الرئيس الجديد ( محمد مرسى ) وعلاج هذا الإفلاس

آحمد صبحي منصور Ýí 2012-06-25


 

أولا :

 فى جريدة الأهالى المصرية وبتاريخ 4 مايو 1994 كتبت هذا المقال تحت عنوان ( إفلاس ) للتنديد بافلاس نظام مبارك ، ووقوع الشباب المصرى ضحية لهذا الافلاس . ولا يزال الافلاس سائدا ، بل زاد وتضخّم بعد حوالى 20 عاما . فهل ينجح الرئس الجديد المنتخب د محمد مرسى فى علاج هذا الافلاس ....نرجو له أن يفلح ..والله جلّ وعلا هو المستعان . نقرأ المقال :

إفلاس  !

1 ـ نشرت الأهرام في 23 مارس1994 قصة مرعبة تحت عنوان " صرخة "، حكاها شاب مصرى أراد السفر لأحدى الدول الأوربية ليعمل هناك ،  وكانت منطقة العبور هي مالطة ، وتقوم العصابات هناك على تهريب الشباب مقابل سبعمائة دولار ومثلها لقبطان سفينة التهريب . وأثناء التهريب يجردون الشباب من جميع متعلقاتهم ، ويبحرون بهم ليلا ، وفوق رؤوسهم مسلحون بالرشاشات ، فإذا حدث وضبطتهم الشرطة البحرية يطلق المسلحون نيران الرشاشات على أولئك الشباب الذين جردوهم من هويتهم ومتعلقاتهم ثم يسقطون جثثهم في البحر عن طريق فتحات سرية حتى لا يتعرض القبطان للمسائلة القانونية . ويحكي الشاب أن دوره كان التالي ، وقد سبقته دفعة من الشباب المصري والتونسي . وقد انتظر الشاب حتى عاد القبطان وسأله عن رفاقه فأخبره القبطان أنهم وصلوا بالسلام إلى الشاطئ الأوربي . ولكن سمع الشاب بعدها عن وجود جثث لشباب طافية تحمل الملامح العربية ،  وذهب هناك ، وفوجئ بأنهم هم رفاقه الذين سبقوه ، وقد وجد الرصاص قد انتشر في أجسادهم ، وعلم أن التهريب يعتمد على الحظ والنصيب؛ مجموعة تنجو ومجموعة تموت ، أما المهربون فهم دائما في أمان ..

2 ـ قرأت ذلك المقال فتدافعت سحب الغضب والإكتئاب إلى نفسى، ليس فقط من أولئك المجرمين الخونة الذين يقتلون الشباب الأبرياء ويخدعونهم، ولكن من تلك الحكومات التي ضاع على يديها زهرة الشباب، وهم حيوية الشعب وأمل الوطن . إن ذلك الشباب قضى حياته في العلم والتعليم ، وتخرج في الجامعات، وقد ملأ صدره بالطموح والوضع الأفضل ، ويفاجأ بانضمامه إلى طوابير العاطلين يجترّ مرارة الحرمان والإحباط ، خصوصا حين يجد أفضل الفرص في المشروعات والوظائف قد حجزها الأكابر لأبنائهم ، فيتحول اليأس لديه إلى تطرف وإرهاب يقتل نفسه والآخرين ، أو يضطر للهجرة كارها للوطن . وربما يذهب إلى بلد أوربي ويسعده الحظ فيعمل جرسونا يخدم أحد أبناء الأكابر إذا حل في أحد الفنادق الأوربية !. وربما لا يسعده الحظ فيسقط قتيلا على يد عصابات مالطة أو غيرها ، أويسقط قتيلا برصاص البوليس أو الإرهاب ، أو تمتص بلاد النفط حيويته ودماءه وتعيده إلى مصر هيكلا عظميا مطرودا ليموت فيها ..

