المؤتمر الوطني الاول للحركة الامازيغية فرصة تاريخية للتوحيد و رسم معالم المستقبل السياسي لامازيغي المغرب
المؤتمر الوطني الاول للحركة الامازيغية فرصة تاريخية للتوحيد و رسم معالم المستقبل السياسي لامازيغي المغرب
مقدمة متواضعة
ساتحدث في هذا المقال المتواضع بصفتي مناضل امازيغي بالقلم على اقل الان حيث اعلن الاستاذ عبد الله بوشطارت و الاستاذ سعيد فوارح مساء يوم 19 يناير الماضي في الفايسبوك عن انعقاد المؤتمر الوطني الاول للحركة الامازيغية اواخر مارس القادم بحاضرة قبائل ايت باعمران سيدي ايفني و قال الاستاذ بوشطارت ان الغاية من انعقاد هذا المؤتمر الهام في هذا التوقيت هو توحيد مكونات الحركة الامازيغية و السير نحو المستقبل بخطى ثابتة انشاء الله.
انني اعتبرت ان انعقاد هذا المؤتمر بمثابة عودة الروح الى جسد الحركة الامازيغية بعد 10 سنوات من ترسيم الامازيغية في دستور 2011 و من التحالف المشبوه بين المخزن و الاسلاميين لتحطيم شرعية القضية الامازيغية التاريخية و الدينية الخ بهدف تبخيس هذه القضية العادلة في عيون عامة الناس و في عيون الفقهاء و العلماء الخ بغية قطع جذور مجتمعنا مع هويته الاصلية و تحويله الى مجتمع اخر مثل مجتمعات الخليج العربي بصفة نهائية ..
انني استحضر هنا ما قلته في مقال سابق حيث ان ظهور ما سنميه الان بالحركة الامازيغية في مغرب اواخر ستينات القرن الماضي قد املته مجموعة من الظروف و السياقات التاريخية و السياسية الخ .
ان فهم هذه الظروف سيساعد على تصحيح الكثير من المغالطات و الافكار الجاهزة للاستهلاك الاعلامي الرخيص مثل المراة الرخيصة او لتشجيع نفود تيارات الاسلام السياسي كما يسمى داخل مجتمعنا المغربي .
انني سأحاول استحضار هذه الظروف او بعضها باختصار شديد من قبيل استعمار المغرب من طرف فرنسا و اسبانيا باعتبارهما دولتان مسيحيتان ابتداء من سنة 1907 عبر احتلال مدينة وجدة من طرف فرنسا و في يوم 30 مارس 1912 تم توقيع عقد الحماية بمدينة فاس بين المخزن التقليدي و فرنسا و اسبانيا بعد ذلك .
لكن قبل هذا التاريخ كان نفوذ المخزن التقليدي لا يتعدى مدن المركز حيث هذا النظام كان سلفيا اي يطبق الشريعة و قوانينها على حدود مدن المركز لا اقل و لا اكثر .
اما القبائل الامازيغية المنتشرة على امتداد التراب الوطني كانت تعترف بسلطة المخزن الروحية بالاعتبار ان اغلب الامازيغيين هم مسلمين اسلام قد اتخذ الطابع الامازيغي او الاسلام الامازيغي منذ 14 قرن الماضية كما شرحت مطولا عبر مقالات كثيرة بمعنى ان هذه القبائل كانت تعترف بالرمزية الدينية للسلطان باعتباره امير المؤمنين من خلال خطب الجمعة و العيدين كما هو معروف بسائر المجتمعات الاسلامية قديما و حديثا .
غير ان القبائل الامازيغية كانت ما قبل سنة 1912 تتميز بنوع من الحكم الذاتي عن المركز حيث لها شخصيتها القانونية و الديمقراطية و لها انظمتها السياسية الخ من هذه الامور الخصوصية و ذلك باعتراف ملوك المغرب حتى الراحل محمد الخامس و عموم فقهاء سوس العالمة القدماء الى المرحوم امحمد العثماني و المرحوم عبد الرحمان الجشثمي صاحب كتاب العمل السوسي الذي اتشوق لقراءته بمعنى ان هذه الخصوصية لم تصنعها فرنسا او اسبانيا الخ من هذه الدول المسيحية على الاطلاق بل هي امتداد تاريخي و اجتماعي للمغرب الحقيقي باسلامه المتسامح و العقلاني .
ثم تاتي سنة 1930 حيث تم تاسيس ما يسمى بالحركة الوطنية المغربية بعد اكثر من 20 سنة من مقاومة القبائل الامازيغية على امتداد التراب الوطني حيث جاء هذا التاسيس بعد صدور ظهير 16 ماي 1930 الخاص بتنظيم المحاكم العرفية في المناطق ذات العوائد الامازيغية او البربرية كما سماها اعيان المدن التالية فاس ثم الرباط ثم سلا حيث كانت الحركة الوطنية قد اخترعت اكذوبة الظهير البربري لمواجهة ترسيم العرف الامازيغي انذاك فتم تاويل هذا الظهير الوطني كما اعتبره تاويلا سلفيا اي انه كان يرمي الى تنصير اجدادنا المتدينين اصلا و كان يرمي الى التفرقة بين الامازيغيين و العرب او بمعنى اصح الناطقين بالدراجة الخ من مقتضيات هذه الاكذوبة التي صنعت في ما بعد بايديولوجية الظهير البربري الحاكمة على حقلنا الديني الرسمي منذ سنة 1956 الى الان مع التسجيل ان المخزن قد سمح للوهابية بالدخول الى المغرب ابتداء من سنة 1979 ....
ان هذه هي باختصار شديد ظروف تاسيس اولى جمعيات الحركة الثقافية الامازيغية ببلادنا سنة 1967 مع التسجيل عدة نقاط جوهرية اولا وقوع الانتفاضات الشعبية بعد الاستقلال بعدة مناطق امازيغية من قبيل منطقة الريف .
ثانيا تحطيم دولة الاستقلال لكل البنيات الاجتماعية و الثقافية و السياسية الامازيغية و تعويضها بالقوانين الوضعية الفرنسية حيث ان هذه الاجراءات تتعارض مع الاهداف المعلنة للحركة الوطنية عند التاسيس سنة 1930 من قبيل التحاكم الى الشريعة الاسلامية بالمطلق و ترك كل القوانين الوضعية باعتبارها كفرا بالله و برسوله الاكرم حسب التاويل السلفي للاسلام اي ان ما يسمى بالحركة الوطنية المغربية قد استغلت هذا التاويل السلبي لابعاد الامازيغيين عن السياسة اكثر من 60 سنة من الاستقلال و الجري وراء قضايا الشرق الاوسط بمنطلق القومية العربية ثم بمنطلق الاسلام السياسي .
ثالثا محاولات الامازيغيين بعد سنة 1956 لتاسيس حزب سياسي امازيغي حيث تحدث الاستاذ عبد الله بوشطارت بالاسهاب حول هذا الجانب في كتابه الامازيغية و الجزب غير ان المخزن قد اجهض كل هذه المحاولات و ترك المجال لحزب معروف ليتحدث عن الامازيغية بدون اية مرجعية اصيلة او الدفاع غن العرف الامازيغي او عن الاسلام الامازيغي الخ من هذه الملفات الشائكة و المغيبة عن النقاش السياسي الان ببلادنا حيث لا اظن شخصيا ان بامكان اي حزب مغربي ان يطرح هذه الملفات الشائكة في البرلمان او في النقاش العمومي بالرغم من وجود حزب معروف يحاول ان تستقطب فعاليات من الحركة الامازيغية الى جانبه منذ سنة 2011 الى الان مع احترامي الشديد للكل..
الى عمق هذا الحدث التاريخي
منذ شتنبر 2011 اي مباشرة بعد التصويت على الوثيقة الدستورية الحالية كان من المفروض انعقاد هذا المؤتمر لمناقشة افاق تنزيل ترسيم الامازيغية على مختلف مناحي الحياة العامة بدون استثناء قبل وصول الاسلاميين لتسيير الحكومة بعد انتخابات 25 نونبر لتلك السنة اي هناك تاخير كبير قد ساهم في تراكم الملفات الجديدة على الحركة الامازيغية من قبيل ملف حراك الريف الثقيل و المواجهة مع الاسلاميين دوي النزعة السلفية حيث لا حاجة الان لتذكير بمواقفي الثابتة تجاه هذا الموضوع علما ان البعض كان يعتقد انني تابع لشخصية امازيغية معروفة و مناضلة الى حد التماهي الخ من هذه الاشياء حيث انتهى هذا التماهي الى غير رجعة لاسباب متعددة انتصارا لصالح تسيس القضية الامازيغية عبر تاسيس حزب ذو المرجعية الامازيغية الاصيلة كما فعل الاسلامين منذ ثمانينات القرن الماضي ثم تسعينات القرن الماضي حيث استطاعوا تاسيس حزب العدالة و التنمية وفق ما يسمى بالمرجعية الاسلامية حسب اجتهادات جماعة الاخوان المسلمين بالمشرق العربي .
ان هذا المؤتمر بهذا الحجم هو فرصة تاريخية نادرة لتوحيد كل مكونات الحركة الامازيغية ببلادنا على الحد الادنى من المبادئ و المطالب من قبيل تفعيل الطابع الرسمي للامازيغية كمطلب مشترك بين مختلف مكونات الحركة الامازيغية و من قبيل الحداثة او بمعنى اصح علمانيتنا الاصيلة التي تعايشت مع الاسلام في اغلب القبائل الامازيغية لمدة 14 قرن الماضية بسلام و وئام دون حدوث اية مشاكل جوهرية بين الامازيغيين و الاسلام حسب علمي المتواضع الخ من هذه المبادئ و المطالب المشتركة..
و كما ان هذا المؤتمر الاول للحركة الامازيغية بصريح العبارة هو فرصة تاريخية نادرة لرسم معالم المستقبل السياسي لامازيغي المغرب بعد فشل خيار دخول بعض نشطاء الحركة الامازيغية الى بعض الاحزاب السياسية القائمة حيث لعل حدث عدم ترسيم السنة الامازيغية من طرف رئيس الحكومة الحالي قد شكل صفعة قوية لدعاة هذا الخيار الفاشل من اصوله لان امازيغي المغرب قد جربوا هذا الاخير منذ سنة 1958 مع حزب المرحوم المجحوبي احرضان بدون نتائج جوهرية تذكر على مختلف الاصعدة و المستويات لان هذا الحزب قد خلق لخدمة المخزن و اهدافه الايديولوجية و المتمثلة في تعريب المغرب بكامله و فرسته كذلك و ليس لخدمة الامازيغية كمرجعية سياسية على الاطلاق مع كامل احترامي لنضالات هذا الحزب مع الثقافة الامازيغية .
ان مركزية تاسيس حزب ذو المرجعية الامازيغية تستحق ان تطرح على هذا المؤتمر بإلحاح زائد لان القضية الامازيغية بشموليتها تحتاج الى هذا الحزب من هذا النوع لتسير نحو تحقيق المكاسب الجوهرية من قبيل تمزيغ المخزن و اعادة تاهيل حقلنا الديني الرسمي على اساس امازيغية المغرب كما طرحته منذ سنوات من خلال كتابي الحبيس في حاسوبي حيث تخليت عن طبعه لاسباب كثيرة لا داعي لذكرها في هذا المقام لتفادي القيل و القال .
ان رمزية اختيار مدينة سيدي ايفني لاحتضان هذا الحدث البارز هي كثيرة لا شك لان مدينة سيدي ايفني هي حاضرة قبائل ايت باعمران التي انجبت اغلب مؤسسي الحزب الديمقراطي الامازيغي المغربي امثال المرحوم احمد الدغرني و الاستاذ عبد الله بوشطارت و الاستاذ حميد بوهدا و الاستاذ عمر افضن و الاستاذ رشيد بوقسيم و الاستاذ عبد النبي ادسالم و الاستاذ علي موريف و الاستاذ الحسين اوبليح الخ بمعنى ان هذه الحاضرة تستحق هذا التكريم .
و كعادتي فانني ادعم هذه المبادرة الجليلة حيث ارجوا ان اكون ضمن اللجنة التحضيرية لهذا الحدث البارز على الساحة الامازيغية ببلادنا انشاء الله ايوز ن تمازيغت د امازيغن ن لمغرب .........
المهدي مالك
اجمالي القراءات
2815