محمد حسين Ýí 2007-07-11
ثورة البراميل:
منذ ان وعيت عيناى على الدنيا وانا اسمع عن الجملة الشهيرة التى توازى الثوابت الدينية والسياسية والمجتمعية عندنا فى المحروسة .... "البنية التحتية" .... واكاد اجزم ان تلك الجملة لم يخلو منها اى عدد من اعداد الصحف القومية "المزمراتية" منذ ان عرفت الفرق بين الالف و "كوز الدرة" ، او على الاقل تلك الاعداد التى قراتها انا .... فى كل استفتاء ومع كل حكومة وعلى لسان كل من هو مربوط فى السلسلة الحاكمة يتحدث ويجزم ويزمر ويطبل بالبنية التحتية .... الاذاعة ، التليفزيون ، ; الجرائد ، البيانات ، الخطابات ، كله كله بنية تحتية .... وانا ذات يوم سألت احدهم ماهى تلك البنية التحتية التى احفظ اسمها اكثر ما حفظت اسمى انا شخصيا ؟؟ قال لى : المياه والكهرباء والتليفونات ولامؤاخذة المجارى ....!!!
ويقال والله اعلم ان المعونة جزء كبير منها يذهب الى البنية التحتية ، وهذا الجزء هو الخاص بالقطاع المدنى ، هذا بجانب الجزء المخصص من الحكومة لهذا الموضوع والذى يأخذ حيز من موازنة الدولة والحكومة ومن تفكير الحكومة ومن مكاتب الحكومة ومن خطابات الحكومة ومن بيانات الحكومة ومن وزارات الحكومة .....
ومنذ ان عرفت معنى جملة "البنية التحتية" ، وياليتنى ماعرفت ، وانا امشى فى الشارع اكلم نفسى مثلما كان يحدث مع موظف الحكومة "الحشاش" فى رائعة نجيب محفوظ "ثرثرة فوق النيل" .... وقلت لنفسى: "ياااااااااااااه ، ده البنية التحتية دى شئ عويص ، الله يكون فى عون الحكومة ، ده حتى الفيلم اللى بقاله خمسين ستين سنة كانوا لسة بيحفروا من ساعتها" .... وانا فى بلدى ارى الحفر ، كل ماهو مسفلت يتم حفره بعد اسبوع او شهر ان كان من له الامر ذمة ، وانا زائر لاى بلد ارى الحفر "والمجارى الطافحة" وحتى وانا فى المصيف ارى الحفر .... ده طلع الموضوع كبير اوى ....!!!
وفى الآونة الاخيرة ، وطبعا هذا ليس بالجديد على انا شخصيا ، ظهرت مشاكل فى قرى كثيرة على ارض المحروسة ان الناس لا تجد مياه تتيمم بها حتى ، فى القرن الواحد والعشرين والذى اقترب من انهاء عقده الاول لا زال هناك ناس يتجرعون مرارة المياه المقطوعة من سيناء لكفر الشيخ مرورا بالغربية والاسكندرية ومرسى مطروح والقاهرة و"كل نصيبة" فى مصر.... هذا بجانب بلاد لم يدخل فى قاموسها الفكرى حتى الان كلمة "ماسورة" ولا يعرفون معناها ، ولا يعرفون حتى معنى كلمة " مجارى" على ارض تلك البلد
وقد بدأت البراميل تظهر بكثرة .... مع هؤلاء الناس يحملونها حتى يملؤها بالمياه من الابار او "الطرنبة" او ترعة او اى مكان يعرف المياه ويحويها .... فقلت لنفسى "زى صاحبنا الموظف" متسائلا ومجيبا فى آن واحد " طيب ينفع الناس تتقطع عنها المية اللى بتيجى البيوت بالايام كده ، طيب امال ايه موضوع البنية التحتية اللى ماسكينلنا فيه من ساعة ما الواحد وعى على الدنيا ...؟؟؟ آآآآآه ... صح كده ... وانا اللى باسال نفسى هو فى بلد فى الدنيا لسة المية فيها بتتقطع ؟ اتارى ان احنا حكومتنا رشيدة .... ماهو لما المية تتقطع الناس تبدأ تتحرك علشان تشوف موارد تانية بدل ماتقعد تستنى كل حاجة على الجاهز وتقولك الحكومة الحكومة والزفتة .... واهو منه برضه تمرين على الاكتفاء الذاتى علشان الشعب المعفن ده يبطل كل شوية يقول الحكومة .... هى الحكومة هتلاقيها منين ولا منين .... هتلاقيها من الشعب اللى بيشتكى على طول ده ولا من الايدى الخفية ولا من المؤامرة اللى بتعبث فى استقرار البلاد ولا من الفتنة الطائفية ..... ؟؟؟!!!!
