حزب نساء و ازواج النبي محمد عليه السلام ج1: فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَٰكَهَا
حزب نساء و ازواج النبي محمد عليه السلام ج1: فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَٰكَهَا
-لطالما شكَّلت تلك الآية في سورة الاحزاب مدخلاً لنفسي منذ زمن ليس بالقليل لفهم سبب وجود ذلك العدد الكبير من النساء حول النبي عليه السلام… إلا أن نقص القاعدة المعرفية لدي آنذاك حال دون كتابة بحثٍ مفصَّل.. ولم تكن الأبحاث التي كتبت في القراءة المعاصرة كافيةً لترقى قريباً إلى مستوى الحقيقة… عدا بحثٍ أعدُّه من اروع الابحاث التي كتبت وهو بحث - محارم النبي- للصديق جيلالي بن جلول.
هذا البحث سينظر من خلال عدسة الرؤية الشاملة إن شاء الله ، التي ترقب الأحداث من بعيد، مع التأصيلات اللازمة في المفردات واختصار ما امكن للتسهيل على القارئ.
هذا البحث ليس محاولةً لتَجنُّبِ عَارٍ نحاول فيه إنصاف النبي من القرآن عبر الزور و الكذب و الإلتفاف، بل هو سعيٌ لما يتوافق مع فِطْرَةِ النفس التي ترفض الشاذ و الغير منطقي و الغير مقبول.
والله ولي التوفيق
—-------------------------------------------
تكشف سورة الأحزاب عن جوانب عميقة و تفاصيل هامّة جدّاً في حياة خاتم الأنبياء محمد، عليه السلام،تفاصيل عاشتها شهوداً أيضاً ،كذلك بمعاني كلماتها، الأجيال الأولى، والتي عرفت العربية اللسانية و القرآنية كما تعرف أبناءها،. قبل أن يطيح بها اتساع الفجوة الزمنية عن وقت القرن الأول، والتي تعاظمت مع التسونامي اللساني التي تسيدته الشعوبية ،والذي انصبغت به الأجيال التالية من الأقلية العربية في الأمصار متعجَّمةً و متغرَّبةً إلى درجةٍ كبيرة… وبهذا سقطت الكثير من مدلولات الكلمات العربية والقرآنية لتحل محلها مدلولات اعجمية أو عامية مؤتفكة نتيجة الواقع الجديد القاهِر .
و كنتيجةٍ ذلك أصاب الإلتباس الكثير من السور القرآنية، ومنها سورة الأحزاب،التي يستدعي ظاهرها، لا جوهرها وحقيقتها، إلى الذهن ذلك العدد الكبير من النساء حول النبي الذي فتح له الباب لنكاحهن دوناً عن جميع المؤمنين في تشريعٍ خاصٍ به، ولقد أعضد ذلك روايات في منتهى السفالة في كتب الحديث و السِيرَة التي دونها وتعاقب عليها أعاجم، وفيها ما يصور النبي عليه السلام، حاشاه، وكأنه رجلٌ يسعى خلف شهوته و يسارع الوحي من أجل تبرير ذلك له.
و من كتب السيرة البارزة ما دونه الطبري و ما جمعه ابن هشام و من وراءه ما ألَّفهُ المتهوِّد ابن إسحاق، والتي تعكِس بوضوح رُؤىً إثنية و شعبوية انتقامية تنضح بالتقدير والتوقير الزائف للنبي، و مستترةً بخباثة الأسلوب و الطرح الذي يطعن بشخصه و أخلاقه وسلامة توجهه ، و أساساً بالوحي و الكتاب، والذي هو عينُ توجههم هذا.
يرصُد كتاب المغازي، مثلاٍ، أعداداً كبيرة من الغزوات المزعومة ، و التي لم يذكرها القرآن مطلقا // كونها لم تقع في الأساس في زمنه عليه السلام // غزواتٌ طالت قبائل شتَّى من الأعراب واقتحاماتٍ لقُرى، روَّج من خلالها كُتَّاب السِيرَة وأهل الرواية نهج النَهب و السَلب و الاسترقاق في بيانٍ تأريخي داعم لحديث : جُعِلً رزقي تحت رمحي.
