عاشوراء:
عاشوراء,والحسين ,ورفض التوريث

زهير قوطرش Ýí 2010-12-24


 

 

 

 

عاشوراء ,والحسين .ورفض التوريث

 

لا أدري ,لماذا يحّول المسلمون الأحداث السياسية الأساسية في مسيرة تاريخهم, والتي تركت بصمات هامة وعبّر وموعظة للإنسانية جمعاء إلى طقوس تعبدية تبتعد عن جوهر الحدث ,ليصبح الحدث فارغاً من محتواه ,يتحدث  فقط عن دراما إنسانية ومأساة بكل معنى الكلمة .

 

صحيح أن الح&Oacut;ن الحسين قتل هو وأصحابه بطريقة تراجيدية ,لا يمكننا ونحن في هذا العصر تصور فظاعة ذاك الحدث ,وخاصة إذا كان الشهيد يمثل بشخصه  رمزاً دينياً كبيراً ينتسب به إلى أهل البيت ,وينتسب إلى جده  نبي ورسول الأمة ,يُقتل بأيدي أبناء الأمة ,لا لذنب اقترفه ,ولكن  لغاية أرادها أن تكون عبرة للأجيال في التضحية بالنفس  من أجل   المبادئ  التي تربى عليها ,ولا أقصد  الدينية وحسب بل السياسية والتي لا يمكن فصلها عن الأخلاق الدينية التي بنيت عليها دولة النبي في الحرية والتعددية والشورى.

 لم يكن يخطر ببال الأمام الحسين آنذاك  عند تضحيته الكبرى أن مواقفه المبدئية  ستتحول إلى ضرب وصراخ  وتعصب لمذهب ما !!!!. على الرغم من أهمية الطقس لدى الطائفة والمذهب ,كونه الرابط الذي يتم استحضاره سنوياً , من أجل ربط العامة بعقل جمعي يجعلهم يعيشون الحدث ,ويتعصبون إليه إلى يوم الدين ,وبذلك يتم تأمين السلطة الزمنية ,لمن يقومون على الطائفة والمذهب .

وهذه  الطقوس ليست حصراً على طائفة دون أخرى,فهي متواجدة في كل المذاهب والطوائف والديانات.

 

إن جوهر الحدث ,هو الخروج لهدف سياسي عظيم ,ألا وهو طلب الإصلاح السياسي  في أمة نادت بالصلاح .الهدف في حقيقته هو رفع الظلم عن شريحة كبيرة في المجتمع الإسلامي بعد سنوات من معركة صفين .

 

الأمر الأخر والأهم والذي يعنينا في عصرنا الحاضر ,هو عدم الرضوخ لسلطة الطاغية ( يزيد, ومن يماثله من حكام كل عصر) ,الذي استولى على السلطة بالتوريث . وعدم القبول   بهذا المبدأ جملة وتفصيلاً .

 رفض الحسين من جهة أخرى  إكراه الناس  بالترهيب والقوة لمبايعة من لا يستحق أن يكون خليفة ,طالما لم يتم اختياره ومبايعته بشكل حر وديمقراطي .

 

ويومها قال مقولته الشهيرة .

"لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ,ولا أقر لكم إقرار العبيد".

 

واستشهد رحمه الله  حراً هو وأصحابه ولم يرضخ لسلطة الطاغية(يزيد) ,وقدم للأمة وللعالم درساً ,طمسنا معالمه في طقوس تعبدية ,هذا الدرس علَّمنا ومازال يعلُّمنا ,بأن الرضوخ لسلطة الطغاة ,معناها القبول بالطغيان والتسلط  .وعلينا تحمل نتائجه لأجيال متعاقبة .

 

علَّمنا أن التغير يبدأ من موقف سياسي وأخلاقي واضح ,يهدف إلى خدمة الإنسان ,يهدف إلى تحقيق حرية الإنسان كما أرادها رب الإنسان, حيث أراد  أن يكون الإنسان حراً  مكرماً ,لا أن تفرض عليه إرادات الطغاة.

