على السعيدى Ýí 2011-04-11
الجزء الأول
الفرق بين (العمل) و (الفعل) وعلاقتهما بـ (لأمر)
قبل الحديث عن (العمل) يجب علينا التطرق إلى بيان المدلول القرآني لكلمة (الأمر) باختصار لارتباط (الأمر) بـ (الفعل) حتى نتمكن من إدراك المفهوم القرآني لـ (العمل).
ولن نتمكن من بيان وتفصيل كل ما يتعلق بـ (الأمر) حسبما هو وارد في القرآن الكريم , إذ سنحتاج لذلك إلى دراسة وبحث مستقل خاص بمفهوم (الأمر) الواسع حتى نوفيه حقه.
لذا سنكتفي بالتطرق لجوانب (الأمر) اللازمة لبيان (الفعل) والعلاقة بينهما.
ومن خلال التأمل في آيات القرآن نجد أن (الأمر)يمثل (إرادة وسلطة) ناتج عن قوة وتدبير وقضاء وعزم وليس مجرد كلمة نقولها فحسب كما يزعمون (إذا نُطِقَت بصيغة الأمر) ليصبح مفهوم (الأمر) مجرد لفظ كلمة لا نملك أسباب فرضها كقضاء.
في حين أن القيام بـ (الأمر) وفقاً لمفهومه القرآني يتطلب قبل أن نعزم عليه أن يكون قد اكتملت مراحله الأولى المتضمنة لعمليات (الدراسة - وضع الإجراءات والآليات - حيازة وسائل التنفيذ) , كما أن من ضمن (الأمر) فيما إذا تضمنت مراحله عناصر ذوات سلطة في الاختيار أن يتم تحديد وبيان ما يقع على المأمور من الثواب والعقاب مسبقاً , نتيجة ما يحدثه تجاه (الأمر) من طاعة أو عصيان مع الامتلاك المسبق لوسائل وآليات تنفيذ الثواب والعقاب في نفس الوقت. وما لا تتحقق فيه كل هذه المراحل لا يكون (أمراً).
اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى (يُدَبِّرُ الأَمْرَ) يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ [الرعد : 2]
وعليه فإن (الأمر) يعتبر سلطة وقضاءً غالباً لا يرده إلا (أمراً) أغلب منه.
هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ [غافر : 68]
{وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ ( بَالِغُ أَمْرِهِ ) قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً [الطلاق : 3]}
{وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ) وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} [يوسف : 21]
{وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا (إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ) فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَاناً رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ (غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ ) لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِداً} [الكهف : 21]
الفرق بين (العمل) و(الفعل)
لقد تم تحريف مفهوم كلمة (الفعل) في كتب التراث واسس اللغة مما أداء إلى طمس مدلولها الحق في مفاهيمنا.! وأصبحنا عاجزين عن التفريق بين كلمتي (فعل) و (عمل) ودائماً نخلط بينهما عند الكلام أو الكتابة.
إذ أن ما تم وضعه في كتب التراث لمفهوم كلمة (الفعل) من أسس وقوانين علوم اللغة التي توارثناه , لا علاقة لها بـ (الفعل) وفقاً لمدلوله القرآني. في حين أن هذه الأسس والقوانين قد تكون صالحة وممكنة , إذا ما تم استخدامها وتطبيقها على مفهوم كلمة (العمل) وفقاً لمدلوله القرآني لا على (الفعل).
المفهوم القرآني لكلمتي (الفعل) و (العمل)
(العمل) وفقاً للمدلول المفهوم من القرآن:يدل على ممارسة مباشرة من قبل المخلوق بذاته (باستخدام جوارحه) كوسيلة لإحداث أثر ملموس في نفسه أو في كيان آخر من حوله.
وبالتالي فإن (العمل) يُنَفَّذ بجوارح الفرد مباشرة
يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ (أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم) بِمَا كَانُوا (يَعْمَلُونَ) [النور : 24]
حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ (سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ) بِمَا كَانُوا (يَعْمَلُونَ) [فصلت : 20]
أي أن (العمل) مقرون بالمخلوق بذاته , ويلزم وجود (الجوارح) للقيام به , لذلك لم يرد في القرآن ما يفيد أن الله قد نسب لذاته أي (عمل) , في حين أن القرآن الكريم يؤكد بأن الله (فعال) لما يريد.
{ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ (فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ) [هود : 107] }
وعلى النقيض من ذلك فقد ورد بالقرآن ذكر عن (عمل الشيطان) , ولكن لم يُنسَب له أي (فعل).
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا (الْخَمْرُ) وَ (الْمَيْسِرُ) وَ (الأَنصَابُ) وَ (الأَزْلاَمُ) رِجْسٌ مِّنْ (عَمَلِ الشَّيْطَانِ) فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة : 90] }
والآية (71) من سورة (يس) هي الوحيدة في القرآن التي ذكرت (العمل) بصيغة من الممكن أن تجعل أكثر الناس ينسبون (العمل) بـ (الخطاء) لله سبحانه وتعالا عن ذلك علواً كبيراً.
أَوَلَمْ يَرَوْا (أَنَّا خَلَقْنَا) لَهُمْ مِمَّا (عَمِلَتْ أَيْدِينَا) أَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ [يس : 71]
وذلك نتيجة للفهم السائد بين الأمة أن خطاب القرآن الموجه لنا , هو قول مباشر من الله , نقل إلينا بالقرآن رواية بنص القول دون تعديل , بحيث نفهم أن الله قد أجاز لنا مخالفة أسس وموازين الخطاب العربي المبين لـ (نشذ) عنها بصرف (ضمير الجمع) العائد على الملائكة واسناده (اعتباطاً) لله الواحد الفرد , كما يفترون أن ذلك (تعظيماً له) , في حين أن (تعظيم الله) لا يكون إلا بإفراده وتوحيده , ولا يعقل أن يخاطبنا الله وكأنه (فرد في جماعة) , ناهيك عن وجود آيات في القرآن تحوي قول الملاك الناطق بالقرآن كـ (وما يدريك لعل) و(عسى) و(الله ربي) و(لنعلم)...إلخ. وإذا اعتبرنا القرآن هو قول الله مروي عنه بنصه , فيجب أن تنسب هذه الأقوال لله.
وقد ورد في القرآن صراحة مؤيداً بقسم من (الروح الأمين) بأنه قول رسول كريم (أي ملاك) ذي قوة عند ذي العرش مكين... { فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (16) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21) وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23) وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (25) فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26)إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (27) [التكوير] }.
وبغض النظر عن اجماع الأمة على الخطاء أو درجة قناعتهم بهذا الزعم من عدمه , فأنا عن نفسي أعتبره جريمة في حق الله , وتحريف تسبب في صرفنا عن فهم خطاب القرآن , وسنسأل عنه يوم الحساب.
