نداء إلى ليبراليي الشرق
الليبراليون في منطقة الشرق الأوسط رغم قلة عددهم وانخفاض صوتهم سيزالوا الأمل لهذه المنطقة "الشرق الأوسط" الموبوءة بالحروب والكروب والنزاعات الطائفية والعرقية والدينية والسياسية.
فقد سبق للدكتور شاكر النابلسي أن شرح من هو الليبرالي، وأنا أضيف أن الليبرالي لا يخضع لحاكم ظالم ولا لملك فاسد أو أمير مستبد، فقلمه وفكره ومصداقيته رأس ماله "لا يسيس ولا يحيد ولا يدجن" فحساب الأرباح والخسائر ليس في ميزانيته رسالته الدفاع عن الكل وكتابته لنشر العدل والحق والمساواة بلا تفرقة بين لون ودين وعرق أو جنس.
فالكاتب الليبرالي لا يكتب لجموع المسلمين فقط إنما يكتب لمشاكل المضطهدين مثل الصابئة والمندائيين والآشوريين والقرانيين والأيزيديين والسريان والأكراد والأقباط والأمازيغيين والنوبين ... إلخ.
لقد عاتب علينا بعض الكتاب الليبراليين لعدم علمهم بالمشاكل التي يواجهها الأقليات في الدول المحكومة إسلامياً وعسكرياً وديكتاتورياً، ونحن بدورنا نرد عليهم: العالم أصبح قرية صغيرة، وصراخ المضطهدين يعلو ويعلو لعل يصل صوتهم لآذان الليبراليين؟!
فها هو صراخ الأقباط يعلو شاكياً الظلم والإجحاف والتهميش من إعلام بغيض لتجميل صورة قبيحة، مستغلين دكاترة متمرسين في النفاق متجاهلين معاناة 15 مليون قبطي، فصراخهم ناتج طبيعي للظلم والاضطهاد والتنكيل بهم بطرق شتى من خطف بناتهم وهدم كنائسهم والاعتداء على ممتلكاتهم وإهانة كتبهم واستباحة أرواحهم، علاوة على مراوغات الأجهزة الحقوقية والإعلامية ومؤامرات الأجهزة الأمنية... إلخ، فمشكلتهم الأساسية ليست في ظلم الأشرار بل في ضعف صوت الأخيار "الليبراليين".
سأسرد بعض القصص على سبيل المثال لعل وعسى تجد صداها لدى قلوب ومشاعر الليبراليين ليساهموا في فضح الظلم البين الممارس والمنظم ضد أكبر أقلية مسيحية في الشرق الأوسط "أقباط مصر".
قصة شادية:
شادية وبهية ناجي إبراهيم السيسي، أشهر والدهما إسلامه منذ 33 عاماً ثم عاد للمسيحية، ونمت شادية وتعلمت التعاليم المسيحية وتزوجت وأصبح لديها شباب وابنها الأكبر سيتزوج بعد ثلاثة أيام إلى أن أصدرت محكمة جنايات شبرا الخيمة حكمها يوم 12/11/2007 بسجن شادية السيسي ثلاثة سنوات في القضية رقم ١٤٢٢٣ قسم أول شبرا الخيمة لسنة ١٩٩٦ والمتهمة فيها الشقيقتان شادية وبهية بتزوير أوراق رسمية، على اعتبار أنهما قامتا بكتابة أوراقهما مسيحيتان وهما في الأصل مسلمتين بالتبعية لوالدهما الذي أشهر إسلامه عام 1964 ثم عاد مرة أخرى.
كان الحكم بمثابة الطعنة التي اخترقت قلب أسرة شادية البالغة من العمر 40 عاماً والتي عاشت منذ طفولتها مسيحية وتعلمت وتزوجت وأنجبت وهي مسيحية وكانت على وشك الاحتفال بزواج ابنها الأكبر قبل القبض عليها بثلاثة أيام قبل حفل الزفاف في شهر سبتمبر الماضي. شادية لم تستطع أن تتحدث بشيء بعد صدور الحكم القاسي سوى بكلمة واحدة أنها مسيحية ولا تعلم شيء عن هذه الأوراق، وما زالت شقيقتها بهية تواجه مصير رحلة الهروب خوفاً من بطش القضبان والظلم البين في الدولة الدينية ذات القوانين الإسلامية.
كنيسة مار جرجس بكوم حمادة محافظة البحيرة:
أصدرت كنيسة مار جرجس بكوم حمادة في محافظة البحيرة، بياناً وقعه القس مكسيموس بداري كاهن الكنيسة أكد فيه أن الكنيسة أنشئت عام ١٩٥٣م في أيام الرئيس الراحل محمد نجيب، مشيراً إلى أن عدد الأقباط بمركز كوم حمادة في هذا الوقت كان ٥٠ أسرة قبطية أرثوذكسية، ووصل الآن إلى حوالي ٨٠٠ أسرة -بخلاف القرى الموجودة حول كوم حمادة وعددها ٢١ قرية- يؤدون صلواتهم في كنيسة الشهيد مار جرجس بكوم حمادة لعدم وجود كنيسة في قراهم. وأشار البيان إلى سقوط بعض أجزاء من سقف الكنيسة في السنوات الأخيرة، الأمر الذي تطلب تقديم طلب إلى محافظ البحيرة بإحلال وتجديد وتوسيع الكنيسة وافق عليه المحافظ، بعد استكمال الأوراق المطلوبة. وذكر البيان أنه في يوم الجمعة ٥ نوفمبر الماضي أثناء الصلاة انهارت أجزاء من سقف الكنيسة علي المصلين، وتم إخطار مركز شرطة كوم حمادة الذي قام بالمعاينة، وبعد الاتصال بالمسئولين ورجال أمن الدولة وافقوا شفهياً على البدء في هدم سقف الكنيسة، وأثناء الهدم تساقطت الجدران بالكامل ونحن مستمرون في عملية الهدم والبناء. وكشف بداري عن قيامهم حالياً بوضع أساسات الكنيسة لإعادة بنائها من جديد، موضحاً أن المحكمة أصدرت يوم ٥ نوفمبر الجاري حكماً بحبسه هو لمدة عام وتغريمه ١٠ آلاف جنيه مع إيقاف بناء الكنيسة!!
وهناك مئات الانتهاكات غير الآدمية واللا إنسانية التي يعيشها الأقباط يومياً من ظلم بين من الدولة الدينية في مصر التي تعيش في القرن الواحد وعشرين بعقلية القرن السابع الميلادي بعد اختراق الإخوان المسلمين لكل مفاصل الدولة.
مؤتمر المجلس القومي لحقوق الإنسان:
عقد هذا المؤتمر يوم 25/ 11/ 2007 ومن الغريب أن التوصيات الصادرة وضعها جهاز أمن الدولة وتم اختيار يوم الأحد اليوم المقدس لدى الأقباط وأيضاً يوم عيد بدء صوم الميلاد لهم متجاهلين مشاعرهم الدينية وأيامهم المقدسة؟!!! ومتجاهلين تقرير مجلس الشعب "الدكتور العطيفي" منذ 36 عاماً حبيس الأدراج بمجلس الشعب الموقر الذي عالج مشاكل الأقباط بصدق وموضعية.
فبعد الثلاثة قصص فأين المساواة؟! أين العدل؟! أين صوت الليبراليين؟!
أخيراً أصدقائي الليبراليين نتمنى أن يعلو صوتكم "صوت الحق والعدل والمساواة". أنتم الأمل لإنقاذ المنطقة ولإنقاذ لوحة الموزاييك الجميلة في المنطقة، لأن المنطقة بدون الأقليات سوداء قاتمة أسفلها بحار من الدماء المسفوك. الشيعة والسنة "الغالبية العظمى" للمنطقة الموبوءة بالجهل والتطرف والتخلف الراكدة في بحيرات التعصب وتحتاج لأشعة شمس الليبراليين إن أرادوا.
هل من مجيب؟؟؟
اللهم بلغت اللهم فاشهد.
ملاحظة: أقدم الشكر للكتاب الليبراليين الذين ساهموا ويساهموا في رفع الظلم ليس عن الأقباط فقط بل عن الأقليات المضطهدة، مع اعتذاري لعدم ذكر أسمائهم خوفاً من السهو أو النسيان.
المراجع
جريدة المصري اليوم يوم 23/11/2007
حكم محكمة جنايات شبرا الخيمة في القضية رقم ١٤٢٢٣ قسم أول شبرا الخيمة لسنة ١٩٩٦م.
medhat00_klada@hotmail.com
اجمالي القراءات
9942