لطفية سعيد Ýí 2016-01-19
يقول العالم الألماني الشهير أينشتاين عن التخيل التصوري : بأنه اللغة السائدة للعقل الباطن ، ومصدر حيوي للمعلومات والإلهام ، وهو عبارة عن شكل من أشكال اليقظة نستسلم له بإرادتنا في الوقت والمكان الذي نريد !!
وفي التخيل تستخدم الحواس كلها : من سمع ، وبصر ، وشم، وتذوق ،ولمس ، حيث أن التخيل يوقظ اللاوعي ،ويفجر فيه حواس معينة ، ومن خلاله يتصل اللاوعي بالعقل الواعي ، ويمده بالمعلومات والصور ، ويتفاعل الجسم مع هذه المعومات نفسيا وجسميا
وتكمن أهمية التخيل التصوري عند اينشتاين في أنه مرتبط بالغدة تحت المهاد
HYPOTHALAMUS
وهي مسئولة عن كثير من المهام مثل المناعة ،والغدد الصماء ، الجهازالعصبي الذاتي، وبما أن الجهاز العصبي لا يعرف أن يفرق بين الواقع ،والخيال ، فإن قوة التخيل تكمن في أنه ينشط مركز أو أكثر من مراكز الدماغ ، ويخلق تفاعلات معينة فيه!!
ويذكر أينشتاين أنواعا للتخيل التصوري ، منها : التخيل النشط ، ويضرب له مثالا بتخيل ليمونة في المطبخ كفيل بأن ينشط أماكن في الدماغ تسمى :
CORTEX
كما يفرق بين التخيل السلبي، ويكون بتخيل موقف معين ، فإنك تتأثر به تأثرا سلبيا ، بمعنى أنه سيحدث أعراض خوف ـ قلق ـ زيادة في ضربات القلب ـ شحوب في الوجه، يرتفع ضغط الدم، شعور بعدم الراحة،عرق رجفة..
أما التخيل الإيجابي تتخيل موقفا محببا لك فتشعر بالراحة ،السعادة ،الهدوء وممكن أن تصل لحد الابتسامة ،لأن التخيل يحدث تغيرا ليس فقط في العاطفة ، بل في الوظائف الفسيولوجية !!
ويتناول التخيل التصوري الفعال ، مقابل التخيل التصوري المستقبل .. حيث يعمل الأول على الاستخدام المقصود لصور عقلية معينة للاتصال باللاشعور (للتأثير على النية أو لتغييرها أو لتوصيلها ) .
أما التخيل التصوري المستقبل ،فهو يحدث عندما تنشأ الصور العقلية تلقائيا من اللاشعور.
لماذا يعمل التخيل التصوري ؟ يجيب أينشتاين : بأن أجسادنا لا تميز بين الصور الحسية الموجودة في أذهاننا ،ونحن في حالة معدلة يكون في مقدورنا الشفاء، النمو ـ التعليم ،والتغييربشكل أسرع ، وأكثر قوة !! انتهى .
كان هذاعن التخيل التصوري عند أينشتاين ، فماذا عن التخيل في القرآن ؟ سنحاول ان نأخذ أقرب موقف يعبر عمليا (من وجهة نظري ) وكان هذا مع موسى عليه السلام ، في موقفه الحواري مع فرعون ، والذي يضم السحرة أيضا ، ثم نختتم المقال بتأمل أيتين من سورة الأنفال 43، 44)
أولا ما حدث بين موسى وفرعون عن التخيل عندما رأى موسى عليه السلام ما ألقى سحرة فرعون من عصي ، وذكر كلمة (يُخَيَّلُ ) لوصف تأثر موسى مما رآه من سعي غير حقيقي للعصي ( يخيل ) ، مع وصف رب العزة لهذا الصنيع بأنه كيد ساحر :
قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى(66) فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (67) قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى (68) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى(69) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (70)طه)
وعن نفس الموقف تحدثت سورة الأعراف واصفة ما تخيله موسى بأنه سحر لأعين الناس، يستهدف ترهيبهم، وهذا نراه في الآيات الكريمة: من 116 إلى 122
فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (116) وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117) فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (118) فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ (119) وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (120) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (121) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (122)الأعراف
بين الرؤيا المنامية والرؤيا المتخيلة
وأخيرا تأمل معي (يُرِيكَهُمْ اللَّهُ )يريكهم فعل مصحوبا بمفعولي الرؤية : (الكاف ) ، و (هم ) في الآية 43 الأنفال) ،وفاعله لفظ الجلالة (الله )، وقد كانت رؤيا منامية رآها الرسول الكريم في منامه وهي خاصة برؤية الجيش المنافس على انه قليل، حتى لا يحدث تنازع في الأمر (والأمر ،هو العزم على القتال) ، ما بين رافض للقتال (بدافع الخوف ) ومؤيد له ،وذلك لأن سبحانه عليم بذات الصدور، ومكنونها :
إِذْ يُرِيكَهُمْ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (43الأنفال )
أما عند الالتقاء والمواجهة ، فقد رأى طرفي المواجهة كل منهما الآخر قليلا !!واعتقد ان هذه الرؤية متخيلة وذلك لحكمة وأمر أراده الله سبحانه ، يقضى بأن تتم المواجهة والالتقاء الفعلي :
وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذْ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ (44) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45)الأنفال
ودائما صدق الله العظيم
شكرا استاذه عائشه على المقالة الجميلة ،وعلى ما ورد فيها من معلومات علمية قيمة ..
