التنوير الإسلامي بالمغرب اية ملاحظات و اية اعتراضات؟
التنوير الإسلامي بالمغرب اية ملاحظات و اية اعتراضات؟
مقدمة متواضعة
ان اية نهضة للاسلام و للمسلمين في عصرنا الراهن لن تكون الا بقراءة كتاب الله قراءة معاصرة و تنظيف كتب التراث الإسلامي من اساطير دولة الخلافة الإسلامية في العصر العباسي و أقول التنظيف و ليس شيء اخر لان منذ ما يقارب قرن من الزمان حاول المسلمين خصوصا في مصر و في سوريا الخ من هذه الدول الإسلامية التنظير للتنوير الإسلامي لاصلاح أوضاع الفكر الإسلامي الجامد و الغارق في بحور الظلام و الرجعية بدون ادنى شك.
لكن هناك في اتجاه اخر تمثله تيارات الإسلام السياسي من جهة و الدولة السعودية بصريح العبارة من جهة أخرى بصريح العبارة كما أقوله دائما في موقع اهل القران منذ سنة 2016 .
و يحاول هذا الاتجاه الاخر الى حد الان زرع الشعور بالفخر و الاعتزاز تجاه الماضي الإسلامي و لا هنا اقصد هنا عهد الرسول المقدس بالنسبة لي و لا عهد الخلفاء الراشدون بشكل اقل رغم حدوث الفتنة الكبرى بين الصحابة رضى الله عنهم جميعا .
و انما اقصد هنا خلافة بني امية و خلافة بني عباس و خلاف بني عثمان الخ بمعنى ان هذا التاريخ الإسلامي هو المسؤول الأول و الأخير عن تخلف الإسلام كمنظومة فكرية و كمنظومة سياسية و كمنظومة فقهية .
ان الرسول الاكرم صلى الله عليه و سلم وجد نفسه في مجتمع مكة الأحادي في السلوك مع تعدد الاهة كما هو معلوم في القرى فدعا الى عبادة الله الواحد الاحد و عدم الاشراك به و بالعدل و الاحسان الخ من هذه القيم التأسيسية للدعوة الإسلامية بمكة مكرمة.
ثم جاءت مرحلة تأسيس اول دولة إسلامية في المدينة المنورة على أساس الوحدة بين المهاجرين و الأنصار و على أساس التعايش السلمي مع اليهود باعتبارهم السكان الأصليين لذلك المجال الجغرافي و باعتبارهم ديانة سماوية الخ من هذه المعاني السامية و الدالة على ان الإسلام هو دين مدني حيث لاحظوا معي ان الصراع مع كفار قريش كان يتمثل في السلوك الأحادي مع تعدد الالهة في حياتهم اليومية و التشبث بتقاليد اباءهم و اجدادهم ثم جاء الدين الإسلامي كمعطى جديد عليهم من حيث القيم و العبادات و المعاملات حيث كانت مكة مكرمة تسمى بام القرى أي ان الانتقال من عهد القرى الأحادي الى عهد المدن أي المدنية المتميزة بالاراء و بالديانات السماوية كان شيء جوهري بالنسبة للدين الإسلامي لان الرسول الاكرم صلى الله عليه و سلم قد أسس الدولة الإسلامية على أساس المدنية كما شرح الأستاذ محمد شحرور رحمه الله في كتابه القيم تحت عنوان الدولة و المجتمع من عصر القرى الى ازدهار المدن الذي قراته للمرة الثانية في رمضان الماضي.
ان الإسلام بعد عهد الخلفاء الراشدون تحول الى مسخ رهيب و الى إرهاب دموي عنيف حيث كانت دولة بني امية تلعن علي بن طالب على المنابر زمن طويل كما تقوله المصادر التاريخية رغم ان علي بن طالب هو ابن عم رسولنا الاكرم الخ من هذه المناقب .
و قتلت هذه الدولة المسماة بالاسلامية زورا و بهتانا ابنه الحسين و هدمت الكعبة المشرفة الخ من مناكر الدولة الاموية المارقة في المشرق العربي و في المغرب الأقصى و كذا الدولة العباسية و الدولة العثمانية بمعنى ان هذا التاريخ السياسي للاسلام قد ترك بصماته الواضحة في تراثنا الإسلامي من الاحاديث الى الفقه لان الدولة الاموية لم تنتج شيئا يذكره التاريخ الإسلامي لها بينما الدولة العباسية انتجت العلوم الإسلامية الحالية من قبيل السيرة النبوية الشريفة و صحيح الامام البخاري و صحيح الامام مسلم الخ من تفسير القران الكريم .