3 ـ ويبدو أن هذا هو المصير الباقى والبائس للشباب المصري من الكادحين ، وكل ذنبهم أنهم ليسوا من أولاد الأكابر. ويبدو أنهم يأخذون قسطا من التعليم لتتسع مداركهم وليتسع إحساسهم بالحرمان والإحباط والظلم , ولو ظلوا كآبائهم فلاحين أو عمالا لارتضوا الظلم وما عرفوا لأنفسهم حقوقا , ولكننا نفتح أمامهم أبواب العلم ونبث فيها مقررات التطرف بين السطور على أنها الإسلام , ثم إذا تخرج قنبلة موقوتة وضعنا في القنبلة فتيلا متأججا هو البطالة والفساد ، أي حددنا له طريقا وحيدا يسير فيه ،  وهو طريق التطرف والإرهاب ، فإذا استوعب الدرس من التعليم والإعلام ومن روائح الفساد ومن معاناة البطالة وتحول إلى متطرف عريق وجد هراوات البوليس تقع على رأسه حتى يتحول من متطرف عريق إلى إرهابي مسجل خطر. وفي لحظات اليأس من الجميع والقرف من الجميع – وحيث يطارده الجميع – يقوم بعمل انتحاري عشوائي فيسقط أبرياء وضحايا .

4 ـ والحكومة سعيدة فقد أقنعتنا بأنها البديل الأفضل ،وأننا لا بد أن نرضي بها حتى لا نقع في براثن الإرهاب . وبعد الصلح مع إسرائيل سقطت حجة العدو الخارجي الذي كانت الحكومات تتعلل بها لتبقى جاثمة فوق أنفاسنا . صحيح لم تعد هناك جبهة خارجية أمام العدو ولكن خلقت الحكومة لها عدوا جديدا ـ هو : " نحن " ، وأصبحت للحرب جبهة داخلية . وفي هذه الجبهة الداخلية كل الطرق تؤدي بنا إلى القرافة .. من أسوان إلى مالطة .. ) ..إنتهى المقال .

أخيرا

1 ـ هذا الشباب الذى يتحدث عنه هذا المقال هو الذى أوصل د محمد مرسى ليكون أول رئيس مصرى منتخب فى تاريخ مصرى يتجاوز سبعين قرنا من الزمان .

2 ـ أرجو أن يعى د محمد مرسى معنى أن يكون أول رئيس مصرى منتخب بعد 70 قرنا من حكم الفراعنة المصريين .

3 ـ وأرجو أن يعى د محمد مرسى أن أولئك الشباب هم الأغلبية فى سكان مصر ، وأنهم أكثر شرائح السكان معاناة ، وأنه فضلا عن كونه مدينا لهم بمنصبه فواجبه الأول أن يجعلهم شركاء له فى المسئولية ، وأن يرفّر لهم فرص العمل ، وأن يقلّص ما أمكنه أظافر وأنياب البيروقراطية المصرية التى تمنع إنطلاق الشباب ليقوم بتعمير الصحراء المصرية ، وبدلا من أن يهاجر الشاب المصرى للخارج عليه أن يهاجر للداخل المصرى ، وأن يقول وداعا للنيل وواديه الضيق .

4 ـ أرجو أن يعى د محمد مرسى أن هذا الشباب لا يحتاج الى ايدلوجيات وهابية أو ماركسية يضيع وقته باجترارها والجدل حولها ، ولكن مصر تحتاج الى سواعده والى فكره وعرقه ، وهذا الشباب يحتاج الى بناء مستقبل جديد على امتداد سواحل البحر من بورسعيد شمالا الى شلاتين وحلايب جنوبا . وشرقا من رفح على البحر المتوسط الى السلّوم غربا ، ومن سيناء شمالا فى طابا الى رأس محمد وشرم الشيخ جنوبا ، ومن جبال الأحمر الى الصحراء الغربية .

أجدادنا المصريون القدامى لم تكن لديهم وسائل المواصلات الحديثة ولكنهم جابوا كل تلك المناطق من شرقها الى غربها ومن شمالها الى جنوبها ، وآثارهم لا تزال شاهدة على ذلك ، ومناجم الذهب هناك أبرز دليل ..

