ما السبيل لتقديم صورة حضارية للاسلام في الغرب الديمقراطي نسبيا ؟
ما السبيل لتقديم صورة حضارية للاسلام في الغرب الديمقراطي نسبيا ؟
مقدمة متواضعة
منذ احداث 11 شتنبر 2001 بالولايات المتحدة الامريكية دخل الدين الاسلامي في مرحلة الاتهامات و العنصريات لاسباب تتعلق اساسا بفشل المسلمين منذ اوائل القرن الماضي في انتاج دولة عصرية تعز بقيم الاسلام العليا و في نفس الوقت تقر بالتطور و التطوير شانها في ذلك شان كل الديمقراطيات الغربية بشكل نسبي لان لا يوجد شيء بشري مطلق قديما و حديثا الى قيام الساعة .
منذ سقوط ما يسمى بالخلافة الاسلامية سنة 1923 بتركيا اتجه المسلمون نحو انتاج الماضي بكل تفاصيله السلبية بغية تحقيق النهضة الوهمية بالاعتماد على الفقه القديم اصلا ك ان الاسلام كان صالح للماضي كما اقوله دائما في مقالاتي الخاصة بالتنوير الاسلامي بمعنى انه ليس هناك اية رغبة في تجديد او اعادة قراءة القران الكريم قراءة جديدة كما فعله المرحوم الاستاذ محمد شحرور و كما دعا اليه الاستاذ اسلام البحيري بحكم ان انظمة شمال افريقيا و الشرق الاوسط عموما لا تريد الاصلاح الديني و المخاطرة بالخروج من التاويل السلفي للاسلام الى تاويل معاصر لهذا الدين العالمي و بالتالي الانتقال من نماذج لدول استبدادية باسم الاسلام الى دول ديمقراطية تحترم حقوق الانسان و التعدد الثقافي و التعدد الديني و هذا الرجاء لن يتحقق الا بالاصلاح الديني و تاسيس تيارات اسلامية تؤمن بالتطور و التطوير طبعا في حدود المعقول بمعنى اننا لا نحتاج الى 70 راي تنويري في المسالة الوالدة من قبيل هل صيام شهر رمضان هو فريضة ام لا و هل حج بيت الله الحرام هو فريضة ام لا الخ من هذه المسائل الداخلة في امور العبادات و الاركان جاءتنا بالتواتر من جيل الى جيل حيث لن ينفع ان ندخل في جدال عقيم حول هذه الامور المسلمة من طرف الجميع .
انني استغرب من البعض المحسوبين على تيارنا التنويري في اصرارهم على التشدد كانهم يقولون لنا ان تديننا هو مجرد خرافة بصريح العبارة من قبيل ذبح اضحية العيد و اعمال الحج الخ من هذه الامور المسلمة منذ 14 قرنا لان الانسان العادي في المغرب او في مصر الخ عندما سيسمع بهذا الكلام المتطرف سيؤمن يقينا بان خطاب تيارات الاسلام السياسي الراهن هو عين الصواب و سيقول في نفسه ان التنوير هو مؤامرة غربية للقضاء على الصحوة الاسلامية كما يسميها هو و غيره من عامة الناس ذوي مستويات مختلفة من التعليم و الوعي علما ان الوهابية عندما غزت العالم منذ اكثر من 40 سنة قدمت نفسها على انها الاسلام الاصيل بصريح العبارة .
الى صلب الموضوع
عندما هاجر اجدادنا الامازيغيين الى فرنسا في اوائل القرن الماضي على سبيل المثال كان هدفهم الاساسي هو العمل لاجل ضمان الخبز اليومي في المناجم و في المعامل تحت الميز العنصري بمعنى ان اجدادنا الامازيغيين كانوا مثال للاسلام الحضاري بدون اية خلفية سلفية باعتبارهم ابناء الثقافة الامازيغية الاصيلة اي الاحتكام الى العرف الامازيغي و الديمقراطية المحلية الخ .....
ان الغرب الديمقراطي نسبيا حسب اعتقادي المتواضع ليس ملاكا نظيفا من العيوب و الاخطاء على الاطلاق و من يقول هذا الطرح المثالي فهو مريض بحب الغرب الى الجنون ..
فعلا اننا لا نستطيع انكار فضائل الغرب الكثيرة علينا من جميع النواحي العلمية و الطبية و التنقية لكن هذا الغرب قد شجع السعودية في توسيع نفوذها الديني الخطير بالعالم بدليل ان امريكا ناصرت الافغان العرب ضد الاتحاد السوفياتي سابقا اواخر سبعينات القرن الماضي و شجعت النسخة الخطيرة للاسلام على الانتشار في اوروبا و القارة الامريكية و بالاضافة الى عالمنا الاسلامي .