الغزوات المزعومة تلك كانت جزءاً من الإرث التاريخي الرِوائي السائد في جزيرة العرب ما قبل الإسلام، حيث قِلَّة الموارد في بيئةٍ طاردةٍ للسكان، و التي أثارت حروباً بينية على الموارد الشحيحة مع استشراء الخطف… تلك الحروب الأهلية المصغًّرة تناقلتها الأجيال كجزءٍ من ثقافة التباهي، أو كتراثٌ يُحيي نزعات الإنتقام، و قد أُلْبِسَت للنبي عليه السلام في عصر التدوين، الذي أصبح بطل تلك الغزوات جميعاً…وقد زِيد فيها و أُسقِط منها و عُدِّل الكثير على مرِّ الزمن. و يبدوا أن بعض العباسيين أدركوا فداحة ما فعلوه بتواطُئِهم مع الأعاجم الذين مكنوهم من الحكم ، فقاموا بتدمير سيرة إبن إسحاق ، ليعيد إحيائَها فيما بعد " بتصرُّف"، ابن هشام.
و لقد طَغَت تلك الروايات و القصص على النص القرآني نفسه مع مرور الزمن حيثُ قبعت عميقاً داخل الوعي الجمعي للعالم الإسلامي باعتبارها أساس و مدخل التأويل .
على سبيل المثال، إذا ذُكِرَ شخص أبي لهب… سيتبادر لذهن كل من يقرأها و على الفور شخصية عمٍ مزعومٍ للنبي ألُّفوا فيه قصصاً و روايات عن هيئته و صفته ،واجتماعاً مزعوماً لأهل مكة، لا يقرأ النبي فيه قرآناً، بل يروي لهم رواية يذكرهم عبرها بأنه معروف بينهم بالصدق… ثم يحذرهم… فيرد عليه العَمُّ المَزعُوم ب : " تبَّاً لك لك ألهذا جمعتنا " …. فيردُّ النبي بسورة المسَد، فيبدوا بهذا و كأنه يُسخِّر الوحي في سبيل الإنتصار لكرامته… وأصبحت بهذا * تبَّ * شتِيمةً علماً بأن هذه الكلمة هي الجذر اللغوي أيضاً ل : * تَابَ ، يَتوبُ *.
ومن أبرز ما نراه من نماذج الخباثة المُبطَنة في التفسير الروائي قصة زيد في سورة الأحزاب … المُتبنَّى زيد، الذي ذكره الله تعالى بصفته لا باسمه الصريح، فألَّفوا من خيالهم قصصاً عنه و عن زينب تلك، و عطفوها على النبي، وفيها مما يؤذي الله و رسوله الكثير… ومما لايقل إيذاءً عن ذلك هو التبرير الفقهي لتلك الروايات، فالذين يسمون أنفسهم علماء و مسلمين يؤذون النبي أكثر مما يفعله أعداءه الظاهرون.
- - عن سورة الأحزاب :
تُبرز سورة الأحزاب، أحزاباً متعددة : المُشرِكُون و المُظَاهِرُون لهم من أهل الكتاب ، المُرجِفُون ، المنافقُون ، حزبُ المؤمنين ، و فيهم نرى المُظاهِرين من نِسَاءهم ، و حِزبُ المُتبنِّين، حيث يحرِّم الأول زوجه عليه فيجعلها ك أُمِّه ، بينما يدعُوا الثاني المُتبَنَّى كأنه ابنه المَولُود له …
ترصُد السورة أيضاً علاقة أحد أحزاب البُنَى التَحْتِية الاجتماعية بزعيم البُنَى الفوقية للمُجتمع المُسَلِم ، و هو حِزبُ نساء النبي محمد عليه السلام ، ترسُم فيها الآيات المباركة هدف و حُدود وأُطُر التعامل بين الجانبين، و التي سننظر في جوهرها ، بإذن الله ، بادئِين بقصة الدَعِي المذكور بصفته : زيداً، وعلاقته و زوجه بالنبي محمد عليه السلام ، ثم نتوسع بعد ذلك إلى الحديث عن بقية نِساء الحِزب، ونعرِّج بعدها على سورة التحريم التي ترتبط إرتباطاً وثيقاً بما سبق .
