تحذير قبل أن تُجهض أعظم ثورة للشباب المصرى
عُدت إلى أرض الوطن من الخارج صباح يوم السبت ١٢/٢/٢٠١١، أى فى اليوم التاسع عشر لثورة الشباب المصرى ضد جمهورية آل مُبارك. وكنت، مثل كل المصريين فى الخارج أتابع وقائع الثورة، ساعة بساعة، فى شوق، وحماس، وصلوات. وكان العالم كله يتابع معنا، على الأقل باهتمام، وإن لم يكن بنفس الانفعال. وكان المُراقبون الأجانب هم الذين وصفوا ذلك الحدث بأنه أهم الثورات المُعاصرة على الإطلاق.
فهى أول ثورة يُشارك فيها ملايين البشر، على مرأأى ومسمع العالم كُله. فحتى الثورات الكُبرى السابقة فى التاريخ ـ من الثورة الفرنسية (١٧٩٨) إلى الثورة الإيرانية (١٩٧٩)، لم يُشارك فيها مثل هذه الأعداد التى شاركت فى ثورة الشباب المصرية، الذين كانوا بالملايين، وبالتزامن، فى كل المُدن المصرية.
طبعاً، كان وراء هذا التفرد، سهولة الاتصال والتواصل بين من قاموا بالثورة فى أيامها الأولى، ومن انضموا إليها فى الأيام التالية.
كذلك تفردت ثورة الشباب بديمقراطيتها الشعبوية. فحتى الوجوه التى برزت فى الأيام الأولى، وعزت إليها وسائل الإعلام الريادة أو القيادة، كانت أول من رفض هذه الأوصاف، إناثاً وذكوراً. وهذا الإيثار والتواضع أضفى على من قاموا بها صفة أقرب إلى «القديسين».
ولكن نفس هذه الصفة - أى الإيثار وإنكار الذات - ربما هى التى أغرت البعض من الكهول للقفز على ثورة الشباب، ومُحاولة الوصاية عليها أو تأميمها لحسابهم كُلية.
مع كل الاحترام لقواتنا المُسلحة، فإنها بحكم تقاليدها المُغلقة لا تطلعنا على ما يدور فى أروقتها من مُناقشات، ولا كيف تُتخذ فيها القرارات. وآية ذلك أنها لم تدع أياً من شباب الثورة إلى اجتماعاتها.
واكتفت بالبيانات العسكرية - من البيان رقم ١ إلى البيان رقم ٥ - عند كتابة هذا المقال. ورغم أنها طمأنت الرأى العام على أن المجلس هذا، هو المنوط بإدارة شؤون البلاد، ليس بديلاً «للشرعية الدستورية»، ولا «لحكومة مدنية» مؤقتة، فإن كثيرين من المُخضرمين والكهول والشيوخ، الذين عانوا من الحُكم العسكرى، لم يُخفوا قلقهم. وقد كتب لى عديد منهم، داخل مصر وخارجها، يرجون منى أن أُسمع صوتهم، وأشير إلى قلقهم، لدى من قاموا بالثورة من الشباب، ومن يُريدون الوصاية عليها أو حتى اختطافها.
كذلك تدفقت علىّ اقتراحات من قُرّاء كثيرين، يُريدون توصيلها إلى من يهمهم الأمر، سواء أصحاب الثورة «الأصلاء»، أو القافزين عليها من «الأوصياء».
من ذلك أهمية صياغة جدول زمنى وخارطة طريق لما ينبغى وما سيلى من خطوات وإجراءات. ويقولون إن مراحل وخطوات الإصلاح معروفة، ويتحدث بها وحولها كثير من المهمومين بالشأن المصرى منذ عدة سنوات، سواء حركتى «كفاية»، أو «٦ أبريل»، أو «الجمعية المصرية للتغيير»، أو الأحزاب ومنظمات المجتمع المدنى.
