وإذا الصبية سئلت بأي ذنب ختنت ؟

يحي فوزي نشاشبي Ýí 2010-06-18


بسم  الله  الرحمن  الرحيم

 

وإذا  الصَّبِــيّــةُ سئلت بـاي  ذنب خُتنــت

         وقصة  ختن أو ختان الأنثى، وما أدراك ما هي من قصة ، ما زالت سارية المفعول.

        من الملاحظ أن أمر ختان الأنثى لم يرد ذكره  في القرآن العظيم ولا  أية  إشارة إلى ذلك ، بل وحتى في أمر ختان الذكر.

        وإذا كان ختان الذكر مأخوذا أو موروثا من أمم سابقة ( كما يقال) فهل ينطبق ذلك على أمر ختن الأنثى؟

        ثم إذا ثبت أن اللجوء إلى ختن الأنثى هو لإضعاف حاسة مؤقتا أو حتى لإخماد حاسة نهائيا – حباها بها العليم الخبير- وبالتالي إذا ثبت أن تدخّل الإنسان ، ذلك الذكرالمخلوق في خـِــلقة الإنسان المقابل، أي تلك الأنثى المخلوقة هي الأخرى ، إذا  ثبت أن ذلك الإنتهاك أو ذلك التدخل بتلك العملية ( الجراحية سواء كانت بدائية  أو عصرية ) هو لمصلحة الأنثى ولإحصانها ( مع الإشارة إلى أن كلمة– إحصانها موزونة مع كلمة: إخصائها –( إن جاز هذا التعبير) ، نعم لإحصانها على الرغم منها  ومن أنفها  ولتفادي وقوعها في  الخطيئة.

        إذا كانت هذه العلة بالنسبة للأنثى هي المعتبرة والمعتمدة ، فما هي يا ترى العلة بالنسبة لختن الذكر؟ هل في سبيل مصلحته هو كذلك على الرغم منه  ومن أنفه ؟ ولغرض إضعاف حاسته أو حتى لإخمادها مؤقتا أو نهائيا؟ أو بالعكس لإبرازها ولشحذها ؟ وإذا كان الغرض هو لإبراز حاسة الذكر ولشحذها وإعدادها ألا يكون  ذلك محاباة  للذكر وإبخاسا لما للأنثى وتجاهلها وهضم حقها والتقليل من قيمتها وأهميتها وحتى وجودها ؟ أو تعبيرا بهذا الأسلوب الفظّ  للتقليل من أهمية وقوع الذكر هو الآخر صريع الشهوة واللذة والخطيئة ؟

ألا تَفسّرهذه الحمى في ختن الأنثى كتلميح قوي يكاد يتحول إلى تصريح مفاده أن الله العلي الخبير، إذا كان هوالخالق والمصوروالمبدع في تصوير الإنسان من ذكر وأنثى ، فإن الإنسان مهما كان مخلوقا فبإمكانه هو كذلك أن يصنع ويبدع أكثروأحسن باهتدائه إلى هذه العملية الجراحية الاحتياطية الإحباطية ؟.

  ألا يكون تدخل الإنسان ( الطالب ) واعتداؤه على أخيه الإنسان (المطلوب) بهذا التصرف وبهذه الطريقة البشعة عبارة عن دوس أوعن تجاهل ما أبدعه الخالق البديع ؟ وعبارة عن عدم اكتراث وعدم اعتبار وعن إصرار لتجاهل ما يتلو من آيات  لاسيما الآيتين القرآنيتين :    

 1) رقم 64 في سورة غافر ((  الله الذي جعل لكم الأرض قراراً  والسماء بناءً وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات ذلك الله ربكم  فتبارك الله ربّ العالمين )).

2) رقم 3 في سورة التغابن : (( خلق السماوات والأرض بالحق وصوركم فأحسن صوركم وإليه المصير )).

وأخيرا ألا يكون تصرف الإنسان المخلوق  هو من قبيل بعث جريمة وأد الأنثى ؟ التي استنكرها الله في قوله في الآيتين 8+9 في سورة التكوير (( وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت )) .