وهذا الجزئية ليست مرتبطة بموضوع هذا البحث ولكن تطرقت لها لبيان الأساس الذي ارتكزت عليه في الحكم بأن الله سبحانه وتعالى قد نسب لنفسه (الأفعال) دون (الأعمال) , فأرجوا ممن يخالفني الرأي بهذه الجزئية أن لا يجعل اختلافنا يصده عن تحكيم (العقل) في كل ما يصادفه خلال هذا البحث من آراء.
وبما أن الله قد نسب لنفسه (الفعل) دون (العمل) المخصوص للمخلوقات فإن كلمة (عَمِلَتْ أَيْدِينَا) في الآية (71) من سورة (يس) هي قول الملاك الراوي للقرآن , وضمير الجمع يعود على الملائكة التي هو واحداً منها. وهذا الملاك هو القائل {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا (63) وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا (بِأَمْرِ رَبِّكَ) لَهُ مَا (بَيْنَ أَيْدِينَا) وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا (كَانَ رَبُّكَ) نَسِيًّا (64) [مريم]}
لذلك كانت (الأعمال) وحدها هي الأساس للجزاء التي يجزي الله (مخلوقاته) بها , خيراً كانت أو شراً , وبها يتحدد مصير (المخلوقات) في الحياة الآخرة.
فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلَا (تُجْزَوْنَ) إِلَّا مَا كُنتُمْ (تَعْمَلُونَ) [يس : 54]
وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ (زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ) ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ (فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) [الأنعام : 108]
لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا (كَانُواْ يَعْمَلُونَ) [الأنعام : 127]
مَنْ (عَمِلَ) صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَ(لَنَجْزِيَنَّهُمْ) أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا (كَانُواْ يَعْمَلُونَ) [النحل : 97]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا (تُجْزَوْنَ) مَا (كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) [التحريم : 7]
وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ (تُجْزَوْنَ) إِلَّا مَا (كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) [النمل : 90]
وتختلف أنواع (الأنشطة) التي يقترفها الإنسان بجوارحه , على سبيل المثال : (كتب) , (ضرب) , (قفز) , (قتل) , (قال) , (شتم) , (صلى) , (صام) , (نام) , (نمَّ) , (اغتاب) ... إلخ. وهذه (الأنشطة) كلها في حد ذاتها وفقاً لمفهوم القرآن تعتبر (أعمال) وليست (أفعال).
لذلك كانت (الأعمال) هي وحدات القياس التي يقدر بها الجزاء لكل مخلوق.
فَمَن (يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ) خَيْراً يَرَهُ [الزلزلة : 7]
وَمَن (يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ) شَرّاً يَرَهُ [الزلزلة : 8]
هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا (نَسْتَنسِخُ) مَا كُنتُمْ (تَعْمَلُونَ) [الجاثية : 29]
وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا (أَحْصَاهَا) وَوَجَدُوا مَا (عَمِلُوا) حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً [الكهف : 49]
مَنْ (عَمِلَ سَيِّئَةً) فَلَا يُجْزَى إِلَّا (مِثْلَهَا) وَمَنْ (عَمِلَ صَالِحاً) مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ (يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ) [غافر : 40]
والكفار يوم القيامة عندما طلبوا ارجاعهم للدنيا ومنحهم فرصة أخرى , إنما كان (ليعملوا) من الصالحات غير الذي كانوا (يعملوا) من قبل. (أعمال) ولم يرد ذكر (الأفعال).
وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا (فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً) إِنَّا مُوقِنُونَ [السجدة : 12]
وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا (أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ [فاطر : 37]
وبغض النظر عن أثر (العمل) المتراكم على نفس مقترفه الذي سينتقل معه إلى الحياة الآخرة , فإن إحداث (العمل ونتيجته) وفق ما ندركه في الحياة الدنيا يكون أثرهما ونطاقهما محصوراً على (الفرد الذي قام به) و(الطرف الذي وقع عليه الأثر) بذاتهما دون أن يتعداهما , أي أن (العمل ونتيجته) لا يتجاوزا حدود المكان واللحظة الزمنية الحادث فيها (العمل ونتيجته) وينتهيان بانقضائها , وهذا عكس ما يتميز به (الفعل).
(الفعل)وفقاً للمدلول المفهوم من القرآن:يدل على (شيء ذو أثر فاعل).
وإحداث (الفعل) يكون نتيجة ممارسات متعددة من (فرد واحد أو جماعة) سواءً كان ذلك بصورة (مباشرة أو غير مباشرة).
و(الفاعل) لا يقتضي بالضرورة أن يكون هو بذاته من قام بـ (الفعل) وإنما قد يكون (فاعلاً) له (بواسطة جماعة غيره) وهم من قاموا بجوارحهم بممارسة عدد من (الأعمال) التي قد يلزم فيها استخدام وسائل مساعدة مادية ومعنوية أخرى حتى يتحقق (الفعل).
ونتيجة القيام بـ (الفعل) تحقيق غايات أو اهداف عامة قد لا تتزامن مع فترت (العمل) المستخدمة لإنجاز الفعل. أي إن (الأفعال) عند اكتمالها تصبح (أموراً) يقضى بها في وقتها أو بعد زمن من (فعلها).
{ إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدتَّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَـكِن (لِّيَقْضِيَ اللّهُ) (أَمْراً) (كَانَ مَفْعُولاً) لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ [الأنفال : 42] }
ومن هنا تتضح العلاقة الوثيقة والمتلازمة بين(الفعل) و (الأمر) وارتباطهما (بالسلطة والإرادة والمشيئة).
{ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (15) (فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ) (16) [البروج] }
بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا (قَضَى أَمْراً) فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ [البقرة : 117]
قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَ ( كَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً) [مريم : 21]
أَمْ (أَبْرَمُوا أَمْراً) فَإِنَّا مُبْرِمُونَ [الزخرف : 79]
(الأمر):بالضرورة لابد أن يكون (مفعولاً) قبل أن يقضى به {و(الفعل) لا يكون (فعلاً) إلا إذا توافرت مكوناته واكتملت في كل مراحل إنجازه ابتداء من لـ ( الفكرة , ثم الإرادة , ثم النظرية , ثم التدبير , ثم امتلاك الوسائل والأسباب المادية للتنفيذ , ثم امتلاك السلطة والقوانين المشرعة للفعل (وفي حالةفعل البشر قد تكون مكوناته مخالفة لقوانين الحق وشرع الله) }كل ذلك تم اختصاره في مفردة (الفعل) الذي باكتماله يصبح (أمراً) ثم القضاء به , ثم العزم عليه , وانتهاءً بتحقق النتيجة.
