هل يُمكن تعطيل تنفيذ الحدود في الدولة الإسلامية ؟؟
هل يُمكن تعطيل تنفيذ الحدود في الدولة الإسلامية ؟؟
كلمة الحدود هنا خطأ ،والمقصود بها (العقوبات البدنية في الدولة الإسلامية ) لكن كتبتها (الحدود) لأنها تعبيردارج عند الجميع .فالحدود هي كل أوامر التشريع القرءانى في (إفعل ولا تفعل ).
إيه الحكاية ؟؟
في حوار بين صديقين أحدهما مسيحى ،عن رواية (من أتى بهيمة فإقتلوه وإقتلوا البهيمة) فكتب الأخ المسيحى أن هذه آية وأن الحدود تُطبق كما هي ، والقرءان فرض حدودا ولا يمكن الإنتقاص منها أو تغييرها ،وهل يُمكن تغيير الحدود في الإسلام ويقول عن نفسه (انا غير مؤمن بأى حدود –يقصد عقوبات بدنية – في أي دين ومؤمن بالقوانين المدنية ). ثم تطرق لأمور وموضوعات مختلفةعن العبادات في الإسلام . وطلب منى صديقى المُسلم أن أتدخل فى الحوار . فرغبت أن أكتب رأى فى مقال عام .
==
التعقيب ::
أولا .
أعترف لهذا الأخ المسيحى أنه على علم بالتراث الإسلامي أكثر من 90% من المُسلمين .ولكن نعيب عليه وعلى المثقفين في التراث الإسلامي من غير المُسلمين ومن العلمانيين أنهم يخلطون في حديثهم وكتاباتهم عن الإسلام بين (القرءان الكريم ) وبين (الروايات وأقوال وكتابات السابقين من أئمة وفقهاء تراث المُسلمين ) ولا يُفرقون بينهما ،رغم توضيحنا لهم (كتيار فكرى قرءانى تنويرى ) كثيرا أن هناك فرق كبير بين القرءان وتراث المُسلمين ،وأن الإسلام هو (القرءان الكريم وحده ) .فإذا أردت أن تسأل في الإسلام وعن الإسلام فلتسأل عما هو في القرءان وحده ونقطة ومن أول السطر ، اما (الحديث والفقه والتفسير والتوحيد والتجويد ) وما فيها من روث فكرى فهى علوم شيطانية مبنية على لهو الحديث ولا علاقة لها بالإسلام من قريب أومن بعيد .
ثانيا :
نعود لأصل السؤال هل يُمكن تعطيل الحدود في الدولة الإسلامية ؟؟
قولا واحدا (نعم نعم نعم ) .
كيف ؟؟
العقوبات في القرءان تتلخص في عقوبات على بعض حقوق العباد المدنية التي تتمثل في عقوبات لكبائر (القتل – السرقة –قذف المحصنات – الحرابة والإفساد في الأرض وهى ترويع الناس بإرتكاب جريمة من تلك الجرائم – الزنا الكامل ).أما باقى الجرائم فلاعقوبة بدنية عليها وتخضع عقوباتها للقوانين المدنية المنصوص عليها في الدولة .
ولنعلم أن مقاصد التشريع في تشريع العقوبات البدنية في الإسلام هي الزجر والردع أكثر منها لتطبيق العقوبة نفسها . ولابد أن تتوفر ملامح ومقومات وحياة الدولة الإسلامية والمُجتمع الإسلامي في القرءان الكريم كاملة أولا لكى تُطبق العقوبات البدنية التي نص عليها القرءان الكريم . بمعنى أن توجد الدولة الإسلامية الحقيقية التي تُغلق أمامك كل منافذ وثغرات تؤدى إلى إرتكاب الجريمة .
فمثلا لو إتخذنا (كندا – بصفتى أعيش فيها وأعرف طريقة الحياة وما يصحبها من قوانين) فكندا أعتبرها مدنيا دولة إسلامية بإمتياز .بمعنى توفرالحُرية الكاملة في الدين لمواطنيها على إختلاف أعراقهم وثقافتهم وأديانهم ، توفر حُرية الرأي والتعبير . ومن الناحية المدنية نصت قوانينها على حماية مواطنيها من (الفقر ) ومن كل ما يدعو للشجار والعراك ،فهى تحمى الحرية الشخصية والممتلكات الشخصية فلو تعدى مواطن على ممتلكات مواطن فهناك قانون يُطبق على الجميع ،ومن هذا القانون وجود تأمين على الممتلكات ،وبالتالي ما عليك سوى الإتصال بالشرطة وتقديم بلاغ وإثبات حالة وتترك الأمر للقانون ولشركة التأمين ،وسوف تحصل على حقوقك كاملة فلا يوجد ما يدعو لأن تقتله مثلا .