وبرضه موضوع قطع المية ده اهو تشجيع الاستثمار فى البراميل .... ماهو لما هيلاقوا المية مش هيحطوها فى جيوبهم طبعا ، لازم يروحوا يجيبوا براميل ، تقوم محلات البراميل تكتر وتزود الوظائف .... ولما الطلب على البراميل يكتر تقوم مصانع البلاستيك تفتح .... ماهى البراميل اساسا والمفروض انها بلاستيك ، ولما مصانع البلاستيك تفتح الاستثمار يزيد ، وتقوم وظايف كتيرة تتفتح فى البلاستيك وخد عندك بقى محاميين ومحاسبين ويتعمل دراسات فى انواع البلاستيك واصلحها على التحمل ، وده هيشجع عملية البحث العلمى ، ماهو علشان نعرف انواع البلاستيك النضيف لازم نعمل ابحاث ، والابحاث دى هتشغل دكاترة ونفتح كلية للبراميل البلاستيك .... ونعمل لجان متخصصة للبراميل .... امال ..... اذا كان موقف ابو كشك عاملين عنده لجنة .... ما بالك بقى بموضوع زى موضوع البراميل ده اللى شكله كده هيبقى صناعة استراتيجية .... واللجنة مطلوبلها متخصصين ، نقوم مشغلين ناس فى اللجنة ، وتبقى وظايف جديدة فتحت برضه فى لجنة البراميل ..... وعلشان نتأكد من سلامة نوايا اللجنة لازم نلحقها بالجهاز الرقابى للكشف على فرع اللجان المختصة عن مراقبة البراميل .... ماهو علشان ماحدش يرتشى ونوقف الفساد من اوله زى ماحنا متعودين .... وعلشان الجهاز الرقابى يشتغل لازمله مفتشين ، وادى وظايف جديدة تبقى اتفتحت ، والجهاز الرقابى ده لازمله وزارة علشان تباشر اعمال البراميل وتراقب اسعار السوق ، علشان ماحدش يحتكر البراميل ، وتبقى وزراة بحالها افتحت وهتشغلها ناس طبعا ، واهى تبقى وظائف جديدة برضه .... امال .... هو انت فاكر الحكاية سهلة كده .... والوزارة هتقوم بانشاء جزء تابع لسوق البراميل فى جهاز حماية المستهلك .... امال .... هو المستهلك ده شوية .... والجهاز ده لازمله ناس ، والناس دى هتيجى تشتغل علشان ما ينفعش الجهاز يبقى فاضى ، وادى برضه وظايف جديدة .... وبما ان موضوع البراميل فى الاصل عامل اساسى من عوامل البنية التحتية ، يبقى لازم يخش بند اساسى فى بنود المعونة ، ويتعمل لجنة مختصة لوضع البنود والاقتراحات الخاصة بالمعونة الخاصة بالبراميل الخاصة بالبنية التحتية ، وعلشان لجنة البند الخاص بالمعون تشتغل لازم ناس تشغلها ..... وعلشان ناس تشغلها يبقى لازم وظايف تتفتح ، ويبقى شغلنا ناس تانيين .... وعلشان كل ده يحصل لازم نجهز المكاتب والوزارات اللى هتبقى مختصة بالبراميل ، وعلشان كده مصانع الورق هتشتغل ، ولازم نواكب العصر ويبقى شغلنا بالكمبيوتر بقى .... هى مش دى الحكومة الالكترونية برضه .... يعنى بتوع الكمبيوتر .... يقوموا بتوع الكمبيوتر يشتغلوا ويعملوا برامج خاصة بالبراميل ونفتح مجال جديد لقطاع البراميل فى عالم الكمبيوتر .... وعلشان ده يحصل لازم ناس تشغل الكلام ده .... وادينا بكده فتحنا وظايف ووزارات وشجعنا الاستثمار وحلينا مشكلة البنية التحتية بالبراميل .... !!!!