اللَّهُ الَّذِي (خَلَقَكُمْ) ثُمَّ (رَزَقَكُمْ) ثُمَّ (يُمِيتُكُمْ) ثُمَّ (يُحْيِيكُمْ) هَلْ مِن شُرَكَائِكُم (مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُم مِّن شَيْءٍ) سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [الروم : 40]
(الخلق والرزق والموت والحياة) من (أفعال) الله سبحانه وتعالى التي أنجزها عن طريق الملائكة وبهم يقضي بها كـ (أموراً) في الأزمنة المقدرة له.
وما اُسْتُخدِمَت صيغة الماضي (كان مفعولا) إلا لأن الله سبحانه وتعالى (منذ الأزل) قد أنجز (أفعاله) كلها وقدر لها أقدارها في (حجمها ونطاق أثرها والزمن المحدد للقضاء بها) , وكل ذلك قد تم منذ أن خلق السماوات والأرض وقد اصبحت (أموراً) مسطورة في الكتاب المحفوظ , والملائكة الموكلة بها تنتظر اكتمال أقدارها وأجلها المحدد لتقضي بها أولاً بأول بصورة آلية وفق نظام محكم وبرنامج دقيق تتدفق أحداثه عبر الزمن إلى قيام الساعة ومستمراً من بعدها إلى ما شاء الله. وقد يُحْدِث بعدها (أموراً) غيرها ما شاء , فلله الخلق والأمر. (وكل ذلك لا يتم إلا بأمور مفعولة)
وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ (لِيَقْضِيَ) اللّهُ (أَمْراً) (كَانَ مَفْعُولاً) وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ [الأنفال : 44]
فَإِذَا (جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا) بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَ (كَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً) [الإسراء : 5]
السَّمَاء مُنفَطِرٌ بِهِ (كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً) [المزّمِّل : 18]
{ مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَ (كَانَ) (أَمْرُ اللَّهِ) (قَدَراً) (مَّقْدُوراً) [الأحزاب : 38] }
وقد يصدر (الفعل) من فرد واحد من البشر , ويقضي به (أمراً) من خلال اقتراف (عمل) واحد , وذلك إذا كان أثر ونتيجة (العمل) مستمرة في فاعليتها من بعد انتهاء (العمل) , كـ (القتل) و(التدمير) وغيرها من النتائج المستمرة في البقاء بعد انتهاء (العمل) المسبب لها. كما حدث للتماثيل التي حطمها إبراهيم عليه السلام { قَالُوا مَن (فَعَلَ هَذَا) بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ [الأنبياء : 59] } أو ارتكاب موسى عليه السلام لعمل السوء الذي أفضى إلى (القتل) { قَالَ (فَعَلْتُهَا) إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ [الشعراء : 20] }.
لنخلص من ذلك إلى معرفة وتحديد مفهوم (العمل) والمتمثل في عملية التفاعل بين (جوارح المخلوق وجهده المبذول مع الأدوات والوسائل المستخدمة).
أما مفهوم (الفعل) فيتمثل في النتائج (الفاعلة) والمستمرة في فاعليتها بغض النظر عن أطراف العمل والوسائل المستخدمة في انجازه.
ويبقى معنا تحديد ومعرفة كيف عالج القرآن نتائج (العمل) الغير فاعلة , وهل حددها بمفهوم معين أم أهملها؟ وحاشى الله أن يهمل شيء , إذ ورد في أكثر من موضع في القرآن ذكر عن (الصنع والصنيع) والذي من خلاله نتبين إحكام الخالق للأمور بهذا الشأن.
وَتَرَى (الْجِبَالَ) تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ (صُنْعَ اللَّهِ) الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ [النمل : 88]
وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي [طه : 41]
إذا فقد نسب الله سبحانه وتعالى لنفسه (الصنع) كما هو بشأن (الفعل) المتماثل بـ (الصنع) من حيث أن إحداثهما يكون نتيجة ممارسة (أعمال) متعددة من قبل (فرد واحد أو جماعة) سواءً كان ذلك بصورة (مباشرة أو غير مباشرة).
و(الصانع) لا يقتضي بالضرورة أن يكون هو بذاته من قام بـ (بالصنع) وإنما قد يكون (صانعاً) له (بواسطة جماعة غيره) ليكونوا هم من قاموا بجوارحهم بممارسة عدد من (الأعمال) التي قد يلزم فيها استخدام وسائل مساعدة مادية ومعنوية أخرى حتى يتحقق (الصنع).
وعليه فإن (الصنع) غير (العمل) ولا يمكن أن يكون (العمل) (صنعاً) لأن (العمل) وسيلة و(الصنع) محصلة ونتيجة.
إذاً ما هو مفهوم (الصنع) ؟ وهل هو (الفعل) بذاته أم أن هناك فرق بينهما؟
نعم هناك فرق بينهما أهمها ما يلي :-
نكتفي بهذه الفروق لنتوصل للاستنتاجات التالية:-
وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ [الشعراء : 129]
وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ [هود : 37]
وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ [الأنبياء : 80]
... وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ [الأعراف : 137]
ولم يرد في القرآن أمثال هذه النتائج بشأن (الفعل)
ومنه نخلص إلى معرفة أن تفاعل (العمل) بالجوارح والوسائل يؤدي إلى حصول النتائج التالية:-
(العمل)ذو طبيعة مادية , وكذلك الجانب المادي من نتائجه (الصنع) , وقد أخبرنا القرآن أن الباطل منهما (سيحبطه الله) في الآخرة , ولم يرد ما يفيد بإحباط (الفعل).
أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَ(حَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا) وَ(بَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)[هود: 16]
ذَلِكَ هُدَى اللّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُواْ (لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) [الأنعام : 88]
وتختلف أنواع (الفعل) وكذا مواطن (الفعل) وميادينه منها على سبيل المثال : (الخير) , (الشر) , (الزكاة) , (الحكم) , (العدل) , (الفحشاء) , (المنكر) , ( الزناء) , (الشرك) , (الكفر) , (الإيمان) ... إلخ.
{ وَالَّذِينَ هُمْ (لِلزَّكَاةِ) (فَاعِلُونَ) [المؤمنون : 4] }
وهم الذين يملكون السلطة والأسباب والوسائل (لفعل الزكاة) أي تسهيل الأسباب وتهيئة الظروف بكل (الأعمال والمواطن والأنظمة) التي من شأنها تزكية نفس العباد. أي (فعل الزكاة) بمعناها الواسع وليس مجرد (إنفاق الصدقة من المال).