– عن الآية 37 من سورة الأحزاب… قال الله تعالى :
۞ وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِىٓ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَٱتَّقِ ٱللَّهَ وَتُخْفِى فِى نَفْسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى ٱلنَّاسَ وَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَىٰهُ ۖ فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَٰكَهَا لِكَىْ لَا يَكُونَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِىٓ أَزْوَٰجِ أَدْعِيَآئِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَرًا ۚ وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ مَفْعُولًا ۞ الأحزاب - 37 ۞
تعرض الآية المباركة حالة فِصَالٍ بين الدَعِي زيد و زوجه … زيداً ،الذي أنعم الله تعالى عليه من قبل بأن جعله يتربى في بيت النبي عليه السلام .. فيُعامل وكأنه من أهل بيته…
ونرى النبي في المقابل يطلب منه منه التمسُّك بها… وأن يتقِ الله تعالى فيما يفعل ..
ندرك أيضاً من خلال السياق القرآني ، أن الفراق بين الزوجين و ما سيليه، كان أمراً محتوماً ، و قد أبداه الله تعالى ، و بينما يتحرَّج النبي من ذلك و من ما يتبعه ، و يحاول تأخيره… يعاتبه الله عزَّ و جل في ذلك…
يستمر زيد على موقفه، أو أن أمراً ما حدث أجبره على قضاء الوطر من زوجه، فتصبح هي زوجاً للنبي عليه السلام فوراً ، دون أية مقدمات أو إجراءات…
وبالطبع فالذين يؤذون النبي ، يؤذونه برخصة كونهم علماء فقهاء، ويقولون هو أُذُن، ولقد أولوا كلمة ۞ الوِطْر ۞ بقضاء الحاجة و الإرب منها…أي أنها حتى تصير زوجاً للنبي فلا بد للدَعِي أن يقضى حاجته الجنسية من زوجه و يَمَلَّ منها ، مثل الذي يستهلك شيئاً حتى لم يعد له حاجةً فيه فيرميه بعد ذلك في الزبالة… ثم تؤول هي بعد ذلك للنبي و يتخلص المجتمع من كابوس المُتبنين و أدعيائهم و أزواجهن، المُرعِب المخيف ….وهذا تأويلٌ فاسد لا يعبر عن حقيقة ما تعرضه الآيات البيِّنات،. و الذي رهن حكماً إلهياً بقضاء الحاجة الجنسية.
تبرز خلال السياق القرآني أيضاً كلمة ۞ زَوَّجْنَٰكَهَا ۞ ، و هذه الكلمة ذات دلالةٍ عظيمة جداً في التعبير عن ماهية و حقيقة ما حدث، وحقيقة التشريع القرآني الذي فصلته الآية ، حيث أن ( النِكاح المُعَقَّد ) هو الذي يحلل الإرتباط الشرعي بين الرجل و المرأة و ليس ۞ التزويج ۞…
و كنتيجةٍ ل تأويلٍ فاسد في الأساس، بنى الفقهاء حكماً فاسداً و لخصُّوا الحكم الإلهي في آية سورة الأحزاب37 بأن
* زواج * رأس المجتمع المسلم من زوجة دَعيِّه كفيل بإبطال أُبُوَة آباء التبنِّي لأدعياءهم، فيستطيعون بعدها نكاح زوجات أدعيائهم بعد قضاء أزواجهم الوطر منهن، دون أي حَرَج …وهذا التأويل دحضته مسبقاً آياتٌ قرآنيات بيِّنات مُبكِّرات في بداية السُورة لا يُحتاج بعدها أن يُجْعَل النبي فِدائِياً بأن ينكح هذه او تلك حتى يركن المجتمع للحق مقتنعاً بصوابية التشريع القرآني :
۞ مَّا جَعَلَ ٱللَّهُ لِرَجُلٍۢ مِّن قَلْبَيْنِ فِى جَوْفِهِۦ ۚ وَمَا جَعَلَ أَزْوَٰجَكُمُ ٱلَّٰٓـِٔى تُظَٰهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَٰتِكُمْ ۚ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَآءَكُمْ أَبْنَآءَكُمْ ۚ ذَٰلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَٰهِكُمْ ۖ وَٱللَّهُ يَقُولُ ٱلْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِى ٱلسَّبِيلَ ۞ 4 ۞ ٱدْعُوهُمْ لِءَابَآئِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ ٱللَّهِ ۚ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوٓاْ ءَابَآءَهُمْ فَإِخْوَٰنُكُمْ فِى ٱلدِّينِ وَمَوَٰلِيكُمْ ۚ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَأْتُم بِهِۦ وَلَٰكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورًا (الأحزاب - 5)
إذاً، قوله تعالى : ۞ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَآءَكُمْ أَبْنَآءَكُمْ ۚ ۞ قاطعْ و كافٍ ليَلجُم أي عُرْفٍ و موروثٍ مجتمعيٍ بالٍ، و يطوي صفحة التبني و التحرُّج من نكاح زوجات الأدعياء إلى الأبد، لو أن هذا الزَعم،: كان صحيحاً .
