لا أُصَدّق أنكَ لسْتَ قاتلاً!
محمد عبد المجيد
Ýí
2013-06-24
لا أُصَدّق أنكَ لسْتَ قاتلاً!
لا أرى أيَّ مفاجأة في قتل الشيعة فتفاصيلُ المشهد المصري في السنوات الأخيرة تـَـشي بكل ما يحدث الآن وسيحدث غداً، لا قدر الله.
مفردات القاموس اليومي في مصر كان مجموعها يقرأه بنفس القدْر الأعمى والبصير، ولا يخطي...ء في حرف واحد، فكانت: دين، مذهب، عقيدة، خطبة، الآخر اللعين، مقاطعة، سني، شيعي، وهابي، قبطي، علماني، كافر، عدو الإسلام، نصراني، فضائية دينية، فتوى، عاصم عبد الماجد وأبو إسلام والحويني وموريس صادق وعبد الله بدر وزكريا بطرس.
وجاءت لغة الكراهية تحملها رياح من تجمعات سنية وشيعية وقبطية وفتاوى من المنظمات الإسلامية وحارق المصحف في أمريكا والذي بال على الانجيل في مصر، ومقاطعة شركاء الوطن والصمت على مذابح ضد أقباطنا مع تواطؤ من الدولة على الصمت وعدم ملاحقة المجرمين.
الدولة كلها تزايد، وترفع الأكفّ بالدعاء على الآخر، ويستخرج إبليس من القرآن الكريم ما يوسوس به إلى أتباعه أنها كلمات مقدسة فإذا لسانه هو الذي يُفَــسِّرالرسالة السماوية.
قتلُ الشيعة ليس مفاجأة فنحن قتلنا أنفسنا وأهلنا وجيراننا وأحبابنا في كل يوم، وكل ساعة، وكل دقيقة، والمواطــَــنة أصبحت الجزء الأصغر في العلاقات الاجتماعية بين المصريين.
كلنا قتلة فنحن نخرس أمام من يرفض النشيد الوطني، ومن يُطـَـزّز الوطن ولو كان زعيم أكبر جماعة دينية، ونحن أعداء الفنون والابداع والجمال والتسامح.
كلنا قتلة فقد ذهبنا إلى صناديق الاقتراع فاخترنا الارهابيين ليحكموننا، وانتظرنا أن يهبط الوحي عليهم فإذا بإبليس يسبقهم إلى قصر الاتحادية وينتظرهم هناك بعد ابلاغ السفيرة الأمريكية و .. أولاد العم في تل أبيب!
كلنا قتلة، فنحن نلعب لعبة الازدواجية، ونتعانق ويحتضن بعضنا بعضا وفي يد كل منا خنجر مسموم موجه لظهر صاحبه.
كلنا قتلة، فنحن نجلس كالحمقى أمام الشاشة الصغيرة، ونسمع محمد حسان ومحمود شعبان ويوسف البدري وصفوت حجازي ووجدي غنيم ومحمد مرسي وزكريا بطرس والشاطر والبلتاجي وموريس صادق والعريان وبديع وتختفي منّا نفخة روح الله فينا، ونــَــضحَىَ بلهاء نصفق، ونهلل، ونؤيد، ثم نطلب من كبارنا وحُكامنا وأمرائنا وشيوخنا أن يغتصبوننا بعد كل فتوى، ويبصقوا على وجوهنا إثـْـرَ كل حوار ديني ومذهبي وطائفي وتقديسي .
كلنا قتلة فالشيعة الذين تم سحلهم ليسوا أكثر من صورة مكررة عما حدث للأقباط .. شركاء الوطن، وسيحدث للبهائيين، وللعلمانيين، وللمتمردين، ولمخالفي مصّاصي الدماء الذين أخرجهم كبيرهم من السجن، ومدَّهم بالسلاح، وهو واثق أننا شركاء معه في تدمير مصر.
أنت قاتل لأنني سمعت صمتك بالأمس ولم تكن أبكماً، لكنك تفضل الانضمام إلى مغتالي وطنك، فلم تدافع عن الآخر السني أو الشيعي أو القبطي أو العلماني أو الملحد أو اليهودي أو المجوسي أو البوذي أو الحائر أو المرأة أو العانس أو المعارض أو ... فأخرجت خنجرك المسموم وقلت لصاحبك في غرفة مغلقة لم يسمعكما غير الله: إلا هذا، فأنا أختلف معه، لذا يتوجب التخلص منه.
كلنا نعرف الحل ونغضّ الطرف عنه، إنه التوقف النهائي عن الاشارة إلى دين ومذهب وطائفة الآخر، والتوقف النهائي عن الحديث في الدين لعامين أو ثلاثة أعوام حتى يتخلص المجتع من المزايدين الذين يبثون روح الرعب والخوف من الآخر.
أخشى أن يأتي الوقت الذي يقرر فيه المصريون، جميعا، الارتداد عن الدين والعقيدة والمذهب والطائفة قبل أن نضطر لنروي ظمأنا من دماء بعضنا.
مذبحة الشيعة في مصر ليست مفاجأة، كما تزعمون، فقد أخرجت الطائفية الكريهة لنا لسانها قبل المذبحة بوقت طويل.
لا يــَـقـُـلْ أحدكم أنه بريء فقد كان بالأمس يقول لزوجته أو ابنه أو صديقه أو جاره في مكان مغلق كلاما يصبّ في صالح المذبحة .. أعني المذابح القادمة.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 24 يونيو 2013
اجمالي القراءات
8735