غير ان هذه العلوم الإسلامية هي في نهاية المطاف نسبية و ليست مطلقة مثل كتاب الله باعتبارها صناعة بشرية في سياق تاريخي معين بارضيته المعرفية و بافكاره الخرافية ربما .
ان هذه العلوم الإسلامية لها جانب مشرق يتمثل في شرح اركان الإسلام الخمس الخ من هذه الأمور الايمانية الداخلة في عقيدة الفرد المسلم من قبيل الايمان بمعجزة الاسراء و المعارج و فضل صيام 6 أيام من شوال و فضل العشر الأوائل من ذو الحجة الخ من هذه الأمور الايمانية الفردية كما يقول المثل الامازيغي كل شاة تعلق من رجلها أي كل انسان مسلم سيحاسب على اعماله في يوم القيامة ..
و كما ان هذه العلوم الإسلامية لها جانب مسيئ لصورة الإسلام و رسوله الاكرم ص في عالمنا اليوم بعد احداث 11 شتنبر 2001 بالولايات المتحدة الامريكية لان العلوم الإسلامية هي بنت عصر الخلافة العباسية المعروفة بتوسعها على حساب بلاد الكفار و لهو ملوكها مع الجواري في الليالي الساهرة بحضور علية القوم من الوزراء أي هذا يتم في واضح النهار و الكل على علم الخ من هذه الأمور التي لها تأثير صريح على تلك العلوم الإسلامية البشرية و لا استعمل مصطلح الإنسانية هنا لان هذا المصطلح يفيد ما هو انساني من العلوم العلمية مثل الرياضيات و الاجتماع و التاريخ و الفلسفة الخ من هذه العلوم الإنسانية التي تتطور مع تطور العالم نحو أنظمة اكثر ديمقراطية و اكثر مدنية و اكثر احتراما لحقوق الانسان .
اما العلوم الإسلامية فانها ظلت جامدة لا تراجع و تناقش كانها من ثوابت الدين الإسلامي حيث شخصيا اؤمن بمقولة ان الله يبعث للناس على راس مائة عام من يجدد في امر دينها .
الى صلب الموضوع
يصعب التحدث عن موضوع التنوير الإسلامي ببلادنا تاريخيا بالنسبة لي على اقل الان بحكم وجود قامة علمية و فلسفية مثل ابن رشد في عهد الامبرطورية الموحدية حيث افضل عدم التطرق الى هذا المحور حتى اضطلع على مراجع بهذا الخصوص بهدف تكوين راي حول هذه الشخصية التاريخية ..
لكن على العموم فان التنوير الإسلامي بالمغرب هو شيء طبيعي في المجتمع الامازيغي الديمقراطي و العلماني او التمييز بين الدين و السياسة كما يقوله المرحوم المفكر الإسلامي محمد عمارة في مصر..
ان اجدادنا الامازيغيين قد اجتهدوا في اتجاه وضع قوانين وضعية لا تتعارض مع المقاصد العليا للشريعة الإسلامية و هذه الأخيرة قد حذفت الحدود الإسلامية من قبيل حد القتل و حد السرقة الخ و وضعت في مكانها عقوبات بديلة من قبيل عقوبة النفي من القبيلة او الغرامات المالية مع العلم ان اجدادنا كانوا متدينون حتى النخاع بشواهد متعددة لا يسمح هذا المقام الضيق لذكرها ......
و في سنة 1930 وقع انقلاب خطير على المرجعية الامازيغية الحاملة للتنوير الإسلامي من طرف المرجعية السلفية المزعومة التي كانت تمثلها ما يسمى بالحركة الوطنية حيث ان هذا الانقلاب الخطير كان يستهدف القضاء على المرجعية الامازيغية المتسمة بديمقراطيتها المحلية و بعلمانيتها الاصيلة الخ.
و كان تبربر الحركة الوطنية ان الاستعمار الفرنسي قد اصدر ظهير 16 ماي 1930 للتفريق بين المغاربة و تنصير البرابرة حيث ان هذه الدعاية الحقيرة قد وصلت الى المشرق العربي بهدف تشويه الامازيغيين و الامازيغية معا و اظهار ان الحركة الوطنية تدافع عن اسلام المغاربة و عن عروبتهم المزعومة مما يعني ان الحركة الوطنية كانت لها علاقات متميزة مع حركات الإسلام السياسي بالمشرق العربي من قبيل جماعة الاخوان المسلمين في سياق الثلاثينات من القرن الماضي ...................
لكن بعد الاستقلال الشكلي طبق المغرب القوانين الوضعية الفرنسية على مختلف مناحي الحياة العامة باستثناء قانون الأحوال الشخصية و تدبير الشأن الديني بمعنى ان الحركة الوطنية لم تطالب قط السلطة العليا بتطبيق الشريعة الإسلامية وفاءا لمرجعيتها السلفية المزعومة التي استخدمتها طيلة عقود من الزمان لمحاربة الامازيغية و مرجعيتها التنويرية و النابعة من تاريخنا الاجتماعي و ليس من الغرب المسيحي كما يتخيل طائفة واسعة من إسلامي المغرب الى حدود هذه الساعة.
و طبعا ان بعض القامات الضخمة في الحركة الامازيغية قد انخرطت في معركة التنوير الإسلامي كما اسميه منذ مدة ليست بالقصيرة لان السلطة قد قام بإدخال المذهب الوهابي المتشدد الى المغرب ابتداء من سنة 1979 بغية تحصين ما اسميه الان بايديولوجية الظهير البربري و محاربة قوى اليسار القومي و تربية المجتمع المغربي على معاداة تقاليدنا الدينية الاصيلة من قبيل الطرق الصوفية و قراءة الحزب الراتب الخ من هذه التقاليد الدينية الداخلة في اطار ما نسميه بالإسلام الامازيغي اليوم.
ان واقع التنوير الإسلامي بالمغرب الان يثير في نفسي مجموعة من الأسئلة المقلقة خصوصا اننا مازلنا تحت تاثير المد الخطير من طرف الوهابية و الاخوان المسلمين حيث وصل هذا المد الخطير الى عائلاتنا بفضل وسائل التواصل الاجتماعي.
و مازلنا لم نحقق الحد الدنى من مطالبنا الاستراتيجية في الحركة الامازيغية من قبيل اعتماد العرف الامازيغي كمصدر من مصادر التشريع المغربي الخ من احلامنا.
انني أقول و هذا رايي المتواضع ان ما يقدمه الأستاذ رشيد ايلال الذي اكن له كل الاحترام و التقدير من الآراء و الاجتهادات في مواقع التواصل الاجتماعي ستجعل عامة الناس تهرب من التنوير الإسلامي الى أحضان الوهابية و حتى الى داعش من خلال انكاره لمجموعة من الفرائض كالحج و عيد الأضحى الخ من هذه الطقوس الدينية التي تعود المغاربة على احياءها منذ 14 قرن من الإسلام و اعرف ان الأستاذ رشيد ايلال له نية صافية تجاه قراءة النص القراني قراءة معاصرة لكن اراءه المتطرفة ستفسد مشروعه الفكري الكبير.
و بالإضافة الى ان التدين هو شان فردي كما يقوله دائما في فيديوهاته و ان المغرب منذ قرون عديدة له نمط تدين اصيل يخالف 180 درجة مع النمط الوهابي و الاخواني ..
انني لست هنا الا كاتب متواضع مازال طريقه الطويل للوصول الى مستوى المرحوم الأستاذ محمد شحرور او الأستاذ عبد الوهاب رفيقي الخ من رموز التنوير الإسلامي بالمغرب و بقية الدول الإسلامية الأخرى و انني لا اريد الوصول الى مرحلة فيها يكفرني الناس و تيارات الإسلام السياسي و السلطة ..
و ارجوا ان رسالتي قد فهمت بشكل واقعي و انني انتمي الى بلد اسمه المغرب و الى حركة تسمى بالحركة الامازيغية الخ من هذه الانتماءات......
المهدي مالك
اجمالي القراءات
1737