{ وَالَّذِينَ لَا (يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ) وَلَا (يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ) اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا (يَزْنُونَ) وَمَن (يَفْعَلْ) ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) [الفرقان] }
(الشرك بالله)و (قتل النفس التي حرم الله) و (الزناء) . هي ثلاثة (أفعال) عظيمة تؤدي إلى مضاعفة العذاب والخلود فيه , (أفعال) لفواحش عظيمة وليست (أعمال) وسلوكيات فردية مقصورة على جوارح الفرد بذاته وإنما ناتجة عن تنظيم وتدبير (فرد أو جماعة) ذو سلطة من خلال نشاط مهني أو تنظيمي . أي أنه في كل (فعل) من هذه (الأفعال الثلاثة) لابد من المرور بمراحل (الفعل) ابتداء من لـ ( الفكرة , ثم الإرادة , ثم النظرية , ثم التدبير , ثم امتلاك الوسائل والأسباب المادية للتنفيذ , ثم امتلاك السلطة والقوانين المشرعة للفعل } ثم القضاء , ثم العزم , وانتهاءً بالنتيجة.
وبالتالي فإن(فاعل) الفاحشة ليس بالضرورة هو من (عمل) بجوارحه فيها , وإنما (الفاعل) هو المُنَظّر وصاحب السلطة والقرار , و(العاملون) (بفعله) قد يكون هو واحداً منهم وقد يكونوا من بعد موته بعدة أجيال. أي أن (فاعل) الفاحشة ليس بالضرورة هو من (يأتي) الفاحشة.
وقد يُهْلِك الله أمة (بفعل) المبطلون من آبائها أو ساداتها من بعد موتهم بقرون من الزمن , وذلك متى ما قامت هذه الأمة باقتراف أي جزئية من (فعل) آبائها أو ساداتها الأولون و(عملت) بها بجوارح أفرادها.
أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا (أَشْرَكَ) آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ (أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ) الْمُبْطِلُونَ [الأعراف : 173]
(الفاعلون)للفواحش عادة هم شياطين الإنس والجن (مجتمعين) بما يوحون لبعضهم بعض من زخرف القول , و(بفعلهم) تفسد العقائد والقيم والسلوكيات , أي بما يؤلفونه من كتب ونظريات ما أنزل الله بها من سلطان , وقد يموتون ويبقى (فعلهم) من بعدهم.
وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاء رَبُّكَ (مَا فَعَلُوهُ) فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ [الأنعام : 112]
وبما أن القرآن قد نسب للشيطان (الأعمال) ولم يرد ما يفيد بأن الله قد نسب للشيطان أي (فعل) فإن الشيطان (ضعيف) لا يقدر على إغواء الناس وتظليلهم عن الحق منفرداً بنفسة , لأنه لا يملك عناصر ومقومات القيام (بالفعل) كاملة , لذا لا بد من التعاون مع شياطين الإنس ليقوموا (بالفعل) نيابة عنه , حيث يمدهم بجزء من عناصر ومراحل (الفعل) وهي {الفكرة , ثم الإرادة , ثم النظرية , ثم التدبير }, وعلى شياطين الإنس من (رجال الدين وأصحاب السلطان) توفير العناصر والمراحل المتبقية { الوسائل والأسباب المادية اللازمة للتنفيذ , وسلطة وضع وفرض القوانين المشرعة (للفعل) } ثم القضاء , ثم العزم (بنشره بين عوام الشعوب بالمكر والترغيب والترهيب) وانتهاءً بالنتيجة وهي (إفسادهم وتظليلهم). (هذا هو فعل الفواحش) وهؤلاء هم (الفاعلون لها) أما عوام الشعوب لا يقدرون على (فعل) الفواحش , وما يقدروا عليه هو إتيان الفواحش واقتراف ما تبيحه لهم من (الأعمال).
وَإِذَا (فَعَلُواْ فَاحِشَةً) قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ (أَمَرَنَا) بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ (يَأْمُرُ) بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ [الأعراف : 28]
قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءنَا (كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ) [الشعراء : 74]
وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً (إِنَّ اللّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ) [يونس : 36]
إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ (يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ) [الأنعام : 159]
والله عندما أوحى إلى نوح ليخبره بأنه لن يؤمن من قومه إلا من قد آمن , قال له لا تبتئس (بما كانوا يفعلون) , ليس المقصود (بما كانوا يعملون) أي يقترفونه بجوارحهم , وإنما ما يفرضونه بسلطانهم من نظريات وعقائد في دينهم , وكذا ما يفكرون ويدبرون ويتآمرون به تجاه نوح والمؤمنين عازمين بما لديهم من سلطان أن يقضوا به فيهم.
وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ (بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ) [هود : 36]
ومما سبق يتبين أن الذين (يفعلون الفواحش) ليس كما نتصورهم , أنهم الذين يقترفون (أعمال السوء) , بل هم من يشرعون ويضعون أسس ونظريات العقائد الباطلة , ويستخدمون وسائلهم وما لديهم من سلطان ليقضوا بها , فمن تاب منهم واستغفر فعليه أن لا يتمسك بفعله بعد توبته.
وَالَّذِينَ إِذَا (فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ) ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ (وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [آل عمران : 135]
بعد الاستغفار للذنوب نلاحظ أن الآية اشترطت بأنهم (وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) والاستغفار لا يكون إلا بعد اقتراف الذنب أي بعد انقضا (الأعمال) المقترفة كوسائل أثناء مراحل إنجاز (الفعل) أي أن الله لن يقبل توبتهم مما اقترفوه من (اعمال) لإنجاز (فعلهم). ولن يغفر ذنوبهم مهما استغفروه ما داموا متمسكين ومصرين على (الفعل) ذاته , أي (العلوم أو الشرائع).
أما في حالة التوبة من (العمل) فتختلف كون العمل يقترف وينتهي في فترة قضائه وانقضاءه وبعد التوبة والاستغفار لا معنى لاشتراط عدم الإصرار عليه ولا يستقيم ذلك.
وَمَن (يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ) ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَّحِيماً [النساء : 110]
فإذا كان إحداث (الفعل) لا يشترطبالضرورة أن يكون من فرد بذاته , كذلك (نتيجته) ليس بالضرورة أن يكون محصوراً أثرها ونطاقها بزمان أو مكان معينين. فقد يقضى (بالفعل) بعد زمن بعيد من زمن إحداثه والانتهاء منه. وقد يموت الفاعل ويبقى فعله , ليقضى به لأجيال عديده من بعده.
أي أن (الفعل) هو (النتيجة الفاعلة والمستمرة في فعاليتها) سلباً أو إيجاباً مع استمرار فعالية ما يترتب على (الفعل) من أجر أو وزر بمقدار (أجر أو وزر من "عمل" بالفعل أو قضى به أو بجزئية منه).