ما هي حقيقة الآية 37 من سورة الأحزاب إذاً ؟؟؟ وهل لها علاقةٌ بآياتٍ بيناتٍ أُخَر تظهر حقيقة ما جرى، والتي تَمِيز الخاص بالنبي في التشريع عن العام الخاص بالمسلمين؟
نبدأ ب بعدد من المفردات يجب أن ننظر فيها بشيءٍ من العُمق قبل أن التوغل في البحث ، وهي :
- - الوطر، الفيء ، الزوج، الطلاق ، النساء - -
– ١- : الجذر الثنائي الحَرف : ۞ طَرَّ ۞ واشتقاقه الثلاثي ۞ وَطَرَ ۞ :
الذي يتابع سلسلة الأبحاث هذه لا بد أنه سيذكر ما قلته في البحث السابق عن حرف الراء ( ر ) السَالِب.
الراء هنا في الجذر الثنائي ۞ طَرَّ ۞ هي سَالِبة يقابلها حرف الطاء في حالةً فاعلة هنا، وبهذا فإن الطاء يقوم بشقِّ الرَاء في الحالة المعنوية بينما يقاوم الرَاء بسلبيته الحالة الفاعلة للطاء.
نضرب هنا مثلاً إضافياً عن الرَاء السَالِبة : الجذر الثنائي : ( ذَلَّ ) ، من اشتقاقته :
ذلَّ ، يُذلُّ ، ذُلْ / ذَلُول … ذَيَّلَ ، تذييل :
۞ ذَيِّلَ ۞ : أي وضعه في أسفل الأولوية…. ومنه الإسم : ذَيْلٌ
نظراً لأن أول هذا الجذر في حالة فاعلة، فإن أي حرفٍ يأتي كسابقة للجذر الثنائي ككل لا بد أن يكون سَالباً لأن السَالِبين لا يلتقيان، بل يتنافران.
والتالي أسبقية الراء السالبة على هذا الجذر ستنتج الثلاثي : ( رَذَلَ )، ومنه الرباعيات: ( أَرْذلَ .. رَذِيل ) : أرذل العمر.
– معنى { طرَّ } : قلنا الطاء هنا فاعلة، وهي تؤدي معنى : الفوقية ، الإستعلاء ، الخُروج من دُونَية/ باطنية كما في :
طَلعَ / اضطَلعَ ، طارَ/ تطيَّر( من طَرًّ ) ، طَلَبَ ، طوَّعَ /أطاعَ ، طغَا/ طغَى ، طَمَعَ ، طَلَّقَ /انطلَق ، طَرَدَ … إلخ.
وبالتالي * طَرَّ * يعني : ما عَلَى أو فَاقَ و خرَج من دُونِية أو باطنية بشقَِ الجُهد عبر مجال قوى انتكاسية تحاول إرجاعه وضبطه مع حد تناظري في الخلف : الراء السالبة.
هذه القِوى النَكسِية الأرتجاعية ربما تعبِّر عن قوة جاذبية أرضية مثلاً أو غيرها من قوى طبيعية تكوينية أو ظواهر
مؤتفكة أو إرادة بشرية .
غنيٌ عن القول هنا أن الحروف الضميرية التوليفية( ا، و، ي، ى، ن ) قد تأتي كسوابق للفعل وتصبح جزءاً أصيلاً منه، أو منصِّفات للفعل، أي تدخل في وسطه، أو لواحق: في آخره، و هنا تأتي الأشتقاقات كالتالي :
– * طَرّّ * مع الحروف الضميرية التوليفية : ( ا، و، ي، ى ) :
– السابقة ( و ) في وجهها السالب >( وَطَرَ )
– المتوسطة ( ي / ا، و ) في القلب : ( طارَ، طَير ، طُور )
– اللاحقة ( ي ) في النهاية (طَرِي )
– اللاحقة ( ن ) في النهاية ( طَرَنَ ) .. وهو يعبر عن رائحة العَفَن المُتشبِّعة.