 

وأراد أن يعلمنا درساً ,بأن الذي يتطوع لحمل المبادئ الإنسانية السامية مبادئ التغير لإحلال دولة  الحرية والقسط والعدل ,عليه أن يكون جاهزاً حتى  لتقديم دمه في المقدمة ثمناً لمبادئه .وإلا لا معنى لتصريحاته ومعارضته من خلف الحجاب.

اجمالي القراءات 14306

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (7)
1   تعليق بواسطة   عبدالمجيد سالم     في   الجمعة ٢٤ - ديسمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[54162]

التاريخ الأسود ..!!

للاسف الشديد فإن قتل الحسين بهذه الطريقة البشعة لم تترك للمسلمين سوى انهم أنقسموا قسمين .. قسما قدس أهل البيت وأعتبروهم معصومين .. وقسم آخر أعتبرأن القاتل معصوم والمقتول ايضا معصوم ..


هذا المأذق يدل على ان ازهاق نفس الحسين لم يستفد به المسلمين في تثبيت مبادئ التسامح وحقوق الإنسان ..


بل على العكس فإن هذا المشهد تسبب في ظهور اول انفصام كامل بين القرىن الكريم وبين المسلمين ..


الشكر للأستاذ زهير على هذه التذكرة التاريخية ..


2   تعليق بواسطة   سيد أبوالدهب     في   الجمعة ٢٤ - ديسمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[54167]

أشارة ذكية لمرض عضال

الأستاذ المحترم زهير ..


مقالك يحمل اشارة ذكية لكون تضحية الحينتتب بآثار عكسية ، الحسين رغب أن يشارك في الشأن العام فكانت النتيجة هي هذا القتل البشع ..


دماء الحسين أضاعت المسلمين وأتاهتهم ومزقتهم ..


لقد قتل بني امية المتعصبين لأنفسهم الحسين .. وتعصب اناث آخرين للحسين وآال البيت لدرجة انهم عبدوهم ..


فهل هذا ما كان يتخيله الحسين .. وهل هذا ما كان يريده الحسين ؟؟


بالطبع لا ..


3   تعليق بواسطة   ميرفت عبدالله     في   الأحد ٢٦ - ديسمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[54257]

مقتطفات من جرائم الأمويين

الأستاذ المحترم زهير قوطرش السلام عليكم ورحمة الله  ، هناك أمثلة في تاريخ المسلمين تؤكد على هذا المعنى ومنه ما قرأته عن شخصية أثرت بأخلاقها وتضحيتها في سلوك كثير من من تعلم منها وأخذ العلم وقد وجدت في مقال للدكتور أحمد صبحي هذا الجزء الذي يؤكد على ما تنادي به في مقالك ويتحدث عن موضوع قتل الحسين وأحببت أن أنقله كاستشهاد على جرائم الأمويين وما خلفوه لنا من تعصب وجبر وإكراه واعتداء على حريات قد كفلها الله لعبادة .


( المعارك الفكرية بين الأمويين وخصومهم دارت حول قضية أساسية وبسيطة ، هى الجبر والاختيار ، والقضاء والقدر ، تلك المشكلة الفكرية التي تلازم الفكر الانساني في كل العصور ، والتي يجد فيها الظالم تبريراً مناسباً لظلمه .. وكذلك فعل الأمويون ، إذ قامت دعايتهم على أساس أن الله تعالى هو الذي شاء أن يموت الحسين وآله قتلى في كربلاء ، وأن الله تعالى هو الذي شاء أن يقتل أهل المدينة في موقعة الحرة ، وأن مشيئته تعالى اقتضت أن تنتهك حرمة البيت الحرام ، وأن الاعتراض على ذلك إنما هو اعتراض مشيئة الرحمن وخروج على إرادته ، ومعناه أنه يحدث في ملك الله تعالى ما لايشاء وقوعه ، ومن يعتقد أن هناك ما يخرج عن قدر الله ومشيئته فقد خرج عن الإسلام واستحق القتل.