وليس من الدقة في التعبير أن نقول (نعمل بالفعل) لأن (العمل) غير (الفعل) , والفعل متشعب وواسع التكوين , والأعمال التي مورست عند إنجاز (الفعل) كانت وسيلة وليست جزء منه وكذلك (الأفراد والأعمال) المستخدمة في إنجاز (الفعل) ليس بالضرورة هي نفس الأعمال الممارسة كنتيجة للفعل أو الأفراد ذاتهم , وقد علمنا من القرآن الكريم أن (الأفعال) لا تقترف وإنما تؤتى ويؤتى بها وتجتنب ويقترب منها.
وَالَّذِينَ (يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ) وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ [الشورى : 37]
وَلاَ (تَقْرَبُواْ الزِّنَى) إِنَّهُ كَانَ (فَاحِشَةً) وَسَاء سَبِيلاً [الإسراء : 32]
{ ... وَلاَ (تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ) مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ... [الأنعام : 151] }
وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَ(آتُواْ الزَّكَاةَ) وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ [البقرة : 43]
وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ (أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ) مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ [الأعراف : 80]
يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن (يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ) مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً [الأحزاب : 30]
نختم هذا الجزء بالآيات والتساؤلات التالية:-
وَقُل لِّلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ (اعْمَلُواْ) عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا (عَامِلُونَ) [هود : 121]
بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِّنْ هَذَا وَلَهُمْ (أَعْمَالٌ) مِن دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا (عَامِلُونَ) [المؤمنون : 63]
لِمِثْلِ هَذَا (فَلْيَعْمَلِ) (الْعَامِلُونَ) [الصافات : 61]
وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ (فَاعْمَلْ) إِنَّنَا (عَامِلُونَ) [فصلت : 5]
أين (الفعل) وتصريفاته و(تفعيلاته) من هذه الآيات والقرآن بصورة عامة؟
إذا كان المفهوم القرآني لـ (الفعل) بهذا التشعب والتركيب فكيف يمكن أن تنطبق عليه الأسس والقواعد الموضوعة في الكتب التراثية سواء المختصة بعلوم اللغة أو الشعر والأدب أو غيرها؟ كالقول بـ (بالفعل – الحاضر- والماضي – والمستقبل) أو ( اسم فاعل – والمفعول به) أو (تفعيلات الشعر وأوزانه) و... و...إلخ.
كون (الفعل) يعتبر قرين (الأمر) ولا يكون (أمرا) إلا إذا كان مفعولاً فإن علاقة (الفعل) بـ (أولي الأمر) وطيدة , وأولي الأمر هم (رجال الدين وأصحاب السلطان) وهم القادرون على فعل (الفواحش). لذا فقد تعاونوا مع الشيطان على طمس المعنى الحق لـ (الفعل) من مفاهيمنا؟ حتى لا ندرك أنهم المقصودين (بفعل الفواحش) ونتيجة لعدم المقدرة على طمس لفظ (الفعل) من القرآن فقد قاموا بإحلاله محل (العمل) في علومنا ؟
نكتفي بهذا لننهي الجزء الأول من بحث المفهوم القرآني لـ (( العمل))
المخصص لبيان الفرق بين (العمل) و (الفعل) وعلاقتهما بـ (لأمر)
وانشأ الله في الجزء الثاني نبين علاقة (العمل) بـ (الكفر) و(الإيمان)
نسأل الله أن يتجاوز عن ما جهلنا فيه ويهدينا للحق يوفقنا للعمل به
علي السعيدي
تابع
فالاسماء الالهيه تعالت و تقدّست هي ظهوراته في العوالم اثناء اتصاله بها او تاثيره عليها وهي ليست بوسائل يستخدمها (كما يعتقد الكثير من المسلمين) وهذا التصور هو خالي من الشرك حيث ان الاسماء الالهيه ليست اجزاء منه بل هي اسماء لوصف الله اثناء ظهوره المخصوص.
فمثلا اذا كان لدينا شخص اسمه زيد و رقبته تحت سيف "عدو زيد" فانه عندما يريد الله ان يرحم زيدا فان الله تعالى يقوم بضمان كل سلاسل الطرق و كل سلاسل الضروف المحيطة بزيد (ضمان لا يمكن نقضه من قبل اي مخلوق) لكي تحصل الرحمه لزيد هذا الضمان الممتد عبر كل سلاسل الضروف التي تحقق الرحمه هو منه تعالى ليس باسم الرحيم فقط بل بكل اسماءه (التي يجمعها اسم الله). فالرحمه يجب ان تحصل لزيد و لايمكن لاي شيء ان يوقف هذه الرحمه بعكس الملك الارضي فانه مهما شاء و اصر على رحمة زيد فان الرحمة قد تصل و قد لا تصل الى زيد بل قد تنقلب الى نقمه على زيد.
فبرحمة الله لزيد نرى "الله" على زيد من خلال اسم واحد فقط مثلا هو الرحيم ولكن قبل وصول الرحمه الى زيد فانه تعالى ربما ظهر باسم المنتقم على احد اعداء زيد الذين كانوا يريدون الشر بزيد وهكذا فانه في نفس الوقت الذي ظهر لزيد باسم الرحيم فانه ظهر لعدو زيد باسم المنتقم فقط. وهكذا لو حرك احدنا عينه الى عدو زيد لرأى الله على عدو زيد فقط من خلال ظهور المنتقم فالله هو نفسه واحد احد و لكن اسماءه و افعاله كثيره.مثال و لله المثل الاعلى ان اجزاء مختلفه من ضوء الشمس تسقط على الارض في اوقات مختلفه برغم ان الشمس نفسها واحدة و لم تتغير.
الم تر انه اذا تحاور الله تعالى مع ابليس الملعون فانه لم يستخدم و لا مره ضمير الجمع "نا" بل دائما الضمير المفرد ذلك ان ابليس لعنه الله كان يخاطب الله تعالى بشكل "مباشر" انظر الى الايات التاليه ستجدها كلها بالضمير المفرد: (قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ:الاعراف) ،(قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ﴿٤١﴾ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ 42:الحجر) ،(إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا ﴿٦٥﴾الاسراء)، (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ ﴿٧٥﴾:ص).
