3سياسيون ودينيون وفنانون ومشاهير في أمريكا‏:‏:
فرض الديمقراطية من مطعم للبيتزا

اضيف الخبر في يوم الخميس ١٩ - مارس - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الأهرام العربى ـ بقلم الهامى المليجى


3سياسيون ودينيون وفنانون ومشاهير في أمريكا‏:‏

فرض الديمقراطية من مطعم للبيتزا
السبت 14 / 3 / 2009




رسالة واشنطن ـ إلهامي المليجي

فوكوياما وأنور إبراهيم وآخرون يحرضون أوباما علي السير في طريق بوش


لقاء مصادفة يجمع زعيمة الديمقراطيين نانسي بلوسي وإنجليانا جولي وبراد بيت

الثلاثاء قبل الماضي وبعد أسبوع من وصولي إلي عاصمة العالم‏(‏ حتي إشعار آخر‏)‏ ضربت شمال شرقي بلاد العم سام عاصفة ثلجية عنيفة وكبيرة‏,‏ ما أجبر السلطات علي إغلاق مطارات واشنطن ونيويورك وتوقفت الحركة علي الطرق‏.‏ خبراء الطقس يرون أن هذه أسوأ عاصفة شتوية تتعرض لها المنطقة منذ عقود‏,‏ وعلمت أن تلك العاصفة الثلجية جاءت عقب شتاء دافئ عاشته واشنطن‏,‏ إذن إنها مجرد احتفاء علي طريقتهم بمقدم ابن بلاد الشمس والحضارات والديانات المناهض للسياسات الأمريكية في منطقتنا والمنحازة علي طول الخط للعدو المغتصب للأراضي الفلسطينية‏.‏
علي ذكر بلاد الديانات‏,‏ في أحد المطاعم ما إن علم مديره السنغالي بجنسيتي حتي صاح مهللا بلد الديانات ولدهشة ظهرت علي وجهي‏,‏ أضاف محددا النبي موسي‏,‏ فلم تسعفني اللغة ربما أو الدهشة أو كلتاهما سوي بالتحية والانسحاب من المطعم مترجلا لوسط المدينة مسافة تتجاوز الميلين‏,‏ ولكنها كانت ضرورية ربما لأجري حوارا افتراضيا مع السنغالي أشدد علي أن مصر ومحيطها التي خرج منها للبشرية جمعاء الأنبياء والرسل وشهدت ظلم الغرب واحتلاله الذي لم يبق منه سوي قوات علي وشك الهروب من العراق‏,‏ وعصابات في سبيلها للعودة من حيث أتت لتترك الأراضي الفلسطينية لشعبها الذي قدم الآلاف من الضحايا في سبيل إحقاق الحق المغيب بفعل الغرب الاستعماري‏.‏
وفي اليوم التالي لهدوء العاصفة الثلجية أغوتني أشعة الشمس التي أطلت بوجهها المشرق عبر زجاج نافذة غرفتي‏,‏ فأسرعت بارتداء جاكيت فوق القميص ودلفت خارجا إلي الشارع‏,‏ ولم أصغ لعامل الفندق الذي نبهني لشدة البرد في الخارج‏,‏ وتحملت ضربة الصقيع الأولي لوجهي‏,‏ وكان الشارع خاليا إلا بضعة أفراد يتدثرون بالمعاطف وأغطية الرأس والرقبة‏,‏ ما جعلني أبدو مثيرا للاستغراب بملابسي الخفيفة من وجهة نظرهم والصقيع‏,‏ وأخذتني العزة أن أعود مهزوما من الصقيع أمام عامل الفندق‏,‏ ومشيت أمتارا قليلة استنفدت خلالها مخزون القدرة التحملية وعدت أدراجي إلي الفندق‏,‏ حينها أدركت كيف خدعتني الشمس الأمريكاني التي طالما خدعنا شقيقها الفلاش الأمريكاني عندما كنا صغارا‏,‏ والذي كان يوهمنا أن صورا قد التقطت لنا لنكتشف فيما بعد أنها مجرد خدعة شارك فيها عديدون‏,‏ ما استحضر قصائد شعرية للصديق الشاعر أحمد فؤاد نجم وللشاعر الذي لم يأخذ حقه من الشهرة ربما لتزامن ظهوره في عز الطاغوت الفاجومي‏,‏ إنه الشاعر حمدي عيد مبدع قصيدة الخواجة ابن ماريكا‏'‏ أصل الخواجة ابن ماريكا لما بيدخل حواريكا‏..