وهناك الأمان الإجتماعى والإقتصادى،وأنك آمن على مستقبل أولادك في التعليم ،وعلى اُسرتك كلها في التأمين الصحى الكامل ،وبالتالي لا توجد أسباب تدعوك لإرتكاب جريمة وكبيرة السرقة من أجل تعليمهم أو علاجهم . بل الأكثر من هذا فلاعقوبة ولا محضر شرطة على سرقات أقل من (5000الاف دولار ) إلا لإثبات السرقة كى تدفع قيمتها لك شركة التأمين ،وليس هناك محضر أو عقوبة سرقة في أقل من هذا المبلغ على كبار السن فوق ال65 سنة أو للأطفال تحت ال16 سنة (إلا لو كان هناك تهديد بالسلاح على من هم فى المكان )،وما على البوليس أو مندوب الأمن سوى إخجتجازهم في مكان السرقة حتى وصول أحد أبائهم لإستلامهم والتعهد بتوعيتهم وإصلاحهم . فهى دولة عندها إكتفاء ذاتى في الأمن والسلام ،والعقوبة عندها ليست هدفا ،ولا القانون يسمح ولا يُعطى لضابط الشرطة مُكافئات على إنتاجه وكثرة إنتاجه في تلفيق قضايا للمواطنين ، بل الأكثر أن هناك قضايا يأخذ المتهم فيها براءة ،ويُبرر القاضي هذا لأن المتهم لم يتعرف على الثقافة والقانون الكندى بشكل كاف ،ويُرسلوه لجلسات توعية وتعريف بالثقافة والقانون الكندى . فهذا نموذج أعتبره نموذجا للدولة الإسلامية المدنية بإمتياز .
فعندما توفر حضرتك دولة إسلامية تؤمن لك العدل الكامل ،والحرية المُطلقة في الدين والرأى ،وتوفر لك الأمان الإقتصادى ،والأمن الإجتماعى ،والأمن على مُستقبل أولادك تعليميا وصحيا ،فهنا يكون لا مجال ابدا لإرتكاب جرائم وكبائر مثل القتل والسرقة ، ولو حدثت قلابد من إتخاذا الإجراءات الأولى للحصول على العفو والصفح من أهل القتيل ،ثم محاولة أن يأخذوا دية ويتنازلوا ولو رفضوا، ننتظر مدة زمنية لا تقل عن سنة ونعيد المحاولات مرة أخرى ،ولو باءت كل المُحاولات بالفشل فهنا يكون تطبيق العقوبة .
وبخصوص جريمة السرقة .لابد أن تُحقق مع السارق ،لماذا سرقت طالما أن الدولة موفرة لك فرصة عمل ،أو الدولة تُساعدك بمرتب بدل بطالة شهرى إلى أن تحصل على عمل ،وموفرة لك جزء من الطعام من خلال بنوك الطعام ،وبتخفيضات إسبوعية على بعض المشتروات الضرورية في ألأكل والشرب والملابس ،وموفرة لك ملابس بأسعار زهيدة في أماكن مخصصة لذلك ، وموفرة لك ولأولادك تعليم مجانى ،وعلاج مجانى ،فلماذا سرقت ؟؟؟
ومع ذلك أيا كان السبب ، سنُسامحك ،ولتُعيد المسروقات لأصحابها ، وما فُقد منها ستدفع ثمنه شركات التأمين لأصحابها إذا كانت مؤمنة عليها، ثم نُسامحه مرة أخرى ،ومرة أخرى ، ولو كان أمر السرقة عنده عبارةعن مرض نفسى فلتحوله الدولة لمراكز طب نفسى لعلاجه . ولو بعد كل هذا ما زال يسرق فهنا تُطبق عليه العقوبة لأن الدولة والمُجتمع بذلوا كل وسائل علاجه وإصلاحه وإثناءه عن السرقة ولم تُفلح فلا يلومن إلا نفسه وهنا وجب تطبيق عقوبة السرقة عليه .
وكذلك (الزنا ) أولا من الصعب إثبات الزنا بشكل كامل، وإن كان إثباته في هذا العصر أصبح سهلا من خلال وسائل الإعتراف و من خلال كاميرات المراقبة ،إلا أنه أيضا يخضع لجلسات تحقيق لمعرفة أسباب الوقوع في جريمة الزنا .فهل لأن الرجل لديه شراهة وقوة جنسية مُفرطة ،أو لأى سبب آخر يتعلق بزوجته ؟؟ فليتزوج بزواج آخر . هل لأنه في سن وعُمر الزواج وقادرا وراشدا عقليا ولكنه غير مُستطيع ماديا ؟؟ فلتوفر له الدولة فرصة عمل ،وفرص إسكان، ولتعمل على سن تشريعات تُساعد في تيسير وتخفيف تكلفة الزواج. وتقوم بتقديم برامج تثقيف وتوعية للشباب والرجال بأن الزواج من الأرامل والمُطلقات أولى من الزواج من العذارى والبكارى .
وكذلك تُحقق سلطة المجتمع مع المرأة التي وقعت في الزنا ،لماذا إرتكبت كبيرة الزنا ؟؟
لو كانت بسبب الفقر والظروف الاقتصادية ووو فلتعمل الدولة على توفير فرصة عمل توفر لها ولأُسرتها الحماية والأمن الإقتصادى . لو كانت لوجود شبق جنسى عندها ولديها رغبة جنسية عارمة وزوجها لا يكفيها لأى سبب عضوى أو مرض عنده ،فإما أن تطلب الطلاق، وإما أن تُعالج نفسيا وعضويا عند طبيب مُتخصص نفسيا وعضويا. فإن باءت كل محاولات العلاج الطبي والإقتصادى والثقافى والدينى بالفشل ووقعت في الزنا بعدهم أكثر من مرة فهنا يكون تطبيق العقوبة وهى (الجلد 100 جلدة ) واجب النفاذ . فالعقوبة في الإسلام لا تُطبق إلا إذا إستُنفذت كل سبل توفير الدولة لمواطنيها كل ما يجعلهم بعيدين عن إرتكاب الجرائم والكبائر.وذلك بتوفير العدل والحرية والأمن الإقتصادى والإجتماعى بكل ألوانه ، وبعد محاولات عديدة لعلاج وإصلاح الجانى ماديا ونفسيا ،فلو فشلت كل هذه الجهود في منعه من إرتكاب جرائمه ،وأصبح لا أمل فيه فهنا وجب تطبيق العقوبة البدنية عليه حماية للمُجتمع منه ومن شروره .....
فلابد أن نعرف أولا وأخيرا مقاصد تشريع العقوبات البدنية في القرءان .ثم أين وكيف ومتى تُطبق على المُذنبين .
فالإسلام دين يبنى المُسلم على العدل والحرية والأمن وآمان والسلام مع المُجتمع ،وعلى أن قيم الصفح والعفو والتسامح والإصلاح هم الأصل ،وأن العقوبات فيه هي الإستثناء ،ونادرا ما يكون تطبيقها . والإسلام ترك لنا حُرية التشريع في باقى شئون حياتنا المدنية من خلال مجالس الشورى المُجتمعية والطاعة الواجبة لأولى العلم والإختصاص في شئون وفروع علوم الحياة . فنصيحة لإخوتنا من غير المُسلمين والعلمانيين وكذلك المُسلمين التراثيين إذا أردتم أن تتعرفوا على الإسلام وعلى مقاصد تشريعاته فلتكن مادتكم العلمية الوحيدة في هذا هي آيات القرءان العظيم وحدها وليس أقوال البشر وكتاباتهم ،لكيلا تُحملوا الإسلام أخطاء المُسلمين .فالإسلام شيء والمُسلمون شيء آخر .
==
إدينى دولة إسلامية بكل مقوماتها التى كتبتها أعلاه ،وليست دولة قمعية الظلم فيها هو الأساس ،والفقر وإفقارمواطنيها وإذلالهم هو ميثاق عمل ودستور الحاكم وزبانيته ونظامه ثم حدثنى وقتها عن (الحدود ) و(تطبيقها أو تعطيلها ) .
اجمالي القراءات
2610