هذا من جهة من جهة اخرى فحسب قراءتي للقران لم اعثر على موضع يتكلم فيه نبي او رسول بالضمير نا (و هو يقصد نفسه حصرا) بحيث تكون هذه ال"نا" فيها استعلاء او قوة ا وسلطه كما استخدمها الله تعالى في(آياتُناعَبْدِنا لِقاءَنا رُسُلَنا أَمْرُنا شِئْنا عَهِدْنا أَنْشَأْنا وَهَبْنا ، لَنا عابِدينَ، فَاسْتَجَبْنا ،جاهَدُوا فينا، زَيَّنَّا نادانا نَجَّيْناهُما كَلِمَتُنا بَأْسَنا لَدَيْنا، أِنَّا مُنْتَقِمُون، كِتابُنا) ذلك ان النبي يعرف انه لا يملك القوة و التسلّط بحيث يظهر في كل مكان و زمان بقاهرية و تسلّط
-عندما قال (وضرب لنا مثلا و نسي خلقه) فان المثل ضرب لله و ليس لمحمد ص حيث الكافر كان يسال او يجادل الرسول هل يستطيع ربك ان يحيي لا انه كان يقول هل تسستطيع يا محمد ان تحيي، لان الكافر يعلم ان الرسول لا يحيي و لا يخلق. لان الرسول بشر، هذا ما تفيده الايه ببساطه .نفس الامر في يجادلنا ، بشرناها فان ال"نا" تعود حصرا على الله تعالى حتى لو قام بهذا الفعل الملك الموكّل حيث قلنا و شرحنا ماهو الفرق بين وسائطنا الناقصه المضطربه و وسائطه(رسله)التي هي منسوبه له حقيقة بالتسخير من حيث انه هو نفسه جل شانه قائم عليها.
ملخص الكلام انه اذا اعتبرنا الضمير نا هو لله و ملائكته فسوف ينتقض التوحيد و يظهر دين جديد و خصوصا في ايات مثل(إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ) و ايات اخرى ذكرتها في البحث الاصلي. والله اعلم.
الاخ علي السعيدي السلام عليكم و رحمة الله
لقد نشرت البحث الطويل لايماني الشديد ان هذه الفكره(فكرة ان ضمير الجمع هو لله مع الملائكه او للملائكه فقط) مجالها ليس العقل الواعي بل اللاواعي و غرض النفس النهائي منها هو رفع القداسة عن المقدّس لزيادة حريّتها
فالضمير و الباطن خلقه الخالق لا يصدق حقيقة غير ما يقدسه فهو يفرق بين امر الخالق و امر المخلوق بل ان مشكلة القرانيين مع غيرهم هو مشكله القداسة حيث ان الاخرين في الحقيقه يقدسون غير القران مع القران وهذا هو اصل المشكله. واكبر ضربه توجّه لايمان المؤمن هو اغرائه بضرورة التناسق الفكري بين الايات على حساب القداسة القرانيه(التوحيد و العبادة لله و حده) التي لا يمكن معرفتها بالتفكير( الذي يختلف من شخص الى شخص بل من وقت الى وقت في نفس الشخص) بل مجالها الباطن او اللاوعي او القلب---- و لذلك ترى القران يرفع القلب على الفكر في مسالة فقه القران بل انه يرفع القلب على كل العمليات و الحواس فهو محل القداسة. ولو كانت القداسة مجالها الفكر لما قذّس الهندوس البقرة و الفاره والعقل و الفكر يقول هذا سخف.
بل انك لو استخدمت التفكير و حده في فهم ضمير الجمع و في معرفة القران لخرجت بنتائج كثيرة متناقضة و سبب هذا التناقض هو ليس القران بل التفكير الشخصي نفسه الذي يعتمد على مزاج و ضروف كل شخص و درجته العلميه و حالته النفسيه و قوته في التفكير و هلم جرا وقد اشرت سابقا(في بحث عائدية الضمائر) الى خطورة فهم الضمير نا في ايات (عبادنا) و ايات(امرنا) وانها لا محاله ستفرغ التوحيد القراني من محتواه ولا يبقى منه غير لذة الاتيان بكل ماهو غريب و طريف. كما ان التفكير يجب ان يعطي انسجاما في المفاهيم لا الى تناقضات في العبوديه و الامر و الخلق، وهل استطاع احد من الناس ان يحل مشكلة الانسان مخيّر ام مسيّر بالتفكير وحده؟
سوف ترى يا اخي في القريب و بمرور الزمن كيف ان هذا المفهوم يسحب القداسة من القران و يحصر القران الكريم في مجال الفكر و الفكر متقلقل يروح و ياتي بعكس القلب. و بالنهايه يموت القلب لان غذائه الوحيد هو القداسة (التوحيد) اما التفكير و المنطق فهو ساحة الحرب بين الاديان و المذاهب منذ الاف السنين و لم ينفعهم يوما لانهم كلهم يجادلون بالتفكير و المنطق و نسوا قلوبهم. لو كلهم قد قدّس الله لما اختلفوا و لكنهم خفضوا تقديسه فقدّسوا غيره وما قدروا الله تعالى حق قدره و قد صدق الله العزيز عندما قال(وَمَا قَدَرُوا اللَّـهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿الزمر: ٦٧﴾)
راقب النفس و اشهد كيف تتغير عند سماعها الامر وكيف انه خلقها على التمرّد على غير المقدّس و لهذا ترى كثرة الالحاح على التوحيد و الشرك في القران بل انه نهى النبي محمد عن الشرك فهذا قطعا غير شرك الاصنام ارجع الى الايات التاليه التي هي قبل الايه اعلاه من سورة الزمر و كيف ان الله يقول انه هو خالق كل شيء و تامل فيها و في الشرك الذي حذر النبي ص منه:
(اللَّـهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴿٦٢﴾ لَّهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّـهِ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴿٦٣﴾ قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّـهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ ﴿٦٤﴾ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴿٦٥﴾ بَلِ اللَّـهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ ﴿٦٦﴾ وَمَا قَدَرُوا اللَّـهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٦٧﴾)
ان من اكبر الخطايا التي و قع فيها الانسان هو شراءه راحة الفكر المزعومه براحة القلب. فالفكر يستطيع في النهايه تقديس نفسه ثم يكتب الكتب لنشر التقديس لنفسه كما ترى في كتب الطوائف الاسلاميه التي كل منها يقدّس فكر المذهب بالمنطق و الحجة و الفكر --------
الفكر مجاله الاول المصالح و هو باب من الابواب الى الله و لكن هناك من هو اعلى منه و اصدق و به يرد المتغير الى الثابت وبه كانت بائعة خبز اتقى بدرجات من بعض علماء التفسير.
و ارجو منك ان تتدبر الايات التاليه و تقول لي كيف ان ضمير الجمع هنا مشترك و كيف نوفق بين هذا الفهم و التهي عن الشرك الموجود منثورا في كل القران بل هو اساس الدين :
-لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَ مِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبادَهُ يا عِبادِ فَاتَّقُونِ (لاحظ انه تعالى ذكر كلمة يخوف الله (بصيغة الغائب او الصيغه غير المباشره)ثم قال فاتقون ولم يقل ذلك اخوف به عبادي يا عباد فاتقون، فهذا ليس قول الملك الحامل للوحي بل هو قول الله وان انتقل من (الغائب) الى الحضور)
-فَاسْتَجَبْنالَهُ وَ وَهَبْنالَهُ يَحْيى وَ أَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِوَ يَدْعُونَنارَغَباً وَ رَهَباً وَ كانُوا لَناخاشِعينَ (90)(فهل كانوا يدعون الملائكه ام الوسائط ام الله ؟ بالتاكيد كانوا يدعون الله وحده ولا يحق لهم ان يدعو غير الله)---(لا تدعو مع الله احدا)(ادعوني استجب لكم) لاحظ انه لم يقل يدعونني رغبا و رهبا.
-إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُأَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (٤٠)النحل(طبعا هنا ال"نا"تعود الى ارادة الله وحدهحيث انه قال في مواضع اخرى بضمير المفرد (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ) (البقرة: ١١٧)، (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (يس: ٨٢)) ام انك تعتقد ان الله يشرك ارادته مع الملائكه؟ و هو القائل (لا يشرك في حكمه احدا)(لا يسبقونه بالقول). اليس هو القائل(الله يفعل ما يريد) و لم يقل ان الله يفعل ما نريد وماذا يبقى من التوحيد اذا اشركنا ارادة الله مع الملائكه؟
-ثم قلنا للملائكة اسجدوا لادم (الله وحده قال للملائكه كلهم فلا يمكن ان نقول ان ال نا هي له تعالى مع الملائكه والا فالانسب ان يقول ثم قلنا لبعض الملائكه اسجدوا فدلّ على انه امر كل او جميع الملائكه كما قال في ايه اخرى (فسجد الملائكه كلهم اجمعون))
-يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَاأَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (١٠٤)(عندما بدا اول الخلق لم يكن معه خلق من الملائكه او غيرهم ورغم ذلك استخدم بدأنا بضمير الجمع "نا" ذلك انه بدا ذلك الخلق باسماءه الخالق والخلاق والحكيم والعليم والباريء والمصور وال- - - - -)والله العالم.
-(أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً )(ال"نا" في خلقنا تعود الى الله وحده حيث ان الملائكه تعني كل الملائكه كانت اصلا غير مخلوقه هنا)
-وَ إِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ(دعانا ال(نا) تعود الى الله لان الله لا يرضى ان ندعو معه احدا (فلا تدعو مع الله احدا)، (ادعوني استجب لكم)، ولم يقل ادعونا نستجب لكم)
-وَ الَّذينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَ أَقامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحينَ(من هذا الذي لا يضيع اجر المصلحين ؟)
-انظر هذه الايات (أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا *27* رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا *28* وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا *29* وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا *30* أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا *31* وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا *32*) كلها في ايات ثانيه يكون ضمير الجمع فيها لله تعالى و هذا يدل على ان الفاعل الحقيقي هو الله (خالق كل شيء)، و الا ما تفسيرك لقوله(ذَٰلِكُمُ اللَّـهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ) . وقد قال ايضا(الله يتوفى الانفس)و قال (توفته رسلنا)و قال (يتوفاكم ملك الموت الذي و كّل بكم) و هكذا فكما ترى هو فاعل هذه الاشياء برغم انه يستخدم ضمائر عدة و الملائكه هي ليست و سائط بل هي تفعل الشيء كما يريده الله منها بالضبط الدقيق و ليس لها أي رأي او صياغه لاني قد ضربت لك مثلا عن ان وسائطنا هي غير ما يسموه و سائط الله الله لانه ليس لله و سائط بل رسل من الملائكه ذلك ان الوسيط عندنا(مثل السياره او الجندي)ممكن ان يتصرف او يصوغ شيء بدون ارادة صاحب الامر بعكس رسل الله التي لا دخل لها بمحتوى الرساله بل عليها التنفيذ فقط.
- اما قولك في ابراهيم ومريم انه تجاوز الملائكه في حديثه معها فانها (انه)لم تتجاوز الملائكه ، لانه لا يوجد انسان يتجاوز الملائكه و هي تكلمه الا اذا كان سفيها، بل هو دليل قاطع على ان النبي ابراهيم و مريم كان يعرف ان الذي يخاطبه و يتكلم معه هو قول الله بالحرف و النص تتلفظه الملائكه و لذلك كان النبي يعرف هذا و لذلك كان عندما يتكلم مع الملائكه يتكلم و كانه يخاطب الله تعالى لان النبي يعرف ان الملائكه هي مجرد ناقل(رسول) لا يمكن لها ان تصوغ قول الله و لا ينبغي لها.
- اما كلامك عن "اولي العلم" فهو يخالف قوانين الاستقراء المنطقيه البديهيه و التي تنص على انه لا يمكنك ان تصوغ راي او قاعده من ايه واحده فقط.
- اما عن اسماءه جل شانه و تقدّس فانها ليست اسماء كما عندنا بل هي اسماء لظهوره جل شانه و تقدّس فهو لا اله الا هو عندما يتصل بالعالم و الاشياء يتصل بكيفيه لا نفهمها لانها ليست ماديه و هذه نسميها الاسماء و راجع البحث الاصلي لكي ترى الامثله و علاقتها بالرسل(لبرسل هي الملائكه و قوانين الطبيعهو ال------)
- اذا كنت انت تستخدم التفكير في قراءتك للقران و انا استخدم التفكير فلماذا الاختلاف اذن حول الضمير نا؟ اذن الاختلاف ليس في التفكير و انما في شيء اخر؟ وهو نفس الاختلاف بين المفكرين بين مختلف المذاهب و الاختلاف في داخل نفس المذهب و كلهم اذكياء و كلهم يستخدمون التفكير.سبحان الله انت تقول ان الايات التي استخدمتها انا للدلاله على مقصدي بان النا هي لله هي نفسها اثبتت لديك ان النا هي لله و الملائكه و ان محمدا هو عبد لله و لجبريل!. ولو قلت لا ان الاختلاف بيني و بينك هو في التفكير فقط صار التفكير ليس ذو قيمة ولا يمكن الاحتكام اليه او الاطمئنان به ما دام يؤدي الى نتائج متضادة ويعتمد على اشياء تختلف باختلاف الناس وبما هو موجود اصلا في القلب.
- صحيح انا استخدمت مفهوم اللاوعي(الذي لا يختلف على و جوده علماء النفس) للشرح بعد ان رايت انك استنتجت(عن طريق التفكير)من الايات عكس ما استنتجته انا مع العلم ان كلانا يؤمن بالقران كمصدر و حيد ، اي ان الحوار ليس بين سلفي و قراني.
يتبع
تابع
-اما ما استشهدت به من الناس هم عباد النبي ص في الايه(قل يا عبادي الذين اسرفوا----) فهو غير صحيح لانه العبارة بعد قل لايفترض ان تكون مقوله بالنص نفسه و لكان التبليغ غير مفهوما لاحظ الايه التاليه:
(قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْريلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَ هُدىً وَ بُشْرى لِلْمُؤْمِنينَ) فلو قال النبي للناس(مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْريلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ )فانه ستكون هناك مشكله في(فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ )و لكانت الايه يجب انت تكون (قل مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْريلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِي بِإِذْنِ اللَّهِ )اي بالياء بدل الكاف على حسب ما تظن.