‏ يا إما ياخدك في بطاطه يا إما يا ابني هيأذيكا‏..‏ حكم الخواجة ابن ماريكا هو اللي بدع الشيكابيكا‏..‏تدخل قفاه عايز تلعب حيرقصك سامبا وسيكا‏..‏افتح عيونك فنجلجل‏..‏ لكل من جه يتحنجل‏..‏أصل الجراد أشكال وألوان‏..‏حاطط علي الأخضر بيحش‏..‏وبألف ماركة وألف دراع‏..‏وكل يوم بيبدل وش‏..‏يا ابن العرب ياللا يا ويكا‏..‏ اعرف بقي مين أعاديكا‏..‏ده أنت إذا كفوفك ضمت ما حد يقدر يساويكا‏.‏
إنها أمريكا التي اختزلها الحس الجمعي الشعبي في كل ما هو خادع للبصر وخال من المضمون العميق‏,‏ أمريكا التي لم تخض حربا بالمعني الحقيقي‏,‏ ففي الحرب العالمية الأولي دخلت بعد إنهاك المتحاربين فانتصرت وكررت الأمر في الحرب العالمية الثانية‏,‏ حتي تطويرها للسلاح جري بعقول ألمانية‏,‏ أمريكا التي هزمتها شعوب منهكة في فيتنام والعراق وحتي أفغانستان‏.‏
المتابع لما يحدث الآن لابد له من أن يسترجع علي الفور ما كتبه الفيلسوف الألماني العظيم هيجل‏'‏ أن الفلسفة في المستقبل ستأتي من أمريكا حيث ستكون الفلسفة قد ماتت للأبد‏'.‏
في أحد المساءات التقيت خليل أبوالريش الذي جاء من مدينة القدس في ستينيات القرن الماضي للدراسة فاستقر به المقام وتحدث عن شغفه وحبه لعبد الناصر حتي إنه تمني لو استطاع أن يفديه بروحه‏,‏ أبوالريش الذي يعمل مع شيوخ ورجال الخليج العربي مازال مرتبطا وجدانيا وروحيا بعبد الناصر بما يمثل ويعني‏,‏ وفي صباح شهد شمسا أكثر دفئا أرسل إلينا أبوالريش سيارة تقودها امرأة تذكرك بسائقي ستينيات مصر من حيث الدقة والالتزام والصمت‏,‏ ذهبت بنا عبر طريق يمر بمحاذاة نهر بوتو ماك أين هو من الترعة التي تمر بقريتنا؟ وعلي جانبي النهر أشجار خريفية جافة لا أعتقد بفعل الخريف ولكن ربما لجفاء المدينة‏,‏ ووصلنا إلي‏'‏ تايسون مول‏'‏ مبني ضخم مليء بالمحلات والمطاعم‏,‏ ولاحظت تخفيضات هائلة تصل إلي‏80‏ في المائة وعندما أبديت ملاحظتي تلك لمدير إحدي كبريات الشركات وهو أمريكي سعودي من أصل فلسطيني‏,‏ قال معلقا إن أمريكا جميعها في‏(‏ أوكازيون‏)‏ وتنتظر من يشتريها‏.‏
واتفق معي فيما وصلت إليه من أن انهيارا شاملا قادما لأمريكا‏,‏ معددا لملاحظات تبدو شكلية‏,‏ لكنها ذات دلالة‏,‏ فبينما كنت أجلس في أحد المطاعم الصينية لمحت رجلا يفتح باب سيارة فخمة ويبصق علي الأرض‏,‏ كان ذلك في واحد من أرقي أحياء العاصمة الذي يضم أغلب السفارات‏,‏ ولمحت امرأة تنزل من سيارة خاصة بمخالفات السيارات التي تنتظر في غير الأماكن المحددة قانونا وتكتب مخالفة لعدد من السيارات التي وقفت في الممنوع‏,‏ وكأننا عدنا للقاهرة‏,‏ التي كانت تعد المدينة الأكثر نظافة ورقيا حضاريا علي مستوي العالم‏,‏ حينما كانت تنافسها لندن وباريس كبريات عواصم ذاك الزمان‏,‏ القاهرة المدينة الكوزموبالتاينية التي شهدت بدايات السينما بالتزامن مع بدايتها في العالم الغربي‏,‏ القاهرة التي شهدت في أوائل القرن الماضي حراكا سياسيا وثقافيا يحاكي أوروبا وقتذاك‏,‏ حتي العام‏1920‏ لم يكن مسموحا للمرأة في التصويت في أمريكا بينما شاركت المرأة المصرية في ثورة‏1919.‏
