سر عداء النظام لليبراليين وصداقته لليسار
منذ قيام حركة يوليو 1952، وكل أنظمة الحكم المتوالية تتصالح إما مع اليسار تارة، أو مع تيارات الإسلام السياسي تارة أخرى، أو قد تتصالح مع كليهما.
إلا أن كافة الأنظمة العسكرية السابقة واللاحقة، تتفق في أنها جميعاً تناصب التيار الليبرالي العداء.
ففي عهد عبدالفتاح السيسي، نجد النظام قد تصالح مع اليسار كما فعل سلفه، وناصب العداء للإسلاميين فوصفهم بالإرهابيين، كما ألقى بتهم الخيانة على الليبراليين.
والحقيقة أن عداء الليبراليين لم يأتى من فراغ.
فالسر يكمن في أن الليبرالية المصرية، تشجع إقتصاد السوق الحر، والإستثمار الحقيقي النظيف، وتنادي بالحرية، وقبول الآخر، وهي المناصر الأول للديمقراطية وحقوق الإنسان.
وحيث أن الليبراليين المصريين هم الأقرب للتوجه الغربي الساعي للحضارة، والتقدم، فإنهم إن وصلوا إلى السلطة سيحظون بدعم وتأييد دولي غير مسبق.
فوجود رئيس مصري مدني ليبرالي حقيقي، وليس أراجوز أو دمية من صناعة أجهزة أمنية، سيكون قادر على إعادة توجيه مصر إلى الطريق الصحيح، وسيكون قادر على إنتشال البلاد من الديون، والعبث الذي تعيشه مصر الآن.
ذلك لأنه سيحول مصر إلى دولة ديمقراطية حقيقية، والدول الديمقراطية الكبرى، لا تطمأن في التعامل إلا مع مثيلاتها من الدول الديمقراطية الأخرى.
وبالتالي سيلقى الرئيس المدني الليبرالي كل الدعم الدولي والمساعدات المبنية على الإستثمارات الحقيقية، وليس طلب المعونات بالشكل الذي لا يليق.
كما أنه سيعيد لمصر دورها المسلوب في قيادة الشرق الأوسط.
.................................
إلا أنه .. إن حدث وحكم مصر رئيس مدني ليبرالي، فسوف تتحسن أحوال المصريين، وسيكون إجتثاث الفكر الليبرالي فيما بعدُ أمراً صعباً.
وهذا ما يخشى منه المستفيدين من النظام الحالي، وسيحاربون هذا الأمر بكافة الأشكال، وبكل السبل المشروعة وغير المشروعة.
وسيحاول المستفيدين من وجود الفساد الحالي، تسليط الأضواء على اليسار المصري، والذي هو بالفعل مقرب من عبدالفتاح السيسي.
واليسار المصري مهما أظهر من حب، أو شغف تجاه الديمقراطية، إلا أن ميوله تجاه الديكتاتورية الشرقية أصيل، بل إن الإشتراكية وهيمنة الدولة عنده مبدأ لا يتجزأ.
لذلك : لا عجب أن نجد التوافق فيما بين اليسار، وكافة أنظمة الحكم المتعاقبة منذ حركة يوليو 1952 وحتى حكم عبدالفتاح السيسي الذي لا يقرب منه منذ مجيئه للسلطة إلا اليسار فقط، فأعطاهم مساحة محدودة من الحرية، وذلك أمر لن يضيره بل يفيده، كما أنه قد أفرج ولا زال يفرج عن المعتقلين السياسيين اليساريين فقط.
ذلك لأن النظام الحاكم يعلم جيداً، أن أمريكا لن تساند أبداً اليسار أو التيارات الإسلامية، لعلم أمريكا المسبق بأن كلا التيارين يضمرون الشر لها.
وبالتالي من المستحيل أن نجد نظام الحكم الحالي في مصر يسمح بحرية العمل للتيار الليبرالي، لأنه إن فعل، وتقدم أحد الليبراليين الحقيقيين إلى الترشح في إنتخابات الرئاسة، فإنه وبكل تأكيد سينجح إن كانت الإنتخابات حرة ونزيهة.
إن الليبراليون الحقيقيون، لن يأمن لهم النظام أبداً، بل ولن يسمح لهم بالعمل السياسي الحر مهما حدث.
وحتى وإن حدث ضغط خارجي على النظام، للسماح لليبراليين الحقيقيين بالعمل السياسي الحر ، فإنه في ذات الوقت سيوجه كافة أسلحته تجاههم، ليضع العقبات دوماً في طريقهم.
وقد يضع أمامهم أشخاص تابعين محسوبين على التيار الليبرالي، إلا أنهم في الواقع جهلاء لا يعرفون معنى الليبرالية.
من هنا جاءت مصالحة النظام مع اليسار، فنجده بجوار (السيسي) في كل مناسبة، بل وداعماً له أيضاً.
إنه التناقض بعينه، وهذا ما تعلمه الإدارة الأمريكية جيداً، وتعلم أنه ما من ديمقراطية حقيقية في مصر.
لذلك : على الليبراليين أن يعلموا، أن الحرية لا توهب وإنما تكتسب، وعليهم أن يجتمعوا على كلمة سواء إن أرادوا حقاً التغيير.
فالليبراليون هم الأقوى، ولكن قوتهم مشتتة، فإن إجتمعوا، لن يقدر أحدُ عليهم.
وعلى الله قصد السبيل.
شادي طلعت
#شادي_طلعت
اجمالي القراءات
1486