نفس الشيء بالنسبه للايات التاليه و التي لا يجب فيها على النبي ص ذكر العباره بعد قل بالمطابقه بل يجب على النبي ذكر المفهوم لديه من عبارة قل و هذا يدل على ان "قل" في القران هي مخاطبه للنبي بالاولى و لغيره بالتبع اي ان استخدام قل في القران هو ليس دائما يشبه الاستخدام البشري لها:
قُلْ لِلْمُؤْمِنينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبيرٌ بِما يَصْنَعُونَ (فلا يصح ان يقول لهم "يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ" بل الصحيح ان يقول لهم"غضوا من ابصاركم و احفظوا فروجكم")
وَ قُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَ يَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَ لا يُبْدينَ زينَتَهُنَّ إِلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها وَ لْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَ بَناتِكَ وَ نِساءِ الْمُؤْمِنينَ يُدْنينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحيماً
وَ إِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَ جَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَليلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ
قُلْ لِلَّذينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ
-اما تركيب من دون الله فتركيب "من دون الله" يعني فيه الغيريه مع التسفّل(أي من اسفل مقام الله) و لا يعني بدون الله او بدون اذنه او بدون امره كما هو الخطا الشائع في استخدام دون عندنا في العاميه(التحريف من بعد مواضعه) و لذلك لا يصح تفيرك بانه يعبدون من دون الله تعني انه مع امره يجوز عبادة غيره
ملاحظه لتفصيل اكثر في خطا بعض الناس في فهم (و الصالحين من عبادكم) ارجو رؤية المقال الذي كتبته في معنى العبادة هنا
www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php.
لا استطيع ان اواصل بسبب امور ضروريه فعذرا
"أسامة بن لادن " وانفصام مفاهيم وثوابت أحفاد المسلمين
في سبيل إرجاع الكلم إلى مواضعه (1): [العمل] (1-1)
نحن المسلمين متى نتحرر من الكراهية والبغضاء الدفينة في صدورنا
منهجية البحث في التاريخ الاسلامي ... عمر بن الخطاب كمثال
اسئلة لمن ادعى ان النبى لا يقرأ و لا يكتب
وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومـه VIII
التعليق على تعليقات الاخوه بشأن التساؤلات رقم 6
صيام رمضان بين الاسلام و الفقه السّنى: (4 ) التدخين لا يفطر الصائم
دعوة للتبرع
إبنى مراهق .؟: ابني في ثاني ثانوي مدرسة خصوصي ة ، لا يحب...
الاحصار فى الحج: سنحت فرصة لاخي للحج هذا العام ولكنه يرفض...
سماحة الاسلام: قرأت مقالك عن تحريم حضور صلاة الجمع ة فى...
..أمرا كان مفعولا: أثناء مروري بهذه الآية الكري مة دارت في خلدي...
اليهود وعزير: يا دكتور انا احترم ك لانكم لا تجادل ون اهل...
more
الاستاذ علي السعيدي
ارجو منك ان ترجع الى بحثي الذي نشرته عن عائدية الضمائر في القران الكريم و هناك سوف ترى كيف اثبت انه النا هي عائده لله وحده (ظهورات مختلفه له) هنا البحث
www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php
وهذا ملخص:الفرق(و الله تعالى اعلم) بين يجادلنا و يجادلني انه لو قال "يجادلني في قوم لوط" فان الجدال حصل في مرتبه و جوديه عاليه اقرب الى ذاته تعالى وهي بلا "وسائط" و اذا قال يجادلنا فانه لايكون الجدال مباشر(من خلال "وسائط" مسخره بشكل كامل و محفوظة من النقص) حيث ان وسائط الله تعالى تختلف عن وسائلنا التي نستخدمها نحن البشر و من اهم الفروق في هذه الوسائط و التي تسبب لبسا في فهم الضمير نا بالنسبه للبشر(فنعتقد خطأً ان ال"نا" في حديثنا هي نفس ال"نا" التي لله تعالى):
- وسائطنا نحن المخلوقات غير قائمه بنا و لا تعتمد علينا مثل السياره بعكس وسائطه سبحانه فانها قائمه به محتاجة اليه في وجودها في كل لحظه و فعل و حركه و سكون احتياجا حقيقيا من كل الجهات.
- وسائطنا نحن المخلوقات لا تطيعنا دوما فمرّة تطيعنا و مره لا تطيعنا اما رسله سبحانه فهي دائما تطيعه بشكل لا يمكن ان نتصوره من الدقّه . كما ان هذه الوسائط محفوظه من قبله.اي ان وسائطه هي دائما رسل (جاعل الملائكة رسلا) فقد جعلها بالجعل الالهي.
فاذا قال ملك من ملوك الارض ستذهب"رسلنا "او "جندنا" غدا الى العراق فهو استخدام مجازي (او كذب)ليس كاستخدام الله تعالى لكلمات " رسلنا "او "جندنا". حيث ان جند او رسل الملك الارضي قد تموت او تقتل او في الطريق او حتى تهرب و لا يستطيع الملك ذو الضمير نا ان يساعد جنده بظهور من ظهوراته (التي تم و صفها عندما ذكر الضمير "نا" في جندنا) كي يحفظها في الطريق وحتى لو ارسل سرية اسناد فان هذه السريه نفسها قد تحتاج الى اسناد وهكذا فلا وجود حقيقي لظهوراته و قواته(التي تم و صفها عندما ذكر الضمير "نا") حيث ان ظهوراته متقلقله غير ثابته و قد تختفي في اي لحظه اي انه لا وجود لجمع حقيقي اي لا وجود حقيقي للضمير"نا" بل هو استخدام مجازي بعكس استخدامه سبحانه للضمير نا فهو حقيقي . فالملك الارضي قد كذب عندما استخدم الضمير نا حيث انه ليس جمعا حقيقيا لانّ كل و زراءه ومن يعملون بامره ممكن ان يخونوه او يقع عليهم فعل قهري من الخارج يكبتهم فلا يستطيعون صرفا. اما اذا قال الله العظيم تعالى "جندنا" فانه يقصد انه هناك جند له محروسون و مسددون تسديد حقيقي على طول خط الزمان و المكان و تحت كل الضروف. هم جند لا يستطيع احد ان يغير فيهم اي شيء في اسمهم او وصفهم بسبب قوة التسديد الالهي المستمره، هذا التسديد لا يمكن ان يحصل الا بظهوراته عليهم (على الجند) هذه الظهورات هي التي اسمّيها الاسماء
يتبع