المطاوعة .. الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف

محمد عبد المجيد Ýí 2007-07-31





أوسلو في 7 يوليو 2007


مَنْ هذه التي تسير بجوارك؟ وإذا كانت زوجتك فكيف لنا أن نعرف هويتها؟ لقد حان موعد الصلاة فلماذا لم تدخل أقرب مسجد وتصلي فيه قبل أن يُصَلىَ عليك؟
آلاف من الأسئلة والحشرية والفضول والاعتداء على حريات الآخرين والتلصص على حُرماتهم والتدخل في شؤونهم نتيجة طبيعية لولادة فكر، أو لا فكر، هؤلاء الناس!

المزيد مثل هذا المقال :

شرطة دينية كهنوتية تشترط في أصحابها القسوة والغلظة والعنف والخروج على كل الآداب والذوق والتحضر.
لدينيهم في الرياض 38 مركزا أي أكثر من ضعفي مراكز الشرطة التابعة لوزارة الداخلية.
يُذَكّرونني بالأمن المركزي في مصر الذي يشترط على الانخراط فيه الطاعة العمياء وازاحة العقل عن الطريق، فالعقل بدعة، والتفكير ضلالة، والذكاء غير مطلوب بالمرة.
يأخذونك من جلبابك كأنك مطية أو يهشون عليك بالعصا كما يهش الراعي على ماشيته، ويملكون تفويضا دينيا سلطويا بحبسك ثلاثة ايام وثلاث ليال بتهمة الاساءة للأخلاق العامة، أو بأنك خالطت امرأة في السوق، أو كنت تسير مع سيدة تخفي وجهها وهم يظنون أنك لست مَحْرَماً!
يضربونك، ويحققون معك، ويهينونك لعلك تلعن اليوم الذي ولدتك فيه أمُّك، ولا مانع من أن تنتهي حياتُك بين أيديهم فسيكسبون ثوابا في الدنيا والآخرة.
إنهم الولادة المشوهة للمؤسسة الدينية ، والنتيجة الطبيعية للاستبداد الديني، والتفسير المتشدد والارهابي والغليظ لدين الرحمة والتسامح.
قساة يشغلهم الجنس والمرأة ويحتقرونها فهي من ضلع أعوج، وهي فتنة تمشي في الأرض وكأنها ليست أم أحدهم أو اخته أو ابنته أو زوجته.
عندما عذب خمسةٌ منهم مواطناً مسكينا ففاضت روحُه إلى بارئها بين أيديهم، انتفض عَبَدَةُ السوط يبررون قتل المواطن، ويعدّدون محاسن وايجابيات الشرطة الدينية.
ماذا لو كان بامكان شعبنا السعودي أن يرفع الكمامة عن وجهه، وأن يصرخ بكل ما فيه من ألم وعذاب وكبت وقيد؟
أغلب الظن أن السماوات السبع والأرض ومن فيهن ستهتز لصرخته وأوجاعه وطول فترة صبره على الايذاء النفسي والجسدي والروحي باسم الدين الاسلامي الحنيف.
ليست هناك قوة في المملكة العربية السعودية تملك تحرير المواطن والحفاظ على الاستقرار في البلد وضمان استمرار الشرعية السعودية إلا الملك عبد الله بن عبد العزيز.
والملك يحتاج إلى أن يستمع إلى صوت الشعب، وينصت للمثقفين والمستنيرين وعشاق الوطن والخائفين على مستقبله وانفراط عَقْدِه، ولكن كيف السبيلُ إلى المَلك ولم تعد الصحة والعمر ينهضان به لمتابعة كل صغيرة وكبيرة في تلك المساحة الواسعة من أرض الحرمين الشريفين؟
قد تكتب، وتصيح، وتنشر في الصحف والمجلات والانترنيت، وتظن أن صوتك سيصل إلى المَلك، فتاريخه الوطني لا يختلف عليه سعوديان، ومشاعره العروبية نقية خالصة، وغضبه على المؤسسة الدينية وتدخلها السافر في حياة المواطن تستطيع أن تلمحه وتلمسه ولا يخفى على ذي حصافة.
المملكة العربية السعودية تتعرض لحملات لن تستطيع أن تصمد في مواجهتها ما لم يأت التغيير من فوق، من حيث يحتل أعلى وأقدس وأكبر منصب في البلاد رجلٌ مستنير وليست هناك نقطة سوداء في حياته يخجل منها.
لكن المؤسسة الدينية شريك في الحُكم، والعلماء قبل الأمراء، والمطاوعة على رؤوس الشعب، وأجيال شابة تعلمت، وتثقفت، وانفتحت على العالم ستصطدم إن عاجلا أو آجلا بالمؤسسة الدينية، فلماذا لا ينقذ المَلكُ وطَنه الآن قبل أن يسبق السيف العذل؟