المتوسطة ( و ) في = ( طُور ) :
الواو( و) هو عقدة ربط ذات امتداد حولي محيط، وعند توسطها الفعل الثنائي( طَرَّ ) فهي تعبر عن معنى هذا الجذر الثنائِي القائم بشكلٍ مُحيطِيٍّ دائري في ذات الذي يجري عليه معنى الفعل ، كما في: ( حَوْلَ، سُور ، نُور ) :
۞ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (نوح - 14) :
يتدرج الإنسان في خلقه عبر مراحل ( يُطَّرُ) عبرها من واحدةٍ إلى أخرى.. بدءاً في العدَم فيموت فيها… ثم يقرُّ بالكلمة عبر الروح القُدُس فينتقل من العَدَم إلى الوجود فيَحيَا نفساً تنتظر جسدها…ثم يُكشَفُ في الوجُود عن سَوءَتِه من خلال عناصر التراب، والطين و الماء التي تنتقل إلى الثمار و المرعى و لحم الحيوان، ثم إلى داخل البشر طعاماً من لحمٍ و ثمار و خُضار، فتخليقاً إلى ماءٍ مَهِين يُلقَى من ذكرٍ و أنثى ، فنطفة، ثم يتدرج اطواراً أخرى ….. …. فجنيناً مكتملاً، يُنفَخُ فيه.. ثم يُطَرُّ بالخروج طفلاً ثم فتىً ثم شاباً فكهلاً فشيخاً… فيموت و يرجع للأرض التي أتى منها، ثم تخرج الكلمة إلى العدم، و ترجع نفسه إلى حيث ظهرت أول مرة … و من ورائها برزخٌ إلى يوم يبعثون.
نرى هنا أن القُوَّة السَالِبَة للرَاء في( طُور) تتمثل في شقّ المرحلة القائمة للانتقال إلى المرحلة التي تليها.
۞ وَطُورِ سِينِينَ ۞ التين - 2 : بدأت الآية المباركة بذكر التين و الزيتون، ثم ذكر عددٍ محدودٍ جداً من
السنوات : سِينِين.
الطُورُ هنا ليس جَبَلاً، بل هو مرحلة انتقال الثمار خَرْقاً لعامل الزمن، الذي يُذْوِي و يُحلِّل المواد الغذائية، إلى مرحلةٍ أخرى تحتفظ فيها ب قِيَمِهَا الغذائية ، بعد القيام بالتجفيف أو التخليل أو الكَبْسَ ضمن سوائل مالحة أو الطمر في التراب أو العَزل … لعائلة التِينيَات و الزَيتِيَات … فتصبح صالحة للأكل على عدة : سِينِين، أو فصُول.
وهذا من نعم الله تعالى على البشر، والذي هو أمن الغذاء ، ثم يُذكر بعدها أمن الأبدان و المكان : ( و هذا البلد الأمين ).
۞ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَٰقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ ٱلطُّورَ خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍۢ وَٱذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ البقرة - 63
طُور بني إسرائيل كان جبَلاً، وعندما ارتفع من مكانه، أي اتخذ الصِفة الغَالبة في ( طَرَّ) مقاوماً الجاذبية الأرضية إلى مجالٍ مرتفع عما سبق أصبح : طُوْرَاً.
– اللاحقة ( ي) = ( طَرِي ) :
۞ لَحْمًا طَرِيًّا ۞ :
۞ وَهُوَ ٱلَّذِى سَخَّرَ ٱلْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى ٱلْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِۦ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ النحل - 14
الأسماك عامةً تمتاز برائحةٍ نفاذة تزكم الشم و ذلك عند إخراجها من الماء، وهذا يحدث نتيجةً لتفاعلات معينة في جسم السمك تطلق تلك الروائح…وهذا هو طِرُّ لحم السمك. والياء في النهاية هي ياء التوليف في الذات مع آخَر، كما في :
قلبي، ربِّي… إلإلخ
– المتوسطة ( ي) في =:( الطَير و تطيَّر ) : قدرة و إرادة الطيران نابعة في قلب، من ذات الطَير تجاه هدفٍ آخر ، وهذا سبب وجود الياء في الوسط، وهي تجمع كذلك طائفة كل من له قدرة الخروج إلى مجالٍ مختلف متحدياً قوانين متعددة، منها الجاذبية في طائفة طَيْر الرِيش .
