لماذا يتعفف "الإخوان" الآن عن الحكم؟
سبق وأشرنا في عدة مقالات إلى مدى ذكاء ودهاء الإخوان المسلمين في إدارة ثورة 25 يناير، وكيف أن تقيّتهم وتخفّيهم واختفاء شعاراتهم الدينية التقليدية، وتعففهم عن ممارسة في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ مصر والعرب، هو الوضع الأمثل لهم، وهو الذي سيمكنهم أكثر فأكثر من السلطة السياسية مستقبلاً.
ومن هنا، نستطيع أن نقول أن قيادة الإخوان الجديدة بقيادة محمد بديع مرشدهم العام ومجموعة أخرى من القياديين معه وعلى رأسهم سعد الك&Ecirكتاتني ومحمد مرسي ومحمد البلتاجي وعصام العريان وغيرهم قد فهمت طبيعة وتعقيدات المرحلة المصرية التي يمرون بها. كما أن الماضي وعذاباته وإخفاقاته قد علم الإخوان دروساً كثيرة كانت ماثلة أمامهم وهم يشاركون مشاركة فعلية وقوية في ثورة 25 يناير ثأراً من ثورة 23 يوليو 1952. وكانت أهم هذه الدروس هي:
-
أن المجتمع المصري في العشر سنوات الأخيرة قد تغير تغيراً اجتماعياً كبيراً نتيجة لنمو الطبقة الوسطى، وظهور طبقة من رجال الأعمال جمعت بين المال والسياسة، وتطور الثقافة المصرية بما فيها الأدب والفن والدراما التلفزيونية والسينما والنحت والرسم والتصوير .. الخ. وهذه المتغيرات كانت تحسب في جانب كبير منها إلى الحداثة المصرية التي يقودها كثير من العلمانيين في الحزب الوطني الديمقراطي السابق وخارج هذا الحزب في الجامعات والمعاهد والإعلام.
-
أن الهامش الديمقراطي المحدود الذي أتاحه عهد مبارك، ونشأ عنه قيام بعض الأحزاب، واشتداد ساعد حزب الوفد اليساري العلماني خاصة، قد أتاح لأحزاب المعارضة اليسارية أن تُنشيء لنفسها صحافتها الخاصة التي استقطبت عدداً كبيراً من الكتاب والمفكرين العلمانيين الذين كانوا ضد قيام الدولة الدينية أو دولة الخلافة التي كانت تدعو لها جماعة الإخوان في السنوات السابقة ومنذ عهد الملك فؤاد في نهاية الثلاثينات من القرن الماضي. وهذا الهامش الديمقراطي المحدود قد أنشأ جبهة يسارية أعرض من الجبهة المحدودة والهشة في عهد الرئيسين السابقين عبد الناصر والسادات. وهذه الجبهة اليسارية قد أضرت بنشاط وحجم وامتداد الإخوان، حيث اقتطعت من الكعكعة المصرية جزءاً لا بأس به. ولكنها في الوقت نفسه أفادت جماعة الإخوان من حيث أنها دفعتهم للقيام بمراجعات اجتماعية وسياسية كثيرة، كان من بينها سياسة الخفاء والتقية اللتين مورستا في ثورة 25 يناير.
-
شهدت نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين عدة تغيرات سياسية وفكرية وتكنولوجية، كان أهمها غياب الإمبراطورية السوفيتية، وحرب الخليج الثانية 1991 وكارثة 11 سبتمبر 2001 وغزو العراق 2003 وانتشار الانترنت في العالم العربي وحدوث ثورة المعلومات والاتصالات مما كان له أثره السيء والحسن على أداء "الإخوان". فمن جهة أكد استحالة قيام الدولة الدينية التي ينادي بها الإخوان، واتساع المساحة التي يسيطر عليها العقل والعلم والحداثة والمجتمع المدني والدولة المدنية الديمقراطية التعددية، ومن جهة ثانية أتاح لفكر "الإخوان" والجماعات الإسلاموية الأخرى الانتشار بفضل المواقع الإلكترونية التي أنشئت والتي نبتت على شاشة الانترنت وتكاثرت كالفِطر خاصة في الخليج العربي. وكان أشهرها "إخوان أون لاين" و "إسلام أون لاين" و "الرحمة"،وغيرها. وكان على جماعة الإخوان حيال هذا كله ومن خلال المواقف السياسية التي اتخذوها حيال هذه الأحداث الجسام أن يقوموا بمراجعات كثيرة لأفكارهم وخططهم. وقد قاموا ببعض منها ونشأ عن ذلك تيارات جديدة داخل الإخوان كنا قد شرحناها سابقاً. وفي هذا الخصوص كان عبد المنعم أبو الفتوح عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين قد أصدر وثيقة بعنوان "المفهوم الإسلامي للإصلاح الشامل" تحمل مؤشرات على تطور رؤية جديدة من داخل التيار الإسلاموي تتحدث عن" الدولة المدنية" باعتبارها بدهية، لا بديل عنها لتحقيق المواطنة الحقة. وفي رؤية أبي الفتوح التي وزعها على هامش "مؤتمر أولويات وآليات الإصلاح في العالم العربي" (القاهرة، 5/7/2004 ) يؤكد أبو الفتوح أن "الخطاب الإصلاحي الإسلامي بشكل عام هو خطاب بشري". وتلك حقيقة جديدة ومهمة وثورية، يعترف بها الإخوان لأول مرة منذ 1928.