ـ وبدأت هذه الدعاية الأموية مبكراً وبعد كوارث قتل الحسين وانتهاك حرمة المدينة وحرمة البيت الحرام ، وبدأت أيضاً مقاومة هذه الدعاية الأموية في حينها ، وإن كنا لا نعرف الكثير عن هذا الصراع الفكري إلا من خلال ما نتج عنه من آثار خطيرة كادت تودي بالدولة الأموية بعد موت الخليفة يزيد بن معاوية .




 


4   تعليق بواسطة   ميرفت عبدالله     في   الأحد ٢٦ - ديسمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[54258]

عمرو المقصوص

 وكما أوضحت أستاذنا الفاضل زهير في مقالك" أن التغير يبدأ من موقف سياسي وأخلاقي واضح ,يهدف إلى خدمة الإنسان ,يهدف إلى تحقيق حرية الإنسان كما أرادها رب الإنسان, حيث أراد أن يكون الإنسان حراً مكرماً ,لا أن تفرض عليه إرادات الطغاة.


أرى أن شخصية عمرو المقصوص تعتبر من الأمثلة الناطقة بهذه المبادئ القيمة والذي قدم حياته ثمنا لهذه المبادئ التي نادى بها وعلمها لطلابه وأكثر من تأثر به هو الخليفة معاوية بن يزيد المعتزل  والذي قتل هو الآخر علي يد الأمويين بسبب هذه المبادئ"


فعمرو المقصوص كان معلماً لمعاوية بن يزيد بن معاوية ولى العهد ، وقد تأثر هذا الشاب (معاوية بن يزيد) بشخصية عمرو المقصوص وأفكاره عن الحرية والمسئولية ، ومسئولية الانسان على ما يفعله . وبالتالي مسئولية الأمويين عن أعمالهم ، وقد استطاع عمرو المقصوص أن يصل بتأثيره على معاوية بن يزيد بن معاوية إلى درجة أنه اعتزل الخلافة بعد شهرين من موت والده يزيد ، وقال في خطاب اعتزاله ما يؤكد مسئولية أبيه يويد وجده معاوية عن الفظائع التي حاقت بالمسلمين ، ويذكر المقدسي صاحب كتاب "البدء والتاريخ "(6/17) أن عمراً المقصوص هو الذي نصح الخليفة الشاب قائلاً :"إما أن تعتدل وإما أن تعتزل" ولما تيقن الخليفة الجديد من عجزه عن الاصلاح بادر بالاعتزال بعد أن أعلن رأيه في مسئولية أبيه وجده ، ولم يتمسح مثل أهله بالقدر الإلهي . وأدى هذا الموقف إلى أن قام الأمويون بقتل الخليفة المعتزل معاوية بن يزيد ، ثم طاردوا عمراً المقصوص حتى عثروا عليه فدفنوه حياً وقالوا له : " أنت أفسدته وعلمته" .!!


 


5   تعليق بواسطة   زهير قوطرش     في   الأحد ٢٦ - ديسمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[54259]

الأخ عبد المجيد

أتفق معك أخي العزيز فيما ذهبت إليه في تعليقك ,وهي إضافة للتعليق بأن نتائج الحدث المروع كان له الأثر الكبير في إحداث الفتنة وتشرذم الأمة أكرمك الله.


6   تعليق بواسطة   زهير قوطرش     في   الأحد ٢٦ - ديسمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[54260]

الأخ العزيز سيد أبو الذهب

 


شكراً على مرورك الكريم. وأؤيدك بأن أهداف الحسين كانت واضحة حيث كان مع الحق ,ومع الشورى ,ومع احترام رأي الأكثرية رافضاً مبدأ التوريث الذي أصاب هذه الأمة بنتائجه  السيئةحتى اليوم.


7   تعليق بواسطة   زهير قوطرش     في   الأحد ٢٦ - ديسمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[54261]

العزيزة ميرفت

أشكرك على مرورك الكريم ,وأعتبر التعليق بأكمله تتمة للمقالة ,حيث أغنت مقالتي بأفكار جديدة وقيمة.


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-02-25
مقالات منشورة : 275
اجمالي القراءات : 5,711,810
تعليقات له : 1,199
تعليقات عليه : 1,466
بلد الميلاد : syria
بلد الاقامة : slovakia