أما بخصوص الفعل( تطيَّر ) فلقد نسج فيه المفسرون حكايات عجيبة عن طَير تتشائم منه العرب، من ذلك تسميات مثل : سارِح و بارِح… و سَرَتْ تلك التسميات طبعاً ، فمن الذي سيراجع خلف العَتَه الموجود بالتراث في أمة هذا ما وجدنا عليه آباءنا؟!!!
۞ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ ۖ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ ﴿٤١ النور۞
الطَير * صافات * تشير إلى الهجرة الموسمية لها، و القائمة ضمن مسارٍ محدد ضمن الخطوط المغناطيسية ، و تشير أيضاً إلى طير الخطوط الجوية الحالية :
۞ وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ﴿١٧ النمل۞
و المقذوفات البركانية كذلك هي طَير :
۞ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ ﴿٣ الفيل۞
– ۞ تَطَيَّرَ ۞ : و هو خروج المرء من حدوده و القيود الأخلاقية التي تحكمه، ضارباً كل المُسلَّمَات، كرد فعلٍ على حدثٍ ما :
۞ قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ ۚ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّهِ ۖ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ ﴿٤٧ النمل۞
الرد العبقري ل صالح عليه السلام لا يسير معهم بنفس الإتجاه ،فهو يشير إلى غيبٍ ينتظرهم ، طَائِرُهُ، أي الإنتقال إليه، سيكون بقدرة عَلَّامِ الغُيُوب
۞ فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَـٰذِهِ ۖ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ ۗ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللَّهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿١٣١ الأعراف۞
۞ وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ۖ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا ﴿١٣ الإسراء۞
۞ قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ ۖ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿١٨ يس۞
۞ قَالُوا طَائِرُكُم مَّعَكُمْ ۚ أَئِن ذُكِّرْتُم ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ ﴿١٩ يس۞
۞ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا ﴿٧ الانسان۞
– السابقة ( و) في = ( وَطر ) : هنا عامل الربط الحولي مع معنى * طَرَّ * أصبح خارجياً بين من يقوم بالربط ، و ممتدَّاً إلى من يقعُ عليه الفعل.
وطرتُ فلاناً، أي أن علاقة علاقة ربط مني تجاهه تحيط به و تحكمه في معنى طرَّ.
– ٢–( الفَيء ) : المعنى أو المدلول السائد حالياً ل الفعل الثلاثي( فاء ) أعجمي للأسف، وهو بمعنى : عادَ و رجعَ، وهذا غير صحيح.
حرف ال الفاء( لاحظ تطابق لفظ الحرف مع الفعل ) في هذا الفعل هو في حالةٍ فاعلة ويعبر عن الإنسلاخ والانفكاك من الائتلاف مع شيء أو، ضمن الشيء كما في :
– فلَتَ - فكَّ - فلَق - فتَح - فَرَقَ - فرَطَ - فرَدَ - فتَن - فصَل - فلَح - فَضَّ - فَجَّرَ - فَسَل /فَسِيلَة - فَرَجَ - فَاقَ / فَوق –
واشتقاقات الجذر الثنائي الحرف( فَءَّ ) معدودة، وهي :
فَاء ، يفِيءُ ، فَيءٌ ، فِئَة
۞ وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴿٩ الحجرات۞
( حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ) : أي تنسلخ عمَّا كانت عليه و تغادره.
۞ أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَىْءٍۢ يَتَفَيَّؤُاْ ظِلَٰلُهُۥ عَنِ ٱلْيَمِينِ وَٱلشَّمَآئِلِ سُجَّدًا لِّلَّهِ وَهُمْ دَٰخِرُونَ (النحل - 48)
{ يَتَفَيَّؤُاْ ظِلَٰلُهُۥ } : وهي عملية انفكاك الظِل التدريجي عن ما كان يَظِلُّه و ممتداً عليه،كما يحدث في السجُود بتقلص قوامة و كتلة الجسد.