فكانت النتيجة هي اظهار الاسلام كوحش مخيف في الغرب منذ انطلاق العمليات الارهابية هنا عموما و منذ احداث 11 شتنبر 2001 خصوصا حيث اصبح من يقول الله اكبر يعتبر ارهابي يريد قتل الابرياء في فرنسا حسب شهادة اختي العزيزة علي اي ان الوهابية و اخواتها لم تساهم في نشر الاسلام الحضاري و قيمه العليا داخل مجتمعات الغرب بل انها ساهمت في تعميق الازمة بين الاسلام و قيم الجمهورية الفرنسية العلمانية مثلا او بين الاسلام و قيم المجتمعات الغربية عموما .
اذا كانت مجتمعاتنا الاسلامية عانت و مازالت تعاني من النسخة الوهابية للاسلام فاننا نتصور حجم المشاكل الاجتماعية و الثقافية و الايديولوجية التي خلقتها هذه النسخة الوهمية لديننا الاسلامي الحنيف هناك في مجتمعات اوروبا لدى الجاليات المسلمة عموما و الجيل الثالث و الجيل الرابع خصوصا.
و ساعطي بعض الصور حيث عندما يحرم الفقيه الوهابي هناك الفنون مهما كانت تحت ذريعة ان الاسلام قد حرمها نهائيا سيعتقد الانسان الغربي ان الاسلام قد حرم الفنون فعلا ..
و عندما يحرض هذا الفقيه من التعايش السلمي بين المسلمين و الكفار كما يسمى عندهم و يحرض على الكراهية تجاه اهل الكتاب و تحريم مجرد ارسال التهاني بمناسبة حلول اعيادهم حيث سيعتقد الانسان الغربي ان الاسلام لا يعترف بالاخر او بالمخالف دينيا الخ .
و عندما سيسمع الانسان الغربي ان رسول الاسلام صلى الله و سلم قد تزوج طفلة عمرها 6 سنوات و مارس عليها الجنس و هي ذات 9 سنوات فسيقول هذا الانسان ما هذا الدين الذي يبيح اغتصاب الاطفال علما ان فقهاء الوهابية يرددوا بالافتخار البالغ هذا الحديث الكاذب و لو كان موجود في صحيح البخاري ...
و مثل هذه الصور الواقعية تجعل من الاسلام وحش مخيف في الغرب المسيحي و تجعله دينا يعادي كل شيء تقريبا حيث هذا واقع مؤلم صنعته الوهابية و اخواتها و الغرب السياسي معا .
ان الحديث عن سبيل تقديم صورة حضارية للاسلام في الغرب الديمقراطي نسبيا هو حديث طويل للغاية ساختصره في عدة نقاط .
اولا ضرورة الاصلاح الديني في عالمنا الاسلامي كحاجة ملحة للانتقال الى دول مدنية ديمقراطية تعترف بالاسلام كدين و كقيم عليا من قبيل العدل و الاحسان و بر الوالدين الخ من هذه القيم المسايرة للعصر .
ثانيا تاسيس حركات اسلامية معاصرة حيث ليس من العيب الاعتزاز بالاسلام كدين و كقيم عليا حيث في اوروبا هناك احزاب مسيحية ديمقراطية لكن العيب هو تاسيس احزاب اسلامية بخلفية السلف اي معاداة النساء و التعدد بمعناه الثقافي و الديني و الدعوة الى اقامة الخلافة الاسلامية في قرننا الحالي و الدعوة الى تطبيق الشريعة الاسلامية كما فهمها السلف منذ 1200 سنة اي لا يجوز عقلا و شرعا لان الله سبحانه قد خلق هذا العالم على اسس التطور و التطوير و التعدد في الاشياء و الحيوانات و الاقوام و الجنسيات الخ حيث لا يعقل ان الاسلام لا يتطور مع العصر و مع مختلف السياقات السياسية و الاجتماعية و الهوياتية ..
و مهما قلت في هذا الموضوع فلن اصل الى الاحاطة به من جميع النواحي لانني مجرد تلميذ لدى مدارس التنوير الاسلامي في المغرب و في مصر و في امريكا بفضل موقع اهل القران الذي سمح لي ان اتعلم ادبيات التنوير الاسلامي و كما سمح لي ان ادافع عن هويتي الامازيغية الاسلامية على المستوى الدولي لكن بدون مقابل لكنني اشعر انني اعمل لهدف نبيل الا و هو الانتصار للاسلام المساير للعصر ..
توقيع المهدي مالك
mehdi1983k@gmail.com
اجمالي القراءات
2272