لا أدري لماذا انجررت لتلك المقارنة بين عاصمتنا وعاصمة العالم‏,‏ ربما اعتمادا علي ما كتبه المؤرخ الراحل جمال حمدان من أن مصر القديمة في عصورها السالفة كانت تشبه تكوين أمريكا منذ بدايتها منذ‏500‏ عام في جانب أن نفس المجتمعين فتحا أذرعهما لكل النوابغ في جميع المجالات‏.‏
أم للتشابه من حيث الزحف الذي تعرضت له القاهرة وبدلا من تحويل كلمة مصر في اللغة التي تعني المدينة ذات الأسواق العامرة تحولت إلي قاهرة تجمع شذاذ الأفق‏,‏ وربما ذات السيناريو يتكرر في واشنطن‏.‏
في اليوم التالي سلكت طريقا آخر مدينة سيرنج فيلد في ولاية فرجينيا حيث يقطن صديقي الكاتب والمفكر الدكتور أحمد صبحي منصور في بيت جميل تحيطه حديقة غناء شيد فيها مكان من الخشب يشبه مجالس الريف‏,‏ وما إن تدخل البيت حتي يأتيك عبق مصر‏,‏ فتشدك سورة يس المعلقة في صدر الصالة وعلي الحائط المقابل كانت صورة لخرطوشة تحمل اسم مصر بالعربية والهيروغلفية وبجوارها شهادة كتبت بالإنجليزية‏,‏ تشهد بأن الدكتور أحمد صبحي منصور أصبح سفيرا للسلام استلمها من التحالف العالمي للسلام الذي يترأسه أحد أكبر رجال الأعمال والنشاط العام في أمريكا من أصل كوري‏,‏ وفي تلك المنطقة الراقية أكلنا الفلافل التي صنعتها زوجته والمشلتت والجبن القديم الذي جلبته والدته القادمة منذ أيام من قرية حريز بمحافظة الشرقية‏,‏ إنه الكرم الشرقاوي الذي لا تبدله بلاد العم سام البخيلة حتي الموت‏.‏
الدكتور صبحي منصور بعدما ارتدي جلبابه وعبايته تحدث معلقا علي خرطوشة مصر القديمة التي جلبها أحد أبنائه من مصر قائلا‏:‏ لا تنسي أن أربع نساء كن يحمين مصر قبل أن يولد الغرب بكامله حتشبسوت‏,‏ كليوباترا إيزيس‏,‏ نفرتاري غير الأخريات المؤثرات‏,‏ وعلينا كما نفخر بأجدادنا أن نسعي لإعادة مصر إلي المكانة التي تستحق‏.‏
وكان ضروريا أن ينتقل حديثنا إلي الأوضاع السياسية في مصر‏,‏ فأنبأني أن تلك الصالة شهدت لقاء الناشطين المصريين الذين أصدروا بيانا يدعون لإصلاحات سياسية في مصر ولربما في رسالة تالية كشفت عن خبايا وخفايا الاجتماع‏.‏
في أحد الصباحات استوقفني خبر تناقلته وكالات الأنباء عن قيام السيدة الأمريكية الأولي ميشال أوباما بزيارة مفاجئة الخميس لمركز في واشنطن يقدم الطعام مجانا لمهمشين حيث ساعدت في توزيع الأطباق عليهم علي مدي‏15‏ دقيقة‏.‏
وقدمت أوباما طبقا من الأرز والفطر إلي نحو خمسين رجلا وامرأة في مركز‏'‏ ميريامز كيتشن‏'‏ الذي يمول بأموال خاصة‏,‏ ويتخذ من إحدي الكنائس مقرا له ويساعد منذ‏26‏ عاما أشخاصا لا مأوي لهم‏.‏
وحاولت أن أبحث عن ردود فعل شعبية لما رأت فيه الوكالات الغربية حدثا فلم أجد علي الأقل بين من حادثتهم وجلهم من المهمشين‏.‏