{ فِئَة } : وهي القِلَّة التي تفترق عن الجماعة الأُم تلقائِياً استجابةً لأمرٍ ما :
۞ قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا ۖ فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ ۚ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الْأَبْصَارِ ﴿١٣ آل عمران﴾
٣–( الطَلَاق ) :
لو أضفنا أحد الحروف الضميرية التوليفية( ا، و، ي، ى، ن ) إلى الجذر الثنائي الحرف: ( لَقَ ) ،سيكون لدينا الاشتقاقات التالية :
لَقِيَ ، لِقَاء ، تَلاقِي.
ألقَى ، يُلقِي ، تِلقَاء
مع استباق الطاء الفاعلة ( ط) على بداية ( لَقَ) ، الطَاء التي فصَّلنا بشأنها في بيان الإستقاق الثنائي( طَرَ) ، والتي تعني:
الفوقية ، الإستعلاء ، الخُروج من دُونَية/ باطنية…
يتبدَّى لدينا هنا معنى الثلاثي : ( طَلَقَ )، و من مثال ذلك طَلْقُ الحامل و هي في مرحلة المخاض.
وبزيادة المبنى على اللام ( ل) عبر التضعِيف =
( طَلَّقَ ) : الإخراج من حيِّز الإلتقاء..والتالي يمكن استخدام الفعل للتعبير عن فَرْطِ عقد النِكاح أو أي شيءٍ آخر ذو طبيعة تعاقدية.
كذلك تستبق الأداة الآنية ( ان ) على( طلَقَ ) >>> ( انطلَقَ ) ، كما في :
سحَب/ انسحَب ، فجَّرَ/ انفَجَر
–٤– معنى ( زَوج ) :
ينطلق الاشتقاقان الثُلاثِيان ( رُوح، رِيح ) من عين الإشتقاق الثنائي( رَح ) ،و كذلك( زوج ) الذي تتوسط الواو ذات الإحاطة فيه الجذر الثنائي : ( زَجَّ ).
و هذا الجذر ( زَجَّ ) يمكن بيان معناه من مثلٍ عمليٍ بسيط. عندما تَكْفِتُ شيئاً نافِشَاً ذا طبيعة مضادة لمقابله من هنا و هناك حتى يأخذ الحجم الطبيعي المُراد له ، فأنت بهذا : تُزجِيه.
من اشتقاقات ( زَجَّ ) مما ورد في القرآن الكريم التالي : – يُزجِي - زُجاجَة - مُزجَاة - زَوج -
۞ ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِۦ كَمِشْكَوٰةٍۢ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ ٱلْمِصْبَاحُ فِى زُجَاجَةٍ ۖ ٱلزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّىٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍۢ مُّبَٰرَكَةٍۢ زَيْتُونَةٍۢ لَّا شَرْقِيَّةٍۢ وَلَا غَرْبِيَّةٍۢ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِىٓءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍۢ ۗ يَهْدِى ٱللَّهُ لِنُورِهِۦ مَن يَشَآءُ ۚ وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلْأَمْثَٰلَ لِلنَّاسِ ۗ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ ۞ النور - 35۞
( ٱلْمِصْبَاحُ فِى زُجَاجَةٍ ۖ ٱلزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّىٌّ ) : تُزجي الزجاجَة نار المصباح فتمنعها من التشتت و التجاوز ، و تقيها من الريح ينفس الوقت.
۞ رَّبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ ۚ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ۞٦٦ الإسراء۞
يحيط الماء بالسفينة من كل الأجنِبَة ومن تحتها يدفعها للأعلى،، و يضبط تموضعها من اليمين و الشمال، فلا تميل إلى جانب دون آخر أو تغرق.
۞ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ ۖ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ ۞٤٣ النور۞
( يُزْجِي سَحَابًا ) هي عميلة تكاثُف الرطوبة على نفسها و منع تسرُّبها فيتسكَّل الغَيم على إثر ذلك .
۞ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ ۞٨٨ يوسف۞
( بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ ) هي البضاعة المغلَّفة بإحكام حتى لا تنفلش و تتبعثر، وهي ذات حفظٍ و قيمة مستمرة.
– ( زَوَّجَ، زَوْجٌ ) : الإزْجَاء هنا قائمٌ بشكلٍ مُحيطِي دائري في ذات الذي يجري عليه معنى الفعل، و بالتالي
الزوجُ هو من يُزْجِي بالإحاطة آخَرَاً ضمن ذاته ف يَقِيه و يحميه و يحفظه و يمنع شتاته، ويقيم بِنَاءَه و و هيكله .. والزوجية تحكم هذا الكون بدءاً من الذرَّة إلى كل مولودٍ يُولَد كزَوج حيث يُزْجِي في جيناته تراث الوالد و الوالدة و الأسلاف.