5 ـ أتمنى أن يركز الرئيس المصرى الجديد د محمد مرسى على مشروع محدد يدخل به تاريخ مصر المعاصر ، هو شق الطرق الحديثة المجهزة بوسائل الاتصالات والمواصلات وكل المرافق والاستراحات التى تصل سواحل البحر الأحمر بالواحات والوادى الجديد ، والتى تربط الواحات والوادى الجديد بسيناء حتى رفح و شرم الشيخ ، والتى تجعل من نهر النيل ملتقى لكل هذه الطرق ، حتى يعيد المصريون اكتشاف وطنهم وما فيه من خيرات تغنيهم عن معاناة وذل الهجرة للخارج ، وبهذه الهجرة الداخلية يخفّ التكدّس السكانى فى القاهرة والمدن الكبرى وتنتهى مشاكل العشوائيات والسكن والمواصلات و.. عنوسة البنات .

6 ـ أما أن نظل نشغل الشباب بما قاله ابن تيمية وابن القيم وابن حنبل وابن عبد الوهاب فهذا إفلاس أسوأ ، وأضل سبيلا ..

اللهم بلغت ..اللهم فاشهد ..!!

اجمالي القراءات 14780

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (5)
1   تعليق بواسطة   يحي فوزي نشاشبي     في   الثلاثاء ٢٦ - يونيو - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[67530]


 


الشكر  الجزيل  للأستاذ  أحمد  صبحي .


فالمقال  ما  زال  محتفظا  بجديته  على الرغم  من  السنين ،  بل  إنه  جدير


بأن  يوجه  إلى  كل  الحكام  .


 


2   تعليق بواسطة   محمد عبدالرحمن محمد     في   الثلاثاء ٢٦ - يونيو - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[67531]

أما المهربون والمجرمون هل سيظلون دائما في أمان.!؟


الدكتور العزيز / أحمد صبحي منصور.. السلام عليكم ورحمة الله.. بارك الله في قلمك وعقلك وإخلاصك لوطنك مصر وقبل كل ذلك إخلاصك لنصرة القرآن وتعاليم الاسلام الحنيف الذي منع الظلم وأمر بالقسط، وسوف يظل دين الله تعالى الذي ارتضاه للبشر .. نعم .. كل ما جاء بالمقال مازال مردوده ساري المفعول حتى الآن .. فما زالت مشكلة البطالة هى القنبلة الموقوتة وفتيلها هو الفكر الديني المتطرف..
 ولقد ناقش الدكتور / محمد مرسي وقت أن كان نائبا بالبرلمان في جلسة استجواب مشكلة البطالة وقال أنها قنبلة موقوتة ..
 والسؤال الآن: هل سوف يقوم خبير المفرقعات البشرية الدكتور الرئيس / محمد مرسي بنزع فتيل تلك القنبلة التي حاول التنبيه لها وقت أن كان نائبا بالبرلمان..!؟؟
 ندعوا الله تعالى أن يلهمه الصواب في المرحلة التالية .. وأن يكون جل همه تذليل الصعاب والمعضلات والمشكلات التي تواجه أبناء مصر جميعا من الشباب من البطالة والتعليم السطحي .. وأن يتملك زمام أمور الحكم وألا يكون لعبة في أيدي العسكر.. يحركونه والبندقية مصوبة وراء ظهره من خلف الكواليس..
 شكرا لك دكتور صبحي منصور. والسلام عليكم ورحمة الله.

3   تعليق بواسطة   رضا عبد الرحمن على     في   الأربعاء ٢٧ - يونيو - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[67535]

الشعوب الواعية فيما تفكر وكيف تنظر للمسئول السياسي

الشعوب الواعية الناضجة تفهم وتعي الفارق بين أفعال وواجبات وسلوكيات واهتمامات وخصوصيات الرئيس ولذلك فإن هذه الشعوب الواعية لا تخلط الأمور ببعضها ولا تتدخل في بعضها الآخر حين تتعامل مع الرئيس وتنظر ماذا يفعل في الآتي:ــ


1ـ العمل الإنساني الذي يجب على كل إنسان أن يفعله سواء كان رئيسا أو مرؤوسا


2ـ احترام حقوق وحرية الآخرين مهما كانوا وذلك عند التواجد أو التعامل معهم في العمل أو الشارع أو عند الاختلاط بهم في الأماكن العامة ، وحرصه التام على عدم تعطيل مصالحهم ، و ألا يهتم به أحد لدرجة التقديس لأنه بشر


3ـ الالتزام التام بواجبات العمل وآدا العمل بضمير وحرصه على تلبية متطلبات المواطنين

ومقابلتهم وسماع شكواهم ، دون انتظار كلمة شكر أو تقدير من الشعب لأنه خادم للشعب


4ـ التعليق المستمر على عقيدته وممارساته اليومية في الصلاة


أخيرا :

التمس العذر للمصريين لأنهم لأول مرة يتعاملوا مع رئيس منتخب

لكن بهذه الطريقة سيفاجأ المصريون أنهم صنعوا ديكتاتورا أو فرعونا أو حاكما يرى نفسه إلها


انشغل المصريون بكل ما يجب ألا ينشغلوا به وتركوا ما يجب عليهم التفتيش والسؤال عنه وهو كيف سينصلح حالهم وحال اولادهم وأحفادهم




4   تعليق بواسطة   الشيماء منصور     في   الأربعاء ٢٧ - يونيو - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[67547]

لقد اكتملت دائرة الموت!!

 

اشكرك والدي العزيز علي المقال واشكر قلمك الذي اسطره.

لقد كان عصر مبارك ازهي عصور الفقر والجهل والذل في الداخل والخارج ايضا بالنسبة للجالية المصرية وذلك كالاتي

• لقد سلب من المصري كرامته في بلده كيف يتمتع بها خارج حدود بلاده كما يعرف في المثل الشعبي(من خرج من داره انقل مقداره) فانه لايتمتع بكرامته داخل حدود بلده كيف يتمتع به خارجها واكبر مثل علي الذل والهوان الذي يلاقيه المصري خارج بلاده العديد من الاطباء المصريين الذين تم تعذيبهم وسجنهم وجلدهم علي يد الشرطة السعودية وغيرهم كثيرا وهذا ما عرفناه وما خفي كان اعظم!

• هذا بالنسبة لمن يهاجر هجرة شرعية! فليس من العجيب ان يلقي حتفه من يهاجر هجرة غير شرعية ليس غريبا ان يحدث له هذا بل انه من المتوقع!

• ومن يرضي بالعيش داخل وطنه مصر الحزينة فانه ليس بعائش انما ميت اكلينيكيا! اي حياة هذه مع الذل والهوان والاستبداد وهذا في افضل الاحوال لمن يلقي قوت يومه فما هو الحال لمن لايجد مايقتات عليه! اذن فانها حياة موت لا اكثر داخل مصر وذل وهوان يضا وموت خارجها ! لقد اكتملت دائرة الموت لدي المصر المسكين! من هنا اضيف صوتي وندائي لندائك يا استاذي للرئيس المصري المنتخب ان يرحم الشباب المصري من عنق الزجاجة التي يعيش فيها ويخلق له فرص عمل جديدة تعينه علي عيش حياة كريمة تليق به كانسان ادمي .نعم البلد علي حافة الانهيار ولكن هذا لايمنع وجود فرص العمل فالصحراء الشاسعة بحاجة لمن يستثمرها ويعيد الحياة اليها.


5   تعليق بواسطة   مصطفى نصار     في   الأربعاء ٢٧ - يونيو - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[67548]

فات الأوان

 كم هو معبر أ/ أحمد هذا المقال عن الواقع وكأنك انتهيت من كتابته للتو وليس في 1994 وكأن عجلة الزمن لم تتحرك , وأنا واحد من وسط الملايين المنتمين إلى هذا الطابور من العاطلين الجامعيين ولهذا أشكرك لأنني وجدت مقالك معبرا بالفعل ,  ولكن أعتقد أنه قد فات الأوان على هذه الإصلاحات فهذه التركة الخربة التي تركها نظام اللامبارك ويصمم العسكر على إكمال مسيرة الخراب لن يلحق أحد على إصلاحها لا الرئيس المنتخب د/ مرسي ولا غيره فأعتقد والله تعالى أعلم أن الحرب قادمة ولا مجال لأي إصلاحات اقتصادية أو اجتماعية .


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5117
اجمالي القراءات : 56,870,950
تعليقات له : 5,451
تعليقات عليه : 14,828
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي