من هم المشركون بالله تعالى؟ هم من يتبعون من دون الله أولياء أو كُتبا بشرية.
عزمت بسم الله،
إن المتدبر لكتاب الله تعالى يجد أن الله سبحانه لا يغفر أن يشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، ومن يشرك بالله تعالى فقد افترى إثما عظيما، ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا. إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا(48).النساء. إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا(116).النساء.
فهل من يتبع غير ما أنزل الله تعالى من كتاب يعتبر أيضا من المشركين؟
الجواب حسب آخر الرسائل المنزلة من الله سبحانه، نعم يعتبر من المشركين، إذا اتبع الكتب التي كتبها البشر، ونسبوها إلى الوحي، والدليل ما يلي: وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ(92).الأنعام. إن الذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به، أي بالكتاب الذي أنزل أخيرا فهو مصدق لما قبله من الكتب المنزلة. وقال سبحانه: وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ(155).الأنعام. أصدر الله تعالى أمر اتباع الكتاب المنزل (وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ ).
ويأمر الله تعالى الرسول أن يتلو ما أوحي إليه من كتاب ربه، فهل يمكن بعد هذا الأمر يتقول على الله تعالى فيأمر بغير ما أُنزل إليه من كتاب؟ يقول الله تعالى:
وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا(27).الكهف.
قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا*قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا*قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنْ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا.20/22.الجن.
وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ(12).الأحقاف. وقال الله تعالى أيضا: كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ*اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ.2/3.الأعراف.
ألا تكفي هذه الآيات البينات ليستمسك المؤمن بالقرءان فقط، ولا يتبع من دونه كتبا وأولياء؟؟؟
أما أتباع ما كتبت أيدي البشر، واستمسكوا بها لدرجة أنهم يقدمونها على كتاب الله تعالى، وينسبون إلى قول الرسول عليه وعلى جميع الأنبياء السلام، أنه قال: ( السنة تقضي على القرءان، والقرءان لا يقضي على السنة). وهذا ما جاء في بعض الكتب ومنها ما جاء في كتاب شرح النيل وشفاء العليل في الجزء 5 صفحة 337 فقد جاء فيه ما يلي: فقال رجل: فقراءة القرآن يا رسول الله ؟ فقال: ويحك ! ما قراءة القرآن بغير علم ؟ وما الحج بغير علم ؟ وما الجهاد بغير علم ؟ أما بلغك أن السنة تقضي على القرآن ؟ والقرآن لا يقضي على السنة. والقضاء التبيين والتخصيص. أهـ.
ونجد ذلك في الموضوعات - (ج 1 / ص 223) المكتبة الشاملة. وغيرهما من كتب البشر.
هذا ما جاء في كتب البشر المختلفة، والله تعالى أنذرنا وحذرنا من هؤلاء المفترين الكذب على الله تعالى ورسوله فقال:
اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ(31).التوبة.
قُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى أَاللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ(59).النمل.
ربما من قائل يقول أن هذه الآية نزلت في شأن بني إسرائيل، وأقول إن تكملة الآية تبين أن الخطاب عام، فهو نذير لقوم يؤمنون. قال تعالى: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ* يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ* هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ*يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ*يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ.31/35.التوبة.
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ(55).النور.
إن الله تعالى لا يقبل أن يشرك به بشيء مخلوق مهما يكن، وهذه إرادته فهو الفعَّال لما يريد ولا يسأل عما يفعل سبحانه وتعالى عما يشركون. لكن يمكن أن يغفر الله تعالى لمن لم يشرك به شيئا، فهو رحمان رحيم ودود. قال رسول الله عن الروح عن ربه: إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ*إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ*لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ* مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ*وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ.40/44. فصلت.
والسلام على من اتبع هدى الله تعالى فلا يضل ولا يشقى.
اجمالي القراءات
4423
تحيات إلى الأستاذ إبراهيم ، والشكر الجزيل، والظاهر أن هذا الموضوع الحساس جدا، بل المصيري، لا يمل تناوله ولا التأمل فيه ولا تدبر تلك الآيات الصريحة المباشر ة المتحدية.
ومع كل ذلك فإن قضية التخلص من الشرك ليست بالأمر الهين، وأن بلوغ الدين القيم ما زالت دونه عقبات وقصور في المفاهيم . ومن يدري ؟ لعلنا ما زلنا لم نبلغ سن الرشد حتى نهضم إشارات الله سبحانه وتعالى، تلك التلميحات بل تلك التعليمات التي تحثنا إلى أن لنا مثلا أو إسوة في ذلك الشجاع إبراهيم عليه السلام ؟ تساؤل ما زال حيا يرزق ؟؟؟