في يوم الأحد العطلة الأسبوعية المقدسة هنا حتي عند ذوي الأصول العربية والإسلامية‏,‏ فاتجهت وزميلتي الإعلامية اللبنانية نحو وسط المدينة مشيا علي الأقدام حتي وجدنا أحد أشهر فنادق العاصمة التي سبق أن استمتعت بإبريق من الشاي في أحد‏(‏ كافيهاته‏)‏ ووجدنا ذات المكان فجلسنا وبعد دقائق وجدت زميلتي تهمس في أذني طالبة أن أنظر بجواري وبعدها سألتني‏:‏ هل تري ما أراه ؟ فهززت رأسي ببلاهة وقلت لا أري شيئا يستحق هول المفاجأة الذي أراه علي وجهك‏,‏ فعندما دققت النظر بناء علي إلحاحها‏,‏ وجدت رجلا وامرأة وجوههما مألوفة‏,‏ ولأن معلوماتي عن السينما العالمية محدودة‏,‏ زادت من همسها قائلة‏:‏ إن في جوارنا إنجلينا جولي وبراد بيت أغلي وأشهر وأجمل نجوم السينما الأمريكية‏,‏ وأعلمتني أن إنجلينا ظهرت في أحد مشاهد فيلم المغامرات الخيالي خارجة من بحيرة عارية بالكامل‏,‏ لا تغطي جسمها المبلل سوي قطرات سائل ذهبي‏,‏ وبراد بيت قام بالتمثيل مع أنجلينا جولي في فيلم السيد والسيدة سميث وله منها طفلة هي شيلوه نوفل و‏3‏ بالتبني‏,‏ وفي الحقيقة أني لم أجد في إنجلينا الجمال الخارق الذي تصدره لنا السينما الهوليوودية‏,‏ بل أقول وبضمير مستريح إن زميلتي الإعلامية تملك مقومات جمال في الشكل والمضمون يفوق تلك الإنجلينا‏,‏ وبعد دقائق كانت المفاجأة الأخري حيث قدمت سيدة لمصافحة النجمين يا إلهي إنها نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأمريكي كانت برفقة رجلين وآخر وضح من سماعة الأذن أنه حارسها‏,‏ ونانسي الرشيقة التي لم تمح السنون بقية من جمالها‏,‏ أناقتها ورشاقتها اللافتتين‏,‏ وطلبت منهما صورة تذكارية أظنني ظهرت فيها‏,‏ ولم يحدث ما توقعنا طبقا لمعرفتنا العربية بأن يلتف جمهور الحاضرين حول النجمين‏,‏ وعلمنا أن اتفاقا غير مكتوبا بأن يحترم الجمهور حاجة النجوم في الحياة بعيدا عن تلصص المعجبين وتناولا ثلاث كئوس من النبيذ الأحمر مع بعض المأكولات الصينية الخفيفة وصعدا لغرفتهما علي ما يبدو‏,‏ وظلت أول رئيسة للبرلمان في تاريخ الولايات المتحدة تتناول العشاء في مكان ليس عنا ببعيد وعلمنا من النادلة التي تفوق أنجلينا جمالا بأنه ممنوع تماما اختراق خصوصية السياسيين خصوصا إذا كانوا بوزن نانسي بيلوسي‏.‏
وفي الثالثة والنصف من عصر الثلاثاء ذهبت إلي النادي الوطني للصحفيين لمتابعة أعمال المؤتمر الصحفي تلبية لدعوة الدكتور رضوان المصمودي رئيس مركز دراسات الإسلام والديمقراطية‏,‏ وهناك التقيت شخصيات عربية وإسلامية من نشطاء العمل السياسي والحقوقي في طليعتهم الدكتور سعد الدين إبراهيم والمؤرخ المعروف فوكاياما وأنور إبراهيم رئيس الوزراء الماليزي الأسبق وآخرين‏,‏ وأعلن في المؤتمر عن الخطاب المفتوح للرئيس الأمريكي باراك أوباما والذي وقع من العشرات من المفكرين والناشطين العرب والمسلمين والمطالب بتعزيز الديمقراطية في الشرق الأوسط‏,‏ ووضعها علي رأس أولويات إدارته‏,‏ ودعم من يكافحون من أجل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وللمؤتمر وحضوره حديث آخر في رسالة تالية‏.‏





اجمالي القراءات 1528
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق