التلفزة المغربية و الثقافة الامازيغية في عهد الراحل الحسن الثاني أي تحليل ديني و وطني الجزء الثاني ؟

مهدي مالك Ýí 2024-08-23


 

 

التلفزة المغربية و الثقافة الامازيغية في عهد الراحل الحسن الثاني أي تحليل  ديني و وطني الجزء الثاني ؟

 

ان أهمية تحليل اسطورة تنصير الامازيغيين التي ظهرت في ثلاثينات القرن الماضي هي أهمية قصوى بالنظر انها أسهمت بشكل عظيم ما بعد سنة 1956 في الانكار التام لما نسميه بالإسلام الامازيغي داخل السلطة و داخل التلفزة المغربية و داخل الحقل الديني الرسمي لعقود طويلة من الزمان حيث اتهمت فرنسا انها ارادت تنصير الامازيغيين و فصلهم  عن الإسلام نهائيا ....

المزيد مثل هذا المقال :

و بينما ان الحقيقة التاريخية تقول ان السلطة ابان الاستقلال الشكلي قد قامت بهذا الفصل العنصري بين الامازيغية و الإسلام رسميا على مختلف الأصعدة و المستويات لكي تسهيل عملية التعريب الشمولي و ادخال الامازيغيين الى سجن السلفية بمفهومها الوطني المزعوم و بمفهومها الوهابي الذي دخل الى المغرب باوامر عليا سنة 1979 بهدف تحصين أيديولوجية الظهير البربري و قضاء على الوعي الجيني بالعلاقة بين الامازيغية و الإسلام لدى فقهاء اهل سوس الاماجد آنذاك بعد ظهور البحث  الجامعي تحت الواح جزولة و التشريع الإسلامي في دار الحديث الحسنية بالرباط وقتها أي ان السلطة كانت القضاء النهائي على هذا الخطر الداهم بالنسبة لها و بالنسبة لشرعية الحركة الوطنية التاريخية في ذلك الزمان و بالإضافة الى مشاكل السلطة مع قوى اليسار ذات المرجعية العروبية او المرجعية الشيوعية.............

 انني استحضر هنا عندما انطلقت قناة السادسة الدينية حوالي سنة 2005 حيث لاحظت وقتها انها أي هذه القناة لم تكن تعترف أصلا بوجود شيء اسمه الامازيغية كلغة إسلامية و كثقافة إسلامية الخ علما انني قد كنت في بداية مساري على صعيد الكتابة و النشر في الانترنت و التفاعل السطحي مع القضية الامازيغية او مع الإسلام و قضاياه الخ...    

لقد بدات وقتها في طرح الأسئلة الأولية من قبيل لماذا تقصي قناة السادسة الدينية الامازيغية من برامجها و من قبيل لماذا تم اقصاء الاغنية الامازيغية الدينية في اعلامنا البصري على الخصوص في اعيادنا الدينية و في شهر رمضان فكتبت أولى مقالاتي حول البعد الديني الضخم لدى الامازيغيين كما كنت اسميه وقتها و تهميشه المطلق في قنواتنا التلفزيونية خصوصا قناة الأولى و الثانية و السادسة ثم نشرتها في موقع الحوار المتمدن حوالي سنة 2006 ادا كانت ذاكرتي القوية فانطلقت قناة السادسة الدينية في دجنبر 2006 في بث الامداح النبوية بالامازيغية تحت رئاسة الرايس الحاج الحسين امنتاك و بعد فترة  قصيرة بدات هذه القناة في بث برامج الارشاد الديني بفروع اللغة الامازيغية الثلاث رغم اننا نعرف مشاكل الخطاب الديني الرسمي الكثيرة غير انني فرحت آنذاك بهذه الخطوات حيث لا شك انني سارجع الى موضوع قناة السادسة الدينية في مقالاتي القادمة ..

و كما قلت فان التلفزة المغربية قد همشت الثقافة الامازيغية طيلة عهد الراحل الحسن الثاني تهميشا عظيما حيث ان أي تعريف للثقافة الامازيغية في ذلك الزمان لن يخرج عن مفهوم الثقافة الشعبية الذي اخترعته جمعيات الحركة الثقافية الامازيغية خلال ثمانينات القرن الماضي أي ثقافة الهوامش الامازيغية الغارقة في التخلف العميق مع تقديس الاضرحة و الخرافات  المتواجدة في أي مجتمع انساني في الغرب المسيحي او في المشرق الإسلامي .

و بالإضافة الى ان الأستاذ محمد مستاوي قد انتقد هذه الظواهر المتخلفة في ثقافتنا الامازيغية كثيرا في قصائده الشعرية بالامازيغية منذ ستينات القرن الماضي دون انتظار ما يسمى بسلفية الحركة الوطنية التي حاولت وضع الثقافة الامازيغية في قوالب  الجاهلية المطلقة و التنصير و السيبة الخ من هذه القوالب الجاهزة..

فاذن ان مصطلح الثقافة الشعبية ثم اختراعه من طرف جمعيات الحركة الثقافية الامازيغية سنة 1980 التي شهدت انطلاق الربيع الامازيغي بمنطقة القبائل المحتلة من طرف الكيان يسمى بالجزائر اثر منع محاضرة بسيطة حول الشعر القبائلي في ابريل سنة 1980 ....

و في صيف تلك  السنة عرف انعقاد الدورة الأولى للجامعة الصيفية بعاصمة سوس اكادير تحت شعار الثقافة الشعبية لمدة 15 يوما حيث للمرة الأولى منذ سنة 1956 ينظم لقاء بهذا المستوى حول الثقافة الامازيغية بشروط ذلك العهد الثقيلة .

و بعد ذلك عرف محاكمة المرحوم على صدقي ازايكو بسبب مقاله الشهير في سبيل مفهوم حقيقي لثقافتنا الوطنية و قضى سنة سجنا بسبب اراءه المتسمة بالجراة وقتها .

 و اعتقال المرحوم الرايس الحاج محمد البنسير بسبب قصيدته تحت عنوان اركون أي دقيق الذي انتقد أوضاع الغلاء في ظل الجفاف آنذاك و انتقل الى انتقاد أوضاع الثقافة و اللغة الامازيغيتان وقتها مستعملا مصطلح الشلوح لان مصطلح ايمازيغن غير متداول بين الناس في ذلك السياق التاريخي و بالإضافة الى انه ظل ممنوعا من التداول إعلاميا و بالإضافة الى اختفاء الباحث الامازيغي في اللسانيات بوجمعة الهباز في ظروف غامضة الى الان حيث لا يعرف مكان لقبره ادا قتلته السلطة وقتها..

امام ذلك السياق التاريخي الثقيل بدات التلفزة المغربية تتعامل بشكل او باخر مع الثقافة الامازيغية باعتبارها ثقافة شعبية لا اقل و لا اكثر حيث رفعت التلفزة المغربية الحظر على برنامج الدكتور عمر امرير حيث غيرت اسمه من تفاوين الى كنوز حسب اجتهادي الشخصي باعتباري لم اعاصر مرحلة الثمانينات لانني ولدت سنة 1983 في مدينة الدار البيضاء في وسط امازيغي حتى النخاع ....

ان برنامج كنوز كما شاهدت بعض حلقاته على يوثيوب الان هو الصلة الوحيدة بين الثقافة الامازيغية و التلفزة المغربية لسنوات عديدة حيث اد حاول سيدي عمر امرير التعريف بالفنون الشعبية كما تسمى آنذاك من فن الروايس حيث انني شاهدت هذه الحلقة في يوثيوب حيث تبدو قديمة ترجع الى ثمانينات القرن الماضي حيث استضاف مقدم البرنامج أي سيدي عمر امرير الأستاذ احمد بوزيد الذي اسمع بهذا الاسم كثيرا و له كتاب حول فن احواش وجدته  في خزانة البيت الغنية منذ سنوات .

لقد كان الحديث مع الأستاذ بوزيد حول جذور فن الروايس كموسيقى شعبية في المغرب الخ حيث شارك الأستاذ بلعيد العاكف الذي كان عضو في مجموعة اوسمان و كان وقتها أي في وقت تصوير البرنامج مازال شابا قويا و معتزا بهويته الامازيغية حيث قال الثقافة الامازيغية جهرا في اجواء ثمانينات القرن الماضي .

انني شاهدت حلقات أخرى من برنامج كنوز الذي كان يتجول في مناطق سوس مثل اداوتنان و ايت باعمران الخ من هذه المناطق بهدف اظهار الاصالة الدينية لدى الامازيغيين عبر المدارس العتيقة و تقاليدها و أولياء الله الصالحين و مواسمهم الدينية لدعاة سلفية الحركة الوطنية في تلفزيوننا الوطني في ذلك الزمان و اظهار الفنون الامازيغية الاصيلة في سوس و في الاطلس المتوسط على اظنه الخ من مظاهر ثقافيتنا الام ....

و كانت التلفزة المغربية بشكل نادر سهرات للاغنية الامازيغية التقليدية مثل الروايس و العصرية مثل المرحوم عموري امبارك الخ تحت شعار الثقافة الشعبية بمفهومها القدحي بمقابل الثقافة العالمة لاهل فاس و اهل الرباط و اهل سلا الاندلسية العربية الإسلامية و الممثلة للاصالة المغربية بشكل قوي في ذلك الزمان و الان ادا اختلف السياق الراهن بشكل جوهري ....

و في سياق التسعينات من القرن الماضي ظهرت أفلام الفيديو الامازيغية في منطقة سوس بمنطلق نضالي كان يستهدف اظهار اللغة و الثقافة الامازيغيتان على شاشات التلفزة المغربية و شاشات القناة الثانية في بداية مسارها وقتها..

 هذه الأفلام الامازيغية الأولى خلال ذلك العقد هي نافدة نطل من خلالها على خصوصيات الثقافة الامازيغية من ناحية اللغة و البعد الديني الضخم و التقاليد و تبادل الأدوار بين البادية و المدينة و ظهور الأسماء الامازيغية فيها مثل تيليلا و ايدر و ماماس الخ و ظهور الامازيغيين في الخارج من خلال فيلم المخرج عبد العزيز اوسايح آنذاك...

لكن التلفزة المغربية وقتها قد تعاملت مع أفلام الفيديو الامازيغية بتجاهل مطلق حتى بعد خطاب 20 غشت 1994 الشكلي بالنسبة لي الان حيث كانت التلفزة المغربية قد انتجت مسلسل ادريس الأول و بثته في رمضان الموافق لسنة 1993 لكنني وقتها كنت طفل ذو عشر سنوات لكن اغلب الظن ان هذا المسلسل التاريخي ادا صح التعبير قد استهدف تحصين عروبة المغرب بالقوة من خلال تضخيم الدولة الادريسية باعتبارها اول دولة عربية إسلامية أسست بالمغرب بايادي عربية الخ من اساطير ذلك الزمان الكثيرة .

لقد بثت التلفزة المغربية اول فيلم امازيغي سنة 2001 أي في عهد الملك محمد السادس حيث كان اسمه ايمواران يتحدث عن قصة من تراثنا الامازيغي الغني بالرموز و بالحكم  حيث فاز هذا الفيلم بإحدى جوائز في مهرجان القاهرة للإذاعة و التلفزيون في الدول المسماة بالعربية .....................

المهدي مالك 

اجمالي القراءات 394

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2014-12-04
مقالات منشورة : 279
اجمالي القراءات : 1,374,869
تعليقات له : 27
تعليقات عليه : 29
بلد الميلاد : Morocco
بلد الاقامة : Morocco