يااااااه وانا اللى ظالم الحكومة ، ده انا طلعت قفل واستاهل انى انضرب بالصرمة على الظن السئ ، صحيح ان بعض الظن اثم ....."
وارتضيت بينى وبين نفسى ، بعد ان انبت نفسى وعاتبتها على الظن السئ بمولانا ومن حول مولانا ، لدرجة انى افكر جديا فى ان اكف عن "وجع الدماغ" واكتفى بالجلوس فى البيت واعكف على ان اربى الاولاد ... الذين لم يأتوا بعد .... واقوم بارضاعهم "بالمرة" ....!!!
محمد حسين أحد الأعزة من أبنائى .وهو من أعز أصدقائهم ، ولهذا أسمح لنفسى ان أخاطبه كما أخاطب أولادى .
محمد حسين ترك نفسه يتحدث بعفوية وصدق وباللغة العامية مع أنه يجيد الكتابة بالفصحى ..
وربما ترك نفسه على راحته ليتندر بدلا من أن يبكى..وهذا هو حال المصلح إذا ضاق بفساد الأحوال..
أريد الكثير من هذه المعلقات المصرية العفوية يا محمد حسين .. إكشف لنا عن مواهبك .. فمن المصائب فوائد ، وخير البلية ما يضحك ..
وشكرا أنك أضحكتنى ..من الوجع ..
سلام الله عليكم،
شكرا للأستاذ محمد حسين على هذا المقال الحي الصادق، مع كل أسف فهذا المقال ينطبق على جميع الدول العربية بدون استثناء، سواء كانت من الدول البترولية الغنية أو من التي تتلقى المساعدات الدولية، فأزمة البنية التحتية وأزمة البرامل المتنقلة والحفر الكثيرة المعتادة التي لم تسلم منها إلا الطرق التي تمر منها السلطات الحكومية والوفود الرسمية، وما عدى تلك الطرقات فعلى المارة أن يأخذوا حذرهم وبنصيحة الفنان محمد صبحي الذي قال في مسرحية لزوجته فيما معناه: عليك أن تمشي بين الحفر. وفعلا هذه الأزمة قد ساهمت في إنشاء مناصب للشغل الكثيرة، ففي وهران عاصمة الغرب الجزائري مثلا تجد الكثير من الشباب يبع الماء، وتجد على الشرفات قنوات من المطاط تدلى منها، بدلا من أن يتدلى منها الورد والزهور.
أما في الدول غير العربية فتجد الماء في كل وقت والحفرة تحفر في الصباح للأشغال وفي المساء لا تجد أثرا لتلك الحفرة وقد أعيد الطريق كما لم يحفر في الصباح.
فهل هذا لأنهم خلقوا لخلافة الله في الأرض؟؟؟ وغيرهم خلقوا لخرابها؟؟؟ كما جاء في رواية نسبت إلى الرسول عليه السلام جاء فيها: 3344 وعن أبي جحيفة أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ضرب على الناس بعثا فخرجوا فرجع أبو الدحداح فقال له معاوية ألم تكن خرجت قال بلى ولكن سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا أحببت أن أضعه عندك مخافة أن لا تلقاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يا أيها الناس من ولي عليكم عملا فحجب بابه عن ذي حاجة المسلمين حجبه الله أن يلج باب الجنة ومن كانت همته الدنيا حرم الله عليه جواري فإني بعثت بخراب الدنيا ولم أبعث بعمارتها رواه الطبراني ورواته ثقات إلا شيخه جبرون بن عيسى فإني لم صليت فيه على جرح ولا تعديل والله أعلم به .
الترغيب و الترهيب ج 3 ص 124.
والسلام عليكم.
دعوة للتبرع
أربعة أسئلة: سؤال ان مرتبط ان : الس ال الأول من...
الطباطبايي أخطأ : الاست اذ المصط في الحسي ني الطبا طبايي ...
الجهادالأكبر وألأصغر: ما معنى الجها د الأكب ر و الجها د الأصغ ر؟ ...
الولاية فى الزواج : هل يجوز للمرأ ة الحرة أن تزوج نفسها ؟ وهل يجب...
مكارم الاخلاق ..: ما رأيك فى حديث :( انما بعثت لاتمم مكارم...
more
والأحزن من ذلك اننا لا نستطيع ان نقول الحق فانظر ماذا فعلوا بعائلة الدكتور أحمد منصور!