسه مهددا بضياع اغلبيته في المجلس، وباستثناء مائة مقعد للإخوان والمعارضة ذهبت بقية المقاعد لأبناء الحزب المنشقين. لقد تحالف بعضهم مع الإخوان والمعارضة، وكانوا من الذكاء فلم ينفذوا نصائح امانة السياسية ونجومها، وخزنوا البرنامج الانتخابي في المخازن ووزعوا بدلا منه سلعاً ومواد غذائية وملابس، وباختصار خاضوا الانتخابات بالطريقة التقليدية. وكانت النتائج ضربة موجعة للمجموعة، خاصة انها شهدت خسارة ألمع نجومها الدكتور حسام بدراوي، وأصيب الجميع بالإحباط والاكتئاب وعلي رأسهم جمال وعز، ولكن عز نفض عنه الاكتئاب والحزن وذهب لكل المنشقين يرجوهم للعودة لأحضان الحزب. ولقد كان نجاح عز في هذه المهمة الصعبة صعوداً جديداً علي طريق نفوذه. واعترض الكثيرون من أبناء الجماعة علي هذا التصرف لأنه يضعف قوة مؤسسة الحزب، ولكن التضحية بالأغلبية كانت مستحيلة، وأجبر هذا الخيار الصعب الإصلاحيين علي الاخذ بأساليب الحرس القديم.

وبعد الانتخابات وتوابعها بعدة أشهر حذر القيادي حسام بدراوي بقية المجموعة من خطورة الانقسامات علي وحدة الصف، وكان بدراوي اكثر المجموعة انتقادا لبعض رموز الحرس القديم. وهناك رواية اخري تتردد في كواليس الحزب.. أن حسام أرسل خطابا لجمال مبارك يحمل هذا المعني، فقد ذكر حسام جمال بأن المجموعة نجحت في تحقيق اهدافها عندما تمسكت بوحدتها، ولم تعرف الخلافات.

ولا شك ان تراجع أسهم حسام بدراوي هو التغييرات المهمة في الامانة، واذا كان حسام قد استمر في الحزب، فقد فضل آخرون الابتعاد والانسحاب بهدوء.

وكانت اهم الاعتراضات هؤلاء المنسحبين ان الاجندة الاقتصادية طغت علي الاهداف الاخري للمجموعة، وأن ملفات الحريات لم تتأثر كثيرا، وأن عائد الاصلاحات الاقتصادية والنمو قد ذهب لفئة محدودة، ولم يشعر به المواطن العادي، وأن تقديم تسييرات تشريعية ومالية للمستثمرين لم يحدث طفرة في حياة المواطن العادي.

وفي اطار هذا الاتجاه الوليد في الامانة زاد نفوذ محمود محيي الدين واقترب كثيرا من مركز صنع القرار، ولكن خصومة المجتمع للخصخصة من ناحية، وفشل مشروع صكوك الخصخصة (الملكية الشعبية ) من جهة أخري اضاع فرصته في رئاسة الحكومة.

وبعد رشيد ومحيي الدين.. جاء الدور علي وزير الاسكان احمد المغربي، فقد دخل المغربي في قلب دائرة النفوذ بالأمانة من خلال مشروع من المشروعات الرامية لتوزيع ثمار النمو، او بالأحري تحسين معيشة المواطنين، وهو مشروع (الالف قرية الاكثر فقرا ).

ومشروع رعاية القري الاكثر فقراء، ومشروع الدعم النقدي المشروط من المشروعات التي جري بحثها في خارج الحزب، وفي إحدي الجامعات الخاصة، ووصل المشروع للحزب فأعجب به جمال ومجموعته بالمشروعين، وخاصة مشروع القري الاكثر فقرا، وأسند تنفيذ المشروع الي وزارة الاسكان، ونجح الوزير المغربي في توفير تمويل للمرحلة الاولي للمشروع، ويعتقد بعض المعارضين ان هذا التمويل جاء علي حساب موازنة مياه الشرب والصرف الصحي في موازنة الاسكان، ومع زيادة اهتمام جمال بالمشروع زاد نفوذ المغربي. ولأن اهتمام جمال بالمشروع كان عظيما فإن نفوذ المغربي تضخم، فأسوأ ما يغضب جمال هو ما تنشره الصحف المستقلة عن تردي أوضاع القري التي زارها جمال مبارك.

وليس سرا ان جمال قدم دعما سياسيا للمغربي بعد القبض علي مسؤل كبير بوزارة المغربي هو الدكتور أشرف كمال في قضية الرشوة الشهيرة، وقد ظهر جمال مبارك في برنامج الاعلامي جمال عنايت ومعه الوزير المغربي.

ويبدو ان هذا النفوذ أزعج الدكتور نظيف المستمر في منصبة، ولكنه استمرار علي صفيح ساخن، وقبل انفجار قضية بيع ارض جزيرة أمون كان المغربي هو الاول في بورصة الشائعات والترشيحات لتولي منصب رئيس الحكومة بعد انتخابات مجلس الشعب. ولكن القضية الاخيرة اصابته في مقتل سياسي، وعلي طريقة الكراسي الموسيقية ارتفعت أسهم رشيد مرة اخري وطلبت منه جهات عليا إعداد قانون لعدم تعارض المصالح لمعالجة أوضاع وزراء البيزنس، ونواب البيزنس. وقد تعيد الانتخابات القادمة والايام المقبلة خريطة نفوذ مجموعة جمال مبارك مرة اخري، فلا أحد يعرف الي اين تأخذنا لعبة الكراسي السياسية وصراعات النفوذ، وهل سيتمر مشروع الالف قرية كمشروع سياسي لجمال مبارك ام سيظهر في الافق مشروع جديد يطيح بنفوذ المغربي، ويرفع معة مسئول آخر ووزيراً آخر.. فدوام الحال من المحال؟

اجمالي القراءات 5381
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   الخميس ٢٢ - يوليو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[49550]

دوام الحال من المحال

 على الرغم من أن الباز  أراد  أن يكون التغييرالاقتصادي وتحريك المياه الراكدة في الاقتصاد فوق الوزارة، بأن يكون نجل الرئيس قائدا لهذا التغيير االاقتصادي ،لأنه من يستطيع التغلب على أعمدة التسلط في ذلك الوقت من والي إلى الشريف إلى .. الخ،  فأعمدة النظام القديم  كانت بالمرصاد ، لكن  الوضع أصبح أسوأ ، فقد اقتصر التغيير الاقتصادي على مجموعة كبار كبار رجال الأعمال الذين تقاسموا كل ما وصلت أيديهم وحرموا بقية الشعب من أي استثمار، إلا مرورا بهم . والأمثلة لا تحصى على انهيار شركات كبرى ورجال أعمال كبار لمجرد أنهم رفضوا المشاركة في مشروعاتهم أو دفع مقابل سخي  نظير تمريرالمشروع !!  

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق