ما الذي حرمه النبي على نفسه:
حزب أزواج و نساء النبي محمد عليه السلام :ج3 والأخير :{ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ }
أحمد بغدادي
Ýí
2023-02-22
حزب أزواج و نساء النبي محمد عليه السلام :ج3 والأخير :{ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ }
۞ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ۖ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ ۚ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ ۖ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (2) وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ ۖ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَٰذَا ۖ قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3) إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ۖ وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ (4) عَسَىٰ رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا (5)التحريم
تناولت كتب الملهاة الروائية الآيات الأربع الأولى من سورة التحريم بإسفافٍ فظيع، حيث يظهر فيها أزواج النبي كفريقين متناكفين في إطارٍ من الدراما الهابطة الرخيصة التي يغيب فيها عقل و رشدُ النبي، الذي يبدوا مُسيِّراً فاقداً للسيطرة تخرُّ به أي كلمة في وادٍ سحيق.
وبعيداً عن سفاسف أهل الرواية، و عطفاً على ما بحثناه في سورة الأحزاب، فإن ما تعرضه أوائل سورة التحريم يبدوا كَتتمَّةٍ في تفصيلٍ أضافيٍ بسيط لما تسلسل في الأحزاب مع الذِكر الصريح ل كلمة - - الطَلَاق - - لاثنين من ازواج النبي، أي الإخراج النهائي لهن من صفة : - - أزواج النبي - - ما لم تصغِ قلوبهن، و استبدالهن بأُخريين.. وهو خيارٌ ذُكِر في سورة الأحزاب…و الاستبدال قائمٌ فقط في فئة ملك يمينه مما فاء إليه :
( لَّا يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِنۢ بَعۡدُ وَلَآ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنۡ أَزۡوَٰجٖ وَلَوۡ أَعۡجَبَكَ حُسۡنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتۡ يَمِينُكَۗ )
في سورة التحريم نرى الميل و الهوى البشري عند النبي و عند بعض أزواجه كذلك. وعلى ما يظهر من الآيات، فإن واحدةً من أزواج النبي أرادت وعداً من النبي بأنه لن ينكح واحدةً من بعدها... إن أدركها الموت... من ما ملكت يمينه… لأنه ما زال الباب الوحيد المفتوح امام النبي...ولقد نزل النبي عند رغبتها و اعطاها وعداً بذلك.
{ واقعة الوفيات المبكِّرة في ازواج النبي سنناقشها في بحثٍ منفصلٍ إن شاء الله. ِ.. ولهذه الواقعة سندٌ قرآني}
هذا الذي أسره النبي لزوجه، فقامت بنقله خبره لأخرى لتُظهر لبقيتهن مدى حظوتها و علو قدرها عند النبي… فأوحى الله سبحانه لنبيه خبرها … ونزل الذكر الحكيم معاتباً و منبهاً النبي أن الأمر ليس بيده، ومحذراً و مذكراً إياهن بالبديل إن لم تصغ قلوبهن… وفي نهاية السورة وضع سبحانه مثل إمرأتي نوحٍ و لوط كَمَثلَين سَلْبِيَين للعِظَة و العِبْرة ، و مثل إمرأة فرعون المؤمنة، و مريم كمثلٍ إيجابي للإتباع.
في سلسلة الصفات التي ذكرها الله سبحانه في البديلات، ذُكِرَت صفتا : -- ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا - -
{ عَسَىٰ رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا (5)التحريم
طبعاً انحطاط كتب الرواية و التفسير ومعاجمها القائمة عليها بلغ مدىً غير طبيعي في شرح معنى الكلمتين… الثيب بزعمهم هي المرأة التي سبق لها الزواج، أما البكر فهي العذراء التي لم يسبق لها الزواج….
- - ثَبَّ - أثابَ - يُثِيب - ثوبٌ/ ثِيَاب - ثوَاب - ثِيْبٌ / ثَيِّبَات
- - بكرَ - يُبكِر - بُكرةً - الإبْكَار /أبْكَار
أبكَر المَرء أي استبق من قراره ومكان إقامته قبل الوقت المعروف … والبُكْرَة هي صفة وقت الخارجين،من قبل، المفعمين بالنشاط و القوة … والأبْكَار هي صِفَة اللَاتِي يُسَارِعن في العمل قبل أوانِه، وقبل أن يُطلَب منهن ذلك. وهي ايضاً صِفة الحُور العِين اللاتي يزوجهن الرحمن بعباده جميعاً…
{ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَّا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَٰلِكَ ۖ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ ﴿٦٨ البقرة﴾
فَارِضٌ : منفردة عن إلزام القطيع، ومسارها من أمرها.
بِكْرٌ : تسبق القطيع، لا تحتمل وجودها في القَسْوَرَة….
- ثِيْبٌ / ثَيِّبَاتٍ :
- ثَبَّ - : السَائِب في تبوأه… أي لا يستقر في مكانٍ واحد… والثَوبُ هو الخارجي من اللباس الذي لا يتجانس مع قالب الجسم مثل الوِشاح و الجِلباب ،وفي العامية الدشداشة ،والتي تتحرك مع تحرك المرء.
أما الثَوَاب فهو فهو حرية التبوأ العشوائي في النِعَم سواء في الدنيا أو الآخرة :
{ فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴿١٤٨ آل عمران
وإذا كانت الأبْكَارُ والأبْكَار هي صِفَة اللَاتِي يُسَارِعن في العمل قبل أوانِه، وقبل أن يُطلَب منهن ذلك.. فالثَيِّبَات هن اللاتي لا يستقر لهن موضعٌ فيه عملْ يُؤدِّينه.
اذاً ،كل ما سبق يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن حزب أزواج و نساء النبي ليس اجتماعاً من أجل نزوات و متاع الحياة الدنيا… بل الهدف من اجتماعهن حول النبي أكبر و أسمى من ذلك… النبي الذي كان يقضي اغلب ليله قائماً في تلاوة الذكر الحكيم، ونهاراً ينتقل بين بيوت المؤمنين، وبيوته، يتلوه كذلك ليُعلِّم اهل بيته، أهل البيت الحرام، الكتاب و الحكمة حتى يستذكرنه في بيوتهن و ينقلنه لعموم نساء المسلمين.
– اخيراً : عن حرَكِية الآيات القرآنية : الصلاةُ على النبي تفترض اتباع مثله في القرآن عليه السلام…. ومن يخلِف في الحُكم و القضاء له أن يتأسَّى بما فعله النبي عليه السلام في الإبتعاد عن متاع الحياة الدنيا، لان السلطة تفسد و تهلك، و إيلاء الاهتمام لكتاب الله في قراءته و تدبره و دعم ثُلَّةٍ من الرجال و النساء المُختارين بعنايةٍ من أجل ذلك، لكن و للاسف تحولت الصورة المشوهة القائمة في عقول أهل الرواية عن النبي و أزواجه فرصةً و رُخصةً لخلفاء حتى يستبيحوا ما طاب لهم من النساء و المحظيات و يخصون غلمانهم حتى لا يشاركه فيهن أحد .
والله تعالى أعلم
انتهى بفضل الله تعالى
اجمالي القراءات
1748