الغربة بين النجاح والفشل!
لا يعرف الأصدقاء والأهل والأحباب أن ابنهم المقيم في الخارج يعيش على الضمان الاجتماعي، وأنه استدان بعضا من نفقات رحلة العودة، وأن مرتب الضمان الاجتماعي يكفيه ثلث شهر فقط والباقي مساعدات مع عمل متقطع.
في الأيام الأولى يحكي لهم عن أوضاعه المريحة ويفتح حقائبه الأربع ويقدم الهدايا، وينزع من كل منها السعر الخاص يالأوكازيون، ويؤكد أن هذا القميص اشتراه بالثمن المرتفع الموجود عليه. ثم ينفح هدايا نقدية هنا وهناك.
بعد ذلك يتحدث عن مشاكله مع رب العمل، وأنه ترك العمل الأول والثاني حفاظا على كرامته، وأنه ينتظر مكالمة هاتفية ليبدأ قريبا الشقاء اليومي.
ليس كل مغترب ثريا أو يلعب بالفلوس أو يرفع سماعة الهاتف ليقوم بتعيين أصدقائه ومعارفه الحالمين بالسفر مثله.
بوجه عام فالمغترب مضطر للعمل والتسلق واثبات قدرته على النجاح، لكن النجاح أيضا يتوقف على ما ينتظره منه الأهل، فالبعض ينظرون إلى نجاح ابنهم وفقا لوضعه المادي، والبعض ينتظرون منه تحضرا وتمدنا وثقافة ومعرفة، والبعض لا ينتظرون شيئا.
كل مغترب حالة خاصة ، وماضيه يحركه ليضع حلا لسبب غربته، مشاكل عائلية أو اقتصادية أو تعليمية أو عاطفية أو رغبة في التحرر من الوطن الأم ككل!
كل صور الاغتراب في السينما مزيفة وغير حقيقية وتدل على عدم دراية المخرج بحياة المغتربين، مثل نهاية فيلم ( النمر الاسود) ، والأقرب إلى الحقيقة هو ( أمريكا .. شيكا بيكا ) لخيري بشارة.
التلفزيون المصري كان يستضيف ( أولادنا في الخارج ) ويقدمنا بصورة حمقاء وغبية ويختار الناجحين فقط وأصحاب المصانع الكبرى والصيدليات والأكاديميين، لكننا خليط من النجاح والفشل، وتجربة الفاشل لا تقل عبرة وخبرة عن تجربة الناجح.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 21 يناير 2014
اجمالي القراءات
15846