-
وجماعة الإخوان المسلمين، نتيجة لتبنّيها في هذه المرحلة البرجماتية السياسية، والتي لخصها عصام العريان أحد قيادييها المصريين بقوله: "الاتفاق على التعددية السياسية والموقف من المرأة أمور فيها اجتهادات جديدة من جانب الإخوان تتماشى مع المستجدات التي تعيشها الأمة الإسلامية الآن"، متهمة بأنها تنازلت عن أهم أركان عقيدة المسلمين، ألا وهو ركن التسليم بحاكمية الله التي نادى بها سيد قطب. وهذا كله محمود للجماعة التي لا تثبت على موقف سياسي واحد، ولكنها تغير مواقفها كأي حزب سياسي متمرس في أية بقعة من هذا العالم. وفي هذا الصدد صرّح محمد عاكف مرشد عام الإخوان الجديد بأن الأولوية عنده الآن لملف الحريات، وأن قضية الحرية يجب أن تسبق قضية المطالبة بتطبيق الشريعة
وهكذا، فجماعة الإخوان المسلمين مثلها في هذا مثل أية فرقة أو طائفة دينية من الطوائف التي نشأت وتكاثرت فجأة في صدر الإسلام، والتي بدأت أصلاً على شكل أحزاب سياسية وصراعات على السلطة والحكم كما يقول جمال حمدان في كتابه (العالم الإسلامي المعاصر، ص125- 126). وهذا ما يبشر بأن جماعة الإخوان المسلمين ربما تنتهي بعد عشر سنوات من الآن، أو بعد عشرين سنة، أو بعد نصف قرن إلى نفس المطالب التي يطالب بها الليبراليون الآن، من تبني آليات الديمقراطية المعاصرة.
أما الإجابة على سؤال: لماذا يتعفف الإخوان الآن عن الحكم في مصر فمرد ذلك إلى أسباب كثيرة أهمها:
-
غموض المرحلة الحالية وعدم تبيان الخيط الأبيض من الأسود والجماعة تريد أن ترى فجراً ما واضحاً غير مشوب بأية شائبة حتى تقرر المسار.
-
تريد الجماعة أن تكذب الإشاعات والأقاويل والتقارير السياسية التي صدرت عن مراكز غربية وقالت بخطط الجماعة للاستيلاء على الحكم في مصر بعد مبارك.
-
تريد الجماعة أن تكون صادقة في إعلانها عدم الرغبة في السعي إلى السلطة، لكي لا تتهم بالكذب والغش والتدليس.
-
وأخيراً، تريد الجماعة الاستفادة من أخطاء الآخرين الذين سيحكمون في الفترة القادمة لكي تتحاشى هذه الأخطاء عندما تتولى الحكم في الفترة اللاحقة.
اجمالي القراءات
10157
الأخوان المسلمون بذلوا كل قوتهم وكل طاقتهم ومؤثراتهم في دفع الناس للتصويت بنعم والسبب واضح جدا رغم تباين وجهات نظرهم وتصريحاتهم قبل الثورة بيوم وبعد اليوم الأول والثاني من الثورة وأثناء الثورة منذ يومها الثالث ومرورا بجمع الثورة إلى أخر يوم جمعة كل ما قاله الأخوان يتناقض مع بعضه
في البداية قبل الثورة كانوا يرفضون المشاركة فيها لأنها كانت مظاهرة ، وحين نجحت هذه المظاهرة وتحولت لشبه ثورة نزلوا للشارع بقوة في جمعة الغضب وشاركوا ونظموا وقادوا الثورة في معظم أوقاتها وكانوا يركبون المنصة دائما وهذه شهادة رأيتها في الزقازيق وفي التحرير ، وطانت مطالبهم واحدة مثل مطالب الشباب اسقاط النظام اشقاط شفيق دولة مدنية عدالة اجتماعية تغيير الدستور وفجأة فكروا أن الدولة المدنية أو الحرية المطلقة ستنشئء دولة ليبرالية حرة وهذه ستكون نهايتهم الحتمية ، فكان منهم البحث عن مخرج لهذه الأزمة ، فضلوا التعاون مع مخالفيهم من السلفيين وأنصار السنة والجماعة الاسلامية وفلول النظام في قيادة ثورة للتصويت بنعم وبذلك يكونوا قد استفادوا اكبر استفادة من هذه الثورة العظيمة أصبح من حقهم تأسيسي الأحزاب بكل حرية فتحت أمامهم قنوات التليفزيون بعد أن أغلقت منذ نصف قرن فتحت امامهم أبواب المساجد وجميع المنابر الأخرى وهنا قد فضلوا الوصول لأهدافهم عن طريق الدعوة أفضل لهم لأنهم أقدر وأنجح في هذه الطريقة عن غيرها بالإضافة لتواجدهم في الحياة السياسية ولكن هذا التواجد له شروط أن تكون مصر دولة نصف مدنية ونصف ديكتاتورية وهذا ما حدث في التعامل مع التصويت في الاستفتاء الذى أتوقع أنه ستكون نتيجته نعم للتعديلات