وانا من المُنادين بإعادة قراءة القرآن بعيون اصحاب العلم التطبيقى من أطباء ،وكيماويين ومهندسين وزراعيين وعلميين وإقتصاديين وإداريين لنتعرف على كنوزه ومعارفه فى هذه العلوم .ومدى حثه على السعى فى الأرض وإكتشاف كنوز معارفها واسرارها وقوانينها التى خلقها وسخرها رب العالمين للعالمين ...
ولى سؤال أو إستفسار ..
ما فهمته من نظريات إينشتين أو النظريات الطبية التى ضُربت على أثر التخيل على الحالة المزاجية والعضوية للإنسان ، انها تخيلات ذاتية ،بمعنى أن الشخص بنفسه وهو جالس دون ضغوط او عوامل خارجية هو من يتخيل بالحسن أو السىء من المواقف وبناءا عليه تكون ردة فعله ...... أما فى الايات القرآنية الكريمة التى وردت فى المقالة فالتخيل فيها كان تحت تأثير مؤثر خارجى .ففى قصة سحر موسى كان هو واقعا تحت تأثير سحر السحرة له (فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى)...
وعن النبى محمد عليه السلام فكانت وحيا إليه من خلال رؤية منامية بقلة عدد اعداءه (إِذْ يُرِيكَهُمْ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً).. فكان ايضا تخيله نتيجة لمؤثر خارجى .....
.والسؤال هنا ما هو الفرق بين تأثير التخيل الذاتى ،والتخيل تحت تأثير مؤثرات خارجية على ردة فعل الإنسان ، وهل هناك امثلة قرآنية على التخيل الذاتى الخالى من تأثير أى مؤثرات خارجية ؟؟؟
تحياتى .
السلام عليكم جزاك الله خيرا أستاذ محمد شعلان، أشكرك على هذه الفكرة الجيدة التي اعطت للمقال بعدا جديدا ،و فعلا كما ذكرت التخيل التصوري يساهم في تهدئة روع المؤمن ، ويبعد عنه الرعب ، وكما قلت في التعليق " عظة وعبرة وتثبيتاَ لكل مؤمن مستضعف وصدق الله العظيم إذ يقول :
سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَأْوَاهُمْ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ (151)
دمتم بخير وشكرا لك
السلام عليكم شكرا للدكتور عثمان على سؤاله المفيد وأقول : النفس الإنسانية مليئة بالأسرار والقدرات قد أودعها فيها الخالق هذا وقد ينتهي بنا العمر ولا ندرك كنهها ، وكما تعرف يا دكتور ان المعالج النفسي يعتمدعلى وجود هذه الطاقات ( الإيجابية ) داخل النفس ،ويحاول دعمها وتفعيلها فقط، كأن يطلب منه تخيل مشهد معين أو موقف مر به، ليقوم بتعديل سلوك معين ، هو لا يأتي بشيء خارجي، بل من معطيات موجودة داخل النفس ، أما عن التخيل التصوري الذاتي ( دون مؤثر خارجي ) في القرآن يحضرني مثال ، ولكن لا أدري اهو من النوع الذاتي أم مما اختص بهالله سبحانه أبا يوسف في قصة عليه السلام ؟عندما شعر أبو يوسف به ،وطلب من أبنائه ان يتحسسوا من يوسف وأخيه ، وأيضا لما فصلت العير شم الأب ريح يوسف، ولا أدري سيكون هذا المثال من باب التخيل الذاتي ، أم علم أعطاه الله سبحانه له، اقرا معي :
(يَا بَنِي اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ (87)يوسف
وَلَمَّا فَصَلَتْ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ (94)يوسف
أشكؤك ودمتم بخير
دعوة للتبرع
سؤالان : السؤا ل الأول : هل يجوز ذكر الله أثناء...
خلع الحجاب: سلام علی ;کم یا دکتر احمد صبحي منصور انا...
كتابا موقوتا: بعض القرآ نين يقول بأن اذا فاتتك الصلا ة ...
خوازيق السيسى: قرأت لك الكثي ر عن الرئي س المصر ى عبد...
سنى معتدل: ما حكم الله في من يعمل بالسن ن النبو ية (...
more
موضوع مختلف ومهم تعرضه لنا الأستاذة الكاتبة / عائشة حسين ، وترجع أهمية هذا الموضوع في أن به موعظة وعبرة وتثبيتاَ لكل مؤمن مستضعف وكما نعلم أن المؤمنين هم أقليات كل زمان يعيشون فيه، فلو ءامن المؤمن بنصرة الله تعالى له في العصر الذي يعيش فيه وبمعطيات هذا العصر لكان التخيل التصوري عنده نشطاً وفعالاً طوال سنينه وأوقاته الإيمانية ولكان مناصرا لكتاب الله تعالى ولدينه العظيم بغير خوف ولا وجل فهو بتخيله التصوري الإيماني والذي يهبه الله تعالى له ينجو من الخوف والفزع الذي يصيب غيره من غير المؤمنين إذا تعرضوا لمحنة الإضطهاد والتضييق عليهم في الحياة.
عميق الشكر للكاتبة الباحثة الأستاذة / عائشة حسين ،ودمتِ بكل خير وعافية.