وتدخل فى ذلك مسودات مُتداولة لعدة مشروعات للدستور، منطلقة من أعظم دساتير مصر السابقة على الإطلاق، وهى دستور ١٩٢٣، ومنها مشروع دستور أعده مجموعة من فقهاء القانون العُظماء، بقيادة الدكتور عبد الرازق السنهورى، عام ١٩٥٤، وعثر عليها المؤرخ والكاتب الكبير صلاح عيسى.
وكذلك كتب كثيرون تحديداً عن المواد الست المعيبة، التى أقحمها أسرة مُبارك والمُنافقون لها من ترزية القوانين والدساتير، حتى تضمن لهم تخليد أنفسهم فى السُلطة - أباً عن ابن عن جد - وأهمها المواد ٧٦ و٧٧ و٨٨، هذا فضلاً عن الثلاثين مادة، الخاصة بسُلطات وصلاحيات رئيس الجمهورية، التى تكرّست بواسطة الرؤساء الثلاثة السابقين، عبد الناصر والسادات ومُبارك، وهى التى جعلت الرئيس المصرى أقوى من أى رأس سُلطة فى التاريخ المُسجل، سواء كان ملكاً أو سُلطاناً أو إمبراطوراً.
كذلك إلى بعض من كتبوا عن أمرين ظلا مُعلقين، منذ الجمهورية الأولى (١٩٥٥ - ١٩٧٠) الأول مُحاكمة الرؤساء والوزراء. فبعد رحيل أو عزل كل رئيس يتحدث حول الأمر، دون وجود قانون فعلى، رغم النص الذى يوجب سنّ مثل هذا القانون. ونوّه البعض بأنه ما لم يتم ذلك خلال الشهور الستة القادمة، فسيتم التأجيل والتسويف فيه، أسوة بما حدث فعلاً، خلال الستين سنة الماضية.
ويرتبط بهذا الأمر - وهو الأمر الثانى - ما اقترحه كل من د. نعيم الشربينى والمهندس حسن الصواف، وهو مُحاكاة الشقيقة جنوب أفريقيا، فى استحداث محكمة للعدالة والإنصاف، للتحقق من كل ما نُسب ويُنسب لشخوص «الحقبة المُباركية» من تجاوزات، وإحالة من يستحق إلى المُحاكمة أمام قُضاة طبيعيين، مثل شيوخ القضاء فى «محكمة النقض»، وهى أعظم محكمة مصرية تم تأسيسها فى ظل دستور ١٩٢٣، ورأسها فى حينها أحد من كتبوا ذلك الدستور، وهو عبدالعزيز فهمى باشا.
وظلت مُحتفظة باستقلالها، رغم مُحاولات الرؤساء الجمهوريين تطويعها لأصواتهم السياسية، وهو ما اضطرهم إلى ابتداع محاكم موازية، مثل محاكم أمن الدولة، ومحاكم الطوارئ، والدستورية العُليا، والإدارية العُليا، وهلم جرا.
رغم أننى عانيت الكثير من نظام مُبارك (سجناً، وتشويهاً للسمعة) ثم المنفى، فإننى أطالب له بمُعاملة مُنصفة، لا على أيدى إعلام مخقن، ولكن على منصة قضاء عادل.
وعلى الله قصد السبيل
اجمالي القراءات
11959
الدكتور سعد الدين غبراهيم قيمة علمية كبيرة ..
ولكن للأسف ازناب مبارك لن ينسوا له أنه هو الذي بوظ طبخة التوريث بإعلانه عنها من 10 سنوات ..
ازناب مبارك ما زالوا يحاولون تلويث سمعة الرجل حتى بعد نجاح الثورة ..
بالطبع لن لم يحالفهم النجاح ..
فلقد فشلوا في ذلك قبل 25 يناير .. فهل سينجحون في ذلك بعد 25 يناير ونجاح الثورة ؟؟
هم يحاولون هدم سعد الدين إبراهيم .. ومحاولاتهم هذه أسفرت عن خروج الآلاف من سعد الدين إبراهيم .
لن يترك شعب مصر من سرقوا مصر إلا وهم داخل السجون ..