وألا يكون تصرف الإنسان – الذكر– في القرن الحادي والعشرين ، تصرفا يشير إلى أنه ( أي  الذكر ) ما زال حاملا بذورالجاهلية الأولى وما زال لم يتخلص منها ولم يفلح في أن يدس – جاهليته تلك -  في التراب بصفة نهائية ، وما زال يعتبر اعتبارا ضالا مضلا، بأن الذكر ليس كالأنثى.وكأن حالة هذا الإنسان–الذكر– تقول ما يلي:

إذا كانت المرأة تعاني تلك المعاناة القاسية طيلة حملها ، فإن الرجل من جهته لا تقل معاناته عن معاناتها هي، لاسيما تلك المعاناة التي يرسمها ذلك الكابوس الذي يلـوّح له بظلاله القاتمة التهديدية طيلة الأشهرالتسع ، وهو خائف يترقب فضيحة اسوداد وجهه يوم  يبشّر بالأنثى لتكتمل مصيبته ولتنطبق عليه صفة الكظيم المكروب. – الآية رقم 58- في سورة النحل : (( وإذا بشّر أحدهم بالإنثى ظلّ وجهه مسوداً  وهو كظيم )). – والاية رقم 17 في سورة الزخرف : (( وإذا بشّر أحدهم بما ضرب للرحمان مثلا  ظلّ  وجهه مسودا وهو كظيم  )).

وأما عن الظروف الحالية الراهنة  فما دامت غير مواتية للقتل البشع  الذي كان مسلطا على الأنثى  بدسّها في التراب ، وما دام ذلك متعذرا ومستبعداً ، فإن المبشّر بالأنثى لا يسعه إلا أن يمسك المولود على هون مصبّراً نفسه بحكم جديد اختلقه وهو حكم ذو تنفيذ على مدى معين ، وهو إخضاع ما بُشر به إلى عملية الختن آجلا وعاجلا إن أمكن ، وإن شاء الله ، بل إن الإسراع في الموافقة على تزويج البنت حتى في سن جد مبكرة وفصلها من الدراسة ، كل ذلك يعتبر عند السواد الأعظم تصرفا معقولا إن لم يرق إلى  تصرف حكيم ، وباختصار فهو يعبر عنه بجملة ( أدفن تتخلص مما  يثقل الكاهل ) ، وكل ذلك  في إطار وروح الآيتين رقم 58 و59 في سورة النحل : (( وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظلّ وجهه مسودّا وهو كظيم  يتوارى من القوم من سوء ما بشّر به، أيمسكه على هون أو يدسّه في التراب ألا ساء ما يحكمون )). 

        ألا يكون هذا التصرف المتمثل في ذلك التبرّم من الأنثى ومن المهد إلى اللحد، وفي إقناعها بشتى الأساليب والإفتراءات والروايات والحيثيات بأنها خلقت من ضلع أعوج ميئوس منه ، وأنها ناقصة عقل ، وبالتالي ناقصة دين ، وأنها في غيرحاجة إلى أدنى تعليم أو تعلّم أو تثقيف أو تنويرأو ظهور أوخروج إلا في ثلاث مرات في حياتها وهي ثلاث مناسبات مصيرية (حسب رأي البعض أوالأكثرية ؟ )  وأولا وأخيرا إلى إخضاعها إلى العملية الجراحية  البشعة.