--5-- معنى( نساء) : تنبثق هذه الكلمة من الجذر الثنائي الحرف( نَسَّ ) ،والذي يعني :
ما ينأى بأي غطاءٍ أو هيمنةٍ عليه أو حوله...
،واشتقاقاته متعددة منها :
-- نَسِي ، ينسَى ، نَسْيان ، { نَسِي } : النائي بنفسه او فكره عن التزاماتٍ تضطبه ...
-- آنَسَ ، يأنَس ، أنسٌ ، أنْسَان ، الناس، النِسَاء :
{ آنَسَ ناراً } من تحرَّى النار في غطاءٍ من العتمة أو الظلمة أو ظروفٍ تستحيل فيها الرؤيا.
{ الإنسان و الناس} هم بنو آدم النائِين بانفسهم عن اي مظلَّةٍ جامعة من دينٍ أو التزاماتٍ.....
{ النِسَاء } : القائمات بانفسهم دون غطاء قوامةٍ مباشرة من رجلٍ....
– بيانُ قول الله تعالى { فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَٰكَهَا } :
۞ وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِىٓ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَٱتَّقِ ٱللَّهَ وَتُخْفِى فِى نَفْسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى ٱلنَّاسَ وَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَىٰهُ ۖ فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَٰكَهَا لِكَىْ لَا يَكُونَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِىٓ أَزْوَٰجِ أَدْعِيَآئِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَرًا ۚ وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ مَفْعُولًا ۞ الأحزاب - 37 ۞
ذكرتُ في مطلع البحث بأن الله تعالى ذَكَرَ * زَيد * بالصِفَة ، وليس باسمه الصريح، لسببية طبيعة النص القرآني المتحركة التي تخالف جمادية النص التاريخي.
هذه الصِفة * زَيد * من = { زَاد ، يَزِيدُ ، زِيَادة … تزَوَّد ، زوَّادة }
وهو ،أي هذا الدَعِي * زَادَ * على عائلة النبي عليه السلام لكونه ليس مولوداً للنبي عليه السلام من زوجه،بل تقبَّله النبي بين أهله نتيجة فقده لوالديه، وليس له أحدٌ يَرْعَاه.
و لقد *طَرَّ* زَيدٌ هذا خارج الحياة الزوجية المعقودة بعقدة النكاح، و لكون أن هناك حكماً شرعياً يَحْكُم هذه المُظاهَرة على الزوجة، انربط *طِرُّ* زيدٌ هذا إِحَاطَةً له معقوداً من طرف الزوجة…كون الحكم الشرعي تنتهي نهايته عندها…
نقول هنا أنه = وُطِرَ جَبْرَاً … نتكلم هنا عن : الإِيلاء… قال الله تعالى :
۞ لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍۢ ۖ فَإِن فَآءُو فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ۞ البقرة ٢٢٦
لقد غادر الدعِي زَيد البيت، وكان وِطْرُه الذي يجب أن يقضيه من زوجه 4أشهر كاملة، ونلحظ هنا ذِكر القرآن لكلمة (نِّسَآئِهِمْ) لا ازواجهن...
لكن في هذه الحالة الإستثنائية، لا تطليق لها…. بل يبطُل عقد النكاح من أساسه، وكأنه لم يكن موجوداً، كما سنرى…
خرج زيد و لم يَعُد… ولقد كلَّمه النبي و حاول أن يثنيه عن قراره و يقول له : اتق الله..والنبي يخفي ما كان الله مبديه… والذي علمه زيدٌ من قبل و تصرف على أساسه، وغادر على أساسه، والنبي يخشى كلام الناس، و الله أحقُّ بأن يُخشى
رغم كل هذا الشرح، ما زال الغموض سيد الموقف في الآية 37 من سورة الأحزاب .. و الصورة الكاملة غير واضحة، ولكي تتضح الصورة أكثر، يجب أن نتقدَّم تحديداً إلى الآيات 52 و 53 من السُورَة… ثم نرجع للآية 34.
يتبع بإذن الله
والله أعلم
اجمالي القراءات
2054