الحِكمة ضالة المؤمن، والمشهد السعودي القادم عراقياً وإيرانياً وأمريكياً ينُذر، لا قدر الله، بطوفان لا يبقي ولا يذر.
وحِكمة المَلك عبد الله بن عبد العزيز قادرة أن تنقذ الوطنَ من براثن التشدّد والغُلوّ والتزمت والذي تمخض عن إرهاب حقيقي، فإذا أجمعت الدول الكبرى على ضرورة ترتيب البيت السعودي كونداليسياً، والضغط على آل سعود لقبول تسوية شرق أوسطية من الأجندة الأمريكية فسيدفع السعوديون كلهم ثمن التساهل مع المؤسسة الدينية التي هيمنت على الوطن والمواطن، وسبق العلماء للأمراء.
عندما ألقت المرأةُ الآسيويةُ نفْسَها من الطابق الرابع بعدما هاجمها المطاوعة كان انتحارها رمزاًً لانتحار وطن لاحقاً إنْ لم يتم تحريره من حَمَلَة صكوك الغفران.
شعبنا السعودي تخطى مرحلة الطفولة الدينية، والمراهقة ودخل بكل طوائفة مرحلة جديدة تماما ، وتستطيع الدولة أن تمد النظام بعشرات الآلاف من الأكاديميين والمثقفين والعلماء والفنانيين والأدباء والمهندسين والأطباء، لكن العطاء لن يأخذ طريقه قبل رفع أيدي المطاوعة عن رقاب شعبنا.
إلغاء هذه الهيئة السيئة الصيت هو بداية انتصار الملك على خصومه، فبعد عبد الله بن عبد العزيز ستزداد لُحمة التعاون بين المؤسستين الحاكمتين، الشرعية والدينية مع افتراض أن الأمير سلمان بن عبد العزيز لن يصل قريبا إلى الحكم فهو أيضا يمثل أملا كبيرا لدى القوى المستنيرة والباحثة عن مكان آمن للمملكة مع الأمم الأخرى.
لا أفهم حتى الآن بأي حق يستوقف رجلٌ رجلاً مثله ويسأله عمن يسير معه، وعن الصلاة والزكاة وعن صلاة الجماعة متى قام بتأديتها، وعن اسم المسجد القريب من بيته، وعن برامج التلفزيون التي يشاهدها؟
هزلٌ بكل المقاييس، وعبودية وقحة، واستهانة بالمواطَنة، وكراهية ضمنية لدور العقل والحرية في الدين.
المطاوعة جماعة آذت المجتمعَ السعودي كثيرا وقد آن الوقتُ لاحالتها إلى المعاش، وتوديع آخر رجالها، وسحب السيارات منها، ومصادرة أجهزة اللاسلكي، وفض التعاون بينها وبين وزارة الداخلية.
الشرطة السعودية هي التي تحفظ الأمنَ باسم الدولة والشرعية، أمّا أنْ يدّعي رجلٌ أن الله اختاره لتقواه ولحيته ومواظبته على الصلاة، وأنه يملك الحق في سحب المواطن من رقبته أمام الجميع، فهذا عداء للدين، وعمل لا أملك كلمة أخرى غير الارهاب أَصِفّه بها.
للمرة العاشرة أو العشرين أو أكثر التي استجدي فيها المَلك انقاذَ وطنه قبل أن يصبح هدفا لمخططي الشرق الأوسط الجديد. إنَّ الأمرَ لن يزيد عن تكرار للحادي عشر من سبتمبر واجماع الكونجرس والنواب، ديمقراطيين وجمهوريين، على ترتيب البيت السعودي الداخلي من الخارج حتى نلطم وجوهنا لأننا لم نكن صرحاء مع آل سعود، ولم ننصح الملك.

السعودية على أبواب خطر مفزع، لكن أبناء الملك المؤسس لا يرونه، فكيف لنا أن نقنعهم بحقائق لا يبصرونها؟

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو النرويج
http://taeralshmal.jeeran.com
http://www.taeralshmal.com
Taeralshmal@hotmail.com
http://Againstmoubarak.jeeran.com
http://blogs.albawaba.com/taeralshmal

اجمالي القراءات 13290

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-07-05
مقالات منشورة : 571
اجمالي القراءات : 5,918,134
تعليقات له : 543
تعليقات عليه : 1,339
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Norway