        ألا يكون كل ذلك وأكثرمن ذلك بعثا حقيقيا لمعنى وروح الآيتين ( 58 و59) في سورة النحل واستنكارا لمعنى وروح الآية رقم 64 في سورة غافر والآية رقم 3 في سورة التغابن ؟ ألا يكون كل ذلك وأداً ودفنا وقتلا مبتكرا جذوره ضاربة في عمق مجاهيل التاريخ ورؤوسه ما زالت تفعل أفاعليها في كل حين، مزهوة مترفعة وسائدة في القرن الحادي  والعشرين ؟

        وإذا فرضنا أن محمدا بن عبد الله ولد مختوناً كما تقول بعض الروايات المادحة ،  فهل  يعني ذلك الختان إشارة لنا لنقتدي بحالته ونتخذها  أسوة ؟

        وإذا فرضنا العكس وأن الختان لم يكن معروفا بالمرة وإنما هو سنة سنها رسول الله ( عليه الصلاة والتسليم ) فهل يصبح الختن واجبا وشرطا على كل من دخل في دين الله ؟

        وإذا كان الختن واجبا وشرطا على كل من دخل في دين الله بموجب السنة التي سنها رسول الله ؟ فهل سنها مقتصرة فحسب على الذكر دون الأنثى؟ وإذا كانت سنته تلك جدّية وجادة، فلماذا لم يرد تأكيدها على الأنثى هي الأخرى؟ والجميع يحمل انطباعا أن نساء كثيرات ذهبن ضحية هذه العملية، وأن الأكثر هن اللائي لم يقعن ضحية لها ، حسب الظاهر ؟

        وهل المرأة التي ختنت تبقى دائما ناقصة دين ؟ وهل  تديّـن المرأة المختونة يعتبرأحسن نوعا ما من تديّـن تلك التي  فلتت بأعجوبة من الختن ؟ وأن النقص في التدين هو حكم ثابت ونهائي وهو مصيرهما هما الإثنتين ،المختونة  وغير المختونة ؟  

        وإذا تأملنا سورة النصر، وتصورنا كيف كان الناس يدخلون في دين الله أفواجاً!فهل كانت هذه الأفواج متألفة من رجال مختونين ؟  وهل كانوا  يخضعون لتلك العملية مباشرة  بعد دخولهم في دين الله ؟ وهل يعتبرون دخلوا حقا  وفعلا في دين الله وهم غير مختونين ؟ ومن كان يباشرعليهم هذه العملية الجراحية ؟ أم  كانوا يدخلون في دين الله وعليهم شرط مؤجل وهو الخضوع للعملية في المُقبلِ ؟  هل هناك روايات مفصلة عن ذلك ؟

        ثم هل فرض الله الختن في جميع كتبه على جميع رسله  وأممهم ؟

        ولعله من المفيد أن نورد في ما يلي حرفيا ما جاء في فقرة عنوانها  سنة الختان، قد ورد ذكرها في مؤلف عنوانه قصص الأنبياء للمؤلف عبد الوهاب النجار- مكتبة رحاب – ساحة بور سعيد – الجزائر العاصمة – والنص هو :

 

سُـــنة  الخــتان

        وقد عهد الله إلى إبراهيم بالختان وكانت سِنَّــه إذ ذاك  تسعا وتسعين سنة ، وكان إسماعيل قد بلغ ثلاث عشرة سنة ،  فاختتن إبراهيم وإسماعيل وكل من كان

لإبراهيم من العبيد ( كما في الإصحاح 17 – تكوين ). وفي إنجيل  برنابا أن سبب الختان أن آدم  لما عصى ربّـه  نذر أن يقطع من نفسه عضواً إذا تاب الله عليه ، فلما قبلت توبته وأراد الوفاء بنذره احتارماذا يصنع ؟ فدلّه جبريل على هذا الموضع فقطعه . ولعلّ أبناءه تركوا هذه السنة حتى أمر الله إبراهيم  بإحيائها .

( انتهى النص ).

اجمالي القراءات 12961

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (2)
1   تعليق بواسطة   رضا عامر     في   السبت ١٩ - يونيو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[48464]

سورة النصر

حلوه جدا. أتخيل السيناريو طابور طويل (وان كنت أشك فى أنهم يعرفون هذه الثقافة) امام خيمة الحلاق أو المطاهر وأن أبا سفيان وولده يطالبان بأن تكون لهما الاولويه....


2   تعليق بواسطة   عبد الرحمان حواش     في   الخميس ٢٤ - يونيو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[48596]

* الأستاذ يحي فوزي النشاشبي *

* الأستاذ يحي فوزي النشاشبي *


- سلام : تحية مباركة طيبة .

- إطلعت على مقالكم " وإذا الصبية سئلت بأي ذنب ختنت " وأوليته أقصى اهتمامي.

- فبارك الله فيكم على هذه الجرأة التي لم أحظ بها . حفظكم الله ورعاكم ومـــــن كــل سوء - يحدق بكم – وقاكم ، وأبعده المولى العلي القدير عنكم، ءامين .

- في ختان المرأة : ... نجد من كتاب الله تساؤلات !?

- يقول الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله ( ... ومن ءاياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ).الروم 21.

فإذا ما استأصلنا من المرأة ، أحلى ما خلق الله فيها وحباها به ، وبالتبعية لزوجها، ذلك لتوطيد علاقتهما ، وهو البظر clitoris ، فكيف تكون المودة والرحمة !? وقد اقتلعنا منها العضو الرئيسي والمنتهى في علاقتهما ومودتهما ، العضو الذي يثير النشوة، وينتهي بها إلى أعلى درجة من اللذة الجنسية clitoris ، وبه يكون التلاحم بين الزوجين في المودة والرحمة orgasme ، فلا رغبة ولا شهية للمرأة المختونة نحو الرجل فلا désir ولا libido . اللهم إن هذا لمنكر ! ( ومن ءاياته ... وجعل بينكم مودة ورحمة ... ) وقد يترك هذا الإقتلاع بصفة وحشية-أثرًا سيئا في مذكرتها ما يجعلها تنفر، وتـــكره مجتمعها ، رجالا ونساءً.

- ذلك من أمر إبليس - لعنه الله - إذ ألزم على نفسه أن يأمر حزبه بتغيير خلــــــــــــــق الله (ولأمرنهم فليغيرن حلق الله ومن يتخذ الشيطان وليّاً من دون الله فقد خسر خسراناً مبيناً) النساء 119. ( ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه ...) سبأ 20.

- كيف يعقل وأن الله المنشئ ، الفاطر، الخالق ، المصوّر، يخلق كيف يشاء، ثم يبدو بعد ذلك أنه أخطأ في التصميم فيأتي الإنسان ( الذي خلق ) فيصوّب ويعدّل الخلل في الخلق !? حاشا لله أن يكون ذلك ! ( يكاد السماوات يتفطّرن منه ...) ذلكم الله ( الذي أحسن كل شئ خلقه...) السجدة 7. ( ... فتبارك الله أحسن الخالقين ) المومنون 14.( هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إلاه إلا هو العزيز الحكيم ) ءال عمران 6.

- وأخيرا فالسؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف نفسّر ? وأن رسول الله موسى (عليه السلام ) يأمر قومه بأمــر ثم يأتي نبي الله عيسى ( عليه السلام ) بعده ثم يأمر بني إسرائيل بغير ما أمر به موسى ( عليه السلام ) وإنما الحقيقة تقول أنه غـيّر ما حرفوا وبدلوا في التـــــوراة

(... وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ...) المائدة 13 و75 البقرة و50 ءال عمران و46 النساء و41 المائدة و91 الأنعام. ( وإذ قال عيسى بن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة...) الصف 6. ( ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ورسولا إلــى بني إسرائيل ...) ءال عمران 48/49.( وقفينا على ءاثارهم بعيسى بن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة وءاتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يده من التوراة ...) المائدة 46.

- نلاحــظ : أنه جاء قوله تعالى : ( ... ومصدقا لما بين يديه من التوراة ...) جاء مرتين في ءاية واحدة. لنتدبــّر !

                                               - والله أعلــــم -


 


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-10-28
مقالات منشورة : 288
اجمالي القراءات : 3,139,646
تعليقات له : 384
تعليقات عليه : 401
بلد الميلاد : Morocco
بلد الاقامة : Morocco